تقنيات حديثة للتجسس على الموظفين

عبر مراقبة البريد الإلكتروني والحالة الصحية والموقع الجغرافي والمحادثات

يبيع كثير من الشركات نظما رقمية لمراقبة وتحليل تصرفات المستخدمين
يبيع كثير من الشركات نظما رقمية لمراقبة وتحليل تصرفات المستخدمين
TT

تقنيات حديثة للتجسس على الموظفين

يبيع كثير من الشركات نظما رقمية لمراقبة وتحليل تصرفات المستخدمين
يبيع كثير من الشركات نظما رقمية لمراقبة وتحليل تصرفات المستخدمين

ما شعورك إذا علمت بأن مديرك في العمل يراقب ما تقوم به من مهام دون أن تخبره عنها بنفسك؟ هل ستنزعج إذا كان «الجاسوس» هو كومبيوترك أو هاتفك الجوال؟ ماذا إذا كانت بطاقة العمل التي تستخدمها للدخول والخروج من الشركة مزودة بميكروفون صغير يسجل نبرة صوتك اليومية لمعرفة متى تهمس ومتى تنفعل، ونقل هذه البيانات إلى كومبيوترات الشركة؟ هناك نزعة متزايدة بين أرباب العمل لمراقبة ما يقوم به الموظفون داخل وخارج بيئة العمل بهدف رفع إنتاجية الموظفين وحماية بيانات الشركة من السرقة.
* حماية الشركات
تراقب بعض المؤسسات المواقع التي يتصفحها الموظفون أثناء أوقات العمل، وتسجل كل زر يضغطون عليه لقياس إنتاجية الموظفين، ودراسة كيفية زيادتها، ورفع مستويات تركيزهم على العمل، وما الأوقات الأكثر شيوعا التي يدخل فيها الموظف إلى الإنترنت لأمور شخصية، أو للترفيه. وهناك شركات تقوم بذلك خشية دخول الموظفين إلى مواقع مشبوهة وتعريض أجهزة الشركة إلى الاختراق جراء سرقة كلمة السر أو تحميل ملفات مليئة بالفيروسات والبرمجيات الخبيثة.
ويبيع كثير من الشركات نظما رقمية لمراقبة وتحليل تصرفات المستخدمين، ومنها شركات Forscale وSecuronix وDtex (وأكثر من 15 شركة أخرى)، لتحليل بيانات الموظفين، وإيجاد ملفات حولهم، وقياس ما يقوم به الموظفون بالنسبة إلى الوضع الطبيعي للشركة، مثل توقيت استخدام الكومبيوتر، والبرامج التي يجري استخدامها، وقواعد البيانات التي يتصل بها بشكل مستمر، ومواقع الإنترنت التي يتصفحها، مع وضع تقييم رقمي لخطورة ذلك الموظف على نظم الشركة، مثل لدى تحميله آلاف السجلات من قاعدة بيانات يتصل بها لأول مرة. وتتوقع هذه النظم تصرفات الموظفين قبل حدوث أي مشكلة، وذلك بعد مراقبة التغيرات الصغيرة في تصرفات استخدامهم لأجهزة ونظم الشركة.
واستطاعت بعض النظم تحديد 30 موظفا كانوا على وشك الهرب بمعلومات عالية الحساسية بعد 30 يوما من تثبيت برمجيات المراقبة على أجهزتهم. وهناك كثير من الشركات التي تضع أجهزة وبرامج مراقبة موقع المستخدم باستخدام تقنية الملاحة الجغرافية «جي بي إس»، وذلك لمعرفة مواقيت وجودهم خارج بيئة العمل، وإذا ما كانوا قد ذهبوا إلى المكان المفترض أم لا، خصوصا إذا كان لديهم أسطول نقل أو مركبات عمل خارج الشركة.
وبالنسبة لنظام «الكشاف» Scout الذي يراقب اللغة المستخدمة في البريد الإلكتروني للمستخدمين وتواصلهم مع الآخرين، من خلال أدوات تحليل اللغة والتصرفات التي طورها مكتب التحقيقات الفيدرالي الأميركي FBI، فتوجد نقطة مرجعية يتم قياس أداء جميع الموظفين وفقا لها، وتحليل ما إذا كان الموظف يشكل خطورة على المؤسسة أو الشركة وفقا للغة التي يستخدمها في تواصله، مثل التعرف على موظف في ضائقة مالية بسبب استخدام كلمات مثل «دفعة متأخرة لقسط المنزل» و«فاتورة طبية مكلفة»، للدلالة على أن الموظف قد يكون عرضة لقبول عروض شركات منافسة للتجسس على معلومات الشركة التي يعمل بها. ويمكن استخدام هذه الطريقة للتعرف على الموظف الذي لم تعجبه مكافأة نهاية العام، مثلا، وقرر الانتقال إلى شركة منافسة، لتقوم شركته بمناقشة وضعه المالي معها وإيجاد حل يرضيه بدلا من فقدانه.
* مخاطر المراقبة
وعلى الرغم من أن المديرين يعلمون بأن أسلوب المراقبة هذا قد يخرق خصوصيات المستخدمين، فإنهم يضعون مصلحة الشركة قبل أي مصلحة أخرى، وأصبح كثير من الشركات يتقبل استخدام هذه التقنيات الآن أكثر من السابق. ولكن السؤال الرئيسي هو كيفية معرفة التوازن الصحيح بين خصوصية الموظفين وحماية الشركة. وتقدم الشركات المطورة لهذه البرامج حلا يكمن في جعل المعلومات مجهولة، وذلك باستبدال أرقام ورموز بأسماء المستخدمين، وعرض الأسماء فقط لدى التعرف على شخص يشكل خطرا على الشركة وأثناء إجراء التحقيقات.
وهناك شركات أخرى تطلب من موظفيها ارتداء تقنيات ملبوسة لمراقبة صحتهم ومعدل نبضات قلبهم أثناء العمل وأداء التمارين الرياضية، الأمر الذي قد يجعل الموظفين ذوي الوزن الزائد يشعرون بأن الشركة قد تتخلى عنهم لصالح موظفين رياضيين، على الرغم من أن أداء المجموعة جيد جدا.
وهناك شركات تراقب معدل نوم الموظفين لمعرفة حالتهم الجسدية خلال أوقات العمل وتأثير ذلك على مسارهم المهني اليومي. هل سيكون لهذا الأمر أثر في قرار ترقية أحد الموظفين مقارنة بالآخر، على الرغم من أن أداءهما الوظيفي متكافئ؟ ماذا إن رفض الموظف ارتداء هذه الملبوسات التقنية، هل ستظن الإدارة أنه يخفي شيئا ما أو غير متعاون، على الرغم من أن هذا الأمر غير إلزامي في العقد؟ ماذا سيحدث إذا أجبرت الشركة الموظفين على ارتداء هذه الملبوسات التقنية، هل سيتركها الموظفون الجيدون الحريصون على خصوصياتهم؟ وماذا سيكون قرار الشركة في حال تعرف الموظف على وجود البرنامج في هاتفه الجوال أو كومبيوتره الشخصي، وقام بإيقاف عمله بطريقة ما؛ هل ستعده خطرا أم لا يرغب في اختراق خصوصيته؟ وهل ستهتز ثقة الموظف بالمؤسسة التي يعمل فيها بسبب أنها تشك بنزاهة موظفيها وتراقبهم طوال الوقت، الأمر الذي قد يضطره إلى ترك الشركة دون أن يكون قد قام بأي عمل خاطئ؟
أسئلة كثيرة تعتمد على منظور كل طرف، وأولوياته، وكيفية استخدام البيانات، خصوصا أن استخدام هذه التقنيات في قطاع الأعمال يعد جديدا نسبيا. ويجب على المديرين معرفة أن وجود هذه التقنيات لا يعني أنها مناسبة لبيئة العمل، ذلك أن العامل النفسي بالغ الأهمية للموظفين، بالإضافة إلى احتمال تعريض الموظفين الذي لا يستطيعون ترك العمل إلى ضغط نفسي كبير، والتبعات الصحية والنفسية جراء ذلك. وينصح بالتواصل مباشرة مع الموظفين حول ما يقلق الإدارة لإيجاد حل «بشري» بدلا من تجريد بيئة العمل من العامل الإنساني والاستعاضة عنه ببرمجيات جامدة. وفي حال الإصرار على استخدام هذه التقنيات، فيجب على المديرين التركيز على التطوير والتشجيع بدلا من العقاب.



ستيف بركات لـ«الشرق الأوسط»: أصولي اللبنانية تتردّد أبداً في صدى موسيقاي

عازف البيانو ستيف بركات ينسج موسيقاه من جذوره اللبنانية     -   ستيف بركات يؤمن بالموسيقى لغة عالمية توحّد الشعوب (الشرق الأوسط)
عازف البيانو ستيف بركات ينسج موسيقاه من جذوره اللبنانية - ستيف بركات يؤمن بالموسيقى لغة عالمية توحّد الشعوب (الشرق الأوسط)
TT

ستيف بركات لـ«الشرق الأوسط»: أصولي اللبنانية تتردّد أبداً في صدى موسيقاي

عازف البيانو ستيف بركات ينسج موسيقاه من جذوره اللبنانية     -   ستيف بركات يؤمن بالموسيقى لغة عالمية توحّد الشعوب (الشرق الأوسط)
عازف البيانو ستيف بركات ينسج موسيقاه من جذوره اللبنانية - ستيف بركات يؤمن بالموسيقى لغة عالمية توحّد الشعوب (الشرق الأوسط)

ستيف بركات عازف بيانو كندي من أصل لبناني، ينتج ويغنّي ويلحّن. لفحه حنين للجذور جرّه إلى إصدار مقطوعة «أرض الأجداد» (Motherland) أخيراً. فهو اكتشف لبنان في وقت لاحق من حياته، وينسب حبّه له إلى «خيارات مدروسة وواعية» متجذرة في رحلته. من اكتسابه فهماً متيناً لهويته وتعبيره عن الامتنان لما منحه إياه الإرث من عمق يتردّد صداه كل يوم، تحاوره «الشرق الأوسط» في أصله الإنساني المنساب على النوتة، وما أضفاه إحساسه الدفين بالصلة مع أسلافه من فرادة فنية.
غرست عائلته في داخله مجموعة قيم غنية استقتها من جذورها، رغم أنه مولود في كندا: «شكلت هذه القيم جزءاً من حياتي منذ الطفولة، ولو لم أدركها بوعي في سنّ مبكرة. خلال زيارتي الأولى إلى لبنان في عام 2008. شعرتُ بلهفة الانتماء وبمدى ارتباطي بجذوري. عندها أدركتُ تماماً أنّ جوانب عدة من شخصيتي تأثرت بأصولي اللبنانية».
بين كوبنهاغن وسيول وبلغراد، وصولاً إلى قاعة «كارنيغي» الشهيرة في نيويورك التي قدّم فيها حفلاً للمرة الأولى، يخوض ستيف بركات جولة عالمية طوال العام الحالي، تشمل أيضاً إسبانيا والصين والبرتغال وكوريا الجنوبية واليابان... يتحدث عن «طبيعة الأداء الفردي (Solo) التي تتيح حرية التكيّف مع كل حفل موسيقي وتشكيله بخصوصية. فالجولات تفسح المجال للتواصل مع أشخاص من ثقافات متنوعة والغوص في حضارة البلدان المضيفة وتعلّم إدراك جوهرها، مما يؤثر في المقاربة الموسيقية والفلسفية لكل أمسية».
يتوقف عند ما يمثله العزف على آلات البيانو المختلفة في قاعات العالم من تحدٍ مثير: «أكرّس اهتماماً كبيراً لأن تلائم طريقة عزفي ضمانَ أفضل تجربة فنية ممكنة للجمهور. للقدرة على التكيّف والاستجابة ضمن البيئات المتنوّعة دور حيوي في إنشاء تجربة موسيقية خاصة لا تُنسى. إنني ممتنّ لخيار الجمهور حضور حفلاتي، وهذا امتياز حقيقي لكل فنان. فهم يمنحونني بعضاً من وقتهم الثمين رغم تعدّد ملاهي الحياة».
كيف يستعد ستيف بركات لحفلاته؟ هل يقسو عليه القلق ويصيبه التوتر بإرباك؟ يجيب: «أولويتي هي أن يشعر الحاضر باحتضان دافئ ضمن العالم الموسيقي الذي أقدّمه. أسعى إلى خلق جو تفاعلي بحيث لا يكون مجرد متفرج بل ضيف عزيز. بالإضافة إلى الجانب الموسيقي، أعمل بحرص على تنمية الشعور بالصداقة الحميمة بين الفنان والمتلقي. يستحق الناس أن يلمسوا إحساساً حقيقياً بالضيافة والاستقبال». ويعلّق أهمية على إدارة مستويات التوتّر لديه وضمان الحصول على قسط كافٍ من الراحة: «أراعي ضرورة أن أكون مستعداً تماماً ولائقاً بدنياً من أجل المسرح. في النهاية، الحفلات الموسيقية هي تجارب تتطلب مجهوداً جسدياً وعاطفياً لا تكتمل من دونه».
عزف أناشيد نالت مكانة، منها نشيد «اليونيسف» الذي أُطلق من محطة الفضاء الدولية عام 2009 ونال جائزة. ولأنه ملحّن، يتمسّك بالقوة الهائلة للموسيقى لغة عالمية تنقل الرسائل والقيم. لذا حظيت مسيرته بفرص إنشاء مشروعات موسيقية لعلامات تجارية ومؤسسات ومدن؛ ومعاينة تأثير الموسيقى في محاكاة الجمهور على مستوى عاطفي عميق. يصف تأليف نشيد «اليونيسف» بـ«النقطة البارزة في رحلتي»، ويتابع: «التجربة عزّزت رغبتي في التفاني والاستفادة من الموسيقى وسيلة للتواصل ومتابعة الطريق».
تبلغ شراكته مع «يونيفرسال ميوزيك مينا» أوجها بنجاحات وأرقام مشاهدة عالية. هل يؤمن بركات بأن النجاح وليد تربة صالحة مكوّنة من جميع عناصرها، وأنّ الفنان لا يحلّق وحده؟ برأيه: «يمتد جوهر الموسيقى إلى ما وراء الألحان والتناغم، ليكمن في القدرة على تكوين روابط. فالنغمات تمتلك طاقة مذهلة تقرّب الثقافات وتوحّد البشر». ويدرك أيضاً أنّ تنفيذ المشاريع والمشاركة فيها قد يكونان بمثابة وسيلة قوية لتعزيز الروابط السلمية بين الأفراد والدول: «فالثقة والاهتمام الحقيقي بمصالح الآخرين يشكلان أسس العلاقات الدائمة، كما يوفر الانخراط في مشاريع تعاونية خطوات نحو عالم أفضل يسود فيه الانسجام والتفاهم».
بحماسة أطفال عشية الأعياد، يكشف عن حضوره إلى المنطقة العربية خلال نوفمبر (تشرين الثاني) المقبل: «يسعدني الوجود في منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا كجزء من جولة (Néoréalité) العالمية. إنني في مرحلة وضع اللمسات الأخيرة على التفاصيل والتواريخ لنعلن عنها قريباً. تملؤني غبطة تقديم موسيقاي في هذا الحيّز النابض بالحياة والغني ثقافياً، وأتحرّق شوقاً لمشاركة شغفي وفني مع ناسه وإقامة روابط قوامها لغة الموسيقى العالمية».
منذ إطلاق ألبومه «أرض الأجداد»، وهو يراقب جمهوراً متنوعاً من الشرق الأوسط يتفاعل مع فنه. ومن ملاحظته تزايُد الاهتمام العربي بالبيانو وتعلّق المواهب به في رحلاتهم الموسيقية، يُراكم بركات إلهاماً يقوده نحو الامتنان لـ«إتاحة الفرصة لي للمساهمة في المشهد الموسيقي المزدهر في الشرق الأوسط وخارجه».
تشغله هالة الثقافات والتجارب، وهو يجلس أمام 88 مفتاحاً بالأبيض والأسود على المسارح: «إنها تولّد إحساساً بالعودة إلى الوطن، مما يوفر ألفة مريحة تسمح لي بتكثيف مشاعري والتواصل بعمق مع الموسيقى التي أهديها إلى العالم».