خطط وتحركات حكومية لتليين المقاطعة الخليجية للسياحة في لبنان

مصادر دبلوماسية: إعادة النظر في تحذيرات السفر «عندما تستدعي الحاجة»

خطط وتحركات حكومية لتليين المقاطعة الخليجية للسياحة في لبنان
TT

خطط وتحركات حكومية لتليين المقاطعة الخليجية للسياحة في لبنان

خطط وتحركات حكومية لتليين المقاطعة الخليجية للسياحة في لبنان

بعد نجاح القوى الأمنية والجيش اللبناني، إلى حد بعيد، في وضع حد للتفجيرات الإرهابية التي ضربت البلاد منذ الصيف الماضي، وما تلاها من تحذيرات عربية ودولية من السفر إلى لبنان، يخطط رئيس الحكومة تمام سلام بالتنسيق مع وزير السياحة ميشال فرعون للقيام بجولة على عدد من الدول العربية لتشجيع مواطنيها، والخليجيون بشكل خاص، على زيارة لبنان، وبالتالي وضع حد لقرار المقاطعة السياحية غير المعلن والمستمر منذ ثلاثة أعوام.
وتراجع توافد السياح العرب والأجانب إلى لبنان بعد إسقاط حكومة الرئيس الأسبق سعد الحريري في عام 2011، وتشكيل حكومة الرئيس الأسبق نجيب ميقاتي، التي لم تشارك فيها قوى «14 آذار» ووصفت حينها بـ«حكومة حزب الله»، كونه كان الطرف الأقوى فيها. وتتطلع الحكومة الحالية التي تضم جميع الأفرقاء السياسيين لإعادة الحركة السياحية إلى ما كانت عليه في عام 2010، خاصة مع البدء في تطبيق خطة أمنية أعدها المجلس الأعلى للدفاع وأقرتها الحكومة وحظيت بغطاء إقليمي ودولي.
ويشير وزير السياحة ميشال فرعون، في تصريحات لـ«الشرق الأوسط»، إلى أن القطاع شهد أخيرا نوعا من الحركة مع توافد أعداد من المواطنين الأتراك والمصريين، وحتى الكويتيين، إلى لبنان خلال عطلة عيد الفصح الذي احتفلت به الطوائف المسيحية قبل نحو عشرة أيام، لافتا إلى أنه ستجري مواكبة هذه الحركة بخطة تعدها الوزارة ترسم ملامح مرحلة جديدة دخلها لبنان.
ويتوقع فرعون «صيفا لبنانيا واعدا، حتى ولو أن الهواجس لا تزال موجودة نتيجة استمرار الأزمة السورية وتداعياتها على لبنان»، موضحا أن «عمل الحكومة والوزارة يتركز على إعادة ثقة السياح والمستثمرين بلبنان، وهي الثقة التي فقدها في السنوات الثلاث الماضية». ويشير إلى أنه تسلم «قطاعا مأزوما بعدما تراجع عدد زوار لبنان من مليونين و300 ألف في عام 2010، إلى مليون و300 ألف في عام 2013»، ورأى أن «السبب الرئيس للأزمة كان -إلى جانب الأوضاع الأمنية غير المستقرة - الانقلاب الذي أطاح بحكومة الرئيس الحريري وخلق حكومة غير متوازنة ضربت مفهوم الشراكة الوطنية، مما أدى لأزمة ثقة مع البلدان العربية والغربية على حد سواء».
ويطمئن فرعون إلى أن «الحكومة الحالية تتمتع بأسس متينة، والأهم (أنه) يظللها قرار داخلي بالهدنة والتهدئة السياسية والأمنية»، مضيفا أنه «لا شك بأن إعادة الثقة بلبنان قد تتطلب وقتا، والترقب والحذر سيدا الموقف، إلا أن كل الحكومات والسفارات تنظر بإيجابية إلى المرحلة الجديدة التي دخلها لبنان، وننتظر أن ينعكس ذلك من خلال تشجيع مواطنيهم على السفر إلى لبنان».
ولن تقتصر جولة رئيس الحكومة المرتقبة في عدد من الدول العربية، بحسب فرعون، على محاولة إنعاش القطاع السياحي فحسب؛ بل ستكون أساسية لإعادة التواصل مع الحكومات العربية بعد مرحلة طويلة من سوء التفاهم، آملا أن «تعود الحرارة إلى العلاقات بعد ثلاث سنوات من البرودة».
وكانت السفارة الأميركية في بيروت أصدرت قبل أربعة أشهر تحذيرا للمواطنين الأميركيين بتجنب السفر إلى لبنان، باعتبار أن لبنان، وفق ما توضحه مصادر دبلوماسية لـ«الشرق الأوسط»، كان «عرضة للعديد من التفجيرات في السنوات القليلة الماضية، فضلا عن تهديدات من جماعات مثل حزب الله، و(كتائب عبد الله عزام)، و(الدولة الإسلامية في العراق والشام/ داعش) و(جبهة النصرة)».
وتقول المصادر ذاتها إن «الاشتباكات التي شهدتها في المرحلة الماضية أجزاء معينة من البلاد، فضلا عن عمليات القصف التي طالت مناطق حدودية، وغيرها من آثار الحرب السورية على لبنان، دفعت بالخارجية الأميركية لتجديد التحذير من السفر إلى لبنان في يناير (كانون الثاني) الماضي»، علما بأنها كانت قد عممت تحذيرا مماثلا في أكتوبر (تشرين الأول) الماضي.
وتوضح المصادر أن «إعادة النظر بهذه التحذيرات ستجري حين تستدعي الحاجة ذلك»، وتوقعت أن يحصل ذلك في شهري يوليو (تموز) أو أغسطس (آب) المقبلين، لافتة إلى أن الجيش اللبناني اتخذ أخيرا – في إطار الخطة الأمنية الجديدة - «خطوات ناجحة نأمل أن تستمر».
ولم تعد حركة مكاتب السفر في بيروت تقتصر على تأمين رحلات إلى خارج لبنان؛ إذ انتعشت قبل شهر تقريبا الحجوزات إلى لبنان، وفق ما يقوله طارق ضاهر، مدير مكتب سفريات «Five Stars Tours» في بيروت. ويؤكد أن «تشكيل الحكومة الجديدة ونجاح الخطة الأمنية الأخيرة انعكس إيجابا على الحجوزات»، موضحا أنه أمن «وصول 400 مواطن تركي إلى لبنان الشهر الماضي، إضافة إلى نحو 150 مصريا».
وتراجع عدد السياح الوافدين إلى لبنان بنسبة 6.6 في المائة العام الماضي مقارنة مع عام 2012، وبنسبة 23 في المائة مقارنة مع عام 2011. وقالت وزارة السياحة اللبنانية إن عدد الوافدين بلغ خلال عام 2013 نحو 1.2 مليون وافد، بينما كان عددهم في عام 2012 نحو 1.3 مليون. ووصل عددهم في عام 2011 إلى 1.6 مليون، أي بتراجع نسبته 23 في المائة عن عام 2010، الذي شهد توافد 2.1 مليون سائح.
وتشكل السياحة نحو 20 في المائة من إجمالي الناتج المحلي للبنان، بإيرادات تصل إلى ثمانية مليارات دولار سنويا. وتدهورت الأوضاع الاقتصادية في لبنان بعد اندلاع الحرب في سوريا في عام 2011، ونزوح أكثر من مليون و300 ألف لاجئ سوري إلى لبنان بحسب تقديرات السلطات اللبنانية.



انخفاض شديد في مستويات دخل الأسر بمناطق الحوثيين

فتاة في مخيم مؤقت للنازحين اليمنيين جنوب الحُديدة في 4 يناير الحالي (أ.ف.ب)
فتاة في مخيم مؤقت للنازحين اليمنيين جنوب الحُديدة في 4 يناير الحالي (أ.ف.ب)
TT

انخفاض شديد في مستويات دخل الأسر بمناطق الحوثيين

فتاة في مخيم مؤقت للنازحين اليمنيين جنوب الحُديدة في 4 يناير الحالي (أ.ف.ب)
فتاة في مخيم مؤقت للنازحين اليمنيين جنوب الحُديدة في 4 يناير الحالي (أ.ف.ب)

بموازاة استمرار الجماعة الحوثية في تصعيد هجماتها على إسرائيل، واستهداف الملاحة في البحر الأحمر، وتراجع قدرات المواني؛ نتيجة الردِّ على تلك الهجمات، أظهرت بيانات حديثة وزَّعتها الأمم المتحدة تراجعَ مستوى الدخل الرئيسي لثُلثَي اليمنيين خلال الشهر الأخير من عام 2024 مقارنة بالشهر الذي سبقه، لكن هذا الانخفاض كان شديداً في مناطق سيطرة الجماعة المدعومة من إيران.

ووفق مكتب الأمم المتحدة لتنسيق الشؤون الإنسانية، فقد واجهت العمالة المؤقتة خارج المزارع تحديات؛ بسبب طقس الشتاء البارد، ونتيجة لذلك، أفاد 65 في المائة من الأسر التي شملها الاستطلاع بانخفاض في دخلها الرئيسي مقارنة بشهر نوفمبر (تشرين الثاني) الماضي والفترة نفسها من العام الماضي، وأكد أن هذا الانخفاض كان شديداً بشكل غير متناسب في مناطق الحوثيين.

وطبقاً لهذه البيانات، فإن انعدام الأمن الغذائي لم يتغيَّر في المناطق الخاضعة لسيطرة الحكومة اليمنية، بينما انخفض بشكل طفيف في المناطق الخاضعة لسيطرة الحوثيين؛ نتيجة استئناف توزيع المساعدات الغذائية هناك.

الوضع الإنساني في مناطق الحوثيين لا يزال مزرياً (الأمم المتحدة)

وأظهرت مؤشرات نتائج انعدام الأمن الغذائي هناك انخفاضاً طفيفاً في صنعاء مقارنة بالشهر السابق، وعلى وجه التحديد، انخفض الاستهلاك غير الكافي للغذاء من 46.9 في المائة في نوفمبر إلى 43 في المائة في ديسمبر (كانون الأول) الماضي.

وضع متدهور

على النقيض من ذلك، ظلَّ انعدام الأمن الغذائي في المناطق الخاضعة لسيطرة الحكومة اليمنية دون تغيير إلى حد كبير، حيث ظلَّ الاستهلاك غير الكافي للغذاء عند مستوى مرتفع بلغ 52 في المائة، مما يشير إلى أن نحو أسرة واحدة من كل أسرتين في تلك المناطق تعاني من انعدام الأمن الغذائي.

ونبّه المكتب الأممي إلى أنه وعلى الرغم من التحسُّن الطفيف في المناطق الخاضعة لسيطرة الحوثيين، فإن الوضع لا يزال مزرياً، على غرار المناطق الخاضعة لسيطرة الحكومة، حيث يعاني نحو نصف الأسر من انعدام الأمن الغذائي (20 في المائية من السكان) مع حرمان شديد من الغذاء، كما يتضح من درجة استهلاك الغذاء.

نصف الأسر اليمنية يعاني من انعدام الأمن الغذائي في مختلف المحافظات (إعلام محلي)

وبحسب هذه البيانات، لم يتمكَّن دخل الأسر من مواكبة ارتفاع تكاليف سلال الغذاء الدنيا، مما أدى إلى تآكل القدرة الشرائية، حيث أفاد نحو ربع الأسر التي شملها الاستطلاع في مناطق الحكومة بارتفاع أسعار المواد الغذائية كصدمة كبرى، مما يؤكد ارتفاع أسعار المواد الغذائية الاسمية بشكل مستمر في هذه المناطق.

وذكر المكتب الأممي أنه وبعد ذروة الدخول الزراعية خلال موسم الحصاد في أكتوبر (تشرين الأول) ونوفمبر، الماضيين، شهد شهر ديسمبر أنشطةً زراعيةً محدودةً، مما قلل من فرص العمل في المزارع.

ولا يتوقع المكتب المسؤول عن تنسيق العمليات الإنسانية في اليمن حدوث تحسُّن كبير في ملف انعدام الأمن الغذائي خلال الشهرين المقبلين، بل رجّح أن يزداد الوضع سوءاً مع التقدم في الموسم.

وقال إن هذا التوقع يستمر ما لم يتم توسيع نطاق المساعدات الإنسانية المستهدفة في المناطق الأكثر عرضة لانعدام الأمن الغذائي الشديد.

تحديات هائلة

بدوره، أكد المكتب الإنمائي للأمم المتحدة أن اليمن استمرَّ في مواجهة تحديات إنسانية هائلة خلال عام 2024؛ نتيجة للصراع المسلح والكوارث الطبيعية الناجمة عن تغير المناخ.

وذكر أن التقديرات تشير إلى نزوح 531 ألف شخص منذ بداية عام 2024، منهم 93 في المائة (492877 فرداً) نزحوا بسبب الأزمات المرتبطة بالمناخ، بينما نزح 7 في المائة (38129 فرداً) بسبب الصراع المسلح.

نحو مليون يمني تضرروا جراء الفيضانات منتصف العام الماضي (الأمم المتحدة)

ولعبت آلية الاستجابة السريعة متعددة القطاعات التابعة للأمم المتحدة، بقيادة صندوق الأمم المتحدة للسكان، وبالشراكة مع برنامج الأغذية العالمي و«اليونيسيف» وشركاء إنسانيين آخرين، دوراً محورياً في معالجة الاحتياجات الإنسانية العاجلة الناتجة عن هذه الأزمات، وتوفير المساعدة الفورية المنقذة للحياة للأشخاص المتضررين.

وطوال عام 2024، وصلت آلية الاستجابة السريعة إلى 463204 أفراد، يمثلون 87 في المائة من المسجلين للحصول على المساعدة في 21 محافظة يمنية، بمَن في ذلك الفئات الأكثر ضعفاً، الذين كان 22 في المائة منهم من الأسر التي تعولها نساء، و21 في المائة من كبار السن، و10 في المائة من ذوي الإعاقة.

وبالإضافة إلى ذلك، تقول البيانات الأممية إن آلية الاستجابة السريعة في اليمن تسهم في تعزيز التنسيق وكفاءة تقديم المساعدات من خلال المشاركة النشطة للبيانات التي تم جمعها من خلال عملية الآلية وتقييم الاحتياجات.