عباس: قد نقطع التعاون الأمني مع إسرائيل

الرئيس الفلسطيني يشكر الموقف الأوروبي بشأن الاستيطان

وزير الخارجية الفرنسي جان مارك ايرولت والرئيس الفلسطيني محمود عباس (أ.ف.ب)
وزير الخارجية الفرنسي جان مارك ايرولت والرئيس الفلسطيني محمود عباس (أ.ف.ب)
TT

عباس: قد نقطع التعاون الأمني مع إسرائيل

وزير الخارجية الفرنسي جان مارك ايرولت والرئيس الفلسطيني محمود عباس (أ.ف.ب)
وزير الخارجية الفرنسي جان مارك ايرولت والرئيس الفلسطيني محمود عباس (أ.ف.ب)

قال الرئيس الفلسطيني محمود عباس، اليوم (الأربعاء)، إنه قد يضطر لقطع التعاون الأمني مع إسرائيل إذا استمرت سياسة الاستيطان.
وأضاف أمام مجلس الشيوخ الفرنسي أثناء زيارة للعاصمة باريس، أنه إذا استمر "الاستعمار" فلن يكون أمامه خيار آخر ولن يكون خطأه.
والتقى عباس أمس، مع الرئيس الفرنسي فرانسوا هولاند الذي عبر عن قلقه بشأن قانون إسرائيلي يضفي الشرعية بأثر رجعي على نحو أربعة آلاف منزل للمستوطنين شيدت على أراض يملكها فلسطينيون في الضفة الغربية المحتلة.
وشكر عباس اليوم، الاتحاد الأوروبي على موقفه الرافض لإقرار الكنيست الإسرائيلي قانونًا لتسوية الوضع القانوني للبؤر الاستيطانية في الضفة الغربية.
وحسبما ذكرت وكالة الأنباء الفلسطينية (وفا)، فإنّ عباس بعث بهذا الصدد برقية شكر إلى الممثل الأعلى للسياسة الخارجية والأمنية في الاتحاد الأوروبي فدريكا موغريني. قائلًا فيها، "نتقدم منكم بالشكر الجزيل على الموقف الأوروبي
الذي تم إعلانه في بيانكم بشأن القانون الذي صدر عن الكنيست قبل يومين الذي شرع الاستيطان على الأراضي الفلسطينية الخاصة في سابقة هي الأولى من نوعها". مضيفًا أنّ "هذا القرار وأمثاله من القرارات التي أعلنت عنها الحكومة الإسرائيلية لبناء آلاف الوحدات الاستيطانية تمثل انتكاسة كبيرة لجهود صنع السلام ويقوض حل الدولتين وانعكاسات ذلك على المنطقة والعالم أجمع".
وأعرب عباس عن التطلع للعمل مع الاتحاد الأوروبي "من أجل تطبيق القرار 2334، من أجل الحفاظ على إمكانية تحقيق السلام العادل والشامل". كما بعث عباس ببرقية شكر مماثلة إلى بابا الفاتيكان فرنسيس، على بيان مجلس أساقفة الولايات المتحدة الكاثوليك الذي طالب واشنطن بعدم نقل سفارتها لدى إسرائيل إلى القدس.
وقالت وزارة الخارجية الفلسطينية إنّها تتابع باهتمام بالغ ردود الفعل الإقليمية والدولية على إقرار الكنيست الاسرائيلي لما يسمى "قانون التسوية"، الذي يتيح شرعنة آلاف الوحدات الاستيطانية التي أقيمت على أراضٍ فلسطينية خاصة، وسرقة المزيد من الأرض الفلسطينية.
وأضافت الوزارة، في بيان اليوم، بثته (وفا)، أنّها إذ ترحب بالإدانات الدولية الواسعة التي تعكس ضجر المجتمع الدولي من حالة التمرد الإسرائيلي المتواصلة على القانون الدولي، واستخفافها بإرادة السلام الدولية، وتعبر عن عزلة إسرائيل كقوة احتلال، وتجسد في ذات الوقت الإجماع الدولي على رفض الاستيطان وإدانته بأشد العبارات بصفته العقبة الرئيس أمام تحقيق السلام على أساس حل الدولتين، إلا أنّها ترى أنّ مجمل ردود الفعل الدولية لا ترتقي إلى مستوى وخطورة تلك الجريمة، ولا تعدو كونها تكرارًا لصيغ الإدانة الشكلية وعبارات الاستنكار والقلق والتخوف والرفض، التي لا تتضمن توجها حقيقيا نحو مساءلة الاحتلال ومحاسبته.
وأشارت الخارجية إلى حالة الصمت غير المبرر التي تلف مواقف بعض الدول حتى الآن، وفي مقدمتها الولايات المتحدة الأميركية، وهو ما يثير العديد من التساؤلات بشأن موقفها من الاستيطان ودعم عملية السلام، وحرصها على
القانون الدولي وقرارات الشرعية الدولية.
وأكدت الوزارة أن "دولة الاحتلال باتت تتعايش مع جميع صيغ الإدانة للاستيطان، ما دامت تلك الصيغ لا تتضمن عقوبات حقيقية عليها، ولا تلقي بظلالها على العلاقات الثنائية بين تلك الدول وإسرائيل، كما أن دولة الاحتلال تفسر تلك الردود والإدانات الشكلية على أنها تشجيع لها لمواصلة انتهاكاتها الجسيمة للقانون الدولي، عبر تصعيد عملياتها الاستيطانية الهادفة إلى إغلاق الباب نهائيا أمام قيام دولة فلسطينية الى جانب دولة إسرائيل".
وقالت الوزارة في بيانها، إن انتهاكا جسيما بحجم هذا التشريع الاستعماري يستدعي عقد جلسة عاجلة وخاصة لمجلس الأمن، لاتخاذ الإجراءات والقرارات الملزمة والكفيلة بوضع حد لتغول إسرائيل الاستيطاني وتمردها على قرارات
الشرعية الدولية، وفي مقدمة ذلك اعتماد الآليات الدولية الملزمة لتنفيذ قرار مجلس الأمن 2334، ودعم التوجه الفلسطيني لمحاكمة إسرائيل كقوة احتلال، أمام المحاكم الدولية المختصة.



اللاجئون الفلسطينيون يعودون إلى مخيم «اليرموك» في سوريا

اللاجئ الفلسطيني خالد خليفة يدعو لابنه المدفون في مقبرة مخيم اليرموك المدمرة (أ.ف.ب)
اللاجئ الفلسطيني خالد خليفة يدعو لابنه المدفون في مقبرة مخيم اليرموك المدمرة (أ.ف.ب)
TT

اللاجئون الفلسطينيون يعودون إلى مخيم «اليرموك» في سوريا

اللاجئ الفلسطيني خالد خليفة يدعو لابنه المدفون في مقبرة مخيم اليرموك المدمرة (أ.ف.ب)
اللاجئ الفلسطيني خالد خليفة يدعو لابنه المدفون في مقبرة مخيم اليرموك المدمرة (أ.ف.ب)

كان مخيم اليرموك للاجئين في سوريا، الذي يقع خارج دمشق، يُعدّ عاصمة الشتات الفلسطيني قبل أن تؤدي الحرب إلى تقليصه لمجموعة من المباني المدمرة.

سيطر على المخيم، وفقاً لوكالة «أسوشييتد برس»، مجموعة من الجماعات المسلحة ثم تعرض للقصف من الجو، وأصبح خالياً تقريباً منذ عام 2018، والمباني التي لم تدمرها القنابل هدمت أو نهبها اللصوص.

رويداً رويداً، بدأ سكان المخيم في العودة إليه، وبعد سقوط الرئيس السوري السابق بشار الأسد في 8 ديسمبر (كانون الأول)، يأمل الكثيرون في أن يتمكنوا من العودة.

في الوقت نفسه، لا يزال اللاجئون الفلسطينيون في سوريا، الذين يبلغ عددهم نحو 450 ألف شخص، غير متأكدين من وضعهم في النظام الجديد.

أطفال يلعبون أمام منازل مدمرة بمخيم اليرموك للاجئين في سوريا (أ.ف.ب)

وتساءل السفير الفلسطيني لدى سوريا، سمير الرفاعي: «كيف ستتعامل القيادة السورية الجديدة مع القضية الفلسطينية؟»، وتابع: «ليس لدينا أي فكرة لأننا لم نتواصل مع بعضنا بعضاً حتى الآن».

بعد أيام من انهيار حكومة الأسد، مشت النساء في مجموعات عبر شوارع اليرموك، بينما كان الأطفال يلعبون بين الأنقاض. مرت الدراجات النارية والدراجات الهوائية والسيارات أحياناً بين المباني المدمرة. في إحدى المناطق الأقل تضرراً، كان سوق الفواكه والخضراوات يعمل بكثافة.

عاد بعض الأشخاص لأول مرة منذ سنوات للتحقق من منازلهم. آخرون كانوا قد عادوا سابقاً ولكنهم يفكرون الآن فقط في إعادة البناء والعودة بشكل دائم.

غادر أحمد الحسين المخيم في عام 2011، بعد فترة وجيزة من بداية الانتفاضة ضد الحكومة التي تحولت إلى حرب أهلية، وقبل بضعة أشهر، عاد للإقامة مع أقاربه في جزء غير مدمر من المخيم بسبب ارتفاع الإيجارات في أماكن أخرى، والآن يأمل في إعادة بناء منزله.

هيكل إحدى ألعاب الملاهي في مخيم اليرموك بسوريا (أ.ف.ب)

قال الحسين: «تحت حكم الأسد، لم يكن من السهل الحصول على إذن من الأجهزة الأمنية لدخول المخيم. كان عليك الجلوس على طاولة والإجابة عن أسئلة مثل: مَن هي والدتك؟ مَن هو والدك؟ مَن في عائلتك تم اعتقاله؟ عشرون ألف سؤال للحصول على الموافقة».

وأشار إلى إن الناس الذين كانوا مترددين يرغبون في العودة الآن، ومن بينهم ابنه الذي هرب إلى ألمانيا.

جاءت تغريد حلاوي مع امرأتين أخريين، يوم الخميس، للتحقق من منازلهن. وتحدثن بحسرة عن الأيام التي كانت فيها شوارع المخيم تعج بالحياة حتى الساعة الثالثة أو الرابعة صباحاً.

قالت تغريد: «أشعر بأن فلسطين هنا، حتى لو كنت بعيدة عنها»، مضيفة: «حتى مع كل هذا الدمار، أشعر وكأنها الجنة. آمل أن يعود الجميع، جميع الذين غادروا البلاد أو يعيشون في مناطق أخرى».

بني مخيم اليرموك في عام 1957 للاجئين الفلسطينيين، لكنه تطور ليصبح ضاحية نابضة بالحياة حيث استقر العديد من السوريين من الطبقة العاملة به. قبل الحرب، كان يعيش فيه نحو 1.2 مليون شخص، بما في ذلك 160 ألف فلسطيني، وفقاً لوكالة الأمم المتحدة للاجئين الفلسطينيين (الأونروا). اليوم، يضم المخيم نحو 8 آلاف لاجئ فلسطيني ممن بقوا أو عادوا.

لا يحصل اللاجئون الفلسطينيون في سوريا على الجنسية، للحفاظ على حقهم في العودة إلى مدنهم وقراهم التي أُجبروا على مغادرتها في فلسطين عام 1948.

لكن، على عكس لبنان المجاورة، حيث يُمنع الفلسطينيون من التملك أو العمل في العديد من المهن، كان للفلسطينيين في سوريا تاريخياً جميع حقوق المواطنين باستثناء حق التصويت والترشح للمناصب.

في الوقت نفسه، كانت للفصائل الفلسطينية علاقة معقدة مع السلطات السورية. كان الرئيس السوري الأسبق حافظ الأسد وزعيم «منظمة التحرير الفلسطينية»، ياسر عرفات، خصمين. وسُجن العديد من الفلسطينيين بسبب انتمائهم لحركة «فتح» التابعة لعرفات.

قال محمود دخنوس، معلم متقاعد عاد إلى «اليرموك» للتحقق من منزله، إنه كان يُستدعى كثيراً للاستجواب من قبل أجهزة الاستخبارات السورية.

وأضاف متحدثاً عن عائلة الأسد: «على الرغم من ادعاءاتهم بأنهم مع (المقاومة) الفلسطينية، في الإعلام كانوا كذلك، لكن على الأرض كانت الحقيقة شيئاً آخر».

وبالنسبة لحكام البلاد الجدد، قال: «نحتاج إلى مزيد من الوقت للحكم على موقفهم تجاه الفلسطينيين في سوريا. لكن العلامات حتى الآن خلال هذا الأسبوع، المواقف والمقترحات التي يتم طرحها من قبل الحكومة الجديدة جيدة للشعب والمواطنين».

حاولت الفصائل الفلسطينية في اليرموك البقاء محايدة عندما اندلع الصراع في سوريا، ولكن بحلول أواخر 2012، انجر المخيم إلى الصراع ووقفت فصائل مختلفة على جوانب متعارضة.

عرفات في حديث مع حافظ الأسد خلال احتفالات ذكرى الثورة الليبية في طرابلس عام 1989 (أ.ف.ب)

منذ سقوط الأسد، كانت الفصائل تسعى لتوطيد علاقتها مع الحكومة الجديدة. قالت مجموعة من الفصائل الفلسطينية، في بيان يوم الأربعاء، إنها شكلت هيئة برئاسة السفير الفلسطيني لإدارة العلاقات مع السلطات الجديدة في سوريا.

ولم تعلق القيادة الجديدة، التي ترأسها «هيئة تحرير الشام»، رسمياً على وضع اللاجئين الفلسطينيين.

قدمت الحكومة السورية المؤقتة، الجمعة، شكوى إلى مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة تدين دخول القوات الإسرائيلية للأراضي السورية في مرتفعات الجولان وقصفها لعدة مناطق في سوريا.

لكن زعيم «هيئة تحرير الشام»، أحمد الشرع، المعروف سابقاً باسم «أبو محمد الجولاني»، قال إن الإدارة الجديدة لا تسعى إلى صراع مع إسرائيل.

وقال الرفاعي إن قوات الأمن الحكومية الجديدة دخلت مكاتب ثلاث فصائل فلسطينية وأزالت الأسلحة الموجودة هناك، لكن لم يتضح ما إذا كان هناك قرار رسمي لنزع سلاح الجماعات الفلسطينية.