«الهيبة» مفاجأة الموسم الناجحة

المتفرجون يدفعون المنتجين للبدء في جزء ثانٍ

«الهيبة» مفاجأة الموسم الناجحة
TT

«الهيبة» مفاجأة الموسم الناجحة

«الهيبة» مفاجأة الموسم الناجحة

نجاح مسلسل «الهيبة» على النحو الذي حصل، لم يكن متوقعاً. راهنت محطة «إم بي سي» على مسلسل «لآخر نفس» الذي كتبته كارين رزق الله، وتؤدي فيه الدور الأساسي مع بديع أبو شقرا، إخراج أسد فولادكار، وروجت له كثيراً، اعتماداً على نجاح رزق الله في مسلسلها «مش أنا» رمضان الماضي، لكن النتائج لم تكن متوافقة مع الحسابات الأولى. على ما يبدو أن تكرار قصص الخيانات الزوجية والعشق الممنوع، والغدر الحميم، لم تعد مما يروق كثيراً للمتفرج الذي طفح كيله بها. ثمة من رأى في «الهيبة» خروجاً على نمطية الموضوعات التي دارت في السنوات الأخيرة في دائرة ضيقة.
دخل كاتب المسلسل هوزان عكو منطقة جديدة، وهو يأخذ المتفرج إلى قرية «الهيبة» على الحدود اللبنانية - السورية، ناقلاً صورة عن حياة المهربين والمجرمين الخارجين عن القانون الذين كثيراً ما يسمع عنهم المواطن اللبناني في نشرات الأخبار، لكن معرفته بهم تبقى ضبابية.
فكرة تسليط الضوء على المنطقة الحدودية جاءت من «شركة الإنتاج صباح بروكشن»، ونوقشت مع المخرج والكاتب لتُبنى عليها القصة. الكلام الذي يدور حول الاستيحاء من قصة المهرب اللبناني نوح زعيتر، الفار من وجه العدالة، ويتداول الناس كثيراً حكايات خدماته الإنسانية في منطقة الهرمل، أمر يعتبره أصحاب العمل مجرد نوع من الإسقاط.
على أي حال، شخصية مهرب الأسلحة «جبل» بطل الحكاية (تيم حسن) الذي يبث الرعب في قلب أهل القرية، لكنه في الوقت نفسه ينتصر للضعفاء، لها ما يماثلها في البقاع اللبناني. إنها شخصية «القبضاي» الشريف الذي عرف بنبله أيام زمان، مضافاً إليها شق التهريب وبيع الحشيش وتبييض الأموال. «عليا» زوجة أخيه البكر عادل (نادين نسيب نجيم) تأتي من عالم آخر مختلف. توفي زوجها فجأة في مهجره في كندا، وها هي تأتي مع ابنها «جو» برفقة نعش زوجها، لتدفنه في القرية. لكن سيدة الأعمال المتعلمة التي تتحدث الإنجليزية، سرعان ما تدرك أنها وقعت في فخ عائلة لم تكن تعلم عنها شيئا، وأن زوجها كان قد ذهب إلى كندا هاربا بعد ارتكابه جريمة قتل. العائلة لها من السطوة بحيث تبتز عليا بحضانة ابنها، وترغمها على أن تبقى في القرية لتكون إلى جانبه. وتلعب الأم الحديدية «ناهد» (منى واصف) دوراً محورياً، ويُعقد قران جبل على عليا في اتفاق تباركه الأم، ويسلم الزوج جبل زوجته عليا إدارة مصنع الألبان الذي تملكه العائلة، وتوقفت الأم عن إدارته بحكم السن، رغم مخاوف الزوجة، أن تكون هذه الأعمال نوعاً من تبيض أموال، محاولة اتخاذ كل الاحتياطات كي لا تقع في الفخ. لكن يبدو أن جبل لن يكف عن استخدام المصنع لأغراض أخرى غير شرعية.
لا تزال حلقات كثيرة تنتظر المشاهد، ويبدو أن العداوات العشائرية بين جبل والمحيطين به وحتى أولاد عمه، لن تمر عابرة. فالمتربصون به يتكاثرون، وثمة من يريد التخلص منه والحبكة تزداد سخونة.
جماهيرية المسلسل الذي حل ثالثاً بين المسلسلات التي تعرض على الشاشات اللبنانية في رمضان، بعد «وين كنتي» و«باب الحارة»، لا تعني عبقرية العمل بقدر ما تشي بركاكة ملحوظة في الموسم الرمضاني الحالي، إن لجهة السيناريوهات وطبيعة القصص أو لضعف الأداء. فباستثناء البراعة الكبيرة التي تبديها منى واصف والتي يصعب عدم التوقف عندها، فإن أداء باقي الممثلين في الهيبة يبقى عاديا جداً، وأحياناً غير مقنع على الإطلاق. حتى تيم حسن بشعبيته الكبيرة، أو نادين نسيب نجيم بما لها من نجومية، على المستوى التقني، يبقيان بعيدين عن التحليق أو إظهار مهارة عالية تنتزع الإعجاب. ولعب استخدام اللهجتين اللبنانية والسورية في وقت واحد دوراً سلبياً. إذ إن جبل وأخوته يتحدثون السورية على اعتبار أن والدتهم شامية ووالدهم لبناني. لكن كيف لرئيس عشيرة، وصاحب سطوة في منطقته أن يتحدث لهجة مغايرة لعشيرته؟ في مجتمع تسوده العصبيات وتحكمه الحسابات الدقيقة في الانتماءات. كما أن لهجة المنطقة التي تدور فيها الأحداث، تحتاج دربة وإتقانا من الممثلين اللبنانيين أنفسهم. عدا أن المشاهد بطيئة وتتسم بالبرود على الرغم من أن المسلسل يعالج قضايا عصابات ومطاردات وتهريب، ويحتمل أن يشحن بجرعات أقوى من التشويق.
يحتاج مخرج العمل أسامة البرقاوي إلى جهد مضاعف ليتمكن من تصوير مشاهد في تركيبها وديكوراتها ولهجتها وحتى حركة أجساد ناسها، مطابقة لحياة عشائر لها خصوصيتها وهمومها وحتى إيحاءاتها الجسدية، فما بالك حين يتعلق الأمر بفئة أشد خصوصية هي تلك التي تتولى أمر التهريب بين البلدين.
لا بد للمتفرج من حلقات عدة كي ينخرط في المشاهد، ويتناسى أن الأماكن التي تدور فيها الأحداث، على رأسها بيت عائلة جبل، هو قصر قروي لعشيرة وليس مجرد منزل لأسرة برجوازية. أو أن هذه المرأة الآتية من كندا تزوجت ابن العائلة الخارجة على القوانين والتي تقارع السلطة، وهي كأنها تنتمي إلى كوكب آخر. الهنات كثيرة، في التفاصيل والإخراج، واختيار أماكن التصوير التي يبدو أنها اختيرت لجماليتها لا لمواءمتها ومتطلبات المشهد. علما بأن البعض يعتبر أن المزيد من الدقة والعناية بإنتاج قصص من هذا النوع، قد يكون إطلالة أنثربولوجية مهمة للمتفرج على مناخات لا يستطيع التعرف إليها بنفسه ومن دون معونة فنية.
الثنائي تيم حسن ونادين نسيب نجيم للمرة الثالثة معاً، بعد مسلسلي «تشيللو» و«نص يوم». وكان قد بدا أنها ستكون الأخيرة. لكن جاء الإعجاب المتزايد بـ«الهيبة»، ليجعل الشركة المنتجة تبحث في تنفيذ جزء ثان منه. وهو أمر قد يتقرر بشكل حاسم، مع نهاية الشهر. إذ إن بعض المشاهدين، لا يزالون يتابعون، وهم يعتقدون أن ما أثار استهجانهم سواء في الأداء أو في تسلسل الأحداث سيجد إجابات شافية مع نهاية المسلسل. فقد شن البعض هجوماً على أصحاب العمل الذين يقدمون «جبل» مهرب الأسلحة وتاجر الحشيش على أنه رجل مبادئ وأخلاق وقيم وشهامة. وهو ما أثار حفيظة فئة تعتقد أن تبييض صورة هذه الفئة من الناس التي هي مسبب رئيسي في حالة الفلتان التي يعيشها لبنان، تشجيع على البلطجة ومخالفة القوانين. لكن القيمين على المسلسل يطلبون التروي وانتظار ما ستنتهي إليه الأحداث، فإما أن يخيب «الهيبة» الظن، كما يحدث كثيراً في نهاية الشهر، أو أن المتفرجين يجددون لها موسماً جديداً مقبلاً.



هشام خرما لـ«الشرق الأوسط»: أستلهمُ مؤلفاتي الموسيقية من التفاصيل

من حفل افتتاح بطولة العالم للجمباز
من حفل افتتاح بطولة العالم للجمباز
TT

هشام خرما لـ«الشرق الأوسط»: أستلهمُ مؤلفاتي الموسيقية من التفاصيل

من حفل افتتاح بطولة العالم للجمباز
من حفل افتتاح بطولة العالم للجمباز

يعتمد الموسيقار المصري هشام خرما طريقة موحّدة لتأليف موسيقاه، تقتضي البحث في تفاصيل الموضوعات للخروج بـ«ثيمات» موسيقية مميزة. وهو يعتزّ بكونه أول موسيقار عربي يضع موسيقى خاصة لبطولة العالم للجمباز، حيث عُزفت مقطوعاته في حفل الافتتاح في القاهرة أخيراً.
يكشف خرما تفاصيل تأليف مقطوعاته الموسيقية التي عُزفت في البطولة، إلى جانب الموسيقى التصويرية لفيلم «يوم 13» المعروض حالياً في الصالات المصرية، فيعبّر عن فخره لاختياره تمثيل مصر بتقديم موسيقى حفلِ بطولة تشارك فيها 40 دولة من العالم، ويوضح: «أمر ممتع أن تقدّم موسيقى بشكل إبداعي في مجالات أخرى غير المتعارف عليها، وشعور جديد حين تجد متلقين جدداً يستمعون لموسيقاك».
ويشير الموسيقار المصري إلى أنه وضع «ثيمة» خاصة تتماشى مع روح لعبة الجمباز: «أردتها ممزوجة بموسيقى حماسية تُظهر بصمتنا المصرية. عُزفت هذه الموسيقى في بداية العرض ونهايته، مع تغييرات في توزيعها».
ويؤكد أنّ «العمل على تأليف موسيقى خاصة للعبة الجمباز كان مثيراً، إذ تعرّفتُ على تفاصيل اللعبة لأستلهم المقطوعات المناسبة، على غرار ما يحدث في الدراما، حيث أشاهد مشهداً درامياً لتأليف موسيقاه».
ويتابع أنّ هناك فارقاً بين وضع موسيقى تصويرية لعمل درامي وموسيقى للعبة رياضية، إذ لا بدّ أن تتضمن الأخيرة، «مقطوعات موسيقية حماسية، وهنا أيضاً تجب مشاهدة الألعاب وتأليف الموسيقى في أثناء مشاهدتها».
وفي إطار الدراما، يعرب عن اعتزازه بالمشاركة في وضع موسيقى أول فيلم رعب مجسم في السينما المصرية، فيقول: «خلال العمل على الفيلم، أيقنتُ أنّ الموسيقى لا بد أن تكون مجسمة مثل الصورة، لذلك قدّمناها بتقنية (Dolby Atmos) لمنح المُشاهد تجربة محيطية مجسمة داخل الصالات تجعله يشعر بأنه يعيش مع الأبطال داخل القصر، حيث جرى التصوير. استعنتُ بالآلات الوترية، خصوصاً الكمان والتشيللو، وأضفتُ البيانو، مع مؤثرات صوتية لجعل الموسيقى تواكب الأحداث وتخلق التوتر المطلوب في كل مشهد».
يشرح خرما طريقته في التأليف الموسيقي الخاص بالأعمال الدرامية: «أعقدُ جلسة مبدئية مع المخرج قبل بدء العمل على أي مشروع درامي؛ لأفهم رؤيته الإخراجية والخطوط العريضة لاتجاهات الموسيقى داخل عمله، فأوازن بين الأشكال التي سيمر بها العمل من أكشن ورومانسي وكوميدي. عقب ذلك أضع استراتيجية خاصة بي من خلال اختيار الأصوات والآلات الموسيقية والتوزيعات. مع الانتهاء المبدئي من (الثيمة) الموسيقية، أعقد جلسة عمل أخرى مع المخرج نناقش فيها ما توصلت إليه».
ويرى أنّ الجمهور المصري والعربي أصبح متعطشاً للاستمتاع وحضور حفلات موسيقية: «قبل بدء تقديمي الحفلات الموسيقية، كنت أخشى ضعف الحضور الجماهيري، لكنني لمستُ التعطّش لها، خصوصاً أن هناك فئة عريضة من الجمهور تحب الموسيقى الحية وتعيشها. وبما أننا في عصر سريع ومزدحم، باتت الساعات التي يقضيها الجمهور في حفلات الموسيقى بمثابة راحة يبتعد فيها عن الصخب».
وأبدى خرما إعجابه بالموسيقى التصويرية لمسلسلَي «الهرشة السابعة» لخالد الكمار، و«جعفر العمدة» لخالد حماد، اللذين عُرضا أخيراً في رمضان.