مهرجان ربيع الموسيقى الكلاسيكية في الصويرة ينهي فعالياته على ألحان موتزارت وأغاني أزنافور

لقاء فني بين معزوفات موسيقيين عمالقة وأنغام أفلام «هاري بوتر» و«جيمس بوند»

مهرجان ربيع الموسيقى الكلاسيكية في الصويرة ينهي فعالياته على ألحان موتزارت وأغاني أزنافور
TT

مهرجان ربيع الموسيقى الكلاسيكية في الصويرة ينهي فعالياته على ألحان موتزارت وأغاني أزنافور

مهرجان ربيع الموسيقى الكلاسيكية في الصويرة ينهي فعالياته على ألحان موتزارت وأغاني أزنافور

على إيقاعات موسيقية لعدد من كبار الأسماء في الموسيقى الكلاسيكية، أمثال يوهان سيباستيان باخ، ووولفغانغ أماديوس موتزارت، وأغاني شارل أزنافور، اختتمت مجموعة «كونتراست»، الليلة قبل الماضية، بدار الصويري فعاليات الدورة الـ14 من مهرجان ربيع الموسيقى الكلاسيكية بالصويرة، في حفل ختامي من أداء الموسيقيين أرنو توريت (كمان)، ويوهان فارجوت (بيانو)، وماريا موسكوني (ألتو)، وأنطوان بييرلو (فيولونسيل).
واحتفت الصويرة التي تعرف بمدينة الرياح بأعمال كبار الموسيقيين ومعزوفات حديثة ملأت أزقتها وصدحت بها دروبها طوال أربعة أيام متتالية، وشكلت لقاء فنيا امتزجت فيه معزوفات موسيقيين عمالقة وموسيقات أفلام بارزة في تاريخ السينما العالمية، من قبيل «هاري بوتر»، و«جيمس بوند»، و«ميسيون أمبوسيبل» (مهمة مستحيلة)، و«إيل إتي إن فوا ألويست» (حدث ذات مرة في الغرب)، و«لي بارلابلوي دو شيربورغ» (مظلات شيربورغ)، و«لوبون دو لا ريفيير كواي» (جسر نهر كواي).
وشارك في منصات المهرجان، الجوق الفيلارموني للمغرب بقيادة أوليفيي هولت وبرينو مومبري، بمرافقة عازفي الكمان المنفردين باتريس فونتاناروزا ودا - مين كيم، لأداء معزوفات لموزار وكاميل سان ساينس وفيليكس ماندلسون، جوق من الموسيقيين كانت حركاتهم متناغمة ومنسجمة، يذيبون عزفهم على آلات موسيقية متنوعة، لتظل طريقتهم واحدة يحاكون فيها نغمات الموسيقى بإيقاعات تتحرك في اتجاه واحد.
كان للمايسترو دور كبير في قيادة الجوق الفيلارموني، كأنها سفينة بربان يقودها ضمت توليفة متناغمة، يتوجهون وسط المياه ويبحرون في مواجهة الأمواج العاتية، يبدون ضد التيار، لكن سرعان ما يقتادونه، ويصبح ملكهم، وتظل تطفو موسيقاهم حتى تعصف بجمهور المتتبعين، فيقفون بعد كل وصلة مشجعين بتصفيقاتهم وثنائهم على الأداء المبهر الذي أطرب مسامعهم.
وكان أداؤهم لموسيقات الأفلام يداعب آلاتهم الموسيقية، بسيمفونية تتأرجح لها القلوب وتستشعرها الأذان، رقصات موسيقية وأنغام هتشكوكية تستنفر معجبيها.
سرب من موسيقيين عمالقة، يداعبون المعزوفات في تناغم فريد يستنجد الأفئدة، موسيقى تقترب منك بخطى متفاوتة، وتبتعد عنك بصدى متباين، يترك فيك شرودا بالتوتر يئن بآهاتك ويسعد بلهفة العيش والحياة.
وتميزت دورة المهرجان بإقبال كبير للجمهور من داخل المغرب وخارجها، ونجحت مدينة الصويرة مرة أخرى في استقطاب عدد كبير من عشاقها، وحافظت على خاصيتها، التي تجعل منها لقاء فنيا وثقافيا، لتقريب الحضارات والشعوب عبر جسر فريد، هو الموسيقى.



ستيف بركات لـ«الشرق الأوسط»: أصولي اللبنانية تتردّد أبداً في صدى موسيقاي

عازف البيانو ستيف بركات ينسج موسيقاه من جذوره اللبنانية     -   ستيف بركات يؤمن بالموسيقى لغة عالمية توحّد الشعوب (الشرق الأوسط)
عازف البيانو ستيف بركات ينسج موسيقاه من جذوره اللبنانية - ستيف بركات يؤمن بالموسيقى لغة عالمية توحّد الشعوب (الشرق الأوسط)
TT

ستيف بركات لـ«الشرق الأوسط»: أصولي اللبنانية تتردّد أبداً في صدى موسيقاي

عازف البيانو ستيف بركات ينسج موسيقاه من جذوره اللبنانية     -   ستيف بركات يؤمن بالموسيقى لغة عالمية توحّد الشعوب (الشرق الأوسط)
عازف البيانو ستيف بركات ينسج موسيقاه من جذوره اللبنانية - ستيف بركات يؤمن بالموسيقى لغة عالمية توحّد الشعوب (الشرق الأوسط)

ستيف بركات عازف بيانو كندي من أصل لبناني، ينتج ويغنّي ويلحّن. لفحه حنين للجذور جرّه إلى إصدار مقطوعة «أرض الأجداد» (Motherland) أخيراً. فهو اكتشف لبنان في وقت لاحق من حياته، وينسب حبّه له إلى «خيارات مدروسة وواعية» متجذرة في رحلته. من اكتسابه فهماً متيناً لهويته وتعبيره عن الامتنان لما منحه إياه الإرث من عمق يتردّد صداه كل يوم، تحاوره «الشرق الأوسط» في أصله الإنساني المنساب على النوتة، وما أضفاه إحساسه الدفين بالصلة مع أسلافه من فرادة فنية.
غرست عائلته في داخله مجموعة قيم غنية استقتها من جذورها، رغم أنه مولود في كندا: «شكلت هذه القيم جزءاً من حياتي منذ الطفولة، ولو لم أدركها بوعي في سنّ مبكرة. خلال زيارتي الأولى إلى لبنان في عام 2008. شعرتُ بلهفة الانتماء وبمدى ارتباطي بجذوري. عندها أدركتُ تماماً أنّ جوانب عدة من شخصيتي تأثرت بأصولي اللبنانية».
بين كوبنهاغن وسيول وبلغراد، وصولاً إلى قاعة «كارنيغي» الشهيرة في نيويورك التي قدّم فيها حفلاً للمرة الأولى، يخوض ستيف بركات جولة عالمية طوال العام الحالي، تشمل أيضاً إسبانيا والصين والبرتغال وكوريا الجنوبية واليابان... يتحدث عن «طبيعة الأداء الفردي (Solo) التي تتيح حرية التكيّف مع كل حفل موسيقي وتشكيله بخصوصية. فالجولات تفسح المجال للتواصل مع أشخاص من ثقافات متنوعة والغوص في حضارة البلدان المضيفة وتعلّم إدراك جوهرها، مما يؤثر في المقاربة الموسيقية والفلسفية لكل أمسية».
يتوقف عند ما يمثله العزف على آلات البيانو المختلفة في قاعات العالم من تحدٍ مثير: «أكرّس اهتماماً كبيراً لأن تلائم طريقة عزفي ضمانَ أفضل تجربة فنية ممكنة للجمهور. للقدرة على التكيّف والاستجابة ضمن البيئات المتنوّعة دور حيوي في إنشاء تجربة موسيقية خاصة لا تُنسى. إنني ممتنّ لخيار الجمهور حضور حفلاتي، وهذا امتياز حقيقي لكل فنان. فهم يمنحونني بعضاً من وقتهم الثمين رغم تعدّد ملاهي الحياة».
كيف يستعد ستيف بركات لحفلاته؟ هل يقسو عليه القلق ويصيبه التوتر بإرباك؟ يجيب: «أولويتي هي أن يشعر الحاضر باحتضان دافئ ضمن العالم الموسيقي الذي أقدّمه. أسعى إلى خلق جو تفاعلي بحيث لا يكون مجرد متفرج بل ضيف عزيز. بالإضافة إلى الجانب الموسيقي، أعمل بحرص على تنمية الشعور بالصداقة الحميمة بين الفنان والمتلقي. يستحق الناس أن يلمسوا إحساساً حقيقياً بالضيافة والاستقبال». ويعلّق أهمية على إدارة مستويات التوتّر لديه وضمان الحصول على قسط كافٍ من الراحة: «أراعي ضرورة أن أكون مستعداً تماماً ولائقاً بدنياً من أجل المسرح. في النهاية، الحفلات الموسيقية هي تجارب تتطلب مجهوداً جسدياً وعاطفياً لا تكتمل من دونه».
عزف أناشيد نالت مكانة، منها نشيد «اليونيسف» الذي أُطلق من محطة الفضاء الدولية عام 2009 ونال جائزة. ولأنه ملحّن، يتمسّك بالقوة الهائلة للموسيقى لغة عالمية تنقل الرسائل والقيم. لذا حظيت مسيرته بفرص إنشاء مشروعات موسيقية لعلامات تجارية ومؤسسات ومدن؛ ومعاينة تأثير الموسيقى في محاكاة الجمهور على مستوى عاطفي عميق. يصف تأليف نشيد «اليونيسف» بـ«النقطة البارزة في رحلتي»، ويتابع: «التجربة عزّزت رغبتي في التفاني والاستفادة من الموسيقى وسيلة للتواصل ومتابعة الطريق».
تبلغ شراكته مع «يونيفرسال ميوزيك مينا» أوجها بنجاحات وأرقام مشاهدة عالية. هل يؤمن بركات بأن النجاح وليد تربة صالحة مكوّنة من جميع عناصرها، وأنّ الفنان لا يحلّق وحده؟ برأيه: «يمتد جوهر الموسيقى إلى ما وراء الألحان والتناغم، ليكمن في القدرة على تكوين روابط. فالنغمات تمتلك طاقة مذهلة تقرّب الثقافات وتوحّد البشر». ويدرك أيضاً أنّ تنفيذ المشاريع والمشاركة فيها قد يكونان بمثابة وسيلة قوية لتعزيز الروابط السلمية بين الأفراد والدول: «فالثقة والاهتمام الحقيقي بمصالح الآخرين يشكلان أسس العلاقات الدائمة، كما يوفر الانخراط في مشاريع تعاونية خطوات نحو عالم أفضل يسود فيه الانسجام والتفاهم».
بحماسة أطفال عشية الأعياد، يكشف عن حضوره إلى المنطقة العربية خلال نوفمبر (تشرين الثاني) المقبل: «يسعدني الوجود في منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا كجزء من جولة (Néoréalité) العالمية. إنني في مرحلة وضع اللمسات الأخيرة على التفاصيل والتواريخ لنعلن عنها قريباً. تملؤني غبطة تقديم موسيقاي في هذا الحيّز النابض بالحياة والغني ثقافياً، وأتحرّق شوقاً لمشاركة شغفي وفني مع ناسه وإقامة روابط قوامها لغة الموسيقى العالمية».
منذ إطلاق ألبومه «أرض الأجداد»، وهو يراقب جمهوراً متنوعاً من الشرق الأوسط يتفاعل مع فنه. ومن ملاحظته تزايُد الاهتمام العربي بالبيانو وتعلّق المواهب به في رحلاتهم الموسيقية، يُراكم بركات إلهاماً يقوده نحو الامتنان لـ«إتاحة الفرصة لي للمساهمة في المشهد الموسيقي المزدهر في الشرق الأوسط وخارجه».
تشغله هالة الثقافات والتجارب، وهو يجلس أمام 88 مفتاحاً بالأبيض والأسود على المسارح: «إنها تولّد إحساساً بالعودة إلى الوطن، مما يوفر ألفة مريحة تسمح لي بتكثيف مشاعري والتواصل بعمق مع الموسيقى التي أهديها إلى العالم».