النظام يخيّر المعتقلين بين الموت في السجون أو على الجبهات

النظام يخيّر المعتقلين بين الموت في السجون أو على الجبهات
TT

النظام يخيّر المعتقلين بين الموت في السجون أو على الجبهات

النظام يخيّر المعتقلين بين الموت في السجون أو على الجبهات

اتهمت «الشبكة السورية لحقوق الإنسان» النظام السوري باستخدام المعتقلين في سجونه للقتال في صفوف قواته، مقابل وعود بالإفراج عنهم، وهو الأمر الذي يضعهم أمام خيار من اثنين، إما الموت في الداخل أو على الجبهات.
وفي حين يقدّر عدد المعتقلين في سجون النظام بنحو 300 ألف معتقل، يؤكد أكثر من تقرير حقوقي أنهم يتعرضون لمضايقات وتعذيب يصل إلى حد الموت، وهو ما كانت قد كشفته منظمة «العفو الدولية» في تقرير أصدرته قبل نحو شهرين كشف عن أن النظام أعدم أكثر من 13 ألف سوري في سجن صيدنايا قرب دمشق.
وقالت الشبكة إن «معظم السجناء الذين يعرض عليهم هذا الخيار هم من المتهمين بجنح وجرائم جنائية، فيما يتم استثناء المعتقلين السياسيين» من عرض «الصفقة الوضيعة».
وقال المستشار القانوني في «الائتلاف الوطني» المعارض هشام مروة لـ«الشرق الأوسط» إن النظام «يتبع هذه السياسة منذ سنوات، وهو بذلك يخيّرهم بين الموت في سجونه أو على الجبهات، إذ يعمد إلى تصفية كل من تحوم حوله شكوك». ورأى أن ما يقوم به النظام «ليس خياراً بالنسبة إلى المعتقلين، إنما يذهبون إليه مرغمين وتحت الضغط، ويعمد إلى إبعادهم عن المهمات الأساسية ويستخدمهم دروعاً في المعارك، مع العلم أن المعتقل مهما كانت تهمته قد يجد فيما يقدّم له فرصة ولو ضئيلة للخروج من السجن الذي قد يموت بين جدرانه». وبحسب تقرير الشبكة، اتبع النظام هذه السياسة في ثلاثة سجون هي السويداء وعدرا وحمص المركزي. واعتبرت طرح هذه الصفقة دليلاً على أن النظام وحلفاءه يعانون من «نقص في الخزان البشري»، بعدما كان رفع سن الاحتياط إلى 40 عاماً، ما أدى إلى هروب مطلوبين للتجنيد غادر بعضهم سوريا في نمط جديد من التهجير القسري. وأوضح التقرير أنه في 12 أبريل (نيسان) الحالي «زارَ اللواء فاروق عمران، وهو قائد شرطة محافظة السويداء، سجن السويداء المركزي والتقى مع المحتجزين أصحاب التهم الجنائية والسياسية، وقدَّم لهم عرضاً بأن ينضموا إلى صفوف جيش النظام السوري، أو الميليشيات المحلية أو حتى تحت قيادة الميليشيات الأجنبية، خصوصاً الإيرانية والعراقية، في خطوة أولى لاتخاذ إجراءات لاحقة بهدف الإفراج عن الأسماء المنتقاة من قبل قيادة السجن».
وبعد هذا العرض، بحسب الشبكة، قامت هيئة النشاطات (وهي مجموعة من المحتجزين تنسق الطلبات والأوراق الرسمية مع إدارة السجن) بجولات مستمرة على أقسام المحتجزين في سجن السويداء المركزي لجمع أسماء الراغبين بالقتال والتجنيد لصالح النظام، لتعود بعدها قيادة السجن وتوافق على الإفراج عن المعتقلين بتهمٍ جنائية كالقتل والسرقة والمخدرات، بينما تم رفض جميع المحتجزين المتهمين بتهمٍ سياسية أو «الإرهاب»، وهو المصطلح الذي يطلقه النظام على معارضيه.
وكان النظام قام بخطوة مماثلة في يونيو (حزيران) 2016 حين سجّلت زيارة لجنة أمنية إلى سجنَ عدرا المركزي في محافظة ريف دمشق، وقدَّمت إلى المعتقلين عرضاً مُشابهاً بالإفراج عنهم مقابل الالتحاق بالقوات التي تُقاتل إلى جانب النظام. ووزَّعت اللجنة ورقة اتفاق على الراغبين منهم بالتجنيد وطلبت البصم عليها، إلى أن يتم استدعاء الراغبين لإطلاق سراحهم. وقالت الشبكة: «عبر تواصلنا مع عدد من المعتقلين في سجن عدرا المركزي، أخبرونا بأن الاتفاق لم يدخل حيِّزَ التنفيذ في الأقسام المخصصة للمعتقلين السياسيين، بل شملَ المحكومين بتهمٍ جنائية، أو بالسجن لسنوات طويلة». وفي عام 2015. وثّق فريق الشبكة إفراج النظام عن 176 شخصاً من سجن حمص المركزي، بينهم امرأتان كانتا محتجزتين في سجن حمص المركزي، معظمهم متّهمون بارتكاب جرائم جنائية ومحكومون بأحكام تتراوح بين الإعدام والسجن بين 10 سنوات والمؤبد. وتمَّ الإفراج عنهم على دفعات وبشكل مفاجئ، وأكّدت الشبكة أنها حصلت على معلومات تشير إلى «استخدامهم إما في العمليات القتالية أو الاستخباراتية».



صواريخ الحوثيين تزداد خطراً على إسرائيل بعد إصابة 23 شخصاً

TT

صواريخ الحوثيين تزداد خطراً على إسرائيل بعد إصابة 23 شخصاً

أفراد من خدمة الإسعاف الإسرائيلي يشاهدون مكان انفجار صاروخ أطلقه الحوثيون (رويترز)
أفراد من خدمة الإسعاف الإسرائيلي يشاهدون مكان انفجار صاروخ أطلقه الحوثيون (رويترز)

باتت صواريخ الحوثيين المدعومين من إيران أكثر خطورة على إسرائيل، بعد إصابة نحو 23 شخصاً في تل أبيب، السبت، جراء انفجار صاروخ تبنت إطلاقه الجماعة، وفشلت محاولات اعتراضه، وهو ما يثير المخاوف من توسيع تل أبيب هجماتها الانتقامية، على نحو يتجاوز الضربات المحدودة التي استهدف أحدثها 3 مواني في الحديدة، ومحطتي كهرباء بصنعاء، الخميس الماضي.

وتزعم الجماعة الحوثية أنها تشن هجماتها ضد السفن في البحر الأحمر وخليج عدن وباتجاه إسرائيل منذ 19 نوفمبر (تشرين الثاني) 2023 في سياق مساندتها للفلسطينيين في غزة، في حين تقول الحكومة اليمنية إن الجماعة تنفذ أجندة إيران في المنطقة، وللتهرب من استحقاقات السلام المتعثر.

وتبنّى المتحدث العسكري باسم الجماعة الحوثية، يحيى سريع، في بيان، إطلاق صاروخ باليستي فرط صوتي من نوع «فلسطين 2»، السبت، باتجاه تل أبيب، وقال إنه «أصاب هدفه بدقة، ومنظومات العدو الاعتراضية فشلت في التصدي له».

وزعم متحدث الجماعة الاستمرار في مساندة الفلسطينيين في غزة حتى «وقف العدوان ورفع الحصار»، وفق تعبيره، بينما أوضح الجيش الإسرائيلي أنه «بعد انطلاق صفارات الإنذار في وسط إسرائيل، تمّ تحديد مقذوف أُطلق من اليمن وجرت محاولات اعتراضه دون جدوى».

وقال المتحدث باسم الجيش الإسرائيلي باللغة العربية، «أفيخاي أدرعي»، إنه عقب إطلاق صاروخ من اليمن وتفعيل إنذارات وسط إسرائيل جرت محاولات اعتراض غير ناجحة، وأنه تم تحديد منطقة سقوط الصاروخ وأن التفاصيل لا تزال قيد الفحص.

وفي حين أفادت خدمة الإسعاف الإسرائيلية (نجمة داود الحمراء) بأن 16 شخصاً أصيبوا بجروح طفيفة، تحدثت وسائل إعلام إسرائيلية من بينها صحيفة «هآرتس» عن تقارير أشارت إلى ارتفاع الإصابات إلى 23 إصابة بينهم أطفال.

حفرة أحدثها انفجار صاروخ حوثي بالقرب من تل أبيب (أ.ف.ب)

وقال بيان عن الخدمة إن «فرق (خدمة نجمة داود الحمراء) قدّمت رعاية طبية لـ16 شخصاً أصيبوا بجروح طفيفة بسبب شظايا الزجاج من النوافذ التي تحطمت في المباني القريبة بسبب تأثير الضربة».

وأظهرت صور لـ«وكالة الصحافة الفرنسية» حفرة في موقع سقوط الصاروخ، وتضرّر بعض المباني المجاورة، وتظهر اللقطات نوافذ محطمة وأضراراً في بعض غرف النوم، وبينما عمل سكان في المنطقة على كنس حطام الزجاج داخل شفة، تفقد عناصر مسلحون يرتدون زياً عسكرياً المكان.

وعيد إسرائيلي

في الوقت الذي أعادت فيه وسائل إعلام إسرائيلية عدم التمكن من اعتراض الصاروخ بسبب ضعف النظام الجوي أو بسبب زيادة تطور الصواريخ الإيرانية، تتصاعد مخاوف اليمنيين في مناطق سيطرة الحوثيين من ردود فعل إسرائيلية انتقامية أكثر قسوة، خصوصاً بعد أن ضمنت تل أبيب تحييد تهديد «حزب الله» في لبنان والتهديد الإيراني من سوريا عقب سقوط نظام بشار الأسد.

وفي تعليق المتحدث الإسرائيلي، أفيخاي أدرعي، السبت، على منصة «إكس»، وصف الحوثيين بأنهم يشكلون تهديداً على السلام والأمن الدوليين، وقال إن «النظام الإيراني يموّل ويسلّح ويوجّه الأنشطة الإرهابية للحوثيين».

وأضاف أدرعى مهدداً: «مثلما أظهرنا في مواجهة أعداء آخرين في جبهات أخرى، نحن سنواصل التحرك في مواجهة كل من يهدد دولة إسرائيل في الشرق الأوسط، وسنواصل حماية شعب إسرائيل مهما كانت المسافة».

ومع وجود تكهنات بتوسيع تل أبيب ضرباتها الانتقامية، كان رئيس الوزراء الإسرائيلي، بنيامين نتنياهو، قد حذر الحوثيين، الخميس الماضي، عقب ضربات ضد الحوثيين في صنعاء والحديدة بأن مَن يمس إسرائيل «سيدفع ثمناً باهظاً للغاية»، وقال «بعد حركة (حماس) و(حزب الله) ونظام الأسد في سوريا، أصبح الحوثيون تقريباً الذراع الأخيرة المتبقية لمحور الشر الإيراني».

وأضاف: «يتعلّم الحوثيون، وسيتعلمون بالطريقة الصعبة، أن مَن يمس إسرائيل سيدفع ثمناً باهظاً للغاية».

من جهته توعد وزير الدفاع الإسرائيلي، يسرائيل كاتس، في اليوم نفسه، باستهداف قادة الجماعة، وقال «إن يد إسرائيل (الطولى) ستصل إليهم».

وكان مجلس القيادة الرئاسي اليمني أدان «العدوان الإسرائيلي الجديد على الأراضي اليمنية»، وحمّل في الوقت نفسه «الميليشيات الحوثية الإرهابية مسؤولية هذا التصعيد والانتهاك للسيادة الوطنية»، مع دعوته إياها إلى «تغليب مصلحة الشعب اليمني على أي مصالح أخرى».

تواصل التصعيد

كثفت الجماعة الحوثية في الأسبوع الأخير من هجماتها بالصواريخ والطائرات المسيّرة باتجاه إسرائيل، وأدى انفجار رأس صاروخ الخميس الماضي إلى أضرار كبيرة في مدرسة بإحدى مناطق تل أبيب.

ويوم السبت ادعى المتحدث الحوثي، يحيى سريع، مهاجمة إسرائيل بالاشتراك مع الفصائل العراقية بعدد من الطائرات المسيّرة، كما زعم سريع أن جماعته نفّذت عملية أخرى وصفها بـ«النوعية» ضد هدف عسكري إسرائيلي في تل أبيب، بواسطة طائرة مسيّرة. دون أن تؤكد إسرائيل هذه المزاعم.

صورة وزعها الحوثيون لحظة إطلاق صاروخ باليستي باتجاه إسرائيل (رويترز)

وعلى امتداد أكثر من عام تبنى الحوثيون إطلاق مئات الصواريخ والطائرات المُسيَّرة باتجاه إسرائيل، لكن لم يكن لها أي تأثير هجومي ملموس، باستثناء مُسيَّرة قتلت شخصاً بعد انفجارها بشقة في تل أبيب يوم 19 يوليو (تموز) الماضي.

واستدعت هذه الهجمات من إسرائيل الرد في 20 يوليو الماضي، مستهدفة مستودعات للوقود في ميناء الحديدة، وهو ما أدى إلى مقتل 6 أشخاص، وإصابة نحو 80 آخرين.

وتكرَّرت الضربات الإسرائيلية في 29 سبتمبر (أيلول) الماضي، ضد مستودعات للوقود في كل من الحديدة وميناء رأس عيسى، كما استهدفت محطتي توليد كهرباء في الحديدة، بالإضافة إلى مطار المدينة الخارج عن الخدمة منذ سنوات؛ وأسفرت هذه الغارات عن مقتل 4 أشخاص، وإصابة نحو 30 شخصاً.

ويوم الخميس الماضي، شنت إسرائيل نحو 14 غارة على مواني الحديدة الثلاث، الخاضعة للحوثيين غرب اليمن، وعلى محطتين لتوليد الكهرباء في صنعاء، ما أدى إلى مقتل 9 أشخاص وإصابة 3 آخرين، وهي المرة الثالثة التي تُنفذ فيها تل أبيب ضربات انتقامية ردّاً على هجمات الحوثيين.

دخان يتصاعد من محطة كهرباء في صنعاء قصفتها إسرائيل الخميس الماضي (أ.ف.ب)

أثار الهجوم الإسرائيلي الأخير، وهو الأول على صنعاء، سخطاً في الشارع اليمني جراء تسبب الحوثيين في تدمير البنية التحتية، والدخول في مواجهة غير متكافئة مع قوة غاشمة مثل إسرائيل، خدمةً لأجندة طهران، وفق ما صرّح به سياسيون موالون للحكومة اليمنية.

في المقابل، هوّن زعيم الجماعة، عبد الملك الحوثي، الخميس الماضي، من أثر الضربات الإسرائيلية، وقال إنها لن تثني جماعته عن التصعيد، داعياً أتباعه للمضي نحو مزيد من التعبئة العسكرية والعمليات البحرية والتبرع بالأموال.

وقال الحوثي إن جماعته منذ بدء تصعيدها أطلقت 1147 صاروخاً باليستياً ومجنَّحاً وطائرة مسيَّرة، فضلاً عن الزوارق المسيّرة المفخخة. كما تبنى مهاجمة 211 سفينة مرتبطة بمن وصفهم بـ«الأعداء»، وقال إن عمليات جماعته أدّت إلى منع الملاحة البحرية لإسرائيل في البحر الأحمر، وباب المندب، والبحر العربي، وعطّلت ميناء إيلات.