التدخين... خطر ينهك المجتمع الموريتاني من الداخل

60 % من تلاميذ المدارس مدخنون ومطالب بسن قانون يحرّمه

التدخين... خطر ينهك المجتمع الموريتاني من الداخل
TT

التدخين... خطر ينهك المجتمع الموريتاني من الداخل

التدخين... خطر ينهك المجتمع الموريتاني من الداخل

ارتفعت في موريتانيا أصوات كثيرة تدق ناقوس خطر انتشار التدخين في البلاد، خاصة أن آخر الدراسات «غير الرسمية» تشير إلى أن 60 في المائة من تلاميذ المدارس مدخنون، وهو ما أثار قلق عدد كبير من هيئات المجتمع المدني التي طالبت بتدخل جدي من السلطات.
الصرخة الجديدة أطلقتها منظمات وهيئات من المجتمع المدني في موريتانيا تضم رابطة العلماء والأئمة، ومجموعة من المنتخبين المحليين، وشخصيات مستقلة، وجمعية برلمانيين لا يدخنون، وشبكة الصحافيين غير المدخنين، وشبكة النساء البرلمانيات، وشخصيات علمية وأكاديمية.
وقد أصدرت هذه الهيئات أمس إعلاناً طالبت فيه بإصدار قانون لمكافحة التدخين، محذرة من خطر انتشار هذه الظاهرة وتأثيرها البالغ على الصحة والبيئة والتنمية الاجتماعية والاقتصادية للبلد، ونبه الإعلان الذي تم تداوله على نطاق واسع في الإعلام المحلي إلى أن موريتانيا صادقت على اتفاقية الإطار لمكافحة التدخين سنة 2005 وبالتالي يتوجب عليها تطبيق بعض التزاماتها في هذا المجال.
وأشار أصحاب المبادرة الجديدة إلى أن الحكومة الموريتانية سبق أن صادقت عام 2012 على مشروع قانون لمكافحة التدخين، ولكن «جهات مجهولة» سحبته من أروقة البرلمان قبل مناقشته من طرف النواب واعتماده بشكل نهائي ليصبح ساري المفعول، وتتهم أوساط مرتبطة بتجار السجائر بالوقوف وراء عرقلة اعتماد القانون.
وشدد أصحاب المبادرة في إعلانهم على أهمية أن يتم نفض الغبار عن مشروع القانون وتقديمه للبرلمان من جديد للمصادقة عليه، وأكدوا أنهم «يعولون على رئيس الجمهورية محمد ولد عبد العزيز في تحقيق هذا المطلب الصحي الهام لما للتدخين من مخاطر وأضرار جسيمة على الفرد والمجتمع والوسط البيئي»، وفق نص الإعلان.
وينتشر التدخين بشكل لافت في المجتمع الموريتاني، وذلك ما يرجع حسب المختصين إلى تزايد أعداد شركات استيراد السجائر بمختلف أنواعها، بل وظهور شركات جديدة تروج لأنوع جديدة من السجائر لم تكن معروفة في السوق، حتى إن السوق تحولت إلى حلبة تتصارع فيها هذه الشركات لكسب الزبون.
وقد استهدفت هذه الشركات في حملات الترويج لمنتجاتها المطاعم والمحلات التجارية، كما ركزت بشكل ملحوظ على أحياء شعبية تكثر فيها المدارس لاستهداف فئة الأطفال والشباب، إذ تشير إحصائيات صادرة عن جمعية طبية مهتمة بالتدخين إلى أن نسبة 60 في المائة من تلاميذ المدارس مدخنون.
وتشير المعلومات الصادرة عن مصالح الجمارك الموريتانية في عام 2008 إلى أن حجم واردات السجائر في موريتانيا (3 ملايين نسمة) يبلغ نحو 175 مليون سيجار سنوياً، وهو ما يساوي حجم واردات الجزائر التي يبلغ عدد سكانها 45 مليون نسمة.
ومع الإقبال الكبير على استيراد السجائر ودخولها بكميات كبيرة إلى الأسواق الموريتانية، إلا أنها تعد من أكثر البضائع التي يتهرب مستوردوها من الضرائب، إذ تقول المصادر إن عدم دفع الضرائب المترتبة على حاويات السجائر وتدنيها يتسبب في خسارة للخزينة قدرت بـ5.4 مليار أوقية سنوياً (أي ما يعادل أكثر من 15 مليون دولار أميركي).
وسبق أن ناقش البرلمان الموريتاني رفع الضرائب المفروضة على السجائر، ولكن عدداً كبيراً من النواب رفضوا ذلك بحجة أن نسبة كبيرة من السجائر التي تدخل موريتانيا تعبر باتجاه دول في الجوار الأفريقي والعربي وليست كلها للاستهلاك المحلي، وأن ذلك يعود إلى انخفاض الضرائب.
ولكن موريتانيا تحولت من معبر لتجارة السجائر إلى سوق محلية مزدهرة يجني فيها التجار ملايين الدولارات سنوياً، فيما تحول التدخين من ظاهرة نادرة إلى إثبات للرجولة في أوساط الشباب وموضة ورقي في أوساط الفتيات، رغم تحفظ البعض على تدخين النساء، إلا أن كل ما سبق يؤكد حدوث تغير جذري في عقلية المجتمع الموريتاني خاصة بعد انتشار المقاهي كوافد جديد.
وبخصوص خريطة انتشار التدخين في موريتانيا، تشير دراسة أعدتها منظمة مختصة في محاربة التدخين، إلى أن المؤسسات التعليمية تحتل الرقم الأول في عدد المدخنين في موريتانيا، إضافة إلى المكاتب الحكومية والمنازل، كما أن المدن الكبرى تحوي أكبر عدد من المدخنين مقارنة بالوسط الريفي، كما يلاحظ احتضان الشريط الساحلي الموريتاني نسبة كبيرة من المدخنين نتيجة لظروف المناخ التي تميل إلى البرودة.
واستجابة للضغوط بدأت السلطات الموريتانية مؤخراً التحرك للحد من انتشار التدخين، حيث أطلق المجلس الأعلى للشباب حملة وطنية للحد من التدخين في الأماكن العامة، وهي الحملة التي انطلقت بأوامر مباشرة من الرئيس الموريتاني محمد ولد عبد العزيز.



بارود «النار بالنار» موهبة صاعدة لفتت المشاهد

عابد فهد وتيم عزيز في مشهد من «النار بالنار» (خاص تيم)
عابد فهد وتيم عزيز في مشهد من «النار بالنار» (خاص تيم)
TT

بارود «النار بالنار» موهبة صاعدة لفتت المشاهد

عابد فهد وتيم عزيز في مشهد من «النار بالنار» (خاص تيم)
عابد فهد وتيم عزيز في مشهد من «النار بالنار» (خاص تيم)

منذ الحلقة الأولى لمسلسل «النار بالنار» لفت تيم عزيز المشاهد في دور (بارود). فهو عرف كيف يتقمص شخصية بائع اليانصيب (اللوتو) بكل أبعادها. فألّف لها قالباً خاصاً، بدأ مع قَصة شعره ولغة جسده وصولاً إلى أدائه المرفق بمصطلحات حفظها متابع العمل تلقائياً.
البعض قال إن دخول تيم عزيز معترك التمثيل هو نتيجة واسطة قوية تلقاها من مخرج العمل والده محمد عبد العزيز، إلا أن هذا الأخير رفض بداية مشاركة ابنه في العمل وحتى دخوله هذا المجال. ولكن المخرج المساعد له حسام النصر سلامة هو من يقف وراء ذلك بالفعل. ويقول تيم عزيز لـ«الشرق الأوسط»: «حتى أنا لم أحبذ الفكرة بداية. لم يخطر ببالي يوماً أن أصبح ممثلاً. توترت كثيراً في البداية وكان همي أن أثبت موهبتي. وفي اليوم الخامس من التصوير بدأت ألمس تطوري».
يحدثك باختصار ابن الـ15 سنة ويرد على السؤال بجواب أقصر منه. فهو يشعر أن الإبحار في الكلام قد يربكه ويدخله في مواقف هو بغنى عنها. على بروفايل حسابه الإلكتروني «واتساب» دوّن عبارة «اخسر الجميع واربح نفسك»، ويؤكد أن على كل شخص الاهتمام بما عنده، فلا يضيع وقته بما قد لا يعود ربحاً عليه معنوياً وفي علاقاته بالناس. لا ينكر أنه بداية، شعر بضعف في أدائه ولكن «مو مهم، لأني عرفت كيف أطور نفسي».
مما دفعه للقيام بهذه التجربة كما يذكر لـ«الشرق الأوسط» هو مشاركة نجوم في الدراما أمثال عابد فهد وكاريس بشار وجورج خباز. «كنت أعرفهم فقط عبر أعمالهم المعروضة على الشاشات. فغرّني الالتقاء بهم والتعاون معهم، وبقيت أفكر في الموضوع نحو أسبوع، وبعدها قلت نعم لأن الدور لم يكن سهلاً».
بنى تيم عزيز خطوط شخصيته (بارود) التي لعبها في «النار بالنار» بدقة، فتعرف إلى باعة اليناصيب بالشارع وراقب تصرفاتهم وطريقة لبسهم وأسلوب كلامهم الشوارعي. «بنيت الشخصية طبعاً وفق النص المكتوب ولونتها بمصطلحات كـ(خالو) و(حظي لوتو). حتى اخترت قصة الشعر، التي تناسب شخصيتي، ورسمتها على الورق وقلت للحلاق هكذا أريدها».
واثق من نفسه يقول تيم عزيز إنه يتمنى يوماً ما أن يصبح ممثلاً ونجماً بمستوى تيم حسن. ولكنه في الوقت نفسه لا يخفي إعجابه الكبير بالممثل المصري محمد رمضان. «لا أفوت مشاهدة أي عمل له فعنده أسلوبه الخاص بالتمثيل وبدأ في عمر صغير مثلي. لم أتابع عمله الرمضاني (جعفر العمدة)، ولكني من دون شك سأشاهد فيلمه السينمائي (هارلي)».
لم يتوقع تيم عزيز أن يحقق كل هذه الشهرة منذ إطلالته التمثيلية الأولى. «توقعت أن أطبع عين المشاهد في مكان ما، ولكن ليس إلى هذا الحد. فالناس باتت تناديني باسم بارود وتردد المصطلحات التي اخترعتها للمسلسل».
بالنسبة له التجربة كانت رائعة، ودفعته لاختيار تخصصه الجامعي المستقبلي في التمثيل والإخراج. «لقد غيرت حياتي وطبيعة تفكيري، صرت أعرف ماذا أريد وأركّز على هدف أضعه نصب عيني. هذه التجربة أغنتني ونظمت حياتي، كنت محتاراً وضائعاً أي اختصاص سأدرسه مستقبلاً».
يرى تيم في مشهد الولادة، الذي قام به مع شريكته في العمل فيكتوريا عون (رؤى) وكأنه يحصل في الواقع. «لقد نسيت كل ما يدور من حولي وعشت اللحظة كأنها حقيقية. تأثرت وبكيت فكانت من أصعب المشاهد التي أديتها. وقد قمنا به على مدى يومين فبعد نحو 14 مشهداً سابقاً مثلناه في الرابعة صباحاً صورنا المشهد هذا، في التاسعة من صباح اليوم التالي».
أما في المشهد الذي يقتل فيه عمران (عابد فهد) فترك أيضاً أثره عنده، ولكن هذه المرة من ناحية الملاحظات التي زوده بها فهد نفسه. «لقد ساعدني كثيراً في كيفية تلقف المشهد وتقديمه على أفضل ما يرام. وكذلك الأمر بالنسبة لكاريس بشار فهي طبعتني بحرفيتها. كانت تسهّل علي الموضوع وتقول لي (انظر إلى عيني). وفي المشهد الذي يلي مقتلها عندما أرمي الأوراق النقدية في الشارع كي يأخذها المارة تأثرت كثيراً، وكنت أشعر كأنها في مقام والدتي لاهتمامها بي لآخر حد»
ورغم الشهرة التي حصدها، فإن تيم يؤكد أن شيئاً لم يتبدل في حياته «ما زلت كما أنا وكما يعرفني الجميع، بعض أصدقائي اعتقد أني سأتغير في علاقتي بهم، لا أعرف لماذا؟ فالإنسان ومهما بلغ من نجاحات لن يتغير، إذا كان معدنه صلباً، ويملك الثبات الداخلي. فحالات الغرور قد تصيب الممثل هذا صحيح، ولكنها لن تحصل إلا في حال رغب فيها».
يشكر تيم والده المخرج محمد عبد العزيز لأنه وضع كل ثقته به، رغم أنه لم يكن راغباً في دخوله هذه التجربة. ويعلق: «استفدت كثيراً من ملاحظاته حتى أني لم ألجأ إلا نادراً لإعادة مشهد ما. لقد أحببت هذه المهنة ولم أجدها صعبة في حال عرفنا كيف نعيش الدور. والمطلوب أن نعطيها الجهد الكبير والبحث الجدّي، كي نحوّل ما كتب على الورق إلى حقيقة».
ويشير صاحب شخصية بارود إلى أنه لم ينتقد نفسه إلا في مشاهد قليلة شعر أنه بالغ في إبراز مشاعره. «كان ذلك في بداية المسلسل، ولكن الناس أثنت عليها وأعجبت بها. وبعدما عشت الدور حقيقة في سيارة (فولسفاكن) قديمة أبيع اليانصيب في الشارع، استمتعت بالدور أكثر فأكثر، وصار جزءاً مني».
تيم عزيز، الذي يمثل نبض الشباب في الدراما اليوم، يقول إن ما ينقصها هو تناول موضوعات تحاكي المراهقين بعمره. «قد نجدها في أفلام أجنبية، ولكنها تغيب تماماً عن أعمالنا الدرامية العربية».