حكايات «طريق الحرير» في معرض لافت بالقاهرة

محمد عبلة استعادها بالرسم على الماء وشرائح الكولاج

د.عصام شرف ود.خالد سرور وحوار مع الفنان محمد عبلة عقب افتتاح المعرض - الفنان خلق فضاء جماليا يتمتع بحيوية الحكاية وروح الحلم  - تصفو النفس البشرية لذاتها وحنينها -  طريق الحرير أحلام وحكايات ذات نكهة صوفية روحانية («الشرق الأوسط»)
د.عصام شرف ود.خالد سرور وحوار مع الفنان محمد عبلة عقب افتتاح المعرض - الفنان خلق فضاء جماليا يتمتع بحيوية الحكاية وروح الحلم - تصفو النفس البشرية لذاتها وحنينها - طريق الحرير أحلام وحكايات ذات نكهة صوفية روحانية («الشرق الأوسط»)
TT

حكايات «طريق الحرير» في معرض لافت بالقاهرة

د.عصام شرف ود.خالد سرور وحوار مع الفنان محمد عبلة عقب افتتاح المعرض - الفنان خلق فضاء جماليا يتمتع بحيوية الحكاية وروح الحلم  - تصفو النفس البشرية لذاتها وحنينها -  طريق الحرير أحلام وحكايات ذات نكهة صوفية روحانية («الشرق الأوسط»)
د.عصام شرف ود.خالد سرور وحوار مع الفنان محمد عبلة عقب افتتاح المعرض - الفنان خلق فضاء جماليا يتمتع بحيوية الحكاية وروح الحلم - تصفو النفس البشرية لذاتها وحنينها - طريق الحرير أحلام وحكايات ذات نكهة صوفية روحانية («الشرق الأوسط»)

في معرض لافت، يستعيد الفنان محمد عبلة زمن وحكايات طريق الحرير، أشهر طريق تجاري ربط جنوب وشمال آسيا بأوروبا ودول العالم، وشكل جسرًا متنوعًا لتلاقح الثقافات والفنون والديانات واللغات، وكان له تأثير مشعّ في العديد من الحضارات القديمة، خصوصًا الصينية التي تمثل نقطة انطلاقه الأساسية، وكذلك المصرية والهندية والرومانية.
المعرض مُقام على مدار شهر بقاعة أفق بالجيزة، وافتتحه، أواخر الشهر الماضي، الدكتور عصام شرف رئيس وزراء مصر الأسبق، والدكتور خالد سرور رئيس قطاع الفنون التشكيلية بوزارة الثقافة، وبحضور جمع من الفنانين والمثقفين والإعلاميين، وعدد من رجال السلك الدبلوماسي.
يضم معرض «على طريق الحرير» 55 لوحة متنوعة الأحجام، استخدم عبلة في إنجازها تقنية الرسم على مسطح الماء، وهي تقنية مراوغة، تحتاج لبصيرة فنية متقدة، وحساسية مرهفة بطبيعة الألوان وعلاقتها بالماء ومعالجتها بمحاليل وصبغات معينة، حتى تتبلور وتشفّ وتتناثر على مسطح ورقة الحرير الموضوعة فوق سطح الماء. ثم يقوم بسحبها، وبعد أن تجف تبدأ مغامرة خيال الفنان عليها.
ورغم أن هذه التقنية قديمة، وتُعدّ من أبرز الوسائل الفنية التي رافقت فنون طريق الحرير، فإن عبلة استطاع أن يوظِّفها بمفاهيم ورؤى فنية جديدة، متخذًا منها نقطة انطلاق ومحور إيقاع، يفجر طاقة الحلم في اللوحات، وينسج بينها وبين تخوم الذاكرة علاقة فنية حية وطازجة، استطاع من خلالها أن يخلق فضاء جماليًا يتمتع بحيوية الحكاية وروح الحلم.. إنه فضاء شديد الخصوبة والثراء، يشبه خلية النحل، فاللوحات «تشغي» بتقاطعات وتراسلات الألوان الساطعة المشمسة حتى في دكنتها، كما أنها تتداخل وتتشابك بتلقائية في نسيج الأشكال من بشر وطيور وحيوانات ونباتات، وبحار ومراكب، وكائنات خرافية، تتحرك وتنداح ببساطة وغرابة في اللوحات، يغمرها ضوء رقراق، يتفتق من قشرة الألوان والخطوط، منسابًا بطفولة كأنه عناقيد موسيقى، نابعة من آبار سحيقة، تتفجر من تجاويف الزمن وتاريخ المكان نفسه، طريق الحرير، ما يجعلنا أمام طبقات من الأحلام والحكايات ذات نكهة صوفية روحانية، حكايات كتومة، تشبه الأسرار، مشدودة دائمًا إلى الداخل، حيث تصفو النفس البشرية لذاتها وحنينها الخاص.
لا تنفصل هذه الحكايات بعبقها التراثي عن ذات الفنان نفسه، ورحلته المتنوعة مع الفن، خصوصًا خبرته مع الماء، ومغامرته مع نهر النيل، عشقه الأثير، الذي جعله مدارًا فنيًا لعدد من معارضه السابقة، حيث رسم البشر والحيوانات والنباتات والطيور، وهي تغمر أجسادها في مياه هذا النهر الخالد، وكأنها تمارس طقسًا من التطهير لحيواتها وأحلامها المنكسرة تحت وطأة واقعها الاجتماعي وضغوطه القامعة التي لا تنتهي.
فعلى مسطح الماء يمكن معايشة الحياة واللوحة معًا، هكذا يمتد خيط العلاقة بين هذه المعارض السابقة وهذا المعرض، لكن العلاقة في تلك المعارض رغم حيويتها وخصوبتها الفنية، ظلت مؤطرة، في سياق حالة محددة، يمكن أن نجد لها بداية ونهاية، أو نفسرها جماليًا وفكريًا كموضوع في سياق من الرموز والدلالات والعلامات. على العكس من ذلك، تبدو الحكاية، في طريق الحرير، وكأنها صيرورة، مفتوحة دائمًا على تخوم البدايات والنهايات، على مشارف الجغرافيا والتاريخ، تتناسل وتتدفق بحيوية في اللوحات، وكأن اللوحات نفسها أصبحت شاهدًا وراويًا لها، لكنه راوٍ غير عليم، سواء بالمفهوم السردي الأدبي، أو بطاقة الحلم المشعّ في اللوحات، الذي يحتفي بالطبيعة، ويشكل بطرائق الفن صحوة لها. فالطبيعة ليست مجرد مخزن للذكريات، ومسرح لمناخات الطفولة والصبا، وإنما هي صانعة وجدان الفنان، في أي مكان يوجد فيه.
بهذه الروح، وبعد احتشاد لأكثر من عامين من القراءة والهضم والتمثل، والسفر أحيانًا، إلى أماكن معينة، تعايش عبلة مع فكرة معرضه هذا، حتى عثر على مفاتيح وحلول بصرية لها بعيدًا عن الشائع والمألوف، في خبرات وتجارب فنية سابقة لعبت على وتر الموضوع نفسه. كما أنه على المستوى الشخصي، كان بحاجة إلى الدخول من جديد وبزاوية خاصة إلى صومعة الماء، بعد جهد وافر وشاق من العمل في المجال الثقافي العام، بذله ولا يزال - على أصعدة شتي.
وسَّع عبلة من أفق صومعته، فرفد مغامرته الفنية على سطح الماء بشرائح من رسومات وقصاقيص الكولاج، يرسمها بطريقة خاصة، ثم يطعم بها اللوحات في فراغات واستدارت وزوايا معينة، ثم يضفي عليها غلالة من لطشات الفرشاة، وأحيانًا يقطعها بزخات من الكتابة الحروفية الخاطفة، لتذوب وتندغم بحيوية في فضاء الصورة، بشكل يثري السطح، وينمي الأشكال والعلامات والرموز، ويحد من سكونية التجريد، وفي الوقت نفسه يجعل اللوحة بمثابة حالة من الترحال الدائم، من وإلى الحلم والحكاية معًا، لتقترب اللوحة أحيانًا من مصاف الخرافة والأسطورة، مشربة برذاذ من النور والموسيقى، يفيض بحسية صوفية، تسمو على تعارضات الجسد والروح، وشوائب الواقع والحياة.
في اللوحات يحتفي عبلة برموز وكائنات أزمنة طريق الحرير، يبتكر لها نوافذ إدراك وملامس بصرية جديدة، يحتفي بالحصان، ناقل حضارة وأحلام، وفارس معارك وحروب، ورمز للوفاء والتضحية، يحتفي بالطبيعة، بحيواناتها وطيورها ونباتاتها، يحتفي بالصحراء برملها وصخورها وفضائها اللامترامي كأنه يد مشرعة في قبضة المجهول. يحتفي بالبشر، في سمتهم الآسيوي الأثير، لكنه يخفي ملامحهم، لتظل الحكاية تفيض بسيلانها وصيرورتها في الداخل، ليست أسيرة لتحديدات خارجية، وإنما تمنحنا الإحساس بأنها استعارة حية لعاطفة وأحلام مثيرة للدهشة والتساؤل، سواء جاءت من فجوات الماضي، أو من ثقوب المستقبل.
في بعض لوحات المعرض نلمح وبشكل شفيف ومضًا من روح المنمنمة الشرقية، خصوصًا في بنائها الزخرفي السردي، الذي يقترب من روح الحكاية، إلى حد المبالغة أحيانًا. لكن هذا الومض يأتي على سبيل المفارقة الفنية، فلوحات المعرض تتناسل في مشهد حكائي، مفتوح على الماضي والحاضر والمستقبل، مسكون بروح الحكاية لكنه مشهد لا يسردها في تتابع سردي وزمني محددين، إنما يتركها تكوِّن نفسها بنفسها داخل اللوحات، وعلى المشاهِد أن يذهب فيما وراء العلامات والرموز والأشكال والدلالات، مسكونًا بحالة من التجوال الشيق، أشبه برحلة لاصطياد حكاية ما، قابلة في كل وقت للغمر في طوايا التاريخ والنفس البشرية، قابلة للحذف والإضافة أيضًا. وكأن منطق الاستعارة البصرية هنا أن حقيقة الوجود ليست فيما هو ظاهر وكائن بالفعل، وإنما فيما يخفيه الظاهر نفسه، أو يتخفى تحته وفي ظلاله، سواء كان ذلك في الماضي أو الحاضر.



إشادة بانفتاح السعودية على تقديم الفن الراقي

نجوم حفل روائع الموجي في ضيافة المستشار تركي آل الشيخ «فيسبوك»
نجوم حفل روائع الموجي في ضيافة المستشار تركي آل الشيخ «فيسبوك»
TT

إشادة بانفتاح السعودية على تقديم الفن الراقي

نجوم حفل روائع الموجي في ضيافة المستشار تركي آل الشيخ «فيسبوك»
نجوم حفل روائع الموجي في ضيافة المستشار تركي آل الشيخ «فيسبوك»

شهدت الرياض وجدة فعاليات مسرحية وغنائية عقب انتهاء شهر رمضان، انطلقت مع عيد الفطر واستقطبت مشاركات مصرية لافتة، منها مسرحية «حتى لا يطير الدكان»، من بطولة الفنانَيْن أكرم حسني ودرة، في موسمها الثاني على مسرح «سيتي ووك جدة»؛ إلى عرض ستاند أب كوميدي «ذا إيليت» المقام على «مسرح محمد العلي» بالرياض، بينما شاركت الفنانة المصرية أنغام بحفلات «عيد القصيم»، والفنان عمرو دياب بحفلات «عيد جدة».
وتشهد العاصمة السعودية حفل «روائع الموجي»، الذي تحييه نخبة من نجوم الغناء، بينهم من مصر، أنغام وشيرين عبد الوهاب ومي فاروق، بالإضافة إلى نجوم الخليج ماجد المهندس وعبادي الجوهر وزينة عماد، مع صابر الرباعي ووائل جسار، بقيادة المايسترو وليد فايد وإشراف فني يحيى الموجي، ومشاركة الموسيقار رمزي يسى.
عن هذا الحفل، يعلّق الناقد الفني المصري طارق الشناوي لـ«الشرق الأوسط»: «نشجّع تكريس الكلمة الرائعة والنغم الأصيل، فحضور نجوم مصر في فعاليات المملكة العربية السعودية، يشكل حالة تكامل من الإبداع»، معرباً عن غبطته بمشهدية الزخم الفني، التي يواكبها في الرياض وجدة.
ووفق «جمعية المؤلفين والملحنين الرسمية» في مصر، ورصيد محمد الموجي، صاحب مقولة «أنا لا أعمل كالآلة تضع فيها شيئاً فتخرج لحناً؛ إنها مشاعر وأحاسيس تحتاج إلى وقت ليخرج اللحن إلى النور»، قد وصل إلى 1800 لحن، ليعلّق رئيسها مدحت العدل لـ«الشرق الأوسط» بالتأكيد على أنّ «الاحتفاء بالرموز الفنية من (الهيئة العامة للترفيه)، كاحتفالية الموجي، أمر غاية في الرقي ويدعو للفخر»، موجهاً التقدير للجميع في المملكة على النهضة الفنية الكبيرة.
واستكمالاً لسلسلة الفعاليات الفنية، فإنّ مدينة جدة على موعد مع حفلين للفنان تامر عاشور يومي 5 و6 مايو (أيار) الحالي، بجانب حفل الفنانَيْن محمد فؤاد وأحمد سعد نهاية الشهر عينه. وعن المشاركات المصرية في الفعاليات السعودية، يشير الناقد الموسيقي المصري محمد شميس، إلى أنّ «القائمين على مواسم المملكة المختلفة يحرصون طوال العام على تقديم وجبات فنية ممتعة ومتنوعة تلائم جميع الأذواق»، مؤكداً أنّ «ما يحدث عموماً في السعودية يفتح المجال بغزارة لحضور الفنانين والعازفين والفرق الموسيقية التي ترافق النجوم من مصر والعالم العربي». ويلفت شميس لـ«الشرق الأوسط» إلى أنّ «هذا التنوع من شأنه أيضاً إتاحة مجال أوسع للمبدعين العرب في مختلف الجوانب، التي تخصّ هذه الحفلات، وفرصة لاستقطاب الجمهور للاستمتاع بها بشكل مباشر أو عبر إذاعتها في القنوات الفضائية أو المنصات الإلكترونية»، معبّراً عن سعادته بـ«الحراك الفني الدائم، الذي تشهده المملكة، بخاصة في الفن والثقافة وتكريم الرموز الفنية والاحتفاء بهم».
وشهد «مسرح أبو بكر سالم» في الرياض قبيل رمضان، الحفل الغنائي «ليلة صوت مصر»، من تنظيم «الهيئة العامة للترفيه»، احتفالاً بأنغام، إلى تكريم الموسيقار المصري هاني شنودة في حفل بعنوان «ذكريات»، شارك في إحيائه عمرو دياب وأنغام، بحضور نخبة من نجوم مصر، كما أعلن منذ أيام عن إقامة حفل للفنانة شيرين عبد الوهاب بعنوان «صوت إحساس مصر».
مسرحياً، يستعد الفنان المصري أحمد عز لعرض مسرحيته «هادي فالنتين» في موسمها الثاني، ضمن فعاليات «تقويم جدة» على مسرح «سيتي ووك‬» بين 3 و6 مايو (أيار) الحالي. وعنه كان قد قال في حوار سابق مع «الشرق الأوسط»، إنّ «الحراك الثقافي الذي تشهده المملكة يفتح آفاقاً وفرصاً متنوعة للجميع لتقديم المزيد من الفن الراقي».