الصومال: مرشحون للرئاسة يحذرون من اندلاع حرب أهلية

اختيار رئيسين لمجلسي النواب والشيوخ مؤقتًا وسط قلق دولي

الصومال: مرشحون للرئاسة يحذرون من اندلاع حرب أهلية
TT

الصومال: مرشحون للرئاسة يحذرون من اندلاع حرب أهلية

الصومال: مرشحون للرئاسة يحذرون من اندلاع حرب أهلية

شهدت العاصمة الصومالية مقديشو، أمس، عملية إرهابية جديدة، حيث انفجرت سيارة قرب فندق «واهين» في سوق بكارو الرئيسي بالمدينة، بينما تعيش البلاد هواجس اقتراب الانتخابات الرئاسية، بعدما أدى أعضاء البرلمان الجديد اليمين الدستورية.
وقالت مصادر أمنية إن «رجل أعمال محلي نجا من عملية اغتيال بعد تفجير سيارته في الحادث، الذي بدأت السلطات التحقيق فيه، بينما لم تعلن أي جهة محلية مسؤوليتها عنه».
في المقابل، اعتبر بيان مشترك، أصدرته الأمم المتحدة والاتحادان الأفريقي والأوروبي وعدد من الهيئات والدول، أن نزاهة العملية الانتخابية في الصومال قد أضحت في وضع يثير القلق، محذرا من أن استمرار التأخير والفشل في محاسبة الأطراف، التي ارتكبت هذه الانتهاكات الخطيرة، قد يحد من قدرة وإرادة المجتمع الدولي على تقديم الدعم والتعاون مع الحكومة الجديدة في البلاد.
وطالب الشركاء الدوليون الصومال بضرورة إعادة إجراء الانتخابات في الدوائر التي شهدت أعمال عنف وفساد وترهيب واضحة، ودعوا البرلمان إلى إصدار جدول زمني للانتهاء من العملية الانتخابية في أقرب وقت ممكن من أجل انتخاب رئيس اتحادي ورئيس للبرلمان، والالتزام بتطبيق الجدول الزمني بحذافيره لتجنب حدوث تأجيل آخر في العملية الانتخابية.
وكان عدد من المرشحين للانتخابات الرئاسية المنتظرة قد أبدوا قلقهم إزاء القرارات الأخيرة، التي ‏أصدرها منتدى القيادة الوطنية بشأن زيادة عدد أعضاء مجلس الشيوخ إلى 72 عضوا.
وقال ستة مرشحين للرئاسة في بيان مشترك إن «القرار مخالف للدستور، ‏الذي ينص على أن المجلس يتكون من 54 مقعدا فقط، كما أعربوا عن أسفهم لموافقة أعضاء المنتدى على تعيين 18 عضوا من قبل رؤساء الولايات ‏الإقليمية، وإصدار الرئيس حسن شيخ محمود مرسوما رئاسيا بالموافقة».‏
واعتبر المرشحون القرار الأخير، الصادر عن منتدى القيادة الوطنية، بمثابة خطوة جديدة ‏ترمي إلى ما وصفوه بـ«خطف مسيرة الانتخابات»، متهمين الرئيس الحالي المنتهية ولايته والمرشح للفوز بولاية ثانية، ‏بالوقوف وراء هذه الخطوة.‏
كما حذر المرشحون من أن يؤدي القرار إلى «حرب أهلية أو حدوث مشكلة سياسية جديدة في البلاد»، ولفتوا النظر إلى أنه يدل أيضا على ‏صحة الاتهامات الموجهة إلى رئاسة الدولة بشأن عمليات الفساد والنهب، والتهديد المسيطرة على العملية الانتخابية.‏
وحث المرشحون المجتمع الدولي ومجلس الأمن، إلى تدخل فوري في القضية ‏لتفادي وصول البلاد إلى مستنقع خطير، على حد تعبيرهم.
وكان أعضاء البرلمان الجديد، الذين أدوا اليمين الدستورية، انتخبوا رئيسين لتولي رئاسة مجلسي الشيوخ والنواب مؤقتا، حيث اختير عثمان علمي بوقر، وهو النائب الأكبر سنًا لرئاسة مجلس النواب، بينما وقع الاختيار على محمد حسين راجي لرئاسة مجلس الشيوخ.
وشهد مقر أكاديمية الجنرال كاهيه بالعاصمة مقديشو مراسم أداء أعضاء البرلمان العاشر في تاريخ البلاد لليمين الدستورية أول من أمس، وسط إجراءات أمنية مشددة، وبحضور رؤساء الولايات الإقليمية القائمة وممثلين عن المجتمع الدولي، وذلك بعد أسابيع من الاقتراع في انتخابات معقدة تعتبر الأكثر ديمقراطية في البلاد منذ نحو 50 عاما، رغم ما شابها من عيوب.
ويبلغ عدد نواب البرلمان الصومالي 329 عضوا، 54 منهم في مجلس الشيوخ، و275 في مجلس النواب. وتعد الانتخابات البرلمانية هي الأخيرة التي تجري بنظام «المحاصصة» القبلية، قبل الانتقال إلى نظام الانتخاب المباشر المعتمد على الأحزاب السياسية في الانتخابات المقبلة المقررة عام 2020.
ورغم أن الصوماليين وعدوا بانتخابات وطنية شاملة هذا العام، فإن الاقتتال الداخلي وانعدام الأمن وغياب البني التحتية المؤسساتية أدى إلى الاكتفاء بعملية سياسية «محدودة».
وخلال هذه العملية اختار وجهاء القبائل 14025 مندوبا خاصا صوتوا على 275 مقعدا في مجلس النواب، كما شهدت البلاد قيام مجلس الشيوخ لأول مرة وتخصيص 30 في المائة من المقاعد للنساء. ورغم أن العملية في ذاتها اعتبرت إنجازا في البلد المضطرب، فقد شابتها عمليات شراء أصوات وفساد، فضلا عن الخلافات القبلية المعتادة.
ويسعى الصومال إلى إعادة تأسيس أول حكومة مركزية فاعلة منذ عام 1991، وذلك عندما أطاح أمراء الحرب بمحمد سياد بري، وسقطت الدولة الفقيرة في حالة من الفوضى والحرب الأهلية، حيث تواجه متمردي حركة الشباب المتطرفة الذين تعهدوا الإطاحة بالسلطات الضعيفة في مقديشو والمدعومة من المجموعة الدولية.



انخفاض شديد في مستويات دخل الأسر بمناطق الحوثيين

فتاة في مخيم مؤقت للنازحين اليمنيين جنوب الحُديدة في 4 يناير الحالي (أ.ف.ب)
فتاة في مخيم مؤقت للنازحين اليمنيين جنوب الحُديدة في 4 يناير الحالي (أ.ف.ب)
TT

انخفاض شديد في مستويات دخل الأسر بمناطق الحوثيين

فتاة في مخيم مؤقت للنازحين اليمنيين جنوب الحُديدة في 4 يناير الحالي (أ.ف.ب)
فتاة في مخيم مؤقت للنازحين اليمنيين جنوب الحُديدة في 4 يناير الحالي (أ.ف.ب)

بموازاة استمرار الجماعة الحوثية في تصعيد هجماتها على إسرائيل، واستهداف الملاحة في البحر الأحمر، وتراجع قدرات المواني؛ نتيجة الردِّ على تلك الهجمات، أظهرت بيانات حديثة وزَّعتها الأمم المتحدة تراجعَ مستوى الدخل الرئيسي لثُلثَي اليمنيين خلال الشهر الأخير من عام 2024 مقارنة بالشهر الذي سبقه، لكن هذا الانخفاض كان شديداً في مناطق سيطرة الجماعة المدعومة من إيران.

ووفق مكتب الأمم المتحدة لتنسيق الشؤون الإنسانية، فقد واجهت العمالة المؤقتة خارج المزارع تحديات؛ بسبب طقس الشتاء البارد، ونتيجة لذلك، أفاد 65 في المائة من الأسر التي شملها الاستطلاع بانخفاض في دخلها الرئيسي مقارنة بشهر نوفمبر (تشرين الثاني) الماضي والفترة نفسها من العام الماضي، وأكد أن هذا الانخفاض كان شديداً بشكل غير متناسب في مناطق الحوثيين.

وطبقاً لهذه البيانات، فإن انعدام الأمن الغذائي لم يتغيَّر في المناطق الخاضعة لسيطرة الحكومة اليمنية، بينما انخفض بشكل طفيف في المناطق الخاضعة لسيطرة الحوثيين؛ نتيجة استئناف توزيع المساعدات الغذائية هناك.

الوضع الإنساني في مناطق الحوثيين لا يزال مزرياً (الأمم المتحدة)

وأظهرت مؤشرات نتائج انعدام الأمن الغذائي هناك انخفاضاً طفيفاً في صنعاء مقارنة بالشهر السابق، وعلى وجه التحديد، انخفض الاستهلاك غير الكافي للغذاء من 46.9 في المائة في نوفمبر إلى 43 في المائة في ديسمبر (كانون الأول) الماضي.

وضع متدهور

على النقيض من ذلك، ظلَّ انعدام الأمن الغذائي في المناطق الخاضعة لسيطرة الحكومة اليمنية دون تغيير إلى حد كبير، حيث ظلَّ الاستهلاك غير الكافي للغذاء عند مستوى مرتفع بلغ 52 في المائة، مما يشير إلى أن نحو أسرة واحدة من كل أسرتين في تلك المناطق تعاني من انعدام الأمن الغذائي.

ونبّه المكتب الأممي إلى أنه وعلى الرغم من التحسُّن الطفيف في المناطق الخاضعة لسيطرة الحوثيين، فإن الوضع لا يزال مزرياً، على غرار المناطق الخاضعة لسيطرة الحكومة، حيث يعاني نحو نصف الأسر من انعدام الأمن الغذائي (20 في المائية من السكان) مع حرمان شديد من الغذاء، كما يتضح من درجة استهلاك الغذاء.

نصف الأسر اليمنية يعاني من انعدام الأمن الغذائي في مختلف المحافظات (إعلام محلي)

وبحسب هذه البيانات، لم يتمكَّن دخل الأسر من مواكبة ارتفاع تكاليف سلال الغذاء الدنيا، مما أدى إلى تآكل القدرة الشرائية، حيث أفاد نحو ربع الأسر التي شملها الاستطلاع في مناطق الحكومة بارتفاع أسعار المواد الغذائية كصدمة كبرى، مما يؤكد ارتفاع أسعار المواد الغذائية الاسمية بشكل مستمر في هذه المناطق.

وذكر المكتب الأممي أنه وبعد ذروة الدخول الزراعية خلال موسم الحصاد في أكتوبر (تشرين الأول) ونوفمبر، الماضيين، شهد شهر ديسمبر أنشطةً زراعيةً محدودةً، مما قلل من فرص العمل في المزارع.

ولا يتوقع المكتب المسؤول عن تنسيق العمليات الإنسانية في اليمن حدوث تحسُّن كبير في ملف انعدام الأمن الغذائي خلال الشهرين المقبلين، بل رجّح أن يزداد الوضع سوءاً مع التقدم في الموسم.

وقال إن هذا التوقع يستمر ما لم يتم توسيع نطاق المساعدات الإنسانية المستهدفة في المناطق الأكثر عرضة لانعدام الأمن الغذائي الشديد.

تحديات هائلة

بدوره، أكد المكتب الإنمائي للأمم المتحدة أن اليمن استمرَّ في مواجهة تحديات إنسانية هائلة خلال عام 2024؛ نتيجة للصراع المسلح والكوارث الطبيعية الناجمة عن تغير المناخ.

وذكر أن التقديرات تشير إلى نزوح 531 ألف شخص منذ بداية عام 2024، منهم 93 في المائة (492877 فرداً) نزحوا بسبب الأزمات المرتبطة بالمناخ، بينما نزح 7 في المائة (38129 فرداً) بسبب الصراع المسلح.

نحو مليون يمني تضرروا جراء الفيضانات منتصف العام الماضي (الأمم المتحدة)

ولعبت آلية الاستجابة السريعة متعددة القطاعات التابعة للأمم المتحدة، بقيادة صندوق الأمم المتحدة للسكان، وبالشراكة مع برنامج الأغذية العالمي و«اليونيسيف» وشركاء إنسانيين آخرين، دوراً محورياً في معالجة الاحتياجات الإنسانية العاجلة الناتجة عن هذه الأزمات، وتوفير المساعدة الفورية المنقذة للحياة للأشخاص المتضررين.

وطوال عام 2024، وصلت آلية الاستجابة السريعة إلى 463204 أفراد، يمثلون 87 في المائة من المسجلين للحصول على المساعدة في 21 محافظة يمنية، بمَن في ذلك الفئات الأكثر ضعفاً، الذين كان 22 في المائة منهم من الأسر التي تعولها نساء، و21 في المائة من كبار السن، و10 في المائة من ذوي الإعاقة.

وبالإضافة إلى ذلك، تقول البيانات الأممية إن آلية الاستجابة السريعة في اليمن تسهم في تعزيز التنسيق وكفاءة تقديم المساعدات من خلال المشاركة النشطة للبيانات التي تم جمعها من خلال عملية الآلية وتقييم الاحتياجات.