ترامب: إدارة حرب؟!

TT

ترامب: إدارة حرب؟!

لو أن معاشر المتشائمين إزاء ما يرون أنها نذر حرب نووية لا تُبقي ولا تذر، تمنوا دليلاً جديدًا يُضاف إلى قائمة ما يسوقونه من علامات اقتراب تلك الحرب، لما توفر لهم أفضل من تواصل دونالد ترامب، الرئيس الأميركي المُنتخب، هاتفيًا مع السيدة تساي إينغ وين، رئيسة تايوان، نهار الجمعة الماضي. تحرش السيد ترامب بالصين ليس مفاجئًا. يعرف ذلك كل من تابع استفزازات حملة الانتخابات الرئاسية في الولايات المتحدة. تجييش العواطف الوطنية ضد ما يوصف بالغزو الصيني للسوق الأميركية، أمر سابق لدخول ترامب نفسه على خط المعترك السياسي ببلده. بالطبع، التجييش العاطفي بغرض تشجيع الإنتاج الوطني ليس شأنًا أميركيًا فقط، بل هو منهج متّبع بكل الدول الصناعية، المتقدمة منها، والنامية التي تحاول اللحاق بركب من سبقها. في هذا السياق، معروف أيضًا أن التخوّف من نمو نفوذ العملاق الصيني بأسواق عديدة في مشارق الأرض ومغاربها، استوطن رؤوس معظم صانعي القرار في عواصم دول الاقتصادات القوية. وإذ أصبح التصدي لزحف التنين الاقتصادي هاجس ساسة تلك الدول، فقد راوح التعامل مع بكين ما بين اعتماد دبلوماسية ناعمة تستند إلى تعاون وانفتاح، وتجريب التناطح معها باستخدام مفردات خشنة وتصريحات استفزازية.
رغم أن قبول ترامب الحديث مع رئيسة تايوان، وهو أمر لم يحصل من قِبل رئيس أميركي منذ أربعين عامًا، يمكن إدراجه ضمن المواقف الاستفزازية، فإنه يندرج أيضًا في نطاق ما يُعرف بجس النبض، أو قياس رد الفعل. ورغم أن مايك بينس، الجمهوري المجرِّب والسياسي المحنك، سارع بصفته نائب الرئيس المنتخب، للتقليل من شأن الأمر، فعدّه «زوبعة في فنجان»، فإن ترامب نفسه لم يتراجع، بل عاجل الصين، نهار أول من أمس، بصاروخ توبيخي أطلقه من قاعدته بموقع «تويتر»، إذ زعق قائلاً: «هل سألتنا الصين إن كان يجب خفض قيمة عملتها وبناء مجمع عسكري هائل أم لا؟ لا أظن». بالمناسبة، يبدو أن سيد البيت الأبيض الجديد سوف يوفّر على الإعلام في العالم كله مشقة الركض وراء أخباره، إذ يبدو حريصًا على إعلان مواقفه عبر تغريداته.
التيار المتخوف مما يراه احتمال «تهور» الرئيس ترامب بالاستمرار في استفزاز بكين، ومحاولة استدراجها إلى مواجهة في بحر الصين الجنوبي، تكون شرارة الحرب النووية، يشير إلى تعيين الجنرال جيمس ماتيس وزيرًا للدفاع، باعتبار أنه مؤشر على أن ترامب مقبل على تشكيل «إدارة حرب»، ويذكّر هؤلاء بتصلب الجنرال ماتيس إزاء إيران، وبما عُرف عنه من تشدد في الجيش الأميركي، أما إذا فاز عسكري آخر، هو الجنرال ديفيد بترايوس، بحقيبة الخارجية، فسوف يبدو من الصعب إقناع ذلك التيار أن عام 2017 المقبل سيمر بسلام.
يلفت النظر أن تيار التخوف من «تهوّر» الرئيس ترامب يقر بحقيقة أن الولايات المتحدة دولة مؤسسات، وأن القرارات الكبرى ليست خاضعة لسياسات الجالس بالمكتب البيضاوي، أو رهينة مزاجه. مع ذلك، يكاد البعض يجزم بتحديد ساعة الصفر، بمعنى التخمين بمواعيد فصلية، كالقول، مثلاً، إن خريف العام المقبل سيكون مناسبًا، لأن ترامب يكون أمضى أكثر من ستة أشهر رئيسًا، وهي مدة كافية للتحضير للحرب. حسنًا، ماذا عن روسيا؟ الجواب حاضر أيضًا، ذلك أن الرئيس فلاديمير بوتين جاهز كي يلعب مع الرئيس ترامب مباراة ودية يجري خلالها تبادل أهداف الغرض منها تقاسم النفوذ بالتفاهم، وتقسيم أرض الملعب، أي أراضي الشعوب المغلوبة على أمرها، بالتراضي بين واشنطن ترامب وموسكو بوتين، وثمة احتمال أن يحصل بعض المتأملين، مثل تركيا إردوغان، على نصيب من الغنائم، كموطئ قدم، مثلاً، في سوريا أو العراق، أو كليهما.
هل قلت سوريا والعراق؟ نعم، يا للحسرة عليهما إزاء ما حل بشعبيهما. ويا ويل ما ينتظر كل من أسهم بما أريق من دماء أطفال أبرياء بأرض دجلة والفرات، وكل من شارك في تشريد الآمنين، وتشتيت شمل آباء وأمهات. نعم ويل للمتورطين عن سابق قصد وتصميم، في مآسي المدنيين، حيثما هم، وأيًا كانت أعراقهم، من حساب يوم فصلٍ، علمُه عند خالق البشر أجمعين، بصرف النظر، شكّل الرئيس ترامب «إدارة حرب» أو لم يشكّل، ففي نهاية المطاف، ولو طال الانتظار، سوف يظهر الحق على الباطل.



الإنتاج الصناعي في السعودية يرتفع 3.4 % في نوفمبر مدفوعاً بنمو نشاط التعدين

أحد المصانع التابعة لشركة التعدين العربية السعودية (معادن) (الشرق الأوسط)
أحد المصانع التابعة لشركة التعدين العربية السعودية (معادن) (الشرق الأوسط)
TT

الإنتاج الصناعي في السعودية يرتفع 3.4 % في نوفمبر مدفوعاً بنمو نشاط التعدين

أحد المصانع التابعة لشركة التعدين العربية السعودية (معادن) (الشرق الأوسط)
أحد المصانع التابعة لشركة التعدين العربية السعودية (معادن) (الشرق الأوسط)

للشهر الثاني على التوالي، واصل الإنتاج الصناعي في السعودية ارتفاعه في نوفمبر (تشرين الثاني) الماضي، مدعوماً بنمو أنشطة التعدين والصناعات التحويلية، وفي ظل زيادة للإنتاج النفطي. إذ ارتفع مؤشر الرقم القياسي لكميات الإنتاج الصناعي 3.4 في المائة على أساس سنوي في نوفمبر، وفق بيانات أصدرتها «الهيئة العامة للإحصاء» يوم الخميس.

وبحسب البيانات، ارتفع الرقم القياسي الفرعي لنشاط التعدين واستغلال المحاجر بنسبة 1.2 في المائة في نوفمبر على أساس سنوي، بفضل زيادة مستوى إنتاج النفط الذي بلغ 8.93 مليون برميل يومياً في نوفمبر 2024 مقارنة مع 8.82 مليون برميل يومياً في الشهر نفسه من العام السابق.

وعلى أساس شهري، سجَّل مؤشر الرقم القياسي الفرعي لنشاط التعدين انخفاضاً بواقع 0.5 في المائة.

كما زاد المؤشر الفرعي لنشاط الصناعات التحويلية بنسبة 7.2 في المائة، مدعوماً بانتعاش نشاط صنع فحم الكوك والمنتجات النفطية المكررة بنسبة 17.6 في المائة، وكذلك نمو أنشطة صنع المواد الكيميائية، والمنتجات الكيميائية، وصناعة المواد الغذائية.

وكان مؤشر الإنتاج الصناعي تحوَّل للارتفاع 5 في المائة على أساس سنوي خلال أكتوبر الماضي، مدعوماً بنمو الأنشطة الاقتصادية بصفة عامة، وزيادة إنتاج النفط بعد انخفاضه 0.3 في المائة في سبتمبر (أيلول).

أما على صعيد الأداء الشهري للمؤشر الفرعي لنشاط الصناعات التحويلية، فتشير النتائج الأولية إلى انخفاض أداء المؤشر بنسبة 3.1 في المائة، متأثراً بتراجع نشاط صنع فحم الكوك والمنتجات النفطية المكررة الذي انخفض بنسبة 8.8 في المائة، ونشاط صنع المنتجات الغذائية الذي انخفض بنسبة 0.2 في المائة.