إيران تحاكم سياسياً انتقد دورها في الشرق الأوسط

عمدة طهران الأسبق يواجه القضاء بتهمة «الإساءة» إلى قتلى بلاده في سوريا

عمدة طهران الأسبق غلام حسين كرباستشي لدى افتتاحه حملة روحاني الانتخابية في أصفهان الجمعة الماضي (موقع الرئيس الإيراني)
عمدة طهران الأسبق غلام حسين كرباستشي لدى افتتاحه حملة روحاني الانتخابية في أصفهان الجمعة الماضي (موقع الرئيس الإيراني)
TT

إيران تحاكم سياسياً انتقد دورها في الشرق الأوسط

عمدة طهران الأسبق غلام حسين كرباستشي لدى افتتاحه حملة روحاني الانتخابية في أصفهان الجمعة الماضي (موقع الرئيس الإيراني)
عمدة طهران الأسبق غلام حسين كرباستشي لدى افتتاحه حملة روحاني الانتخابية في أصفهان الجمعة الماضي (موقع الرئيس الإيراني)

أعلن القضاء الإيراني إحالة عمدة طهران الأسبق وأمين عام حزب عمال البناء غلام حسين كرباستشي، أمس، إلى المحاكمة لانتقاده تدخل إيران العسكري في سوريا وسياسة إيران في الشرق الأوسط، في حين نفى المتحدث باسم الحكومة الإيرانية محمد رضا نوبخت اتخاذ القرار النهائي حول مستقبل نائب الرئيس الإيراني إسحاق جهانغيري في الانتخابات الرئاسية. وقال ردا على سؤال حول إمكانية انسحاب الرئيس المنتهية ولايته حسن روحاني لصالح جهانغيري: إنه «لم يتخذ القرار النهائي بعد»، في حين قال شقيق الرئيس الإصلاحي الأسبق محمد خاتمي: إن تيار الإصلاحات سيواصل «مسار العقلانية» دعم روحاني «رغم الاستياء»، محذرا من دخول البلاد في فترة أسوأ من الرئيس السابق محمود أحمدي نجاد إن لم يستمر الرئيس الحالي في منصبه.
وقال رئيس القضاء في أصفهان، أحمد خسروي وفا: إن كرباستشي يواجه تهمة الإساءة لقتلى إيران في سوريا التي تطلق عليهم طهران تسمية «شهداء الحرم».
ونقلت وسائل إعلام إيرانية عن المسؤول القضائي قوله: إن القضاء استدعى كرباستشي للتحقيق في المحكمة. وكان كرباستشي لدى افتتاحه حملة روحاني الانتخابية في أصفهان الأسبوع الماضي، انتقد سياسة إيران في سوريا، وقال إن «إيران لم تكن في حاجة إلى حرب لإعادة الهدوء إلى سوريا، وإنه يمكن حل الخلاف هناك بالدبلوماسية»، وفق ما نقلت عنه وكالة «تنسيم» التابعة للحرس الثوري التي احتجت بشدة على أقواله.وقال كرباستشي «نحن نريد أن تقيم السلام في سوريا والعراق واليمن... وأن تقوى شوكة الشيعة هناك، لكن لا يمكن فعل ذلك بدفع الأموال وشراء الأسلحة والقتل والضرب». وجدد حزب «عمال البناء» التابع لتيار الرئيس الإيراني الأسبق علي أكبر هاشمي رفسنجاني مهمة كرباستشي في منصب الأمين العام لفترة عامين. وكان كرباستشي غادر السجن في عام 2000 بعفو من خامنئي بعد قضائه عامين من أصل ثلاث بتهمة الاختلاس.
وقال خسروي وفا في تصريح لوكالة «ميزان» التابعة للقضاء الإيراني: إن تجريم كرباستشي سببه تصريحات «مسيئة» لقتلى إيران في سوريا. إلا أن كرباستشي رفض التهمة الموجهة إليه، وقال إنه الاتهام وجه له بسبب اقتطاع 28 ثانية من دون استماع أجزائه الأخرى. وتابع إنه عرف باستدعائه من وسائل الإعلان الإيرانية وفق ما نقلت عنه وكالة «إيلنا».
وكانت صحيفة كيهان الرسمية هاجمت في افتتاحيتها يوم الأحد حملة روحاني وكرباستشي بسبب تلك التصريحات، واتهمته باستهداف «قلب سياسة الخارجية للنظام»، معتبرة ما قاله في افتتاح حملة روحاني في أصفهان تكرار لهتافات المحتجين عقب انتخابات 2009 الذين رددوا هتافات تندد بالسياسة الخارجية الإيرانية في الشرق الأوسط.
وعلق نوبخت، أمس، في مؤتمر الأسبوعي على تقارير تداولتها مواقع إيرانية عن انسحاب جهانغيري من السباق الرئاسي في الانتخابات، وهو ما أعلنه مسبقا لدى تقديمه أوراق الترشح، إلا أن نوبخت شدد على أن جهانغيري لديه دافع لخوض السباق الرئاسي.
ورغم مرور أكثر من أسبوع، فإن جهانغيري لم يطلق حملته الانتخابية، واكتفى خلال الأيام الماضية بتسجيل حضوره في المناظرة التلفزيونية الأولى. وكان جهانغيري المرشح الأبرز في الجولة الأولى من المناظرات الثلاثية.
قبل نحو عشرة أيام اعتبر المساعد الدولي في القضاء الإيراني محمد جواد لاريجاني دخول جهانغيري مرشح ظل إلى الانتخابات «تحقير» لروحاني. ودعا إلى منع «مرشح الظل» من حضور المناظرات التلفزيونية بسبب عدم نيته خوض الانتخابات، لافتا إلى أن ظاهرة «مرشح الظل» تواجه شبهات قانونية. ورأى لاريجاني أن «من يدخلون التنافس الرئاسي مرشح ظل لا يملكون أهلية خوض الانتخابات، حتى وإن كانوا يملكون شروطا مثل الرجل السياسي والديني».
من جهة ثانية، طالب المتحدث باسم الأركان المسلحة، مسعود جزايري، المرشحين الستة في الانتخابات الرئاسية «تجنب الدخول إلى المجالات العسكرية والدفاعية الخارجة عن صلاحيات رئيس الجمهورية». بحسب بيان صحافي وزعته الأركان المسلحة على وكالات الأنباء فإن جزايري، وجّه مذكرة إلى هيئة الانتخابات الإيرانية لإبلاغه إلى المرشحين الستة الذين يتواجهون في مناظرة سياسية حساسة بعد غد الجمعة. وتشدد المذكرة على ضرورة أخذ «المصالح والأمن القومي» في الحملات الانتخابية ووسائل الإعلام وخطابات المرشحين الستة بعين الاعتبار.
قبل يومين، قال خامنئي إن شبح الحرب استبعده حضور الإيرانيين. إشارة خامنئي كانت موجهة إلى حسن روحاني، الذي تحدث مرات عدة الأسبوع الماضي حول تأثير الاتفاق النووي على إبعاد «شبح الحرب من إيران».
أول من أمس، انتقد صادق لاريجاني من يتحدثون عن استبعاد شبح الحرب بواسطة توقيع الاتفاق النووي، وقال إنه «ظن خاطئ».
علي صعيد الحملات الانتخابية، توجه المرشح المحافظ إبراهيم رئيسي أمس إلى همدان غرب إيران. لدى وصوله توجه رئيسي إلى قبر قائد القوات الإيرانية في سوريا حسين همداني الذي قضى في أكتوبر (تشرين الأول) 2015 في ضواحي حلب.
وجدد في خطابه انتقاداته إلى الرئيس الحالي حسن روحاني، وقال إنه دخل الانتخابات «لحل عقدة المشكلات المعيشية من الإيرانيين». وواصل رئيسي تقليد خامنئي في خطاباته باقتباس ما قاله الأحد الماضي حول شبح الحرب على إيران.
وتحول شبح الحرب إلى كلمة الرمز في خطابات روحاني التي تفاخر فيها بتوقيع الاتفاق النووي. في هذا الصدد، قال رئيسي إن «شبح الحرب أبعده حضور الإيرانيين في المشهد الإيراني».وانتقد رئيسي تفشي الفقر المدقع، وعجز أكثر من 11 مليون شاب إيراني من الزواج بسبب الضغوط الاقتصادية. وعد تفاقم الاختلاف الطبقي أمرا غير مقبول، مهاجما المؤسسات والأفراد المتورطين بالتهرب الضريبي، وتعهد بالقضاء على الفساد.
ويرأس رئيسي بحكم من خامنئي منذ العام الماضي أكبر مؤسسة اقتصادية غير حكومية «استان قدس رضوي» وهي تتعرض لانتقادات واسعة في إيران بسبب إعفائها من الضرائب رغم دخل سنوي يتجاوز 210 مليارات دولار، وفق الإحصائيات الإيرانية.
وتباينت ردود الأفعال بين المعسكر المحافظ وبعض المسؤولين الإيرانيين حول دخول جهانغيري، وبخاصة بعد المناظرة الأولى التي كانت منازلة خالصة بينه وبين المرشح المحافظ، عمدة طهران محمد باقر قاليباف. خلال الأيام الماضية. وكان المرشح المحافظ محمد باقر قاليباف انتقد ترشح جهانغيري «مرشح ظل» لصالح روحاني، واعتبرها ظاهرة عجيبة في انتخابات هذا العام، كما قال ردا على مواقف جهانغيري إن «الشعب سيتأكد من مصداقيتك بعد أيام».
في سياق متصل، قال محمد رضا خاتمي، الناشط السياسي وشقيق الرئيس الإيراني الأسبق محمد خاتمي، في تصريح لـ«اعتماد أونلاين»: إن التيار الإصلاحي قرر مواصلة دعم روحاني من أجل حصوله على مفاتيح مقر الرئاسة للمرة الثانية. وأبدى خاتمي ارتياح الإصلاحيين تجاه تقدم برامجهم في زمن روحاني. وأعرب خاتمي عن اعتقاده بأن إيران ستدخل مراحل أسوأ إذا ما فاز أحد المرشحين إبراهيم رئيسي أو محمد باقر قاليباف في الانتخابات الرئاسية. خاتمي وصف حكومة روحاني بحكومة الإنقاذ. الإنقاذ من السقوط».



تقرير: الإسرائيليون استطاعوا مشاهدة فيلم وثائقي تحجبه السلطات عن قضية فساد نتنياهو

نتنياهو قبل الإدلاء بشهادته في محاكمته بتهمة الفساد في المحكمة المركزية في تل أبيب الثلاثاء (إ.ب.أ)
نتنياهو قبل الإدلاء بشهادته في محاكمته بتهمة الفساد في المحكمة المركزية في تل أبيب الثلاثاء (إ.ب.أ)
TT

تقرير: الإسرائيليون استطاعوا مشاهدة فيلم وثائقي تحجبه السلطات عن قضية فساد نتنياهو

نتنياهو قبل الإدلاء بشهادته في محاكمته بتهمة الفساد في المحكمة المركزية في تل أبيب الثلاثاء (إ.ب.أ)
نتنياهو قبل الإدلاء بشهادته في محاكمته بتهمة الفساد في المحكمة المركزية في تل أبيب الثلاثاء (إ.ب.أ)

قالت وكالة «أسوشييتد برس» للأنباء إن هناك إسرائيليين تمكنوا من مشاهدة الفيلم الوثائقي «ملفات بيبي» الذي يدور حول قضية الفساد التي يحاكم بسببها رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو، وذلك باستخدام شبكة VPN لتجاوز قيود البث، أو من خلال مشاهدة نسخ مسربة شقت طريقها إلى وسائل التواصل الاجتماعي.

معارض لنتنياهو خارج مقرّ المحكمة بتل أبيب الثلاثاء (أ.ب)

وكانت السلطات الإسرائيلية قد منعت عرض الفيلم بسبب قوانين الخصوصية التي تنظم مثل هذه الإجراءات.

وأضافت الوكالة أن نتنياهو أصبح أول رئيس حكومة إسرائيلي في السلطة يقف متهماً ووعد بإسقاط مزاعم الفساد «السخيفة» ضده.

المنتج والمخرج الأميركي الإسرائيلي أليكس جيبني

وقالت إن مخرج الفيلم الوثائقي أليكس جيبني تناول خلال مسيرته المهنية التي استمرت عقوداً العديد من القضايا الشائكة، ولم يكن يخطط لفيلم عن إسرائيل - حتى يوم واحد من العام الماضي، عندما وقع تسريب مذهل بين يديه واتضح أن التسريب كان أشبه بالطوفان، حيث عُرض عليه من خلال مصدر تسجيلات فيديو لمقابلات الشرطة مع رئيس الوزراء الإسرائيلي وزوجته سارة وابنه يائير ومجموعة من رجال الأعمال، وكلها أجريت بوصفها جزءاً من قضية الفساد وبلغ مجموعها أكثر من 1000 ساعة من الفيديوهات.

ولم يكن المخرج الحائز على جائزة الأوسكار يتحدث العبرية، لكنه شعر بأن هذا كان شيئاً كبيراً ولجأ إلى مراسل التحقيقات الإسرائيلي المخضرم رفيف دراكر، الذي قام بفحص عميق للفيديوهات، وقال له إن «لدينا شيئاً مثيراً للغاية» ثم ضم جيبني زميلته أليكسيس بلوم، التي عملت في إسرائيل، لإخراج الفيلم.

وكانت النتيجة: فيلم «ملفات بيبي» الذي خدمه أن توقيت إصداره هذا الأسبوع، تزامن مع محاكمة نتنياهو.

رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو وزوجته سارة خلال نزهة برفقة ابنيهما يائير وأفنير (جيروزاليم بوست - المكتب الصحافي الحكومي الإسرائيلي)

ولفتت الوكالة إلى أن الفيلم واجه عقبات أخرى، من ناحية، كان على جيبني وبلوم جمع الأموال لإنتاجه دون الكشف عنه، نظراً لمحتواه، وكان العديد من الداعمين والموزعين متوترين بشأن المشاركة، خاصة بعد اندلاع الحرب بعد الهجوم الذي قادته «حماس» على إسرائيل في 7 أكتوبر (تشرين الأول) 2023 ثم كانت هناك أكبر عقبة على الإطلاق: حيث لا يمكن عرض الفيلم في إسرائيل، بسبب قوانين الخصوصية.

وكانت المراجعات في وسائل الإعلام الإسرائيلية لفيلم «ملفات بيبي» إيجابية في الغالب، وليس من المستغرب أن يعكس رد الفعل العام الانقسامات حول نتنياهو المثير للجدل، حيث يقول هو وأنصاره إنه مطارد من وسائل الإعلام المعادية والقضاء المتحيز ضده.

مخرجة فيلم «ملفات بيبي» الأميركية أليكسيس بلوم

وكتب نير وولف، الناقد التلفزيوني لصحيفة إسرائيل اليوم المؤيدة لنتنياهو: «سوف يقسم معارضو نتنياهو بالفيلم وسيصبحون أكثر اقتناعاً بأنه فاسد، ويقودنا إلى الدمار وسوف يرغب أنصاره في احتضانه أكثر».

وهاجم نتنياهو الفيلم في سبتمبر (أيلول)، وطلب محاميه من المدعي العام للبلاد التحقيق مع دروكر، وهو منتج مشارك مع جيبني، متهماً إياه بمحاولة التأثير على الإجراءات القانونية ولكن لم يتم فتح أي تحقيق.