وزراء الخارجية العرب وضعوا اللمسات الأخيرة على وثائق القمة

«أجواء غير مسبوقة» في اجتماعهم... وتوجه للبحث عن «حلول عربية للأزمات»

وزراء الخارجية العرب وضعوا اللمسات الأخيرة على وثائق القمة
TT

وزراء الخارجية العرب وضعوا اللمسات الأخيرة على وثائق القمة

وزراء الخارجية العرب وضعوا اللمسات الأخيرة على وثائق القمة

وضع وزراء الخارجية العرب، أمس، اللمسات الأخيرة على وثائق القمة العربية التي ستنعقد غداً في ضيافة المملكة الأردنية، وسط تطلعات لخروجها بقرارات هامة ومصيرية «توازي أهمية الأحداث في المنطقة»، كما قال مصدر وزاري عربي لـ«الشرق الأوسط».
وتحدثت مصادر في الجامعة العربية لـ«الشرق الأوسط» عن «أجواء غير مسبوقة تخيم على الاجتماعات التحضيرية للقمة العربية، إذ يقر الجميع بأهمية تجاوز الأزمات التي تهدد مستقبل المنطقة العربية والبحث عن حلول عربية بعيداً عن التدخلات الخارجية التي كرّست استمرار ملفات فلسطين وسوريا وليبيا والعراق واليمن، إضافة إلى الاهتمام بمخاطر وتداعيات الحرب على الإرهاب التي خلفت ظاهرة النزوح وهددت سيادة الدول المستقلة».
وأشار الأمين العام للجامعة أحمد أبو الغيط إلى «القلق الذي يعتري المواطن العربي الغيور على مصير أمته»، واعتبره «قلقاً مشروعاً في ظل ما تشهده المنطقة من اضطرابات مزلزلة، وتغيرات متسارعة تقتلع حتى ثوابت الجغرافيا والديموغرافيا».
واستهلت الجلسة العلنية التي عقدها وزراء الخارجية العرب أمس بكلمة لوزير خارجية موريتانيا اسلكو ولد أحمد إزيد بيه، الذي سلم رئاسة الاجتماع إلى نظيره الأردني، مؤكداً أن الاجتماع التحضيري لوزراء الخارجية «يأتي في ظل ظرف خاص يستدعي تضافر الجهود من أجل الدفع بالعمل العربي المشترك، وتوطيداً لنظام عربي إقليمي متكامل وفاعل يكرس التضامن والحوار والسلم الأهلي، مما يتطلب تسوية الخلافات البينية ووضع حد للعنف والاقتتال وسد باب التدخلات الأجنبية، وإذكاء الخلافات الداخلية».
وأضاف أن «موريتانيا حرصت خلال رئاستها للقمة الـ27 على الحد من التداعيات السلبية لمظاهر الفوضى التي يراد لها أن تقوض عملنا القومي»، مؤكداً أن بلاده «تشبثت بروابط الأخوة العربية وتجاوز الخلافات المرحلية تحقيقاً لتطلعات شعوبنا في العيش الكريم في كنف الأمن والحرية والسلام والديمقراطية». واستعرض جهود بلاده خلال رئاستها للقمة «من أجل تنفيذ القرارات السابقة لتعزيز العمل العربي المشترك، بما يرقى إلى تحقيق تطلعات الشعوب»، مشيراً إلى أن بلاده «تولت رئاسة القمة في ظرف دقيق تمر به المنطقة العربية والعالم من حولها».
وأكد وزير الخارجية الأردني أيمن الصفدي أن «المنطقة العربية تعيش أزمات صعبة منذ سنوات، والنظام الإقليمي العربي لم يستطع منذ فترة طويلة إرساء الاستقرار في المنطقة». وقال: «نعمل على تجاوز التحديات وحل الأزمات رغم اختلاف الرؤى والسياسات العربية». وأضاف في كلمته عقب تسلم الأردن رئاسة القمة العربية الـ28 من نظيره الموريتاني، أن «الإرهاب مسخ يجب استئصاله حماية لشعوبنا وتعميم الفكر المستنير»، مؤكداً أن «التعاون العربي يعد إرثاً لتعزيز قدراتنا وتجاوز التحديات في المنطقة».
وشدد على «ضرورة تناول القمة التطورات في الدول العربية وعلى رأسها الأوضاع في ليبيا، والسعي إلى حل الأزمة السورية بشكل سياسي، والتركيز على القضية الفلسطينية وحقوق الشعب الفلسطيني، إضافة إلى الاتفاق على ضرورة تمكين الشباب العربي وتوفير فرص العمل لهم».
ولفت الأمين العام للجامعة خلال كلمته الافتتاحية للاجتماع إلى أن «المواطن العربي، في كل دولنا من المحيط إلى الخليج، يستشعر جراح إخوانه الذين يعيشون في مناطق الأزمات، رهائن للخوف والذعر، وعرضة للقتل والتشريد». وأضاف أن «القلب العربي ما زال حياً نابضاً. وليس هناك من ملجأ للعرب سوى العرب. ومن علامات صحة الكيان العربي، في وسط هذه العتمة، أن من نزحوا وأُخرجوا من ديارهم بالملايين وجدوا الملاذ الآمن والاستضافة الكريمة لدى إخوانهم في الدول العربية التي فتحت أبوابها بكرم ومحبة يعكسان مشاعر عروبية صادقة». وطالب بتقديم «كل دعم ممكن، وكل مساعدة ضرورية لهذه الدول التي ينوء كاهلها بأعباء استضافة مئات الآلاف من اللاجئين، وفي مقدمتها الأردن التي تستضيف قمتنا، ولبنان التي تحملت فوق طاقتها».
ورفض أبو الغيط «بقاء النظام العربي بعيداً عن التعامل مع أكبر أزمة تشهدها المنطقة في تاريخها الحديث، وهي المأساة السورية». وقال: «لا يصح أن ترحل هذه الأزمة الخطيرة إلى الأطراف الدولية والإقليمية لتديرها كيفما تشاء وتتحكم بخيوطها وفق مصالحها». وشدد على «ضرورة إيجاد السبيل للتدخل الناجع من أجل إيقاف نزيف الدم في سوريا وإنهاء الحرب والتوصل إلى تسوية للأزمة على أساس بيان جنيف 1، والقرار 2254، وبما يحفظ لسوريا وحدتها وتكاملها الإقليمي، ويضمن للشعب السوري تحقيق تطلعاته المشروعة».
وناشد أبو الغيط، وزراء الخارجية «أهمية تفعيل الحضور العربي الجماعي في الأزمات الكبرى، سواء في سوريا أو في البؤر الأخرى للصراعات في اليمن وليبيا»، معتبراً أن «هذه الأزمات تمثل تهديدات خطيرة للأمن القومي العربي، بصورة لم نعهدها منذ احتلال إسرائيل للأراضي العربية في عام 1967». كما اعتبر التدخلات الإقليمية في الشؤون العربية «تهديدات عابرة للحدود تهدد الكيان العربي في مجموعه، كما تضرب الأساس الذي يقوم عليه وهو الدولة الوطنية المستقلة ذات السيادة». وشدد على أهمية مواجهة هذه التهديدات «بالعمل الجماعي والجهد المشترك».
وطالب بـ«تمكين الجامعة العربية، المؤسسة الحاضنة للعمل العربي المشترك، من خلال عملية إصلاح وتطوير بلا تلكؤ أو إبطاء». وقال إن «هذه العملية المنشودة لا ينبغي لها أن تعطل مسيرة الجامعة، أو أن تقود إلى تكبيل أنشطتها في مختلف مسارات العمل المشترك، خصوصاً في هذه اللحظة الضاغطة التي نحتاج فيها لتعميق العمل العربي لا تقليصه، ولتعزيز الحضور العربي لا إضعافه».
وأكد أن «الجامعة العربية تستمد قوتها وحضورها من رغبتكم الجماعية في العمل المشترك وتقديم الدعم، حيث التمويل والإسناد السياسي والدعم المعنوي، كي تكون أكثر استعداداً للتفاعل مع الأزمات العربية الضاغطة، وحتى ترتقي إلى مستوى طموح المواطن العربي». وكشف أن الموازنة السنوية في العامين الماضيين «تعاني نقصاً خطيراً وسبق أن كتبت إليكم بشأنه وأثق أنكم مطلعون على حجمه وتداعياته».



اللاجئون الفلسطينيون يعودون إلى مخيم «اليرموك» في سوريا

اللاجئ الفلسطيني خالد خليفة يدعو لابنه المدفون في مقبرة مخيم اليرموك المدمرة (أ.ف.ب)
اللاجئ الفلسطيني خالد خليفة يدعو لابنه المدفون في مقبرة مخيم اليرموك المدمرة (أ.ف.ب)
TT

اللاجئون الفلسطينيون يعودون إلى مخيم «اليرموك» في سوريا

اللاجئ الفلسطيني خالد خليفة يدعو لابنه المدفون في مقبرة مخيم اليرموك المدمرة (أ.ف.ب)
اللاجئ الفلسطيني خالد خليفة يدعو لابنه المدفون في مقبرة مخيم اليرموك المدمرة (أ.ف.ب)

كان مخيم اليرموك للاجئين في سوريا، الذي يقع خارج دمشق، يُعدّ عاصمة الشتات الفلسطيني قبل أن تؤدي الحرب إلى تقليصه لمجموعة من المباني المدمرة.

سيطر على المخيم، وفقاً لوكالة «أسوشييتد برس»، مجموعة من الجماعات المسلحة ثم تعرض للقصف من الجو، وأصبح خالياً تقريباً منذ عام 2018، والمباني التي لم تدمرها القنابل هدمت أو نهبها اللصوص.

رويداً رويداً، بدأ سكان المخيم في العودة إليه، وبعد سقوط الرئيس السوري السابق بشار الأسد في 8 ديسمبر (كانون الأول)، يأمل الكثيرون في أن يتمكنوا من العودة.

في الوقت نفسه، لا يزال اللاجئون الفلسطينيون في سوريا، الذين يبلغ عددهم نحو 450 ألف شخص، غير متأكدين من وضعهم في النظام الجديد.

أطفال يلعبون أمام منازل مدمرة بمخيم اليرموك للاجئين في سوريا (أ.ف.ب)

وتساءل السفير الفلسطيني لدى سوريا، سمير الرفاعي: «كيف ستتعامل القيادة السورية الجديدة مع القضية الفلسطينية؟»، وتابع: «ليس لدينا أي فكرة لأننا لم نتواصل مع بعضنا بعضاً حتى الآن».

بعد أيام من انهيار حكومة الأسد، مشت النساء في مجموعات عبر شوارع اليرموك، بينما كان الأطفال يلعبون بين الأنقاض. مرت الدراجات النارية والدراجات الهوائية والسيارات أحياناً بين المباني المدمرة. في إحدى المناطق الأقل تضرراً، كان سوق الفواكه والخضراوات يعمل بكثافة.

عاد بعض الأشخاص لأول مرة منذ سنوات للتحقق من منازلهم. آخرون كانوا قد عادوا سابقاً ولكنهم يفكرون الآن فقط في إعادة البناء والعودة بشكل دائم.

غادر أحمد الحسين المخيم في عام 2011، بعد فترة وجيزة من بداية الانتفاضة ضد الحكومة التي تحولت إلى حرب أهلية، وقبل بضعة أشهر، عاد للإقامة مع أقاربه في جزء غير مدمر من المخيم بسبب ارتفاع الإيجارات في أماكن أخرى، والآن يأمل في إعادة بناء منزله.

هيكل إحدى ألعاب الملاهي في مخيم اليرموك بسوريا (أ.ف.ب)

قال الحسين: «تحت حكم الأسد، لم يكن من السهل الحصول على إذن من الأجهزة الأمنية لدخول المخيم. كان عليك الجلوس على طاولة والإجابة عن أسئلة مثل: مَن هي والدتك؟ مَن هو والدك؟ مَن في عائلتك تم اعتقاله؟ عشرون ألف سؤال للحصول على الموافقة».

وأشار إلى إن الناس الذين كانوا مترددين يرغبون في العودة الآن، ومن بينهم ابنه الذي هرب إلى ألمانيا.

جاءت تغريد حلاوي مع امرأتين أخريين، يوم الخميس، للتحقق من منازلهن. وتحدثن بحسرة عن الأيام التي كانت فيها شوارع المخيم تعج بالحياة حتى الساعة الثالثة أو الرابعة صباحاً.

قالت تغريد: «أشعر بأن فلسطين هنا، حتى لو كنت بعيدة عنها»، مضيفة: «حتى مع كل هذا الدمار، أشعر وكأنها الجنة. آمل أن يعود الجميع، جميع الذين غادروا البلاد أو يعيشون في مناطق أخرى».

بني مخيم اليرموك في عام 1957 للاجئين الفلسطينيين، لكنه تطور ليصبح ضاحية نابضة بالحياة حيث استقر العديد من السوريين من الطبقة العاملة به. قبل الحرب، كان يعيش فيه نحو 1.2 مليون شخص، بما في ذلك 160 ألف فلسطيني، وفقاً لوكالة الأمم المتحدة للاجئين الفلسطينيين (الأونروا). اليوم، يضم المخيم نحو 8 آلاف لاجئ فلسطيني ممن بقوا أو عادوا.

لا يحصل اللاجئون الفلسطينيون في سوريا على الجنسية، للحفاظ على حقهم في العودة إلى مدنهم وقراهم التي أُجبروا على مغادرتها في فلسطين عام 1948.

لكن، على عكس لبنان المجاورة، حيث يُمنع الفلسطينيون من التملك أو العمل في العديد من المهن، كان للفلسطينيين في سوريا تاريخياً جميع حقوق المواطنين باستثناء حق التصويت والترشح للمناصب.

في الوقت نفسه، كانت للفصائل الفلسطينية علاقة معقدة مع السلطات السورية. كان الرئيس السوري الأسبق حافظ الأسد وزعيم «منظمة التحرير الفلسطينية»، ياسر عرفات، خصمين. وسُجن العديد من الفلسطينيين بسبب انتمائهم لحركة «فتح» التابعة لعرفات.

قال محمود دخنوس، معلم متقاعد عاد إلى «اليرموك» للتحقق من منزله، إنه كان يُستدعى كثيراً للاستجواب من قبل أجهزة الاستخبارات السورية.

وأضاف متحدثاً عن عائلة الأسد: «على الرغم من ادعاءاتهم بأنهم مع (المقاومة) الفلسطينية، في الإعلام كانوا كذلك، لكن على الأرض كانت الحقيقة شيئاً آخر».

وبالنسبة لحكام البلاد الجدد، قال: «نحتاج إلى مزيد من الوقت للحكم على موقفهم تجاه الفلسطينيين في سوريا. لكن العلامات حتى الآن خلال هذا الأسبوع، المواقف والمقترحات التي يتم طرحها من قبل الحكومة الجديدة جيدة للشعب والمواطنين».

حاولت الفصائل الفلسطينية في اليرموك البقاء محايدة عندما اندلع الصراع في سوريا، ولكن بحلول أواخر 2012، انجر المخيم إلى الصراع ووقفت فصائل مختلفة على جوانب متعارضة.

عرفات في حديث مع حافظ الأسد خلال احتفالات ذكرى الثورة الليبية في طرابلس عام 1989 (أ.ف.ب)

منذ سقوط الأسد، كانت الفصائل تسعى لتوطيد علاقتها مع الحكومة الجديدة. قالت مجموعة من الفصائل الفلسطينية، في بيان يوم الأربعاء، إنها شكلت هيئة برئاسة السفير الفلسطيني لإدارة العلاقات مع السلطات الجديدة في سوريا.

ولم تعلق القيادة الجديدة، التي ترأسها «هيئة تحرير الشام»، رسمياً على وضع اللاجئين الفلسطينيين.

قدمت الحكومة السورية المؤقتة، الجمعة، شكوى إلى مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة تدين دخول القوات الإسرائيلية للأراضي السورية في مرتفعات الجولان وقصفها لعدة مناطق في سوريا.

لكن زعيم «هيئة تحرير الشام»، أحمد الشرع، المعروف سابقاً باسم «أبو محمد الجولاني»، قال إن الإدارة الجديدة لا تسعى إلى صراع مع إسرائيل.

وقال الرفاعي إن قوات الأمن الحكومية الجديدة دخلت مكاتب ثلاث فصائل فلسطينية وأزالت الأسلحة الموجودة هناك، لكن لم يتضح ما إذا كان هناك قرار رسمي لنزع سلاح الجماعات الفلسطينية.