قدّم رئيس الوزراء الكويتي، الشيخ جابر المبارك الحمد الصباح، أمس استقالة حكومته لأمير الكويت الشيخ صباح الأحمد الجابر الصباح، وهو إجراء دستوري يعقب إعلان نتائج الانتخابات البرلمانية في الكويت، ويمهد الطريق لتشكيل حكومة يأمل المراقبون أن تلاقي رغبة الناخبين الكويتيين في التغيير.
وتنص المادة (57) من الدستور على استقالة الحكومة بعد إعلان نتائج الانتخابات.
واستقبل أمير البلاد الشيخ صباح الأحمد الجابر الصباح، صباح أمس، وبحضور ولي العهد الشيخ نواف الأحمد الجابر الصباح، رئيس مجلس الوزراء الشيخ جابر المبارك الحمد الصباح، حيث تسلم منه استقالة حكومته.
وقال الشيخ جابر المبارك الصباح، رئيس الحكومة المستقيل، في مستهل جلسة لمجلس الوزراء صباح أمس إن «الكويت شهدت السبت عرسًا ديمقراطيًا يؤكد التلاحم والتآزر بين أبنائها جميعًا وقيادتهم السياسية».
وأضاف أن «الكويتيين أثبتوا للعالم بما أظهرته الانتخابات وما اتسمت به من تنافس ورقي أن الممارسة الديمقراطية في المجتمع الكويتي متجذرة في أرجائه وامتداد طبيعي لتراثنا التقليدي في الشورى وتأكيد على وحدة الشعب وما يتمتع به المجتمع من أمن واستقرار».
وأشار إلى أن الانتخابات أفرزت من يمثلون الكويت في الفصل التشريعي الـ15، والذين سيتحملون عبء المشاركة في البناء والتنمية لتحقيق التطلعات والأماني لأبناء الوطن الأوفياء في المرحلة المقبلة.
ووافقت الحكومة على مرسوم دعوة مجلس الأمة الجديد للانعقاد يوم الأحد 11 ديسمبر (كانون الأول) المقبل.
وأسفرت نتائج الانتخابات النيابية الكويتية عن تغيير كبير في بنية المجلس فاق 62 في المائة، حيث خسر 30 نائبًا من بين 50 نائبًا مقاعدهم، ووصل التغيير في بعض الدوائر إلى 80 في المائة.
وأعطى الناخبون الكويتيون فرصة للشباب الذين باتوا يشكلون نحو 34 مقعدًا بما يمثل 68 في المائة من تشكيلة مجلس الأمة، وهي نسبة غير مسبوقة.
ولا يحظى المجلس الجديد بهيمنة واضحة لأي قوى سياسية بعينها، فتوازن القوى داخله ينظم العلاقة بين الأطراف المشاركة؛ وذلك قبل تشكيل الحكومة التي يصبح أعضاؤها أعضاء في المجلس، مما يمكنهم ترجيح الكفة. ويعتبر الوزراء غير المنتخبين أعضاء في هذا المجلس بحكم وظائفهم، ولا يزيد عددهم على 16 وزيرًا، مع فرصة لتشكيل تحالف يجمع النواب العائدين بعد المقاطعة (8 نواب) مع أربعة نواب للحركة الدستورية الإسلامية (الإخوان المسلمين – «حدس») ومستقلين آخرين.
وزير النفط السابق، والكاتب السياسي علي البغلي قال لـ«الشرق الأوسط» إن المطلوب من رئيس الحكومة المتوقع تكليفه، أن تتوافق خياراته مع خيارات الشعب الكويتي الذي عبّر عنها في انتخابات السبت الماضي.
ومضى البغلي يقول: «الشعب الكويتي شارك في الانتخابات بنسبة غير مسبوقة منذ عشر سنوات، ونرجو أن تكون رسالته قد وصلت. كما أن التغيير الذي طال عددًا من الوجوه بينها شخصيات مقربة من الحكومة يبعث هو الآخر رسالة محددة للحكومة».
ولاحظ البغلي أن المهم كذلك أن تعي الحكومة المقبلة أن هناك طاقة شبابية أخذت مكانها في المجلس المنتخب وبنسبة كبيرة، ونحن نعول كثيرًا على هؤلاء الشباب للدفع قدمًا لحركة الإصلاح بشكل أكثر جدية، ودفع عجلة التنمية بشكل واقعي وملموس.
وقال: «يجب أن تلاقي عملية اختيار الوزراء في الحكومة المقبلة رغبة المواطنين في التغيير، وخصوصًا في مجال الإصلاح الاقتصادي، وحل المشكلات التنموية والحدّ من الفساد».
وأضاف أن «الحكومة اليوم على المحك، فليس مطلوبًا منها أن تحدث تغيير شكليًا، بل أن يرقى التغيير للاستجابة الفعلية لطموح الناخبين. نريد أن نرى أكفاء نظيفي اليد، ذوي قدرة على اتخاذ القرار، للتصدي للتحديات التي تواجهها الكويت».
في حين قال المحلل السياسي الكويتي الدكتور عائد المناع لـ«الشرق الأوسط»: «الدور الآن على الحكومة لكي تتفاعل مع نتائج هذه الانتخابات، وتأتي بحكومة تتواكب مع هذا التغيير، وخصوصًا في احتضان القوى الشبابية القادرة على إيجاد حلول للمعضلات الاقتصادية، مع رؤية جديدة لمواجهة أزمات المنطقة السياسية».
وأكد لـ«الشرق الأوسط»، النائب خالد محمد المونس، الذي فاز بأحد مقاعد مجلس الأمة في تشكيلته الجديدة، أن تركيزه وزملائه الشباب في المجلس القادم، سينصب على التنمية في القطاعات الصحية والتعليمية والرياضية، التي وصف خدماتها بالمتدنية، ولا تناسب الكويت وشعبه، مضيفًا أن تأخر التنمية يعد مشكلة عالقة في البلاد، والأمل أن تكون بمستوى شقيقاتها دول الخليج.
وأشار إلى أن النواب الجدد، لديهم من الوعي ما يجعلهم في منأى عن الدخول في الصراعات الطائفية التي تحصل عادة بين الأعضاء، وقال إن ما جرى من تجاذبات يتحمله بعض النواب السابقين، الذين اتهمهم بأنهم كانوا يعمدون للدخول في السجالات من أجل الترويج لحملاتهم الانتخابية، ولديهم قناعة بأنهم لن ينجحوا إلا برفع الشعارات المتعصبة، مشددًا على أن ذلك ينعكس على الجمهور بشكل سلبي ويعطل مسيرة البلاد.
وعلى الرغم من أن مرسوم حل مجلس الأمة السابق الذي أصدره أمير الكويت نهاية سبتمبر (أيلول) الماضي، قد عزى السبب إلى وجود «مخاطر إقليمية»، و«تحديات أمنية» تواجهها البلاد، إلا أن المحللين أشاروا بصورة خاصة إلى الرغبة في قيام مجلس يتقاسم مع الحكومة التحديات الاقتصادية التي تواجهها البلاد، خاصة بعد أن سجلت الميزانية العامة عجزًا بلغ 4.6 مليار دينار (15.3 مليار دولار)، خلال السنة المالية 2015 - 2016، هو الأول من نوعه منذ 16 عامًا، متأثرة بتراجع أسعار النفط عالميًا، بحسب ما صرح به وزير المالية أنس الصالح، في أغسطس (آب) الماضي.
وتهيمن المشكلات الاقتصادية وبينها الحاجة لقرارات صارمة بالتقشف إلى جانب مشكلة البطالة، على اهتمام الكويتيين مما يدفع الحكومة المقبلة والمجلس الجديد لتغليب النقاش الاقتصادي على الخلافات السياسية.
الكويت: الأنظار تتجه إلى حكومة تلاقي التغيير
رئيس الوزراء يقدم استقالة حكومته
الكويت: الأنظار تتجه إلى حكومة تلاقي التغيير
لم تشترك بعد
انشئ حساباً خاصاً بك لتحصل على أخبار مخصصة لك ولتتمتع بخاصية حفظ المقالات وتتلقى نشراتنا البريدية المتنوعة