تتنافس المدن التونسية والأرياف والقرى خلال الاحتفالات بشهر التراث الممتد من 18 أبريل (نيسان) الحالي، إلى 18مايو (أيار) المقبل، على عرض مخزونها التراثي أمام الزائرين، والتباهي بما يميزها عن غيرها من بقية المناطق سواء على مستوى صناعاتها اليدوية والحرفية أو عاداتها الغذائية وموروثها اللامادي، وهو ما حوّل عددا من المناطق التونسية إلى ما يشبه المعرض المفتوح أمام الجميع لاستجلاء مخزونها التراثي ومعمارها الضارب في القدم.
وظهرت الزرابي (المنسوجات) المميزة لعدد من الجهات التونسية على غرار القيروان، والكليم حامل لعلامات تراثية قديمة (الخمسة والحوت) الذي تعرف به مناطق قفصة (جنوب غربي تونس) وتطاوين ومطماطة (جنوب شرقي تونس)، وتباهى الحرفيون التونسيون في مدينتي نابل وجربة بمنتجات الفخار التقليدي، وهو ما جعل التونسيين يحنّون إلى تراثهم الأصيل.
الدورة الـ26 لشهر التراث افتتحت يوم الثلاثاء الماضي، تحت شعار «التراث، حضارة وتنمية»، بإشراف محمد زين العابدين الوزير التونسي للشؤون الثقافية، وذلك بموقع دقة الأثري (نحو 120 كلم شمال غربي العاصمة التونسية)، ونظمت بالمناسبة حلقة نقاش بعنوان «دقة تراث عالمي»، نظمتها وكالة إحياء التراث والتنمية الثقافية. وسجّل الموقع الأثري المهم على قائمة التراث العالمي لليونيسكو منذ يوم 6 ديسمبر (كانون الأول) من سنة 1997.
وأجمع المتدخلون في هذا اللقاء على ضرورة إعادة النظر في ترسانة التشريعات المتعلقة بقانون التراث التي لا يتمكن المعهد التونسي للتراث من تفعيل بعض بنودها لعدم امتلاكه الوسائل الضرورية لتنفيذها. وأوصوا بتشكيل وحدات تصرّف تتكفل بمهمة إحياء المواقع الأثرية حتى تكون دافعا لنسق التنمية بالبلاد لا عبئا ماليا على الدولة.
كما شدّدوا على ضرورة تكثيف الحملات الموجهة إلى الزائرين لتوعيتهم بأهمية التراث في حفظ الذاكرة الوطنية، ملاحظين أن المسؤولية مشتركة بين المواطن والدولة لحماية التراث من الاعتداءات المتنوعة.
ومن أهم المعالم الأثرية الموجودة في موقع دقة الأثري نذكر ضريح «أتبان» أحد ملوك نوميديا، وهو معلم شُيّد في الفترة اللوبية بطول 21 مترا، ويعود تاريخه إلى نحو 1500 سنة قبل الميلاد، ويضم الضريح 30 قبرا.
وتوجد في الموقع الأثري 2500 نقيشة لاتينية منها 500 نقيشة في الساحة العامة والمسرح، وألفا نقيشة جنائزية، وهذه النقائش تمثل أكثر من 10 في المائة من مجموع النقائش المنتشرة في بلدان المغرب العربي. واستعمل سكان مدينة دقة اللغات البونية واللوبية واللاتينية والكتابة الإغريقية إلى جانب كتابة النقائش والكتابة على المحلات التجارية.
وإلى جانب الافتتاح الرسمي للاحتفالات بشهر التراث، برمجت عدة مدن تونسية عددا من البرامج الثقافية المتنوعة، وفي هذا الشأن، أكدت ربيعة بن فقيرة المسؤولة الجهوية للثقافة بمدينة صفاقس (وسط شرق)، أنّ برمجة شهر التراث مجموعة من العروض الموسيقية والتراثية ومعارض للصناعات التقليدية إلى جانب عدد من ورشات الحرف بالإضافة إلى برمجة مجموعة من العروض والأنشطة الثقافية بعدد من مناطق الجهة.
وفي السياق ذاته، انطلقت فعاليات الدورة الـ26 لشهر التراث بولاية - محافظة - زغوان (60 شمال العاصمة التونسية) بيوم تنشيطي ثقافي سياحي في معبد المياه (معلم أثري من العهد الروماني)، وتدشين معارض الصناعات التقليدية والحرف الفنية وورشات الحرف الفنية والفسيفساء والفنون التشكيلية ومعارض للأدوات التقليدية، كما برمجت المنطقة عرضا للأزياء التقليدية واستعراضا للفنون الشعبية والفروسية ما أضفى أجواء احتفالية ستتواصل لمدة شهر كامل.
«شهر التراث» حوّل مدن وأرياف وقرى تونس إلى معارض مفتوحة
«شهر التراث» حوّل مدن وأرياف وقرى تونس إلى معارض مفتوحة
لم تشترك بعد
انشئ حساباً خاصاً بك لتحصل على أخبار مخصصة لك ولتتمتع بخاصية حفظ المقالات وتتلقى نشراتنا البريدية المتنوعة