«مطر حمص»... قصة حب في حي محاصر

رحاب أيوب تنتج فيلماً مستقلاً وسط الدمار

المنتجة رحاب أيوب  -  من فيلم «مطر حمص»
المنتجة رحاب أيوب - من فيلم «مطر حمص»
TT

«مطر حمص»... قصة حب في حي محاصر

المنتجة رحاب أيوب  -  من فيلم «مطر حمص»
المنتجة رحاب أيوب - من فيلم «مطر حمص»

رجل يقف وراء الساعة في ساحة المدينة. لا يجرؤ على التحرك يميناً أو يساراً. هناك قناص يتربص به. إذا ترك الرجل مكانه وراء الساعة اصطاده. لا سبيل آخر له سوى الصمود واقفاً وراء عمود الساعة من النهار وحتى الليل وإلى حين مقتله.
مدينة مدمّرة يعيش فيها من لم يستطع الرحيل لجانب من يرفض الرحيل. الحياة تتكوّن كنباتات مهملة تنبثق من الدمار طالبة الحياة، والشخصيات ترفض الواقع لكنها تؤسس لواقعها هي من خلاله. لا خيارات ولا بطولات، بل حياة عليها أن تستمر وسط الدمار الهائل.
هناك حكاية في كل فصل من فصول فيلم عنوانه «مطر حمص» مرتبطة بالحكاية السابقة أو اللاحقة. الأولى تمهد بقصّة حب بين شاب وفتاة، وفي الثانية يتم القبض عليهما ومن قررا البقاء في المنطقة المهجورة. في الفصل الثالث يفرز المطر ما سبق من أحداث ويكشف عن عمل مع ثورة بدأت ضد النظام، لكنها ووجهت بعنف شديد، مما ولّد عنفاً مضاداً أدى إلى ست سنوات من حرب شرسة.
على ذلك، «مطر حمص» ليس خطاباً سياسياً من حسن الحظ، وكما يتوقع البعض من أفلام تنطلق تعليقاً على أحداث من هذا النوع، بل دراما اجتماعية أخرجها جيداً جود سعيد وقامت بإنتاجها سينمائية جديدة اسمها رحاب أيوب. وفي ظروف صعبة وغير مواتية كالتي تعيشها سوريا وبعض الدول الأخرى، وجد صانعو الفيلم أنفسهم وسط قتال شرس يحيط بهم والفيلم الذي كان يدور حول حصار تعيشه بعض شخصيات الفيلم بدا كما لو أنه مطبّق بالفعل على صانعيه خلال التصوير. لكن المصاعب تخلق التحديات والأفلام التي تدور حول الحرب السورية، تسجيلية أو روائية، انتشرت في كل مكان، وأحدها نال الأوسكار الأميركي كأفضل فيلم تسجيلي قصير في مطلع هذا العام.
رحاب أيوب منتجته لديها هذا الطموح، وهي حضرت مهرجانات دبي والقاهرة وبرلين و«كان» وعبرت عن طموحها بالسعي لإيجاد توزيع يليق بهذا الفيلم. لم يكن الفيلم منجزاً عندما بدأت الانتقال بين هذه المهرجانات. وحين انتهت نسخة العمل تم الطلب منها تقصير مدته، وحالياً تعمد إلى ذلك بينما تحضر لفيلم جديد، علماً بأن فيلمها الأول، «بانتظار الخريف» (أيضاً من إخراج جود سعيد) فاز بجائزة أفضل فيلم عربي في مهرجان القاهرة قبل عامين.
أخيراً، وفي مهرجان «كان» تحدثت إلينا عن الفيلم ومصاعبه وكيف تواجهها بعناد ومن دون أن تخسر إيمانها بالعمل السينمائي الذي تنطلق به من مدينة جونية اللبنانية حيث تعيش.
* ‫متى أدركت أنك تريدين أن تصبحي منتجة؟ وما الدافع لذلك؟‬
- أنا في الأساس مولعة بالفنون، وهذا الولع هو الذي دفعني لتأسيس شركة إنتاج سميتها «آدمز برودكشن» على اسم ابني آدم.
* هل كانت السينما أول ما فكرت في ممارسته؟
- لا. درست الرسم ومارسته لمدة من الزمن، لكنني وكحال الكثيرات في مجتمعنا كنت محكومة بالظروف والتقاليد والخيارات التي طرحها القدر أمامي، دراستي الجامعية كانت في مجال آخر، الأمر الذي قادني للعمل في مجال المحاسبة والتدقيق المالي لفترة طويلة. ورغم النجاح الذي حققته في هذا المجال، ورغم أنني كنت أعمل مع إحدى أهم الشركات العالمية المتخصصة مالياً، فإن شغفي بالفنون كان دائماً متوقداً في داخلي ولم يخبُ يوماً.
* إذن، كيف واتتك الفرصة للانتقال من المحاسبة إلى السينما؟
- جاءت الفرصة حين عُرِضَت علي من قِبل أحد الأصدقاء المشاركة في استثمار بسيط في كاميرا سينمائية من نوع Red Epic، وهو الشيء الذي حصل، وعلى أثره تأسست «آدمز برودكشن»، حيث كانت تلك الكاميرا مدخلي إلى خبايا وتفاصيل العمل في صناعة السينما، الأمر الذي زاد عشقي وشغفي للعمل في هذا المجال وجعلني أتخذ قراري بأن أدخل عالم الإنتاج وأجرب حظي فيه.
** اهتمام مباشر
* إذن، إحساسك قادك إلى الرغبة في أن تكوني جزءاً من عالم السينما، وفي هذا الوقت تحديداً...
- نعم. أحسست أنني أريد أن أكون جزءاً من هذا العالم وأن أعمل بكامل طاقتي كي أحدث فرقاً ولو بسيطاً، وفي الوقت نفسه أتبع حلماً راودني مراراً للدخول في هذا المجال الساحر والمليء بالفرص لترك بصمة تدوم طويلاً في المجتمعات وذاكرتها.‬
* في سنة 2015 بدأت إنتاج فيلمك الأول «بانتظار الخريف». كيف تحقق هذا المشروع؟
- في الوقت الذي كان فيه شغفي بصناعة الأفلام يزداد تعرفت إلى مخرج العمل وكاتبه جود سعيد الذي أطلعني على الفكرة التي يعمل عليها، فجذبت اهتمامي مباشرةً لتفردها وعمق المواضيع التي تعالجها بأسلوب بسيط ومحبب، والذي تلطّف فيه الكوميديا من وقع الكم الهائل من الحزن والخوف اللذين يملآن أحداث الفيلم، كما حياة السوريين في ظل الحرب المستمرة منذ سنوات، فالفيلم يتحدث ببساطة عن فريق سيدات للكرة الطائرة يمثل إحدى القرى في سوريا، وتنتمي الفتيات اللاتي يلعبن في الفريق إلى أديان ومواقف سياسية مختلفة، ولكن كل هذا لم يؤثر في محبتهن لبعضهن ولا في روح الفريق المصرِّ على الفوز بالبطولة ليصنع بعضاً من الفرح في زمن سرق فيه الموت والدمار كل الضحكات.‬
* أعلم أنه فاز بجائزة أفضل فيلم عربي في مهرجان القاهرة سنة 2015، لكن هل سافر الفيلم إلى مهرجانات أخرى؟
- نعم، عُرض في كثير من المهرجانات حول العالم، في بريطانيا وأستراليا وهولندا وسويسرا وكندا، كما فاز بجائزة أفضل سيناريو في مهرجان وهران السينمائي في الجزائر.‬
* ماذا عن فيلمك الثاني «مطر حمص» الذي لم يكتمل تماماً حتى الآن؟ ما العقبات التي تواجهينها؟
- «مطر حمص» هو فيلم فريد من نوعه وقد أصررنا على تصويره في المدينة نفسها وفي المناطق التي دارت فيها الأحداث التي استوحينا منها القصة. وفي وقت كانت لا تزال فيه المعارك دائرةً في المناطق المحيطة، الأمر الذي رفع الكلفة الإنتاجية للفيلم بشكلٍ كبير، كما أن إصرارنا على الخروج به بأبهى صوره كما يستحق تسبب في إطالة مدة الإنجاز، سواءً من ناحية التصوير أو من ناحية العمليات الفنية في مرحلة ما بعد التصوير. أؤمن شخصياً بهذا الفيلم وأمنحه كثيراً من الوقت والمال لكي يخرج بالشكل المناسب ولكي يعرض ما فرضته الأحداث على الواقع الاجتماعي والإنساني المرير. ‬
* توقع البعض عروضاً له في برلين و«كان» أو دبي ولم يحدث…
- النسخة المنتهية كانت أطول قليلاً مما يجب وبناءً على نصيحة شركات توزيع عالمية عدنا إلى المونتاج لنقوم بتقصير مدّة عرضه.
** حي محاصر
* ‫عما يتحدث الفيلم عنه بكلماتك أنت؟ ‬
- يتحدث عن قصة حب تنمو تدريجياً بين شاب وفتاة التقيا لأول مرّة حينما علقا في أحد أحياء حمص القديمة، عندما اندلعت المعارك بين متقاتلين كانوا يسيطرون على الحي ضد القوات الحكومية التي تحاصر الحي. المعارك اندلعت أثناء تطبيق اتفاق بين الطرفين يقضي بإخراج المدنيين مقابل مساعدات غذائية وطبية تدخل إلى الحي المحاصر. بطلا الفيلم ينتميان إلى معسكرين مختلفين فكرياً بما يخص الأحداث السورية، ولكنهما أجبرا على النضال والمعاناة معاً كي يتمكنا من النجاة والخروج من الحي المحاصر والمدمّر، وخلال أحداث الفيلم نشهد تطور العلاقة بينهما توازياً مع قصص من بقوا داخل المنطقة نفسها من مقاتلين ومدنيين.
* لماذا اخترت هذه القصّة دون سواها؟
- وقد اخترته لأنه يتحدث عن ولادة الحب والأمل من قلب الخوف والمعاناة والكراهية والموت، ولأنه يسلط الضوء على الدمار الذي تعرضت له المدن والنفوس في الأحداث الدامية التي ضربت سوريا كل تلك السنوات.
* لكن هل يمكن إيجاد مخرج لأزمة السينما السورية في ظل الوضع القائم؟‬
- لطالما كانت الحروب والكوارث سبباً لإنتاج سينمائي ودرامي غزير حول المناطق التي تحدث فيها. هناك أفلام أميركية وروسية وفرنسية وبريطانية تدور في رحى وأماكن النزاع حول العالم.
* هل للفيلم رسالة مفتوحة على كل الصراعات الدائرة أو هو تعبير عن فريق معين في تلك الحرب؟
- على العكس، كما شرحت قبل قليل تغطي الأحداث شخصيات مختلفة وتتعامل مع الواقع السائد والظروف الصعبة التي يعيش فيها المواطنون. هذا إنتاج مستقل تماماً لا علاقة له بتمثيل أحد، لأني أؤمن بأن الإنتاج المستقل هو واحد من أهم وسائل تطوير السينما وتقديم الأفضل فيها. وأعتقد أن الأثر الذي سيحدثه نجاح هذا الفيلم سينعكس إيجابياً على أفلام مستقلة الاتجاه لي أو لغيري.
* لماذا حضرت مهرجان «كان» الأخير؟
- حضرته لأنه أهم نقطة لقاء سينمائي في العالم، ولأنني رغبت في التواصل مع منتجين وموزعين أوروبيين أعجبهم الفيلم حين شاهدوه، وكان علينا أن نتبادل الرأي حول أفضل وسيلة لعرضه.
* في وسط هذه الشواغل هل لديك الوقت للتخطيط؟
- نعم. مشروعي المقبل سيكون مع المخرج محمد عبد العزيز، وهو فيلم روائي طويل نقوم بالتجهيز له.



«يوم 13» يطارد «هارلي» في سباق إيرادات «الفطر السينمائي» بمصر

أحمد داود في لقطة من الفيلم
أحمد داود في لقطة من الفيلم
TT

«يوم 13» يطارد «هارلي» في سباق إيرادات «الفطر السينمائي» بمصر

أحمد داود في لقطة من الفيلم
أحمد داود في لقطة من الفيلم

حقق فيلم الرعب والإثارة «يوم 13» مفاجأة خلال الأيام الماضية في شباك التذاكر بمصر، حيث حصد أعلى إيراد يومي متفوقاً على فيلم «هارلي» لمحمد رمضان، الذي لا يزال محتفظاً بالمركز الأول في مجمل إيرادات أفلام موسم عيد الفطر محققاً ما يزيد على 30 مليون جنيه مصري حتى الآن (نحو مليون دولار أميركي)، بينما يطارده في سباق الإيرادات «يوم 13» الذي حقق إجمالي إيرادات تجاوزت 20 مليون جنيه حتى الآن.
ويعد «يوم 13» أول فيلم عربي بتقنية ثلاثية الأبعاد، وتدور أحداثه في إطار من الرعب والإثارة من خلال عز الدين (يؤدي دوره الفنان أحمد داود) الذي يعود من كندا بعد سنوات طويلة باحثاً عن أهله، ويفاجأ بعد عودته بالسمعة السيئة لقصر العائلة المهجور الذي تسكنه الأشباح، ومع إقامته في القصر يكتشف مغامرة غير متوقعة. الفيلم من تأليف وإخراج وائل عبد الله، وإنتاج وتوزيع شركته وشقيقه لؤي عبد الله «أوسكار»، ويؤدي بطولته إلى جانب أحمد داود كل من دينا الشربيني، وشريف منير، وأروى جودة، كما يضم عدداً من نجوم الشرف من بينهم محمود عبد المغني، وفرح، وأحمد زاهر، ومحمود حافظ، وجومانا مراد، ووضع موسيقاه هشام خرما.
وقال مخرج الفيلم وائل عبد الله في تصريحات لـ«الشرق الأوسط» إنه ليس متفاجئاً بالإيرادات التي حققها الفيلم، ولكنه كان متخوفاً من الموسم نفسه ألا يكون جيداً، قائلاً إن «إقبال الجمهور حطم مقولة إن جمهور العيد لا يقبل إلا على الأفلام الكوميدية، وإنه يسعى للتنوع ولوجود أفلام أخرى غير كوميدية، وإن الفيصل في ذلك جودة الفيلم، مؤكداً أن الفيلم احتل المركز الأول في الإيرادات اليومية منذ انتهاء أسبوع العيد».
وكشف عبد الله أن الفيلم استغرق عامين، خلاف فترات التوقف بسبب جائحة كورونا، وأنه تضمن أعمال غرافيك كبيرة، ثم بعد ذلك بدأ العمل على التقنية ثلاثية الأبعاد التي استغرق العمل عليها عشرة أشهر كاملة، مؤكداً أنه درس طويلاً هذه التقنية وأدرك عيوبها ومميزاتها، وسعى لتلافي الأخطاء التي ظهرت في أفلام أجنبية والاستفادة من تجارب سابقة فيها.
وواصل المخرج أنه كان يراهن على تقديم الفيلم بهذه التقنية، لا سيما أن أحداً في السينما العربية لم يقدم عليها رغم ظهورها بالسينما العالمية قبل أكثر من عشرين عاماً، موضحاً أسباب ذلك، ومن بينها ارتفاع تكلفتها والوقت الذي تتطلبه، لذا رأى أنه لن يقدم على هذه الخطوة سوى أحد صناع السينما إنتاجياً وتوزيعياً، مشيراً إلى أن «ميزانية الفيلم وصلت إلى 50 مليون جنيه، وأنه حقق حتى الآن إيرادات وصلت إلى 20 مليون جنيه».
ورغم عدم جاهزية بعض السينمات في مصر لاستقبال الأفلام ثلاثية الأبعاد، فقد قام المخرج بعمل نسخ «2 دي» لبعض دور العرض غير المجهزة، مؤكداً أن استقبال الجمهور في القاهرة وبعض المحافظات للفيلم لم يختلف، منوهاً إلى أن ذلك سيشجع كثيراً على تقديم أفلام بتقنية ثلاثية الأبعاد في السينما العربية.