«التراث المصري»... مهرجان يعيد إحياء الحرف اليدوية

ممارسة حية اجتذبت المصريين والأجانب

جوانب من فعاليات مهرجان «التراث المصري الأول» في القاهرة التاريخية التي تحتضن أكبر متحف مفتوح للآثار الإسلامية في العالم
جوانب من فعاليات مهرجان «التراث المصري الأول» في القاهرة التاريخية التي تحتضن أكبر متحف مفتوح للآثار الإسلامية في العالم
TT

«التراث المصري»... مهرجان يعيد إحياء الحرف اليدوية

جوانب من فعاليات مهرجان «التراث المصري الأول» في القاهرة التاريخية التي تحتضن أكبر متحف مفتوح للآثار الإسلامية في العالم
جوانب من فعاليات مهرجان «التراث المصري الأول» في القاهرة التاريخية التي تحتضن أكبر متحف مفتوح للآثار الإسلامية في العالم

في إطار الاحتفال بيوم التراث العالمي، شهد شارع المعز لدين الله الفاطمي، أكبر متحف مفتوح للآثار الإسلامية في العالم، في القاهرة التاريخية، مهرجان «التراث المصري الأول»، الذي تخلله كثير من الأنشطة الثقافية والفنية، وجمع عددا من الفنانين والحرفيين المصريين، لعرض منتجاتهم التراثية، أو صناعة منتجاتهم أمام الجمهور في عرض حي، وكذلك تضمن عروضا فنية لفرق التنورة والفنون الشعبية، وعرض تراث «النوبة» وفنونها من غناء وإنشاد وشعر.
هدف المهرجان، الذي نظمه متحف النسيج المصري بالتعاون مع الإدارة العامة للقاهرة التاريخية وهيئة قصور الثقافة ومركز توثيق التراث الحضاري والطبيعي التابع لمكتبة الإسكندرية، إلى تسليط الضوء على أهمية الحرف التراثية واليدوية في الحفاظ على الهوية المصرية والاقتصاد الوطني المصري، إلى جانب دعم الجهود التي يبذلها الحرفيون من أجل صون ثروتهم وإحيائها ونقلها إلى الأجيال المقبلة والحفاظ عليها من الاندثار.
بدوره، قال الدكتور أشرف أبو اليزيد، مدير متحف النسيج، إن المهرجان ركز على إحياء مجموعة من الحرف التراثية التي كان لها دور وظيفي في الحياة القديمة، وقيام الحرفيين بالابتكار فيها مع المحافظة على الأصالة، حيث يقوم الحرفيون بممارسة حية لها أمام الزائرين، للتعرف على فنون تلك الحرف بطريقة مباشرة وعملية.
وهو الأمر الذي تحقق بالفعل؛ حيث تمكنت الممارسة الحية للصناع من اجتذاب فئات كثيرة من الزوار المصريين والعرب والأجانب، الذين قصدوا المهرجان سواء للتعرف على الموهوبين عن قرب، أو مشاهدة المنتجات التقليدية التي لا يعرفونها، أو لالتقاط صور تذكارية بجوار هذه المنتجات التراثية ومن خلفها الآثار الإسلامية في شارع المعز.
وأضاف مدير المتحف لـ«الشرق الأوسط»: «قمنا بالإعلان عن فكرة المهرجان على موقع (فيسبوك)، وهو ما وجد مردودا كبيرا من جانب الصناع والعارضين والحرفيين، وتقدم العشرات منهم، ولكننا اخترنا فقط 20 حرفة تشمل مختلف الحرف التراثية، وأبرزها الخيامية، الفخار، صناعة السجاد، النسيج اليدوي، صناعة الكليم، الحفر على الخشب، صناعة المشكاوات الزجاجية، الخوص، النقش على النحاس، تشكيل الزجاج المعشق، الأرابيسك، وغيرها من الحرف التراثية».
ولفت إلى أن المهرجان اختار «النوبة» ضيفة شرف لدورته الأولى هذا العام، لما لهذا الجزء الغالي من مصر من تراث أصيل، حيث يتم تقديم كثير من الفقرات الفنية المعبرة عن ثقافة النوبة، والتي قدمت بالتعاون مع «المركز الثقافي النوبي للتراث الكنزي».
وتكاملا مع فكرة المهرجان، تم تنظيم جولات إرشادية داخل متحف النسيج، وهو أول متحف متخصص في الغزل والنسيج في الشرق الأوسط والثالث في العالم وبه مجموعة من الغزل والنسيج تشمل العصور الفرعونية والقبطية والإسلامية، وذلك بهدف تسليط الضوء على أهمية النسيج المصري كحرفة وإبداع مصري تواصل العطاء فيها على مر العصور، ليتمكن الزائر من استكمال التصور التاريخي لتطور هذه الإرث الحضاري العظيم منذ العصور الفرعونية وحتى العصر الحالي.



ستيف بركات لـ«الشرق الأوسط»: أصولي اللبنانية تتردّد أبداً في صدى موسيقاي

عازف البيانو ستيف بركات ينسج موسيقاه من جذوره اللبنانية     -   ستيف بركات يؤمن بالموسيقى لغة عالمية توحّد الشعوب (الشرق الأوسط)
عازف البيانو ستيف بركات ينسج موسيقاه من جذوره اللبنانية - ستيف بركات يؤمن بالموسيقى لغة عالمية توحّد الشعوب (الشرق الأوسط)
TT

ستيف بركات لـ«الشرق الأوسط»: أصولي اللبنانية تتردّد أبداً في صدى موسيقاي

عازف البيانو ستيف بركات ينسج موسيقاه من جذوره اللبنانية     -   ستيف بركات يؤمن بالموسيقى لغة عالمية توحّد الشعوب (الشرق الأوسط)
عازف البيانو ستيف بركات ينسج موسيقاه من جذوره اللبنانية - ستيف بركات يؤمن بالموسيقى لغة عالمية توحّد الشعوب (الشرق الأوسط)

ستيف بركات عازف بيانو كندي من أصل لبناني، ينتج ويغنّي ويلحّن. لفحه حنين للجذور جرّه إلى إصدار مقطوعة «أرض الأجداد» (Motherland) أخيراً. فهو اكتشف لبنان في وقت لاحق من حياته، وينسب حبّه له إلى «خيارات مدروسة وواعية» متجذرة في رحلته. من اكتسابه فهماً متيناً لهويته وتعبيره عن الامتنان لما منحه إياه الإرث من عمق يتردّد صداه كل يوم، تحاوره «الشرق الأوسط» في أصله الإنساني المنساب على النوتة، وما أضفاه إحساسه الدفين بالصلة مع أسلافه من فرادة فنية.
غرست عائلته في داخله مجموعة قيم غنية استقتها من جذورها، رغم أنه مولود في كندا: «شكلت هذه القيم جزءاً من حياتي منذ الطفولة، ولو لم أدركها بوعي في سنّ مبكرة. خلال زيارتي الأولى إلى لبنان في عام 2008. شعرتُ بلهفة الانتماء وبمدى ارتباطي بجذوري. عندها أدركتُ تماماً أنّ جوانب عدة من شخصيتي تأثرت بأصولي اللبنانية».
بين كوبنهاغن وسيول وبلغراد، وصولاً إلى قاعة «كارنيغي» الشهيرة في نيويورك التي قدّم فيها حفلاً للمرة الأولى، يخوض ستيف بركات جولة عالمية طوال العام الحالي، تشمل أيضاً إسبانيا والصين والبرتغال وكوريا الجنوبية واليابان... يتحدث عن «طبيعة الأداء الفردي (Solo) التي تتيح حرية التكيّف مع كل حفل موسيقي وتشكيله بخصوصية. فالجولات تفسح المجال للتواصل مع أشخاص من ثقافات متنوعة والغوص في حضارة البلدان المضيفة وتعلّم إدراك جوهرها، مما يؤثر في المقاربة الموسيقية والفلسفية لكل أمسية».
يتوقف عند ما يمثله العزف على آلات البيانو المختلفة في قاعات العالم من تحدٍ مثير: «أكرّس اهتماماً كبيراً لأن تلائم طريقة عزفي ضمانَ أفضل تجربة فنية ممكنة للجمهور. للقدرة على التكيّف والاستجابة ضمن البيئات المتنوّعة دور حيوي في إنشاء تجربة موسيقية خاصة لا تُنسى. إنني ممتنّ لخيار الجمهور حضور حفلاتي، وهذا امتياز حقيقي لكل فنان. فهم يمنحونني بعضاً من وقتهم الثمين رغم تعدّد ملاهي الحياة».
كيف يستعد ستيف بركات لحفلاته؟ هل يقسو عليه القلق ويصيبه التوتر بإرباك؟ يجيب: «أولويتي هي أن يشعر الحاضر باحتضان دافئ ضمن العالم الموسيقي الذي أقدّمه. أسعى إلى خلق جو تفاعلي بحيث لا يكون مجرد متفرج بل ضيف عزيز. بالإضافة إلى الجانب الموسيقي، أعمل بحرص على تنمية الشعور بالصداقة الحميمة بين الفنان والمتلقي. يستحق الناس أن يلمسوا إحساساً حقيقياً بالضيافة والاستقبال». ويعلّق أهمية على إدارة مستويات التوتّر لديه وضمان الحصول على قسط كافٍ من الراحة: «أراعي ضرورة أن أكون مستعداً تماماً ولائقاً بدنياً من أجل المسرح. في النهاية، الحفلات الموسيقية هي تجارب تتطلب مجهوداً جسدياً وعاطفياً لا تكتمل من دونه».
عزف أناشيد نالت مكانة، منها نشيد «اليونيسف» الذي أُطلق من محطة الفضاء الدولية عام 2009 ونال جائزة. ولأنه ملحّن، يتمسّك بالقوة الهائلة للموسيقى لغة عالمية تنقل الرسائل والقيم. لذا حظيت مسيرته بفرص إنشاء مشروعات موسيقية لعلامات تجارية ومؤسسات ومدن؛ ومعاينة تأثير الموسيقى في محاكاة الجمهور على مستوى عاطفي عميق. يصف تأليف نشيد «اليونيسف» بـ«النقطة البارزة في رحلتي»، ويتابع: «التجربة عزّزت رغبتي في التفاني والاستفادة من الموسيقى وسيلة للتواصل ومتابعة الطريق».
تبلغ شراكته مع «يونيفرسال ميوزيك مينا» أوجها بنجاحات وأرقام مشاهدة عالية. هل يؤمن بركات بأن النجاح وليد تربة صالحة مكوّنة من جميع عناصرها، وأنّ الفنان لا يحلّق وحده؟ برأيه: «يمتد جوهر الموسيقى إلى ما وراء الألحان والتناغم، ليكمن في القدرة على تكوين روابط. فالنغمات تمتلك طاقة مذهلة تقرّب الثقافات وتوحّد البشر». ويدرك أيضاً أنّ تنفيذ المشاريع والمشاركة فيها قد يكونان بمثابة وسيلة قوية لتعزيز الروابط السلمية بين الأفراد والدول: «فالثقة والاهتمام الحقيقي بمصالح الآخرين يشكلان أسس العلاقات الدائمة، كما يوفر الانخراط في مشاريع تعاونية خطوات نحو عالم أفضل يسود فيه الانسجام والتفاهم».
بحماسة أطفال عشية الأعياد، يكشف عن حضوره إلى المنطقة العربية خلال نوفمبر (تشرين الثاني) المقبل: «يسعدني الوجود في منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا كجزء من جولة (Néoréalité) العالمية. إنني في مرحلة وضع اللمسات الأخيرة على التفاصيل والتواريخ لنعلن عنها قريباً. تملؤني غبطة تقديم موسيقاي في هذا الحيّز النابض بالحياة والغني ثقافياً، وأتحرّق شوقاً لمشاركة شغفي وفني مع ناسه وإقامة روابط قوامها لغة الموسيقى العالمية».
منذ إطلاق ألبومه «أرض الأجداد»، وهو يراقب جمهوراً متنوعاً من الشرق الأوسط يتفاعل مع فنه. ومن ملاحظته تزايُد الاهتمام العربي بالبيانو وتعلّق المواهب به في رحلاتهم الموسيقية، يُراكم بركات إلهاماً يقوده نحو الامتنان لـ«إتاحة الفرصة لي للمساهمة في المشهد الموسيقي المزدهر في الشرق الأوسط وخارجه».
تشغله هالة الثقافات والتجارب، وهو يجلس أمام 88 مفتاحاً بالأبيض والأسود على المسارح: «إنها تولّد إحساساً بالعودة إلى الوطن، مما يوفر ألفة مريحة تسمح لي بتكثيف مشاعري والتواصل بعمق مع الموسيقى التي أهديها إلى العالم».