حظر المسلمين... الشعبوية والنفاق!

على إثر قرار الرئيس دونالد ترمب حظر، أو تعليق، لأنه مؤقت، دخول مواطني سبع دول إسلامية لأميركا سادت فوضى، ودعاوى قضائية، وانتقادات دولية، وحقوقية. والحقيقة أنه لا يمكن الدفاع عن قرار الرئيس الأميركي هذا بأي حال من الأحوال، لكن هذه ليست القصة.
القصة التي يجب أن نتوقف عندها، كمسلمين، وعرب، وإعلاميين، ومثقفين، وسياسيين، هي كالتالي. أليس الغضب من قرار ترمب منع مواطني بعض الدول الإسلامية من دخول أميركا، ومن ضمنهم إيران والعراق واليمن، دليلا على فشل تلك الدول؟ إيران التي أطلقت عبارة الشيطان على أميركا، وبثت خطاب الكراهية لها منذ أربعة عقود، والآن تقول: إنها ستعامل أميركا بالمثل، وتحظر دخول مواطنيها إلى إيران، فلماذا سعت طهران إذن للعداء مع أميركا؟ ولماذا يقول أتباعها في لبنان، واليمن، والعراق، وسوريا: الموت لأميركا، واليوم يغضبون من حظر دخول مواطنيهم للأراضي الأميركية؟ ولماذا يغضب أبناء وأنصار الخطاب الإسلاموي الأصولي بالمنطقة، والذين تاجروا لعقود في كراهية أميركا، من حظر الدخول هذا؟ وأوليس قرار ترمب هذا دليلا على أن منطقتنا فشلت في أن تكون جاذبة للراغبين في الحياة، بدليل تهافتهم على أميركا؟
قرار ترمب، بالطبع، قرار شعبوي، لكنه تراجع عن تعهداته الانتخابية التي تعهد فيها بحظر «المسلمين» من دخول أميركا، وها هو الآن يلجأ لقرار مؤقت، ويخص سبع دول فقط، وهو ما يظهر تخبط السياسة الأميركية الخارجية القادمة، أكثر من كونها عنصرية، فكيف سيحارب ترمب «داعش»، في العراق، وهو يحظر على مواطني العراق دخول أميركا، ومن دون تمييز؟ وكيف ينوي دحر «داعش» بسوريا، وفرض مناطق محمية فيها، وهو يساوي في قرار الحظر هذا بين الجلاد والضحية؟ لكن هذه ليست قصتنا، وإنما قصتنا هو ما يقال بمنطقتنا، والغرب، وتحديدا ممن يدعون أنهم أنصار لحقوق الإنسان، ومعنيون بنبذ العنصرية.
والسؤال هنا هو: كيف يتبجح من يدعون أنهم أنصار حقوق الإنسان، وضد التمييز العنصري، من أفراد، أو مؤسسات، وتحديدا إعلاميا، في الغرب، وعلى وجه الدقة المنتمون للعراق، أو بعض الدول الإسلامية، وبعضهم من أبناء الطائفة الشيعية، بالقول: إنه كيف تمنع هذه الدول السبع الإسلامية، بينما لم تمنع الدول التي شارك مواطنون منها في هجمات أحداث سبتمبر (أيلول) الإرهابية بأميركا، مثل السعودية، ومصر، والإمارات من دخول أميركا. فهل هم هنا يدافعون عن مبادئ، ويعلنون عن رفضهم للعنصرية، أم أنهم مجرد عنصريين كارهين للسعودية، ومصر، والإمارات، مما يعني أنه لا فرق بينهم وبين ترمب الذي يصفونه بالعنصرية والكراهية وغيرها؟ أمر لا يستقيم. وهل يتناسى هؤلاء أن السعودية، ومصر، مثلا، عانيا من الإرهاب، مثل ما عانت أميركا؟
الواضح أن قرار ترمب مثل ما فضح خطورة الشعبوية، فإنه كشف أيضا عن بشاعة نفاق مدعي الحقوق، والمقاومة والممانعة، وخصوصا أبناء إيران الذين ادعوا يوما أن أميركا هي «الشيطان».
tariq@asharqalawsat.com