تكرار حوادث السطو على الزائرات الثريات في باريس

تتركز في طريق المطار.. ودعوات لإنشاء شرطة سياحية

هل يكون الحل بإنشاء قوات شرطة سياحية
هل يكون الحل بإنشاء قوات شرطة سياحية
TT

تكرار حوادث السطو على الزائرات الثريات في باريس

هل يكون الحل بإنشاء قوات شرطة سياحية
هل يكون الحل بإنشاء قوات شرطة سياحية

أسابيع قلائل تفصل بين واقعة الهجوم الذي تعرضت له النجمة الأميركية كيم كارداشيان وسرقة جواهرها في فندق باريسي، وحادث السطو على طريق مطار «لو بورجيه» الذي تعرضت له سائحتان قطريتان، ليل الاثنين الماضي. وبين الخبرين اللذين تصدرا النشرات، حادثة ثالثة تعرضت لها سائحة ثرية من تايوان. من هنا ظهرت الدعوة لتخصيص قوة من الشرطة لحماية الأماكن السياحية بعد أن باتت سمعة فرنسا مقصدًا عالميًا أول للسياح، مهددة بخطر حقيقي.
يلفت النظر أن الطريق السريعة المؤدية إلى شمال باريس تكاد تجمع لوحدها سلسلة من حوادث السطو التي حولتها إلى بقعة خطرة تليق بعواصم المافيا في القرن الماضي وليس كمرفق أساسي للمواصلات في مدينة النور. وقبل التطرق إلى ما سبق من مغامرات على هذه الطريق، لا بد من التوقف عند مساء الرعب الذي مرت به شقيقتان من قطر، تجاوزتا الستين من العمر. فقد كانت السائحتان اللتان حطت طائرتهما في مطار «لو بورجيه» الخاص، تستقلان سيارة من نوع «بنتلي» مع سائق، في الطريق إلى باريس، عندما حاذتهما سيارة أجبرت سائقهما على التوقف عند محطة للخدمات. وبمساعدة الغاز المسيل للدموع تمكن المهاجمان من فتح صندوق السيارة الفخمة والاستيلاء على ما فيه من حقائب ثياب وجواهر تقدر قيمتها بأكثر من 5 ملايين يورو.
وفي حين لم تتقدم الضحيتان بشكوى فور الحادث فإن السائق هو وحده من أدلى بشهادته لمحققي وحدة مكافحة الجريمة المنظمة. ونظرًا لوجود سوابق وحوادث مشابهة على تلك الطريق ذاتها، يجمع المحققون على أن تلك السرقات لم تكن تحدث بمحض الصدفة. ولهذا، فإن من الطبيعي أن تدور الشبهات حول عصابة تتشابك فيها عدة جهات، منها ما يتولى تأجير السيارات الفخمة لسياح أثرياء، أو تأمين الحراسة لهم، أو الاطلاع على مواعيد نزول طائراتهم، أو حجوزاتهم في الفنادق. وبات من المؤكد أن هناك من يسرب هذا النوع من المعلومات التفصيلية إلى عصابات معينة تضم مجرمين محترفين ومدربين، مع عدم استبعاد ضلوع مستخدمين في المطار معها، وهو مطار صغير تحط فيه الطائرات الخاصة أو الرسمية، قد يكون بينهم فرد أو أكثر من الشرطة.
إذن هي ليست المرة الأولى. ففي ربيع العام الماضي وعلى محور المواصلات الخارجية ذاته، سطا لصوص على ما قيمته 5 ملايين يورو من جواهر ممهورة بتوقيع دار «شانيل» للأزياء كانت بحوزة جامعة تحف ألمانية. ووقعت الحادثة عندما كانت تتجه من مطار شارل ديغول والعاصمة في سيارة أجرة. وعند توقف السيارة في منطقة ازدحام مروري محاذية لضاحية «سان دوني»، هاجمها «رجال وكسروا زجاج النافذة الخلفية وانتزعوا الحقيبة من صاحبتها. وكان من ضمن المسروقات خاتم سعره 1.7 مليون يورو. وفي صيف 2014، هاجم مجهولون سيارة سائح سعودي، قيل وقتها إنه أمير، كان متجهًا نحو مطار «لو بورجيه»، وذلك بمحاذاة مخرج «بورت دو لاشابيل». والحصيلة 250 ألف يورو. وفي فبراير (شباط) من عام 2010، تعرضت كريستينا شيرنوفتسكا، ابنة عمدة كييف، عاصمة أوكرانيا، لسرقة مماثلة حيث استولى المهاجمون على حقيبة تحتوي على جواهرها من خواتم وأقراط قدرت قيمتها بنحو 4.5 مليون يورو. أما آخر الحوادث، قبل السائحتين القطريتين، فقد جرت الشهر الماضي. وكان ضحيتها رجل الأعمال فيليب غينيستيه، رئيس شركة «غيفي» وزوجته. فبينما كانت سيارته متجهة إلى الطريق السريع «أي 1»، تعرض لصدمة خلفية من سيارة يستقلها ثلاثة رجال ملثمين تمكنوا من سرقة حقائب الزوجين وفيها جواهر ونقود بنحو من 100 ألف يورو.
ومع انتشار حوادث مهاجمة 27 سائحة صينية عند بوابة فندقهن في ضاحية باريس الشمالية المحاذية لمطار شارل ديغول، صيف هذا العام، ثم حادثة كيم كارداشيان التي اهتمت بها وسائل الإعلام العالمية، تواجه الجهات الأمنية الفرنسية اتهامات بالتقصير، مما أدى إلى تراجع السياحة ومطالبة اتحاد المرافق التجارية والفندقية بتأسيس دوريات لحماية المناطق السياحية والأحياء التجارية.



ستيف بركات لـ«الشرق الأوسط»: أصولي اللبنانية تتردّد أبداً في صدى موسيقاي

عازف البيانو ستيف بركات ينسج موسيقاه من جذوره اللبنانية     -   ستيف بركات يؤمن بالموسيقى لغة عالمية توحّد الشعوب (الشرق الأوسط)
عازف البيانو ستيف بركات ينسج موسيقاه من جذوره اللبنانية - ستيف بركات يؤمن بالموسيقى لغة عالمية توحّد الشعوب (الشرق الأوسط)
TT

ستيف بركات لـ«الشرق الأوسط»: أصولي اللبنانية تتردّد أبداً في صدى موسيقاي

عازف البيانو ستيف بركات ينسج موسيقاه من جذوره اللبنانية     -   ستيف بركات يؤمن بالموسيقى لغة عالمية توحّد الشعوب (الشرق الأوسط)
عازف البيانو ستيف بركات ينسج موسيقاه من جذوره اللبنانية - ستيف بركات يؤمن بالموسيقى لغة عالمية توحّد الشعوب (الشرق الأوسط)

ستيف بركات عازف بيانو كندي من أصل لبناني، ينتج ويغنّي ويلحّن. لفحه حنين للجذور جرّه إلى إصدار مقطوعة «أرض الأجداد» (Motherland) أخيراً. فهو اكتشف لبنان في وقت لاحق من حياته، وينسب حبّه له إلى «خيارات مدروسة وواعية» متجذرة في رحلته. من اكتسابه فهماً متيناً لهويته وتعبيره عن الامتنان لما منحه إياه الإرث من عمق يتردّد صداه كل يوم، تحاوره «الشرق الأوسط» في أصله الإنساني المنساب على النوتة، وما أضفاه إحساسه الدفين بالصلة مع أسلافه من فرادة فنية.
غرست عائلته في داخله مجموعة قيم غنية استقتها من جذورها، رغم أنه مولود في كندا: «شكلت هذه القيم جزءاً من حياتي منذ الطفولة، ولو لم أدركها بوعي في سنّ مبكرة. خلال زيارتي الأولى إلى لبنان في عام 2008. شعرتُ بلهفة الانتماء وبمدى ارتباطي بجذوري. عندها أدركتُ تماماً أنّ جوانب عدة من شخصيتي تأثرت بأصولي اللبنانية».
بين كوبنهاغن وسيول وبلغراد، وصولاً إلى قاعة «كارنيغي» الشهيرة في نيويورك التي قدّم فيها حفلاً للمرة الأولى، يخوض ستيف بركات جولة عالمية طوال العام الحالي، تشمل أيضاً إسبانيا والصين والبرتغال وكوريا الجنوبية واليابان... يتحدث عن «طبيعة الأداء الفردي (Solo) التي تتيح حرية التكيّف مع كل حفل موسيقي وتشكيله بخصوصية. فالجولات تفسح المجال للتواصل مع أشخاص من ثقافات متنوعة والغوص في حضارة البلدان المضيفة وتعلّم إدراك جوهرها، مما يؤثر في المقاربة الموسيقية والفلسفية لكل أمسية».
يتوقف عند ما يمثله العزف على آلات البيانو المختلفة في قاعات العالم من تحدٍ مثير: «أكرّس اهتماماً كبيراً لأن تلائم طريقة عزفي ضمانَ أفضل تجربة فنية ممكنة للجمهور. للقدرة على التكيّف والاستجابة ضمن البيئات المتنوّعة دور حيوي في إنشاء تجربة موسيقية خاصة لا تُنسى. إنني ممتنّ لخيار الجمهور حضور حفلاتي، وهذا امتياز حقيقي لكل فنان. فهم يمنحونني بعضاً من وقتهم الثمين رغم تعدّد ملاهي الحياة».
كيف يستعد ستيف بركات لحفلاته؟ هل يقسو عليه القلق ويصيبه التوتر بإرباك؟ يجيب: «أولويتي هي أن يشعر الحاضر باحتضان دافئ ضمن العالم الموسيقي الذي أقدّمه. أسعى إلى خلق جو تفاعلي بحيث لا يكون مجرد متفرج بل ضيف عزيز. بالإضافة إلى الجانب الموسيقي، أعمل بحرص على تنمية الشعور بالصداقة الحميمة بين الفنان والمتلقي. يستحق الناس أن يلمسوا إحساساً حقيقياً بالضيافة والاستقبال». ويعلّق أهمية على إدارة مستويات التوتّر لديه وضمان الحصول على قسط كافٍ من الراحة: «أراعي ضرورة أن أكون مستعداً تماماً ولائقاً بدنياً من أجل المسرح. في النهاية، الحفلات الموسيقية هي تجارب تتطلب مجهوداً جسدياً وعاطفياً لا تكتمل من دونه».
عزف أناشيد نالت مكانة، منها نشيد «اليونيسف» الذي أُطلق من محطة الفضاء الدولية عام 2009 ونال جائزة. ولأنه ملحّن، يتمسّك بالقوة الهائلة للموسيقى لغة عالمية تنقل الرسائل والقيم. لذا حظيت مسيرته بفرص إنشاء مشروعات موسيقية لعلامات تجارية ومؤسسات ومدن؛ ومعاينة تأثير الموسيقى في محاكاة الجمهور على مستوى عاطفي عميق. يصف تأليف نشيد «اليونيسف» بـ«النقطة البارزة في رحلتي»، ويتابع: «التجربة عزّزت رغبتي في التفاني والاستفادة من الموسيقى وسيلة للتواصل ومتابعة الطريق».
تبلغ شراكته مع «يونيفرسال ميوزيك مينا» أوجها بنجاحات وأرقام مشاهدة عالية. هل يؤمن بركات بأن النجاح وليد تربة صالحة مكوّنة من جميع عناصرها، وأنّ الفنان لا يحلّق وحده؟ برأيه: «يمتد جوهر الموسيقى إلى ما وراء الألحان والتناغم، ليكمن في القدرة على تكوين روابط. فالنغمات تمتلك طاقة مذهلة تقرّب الثقافات وتوحّد البشر». ويدرك أيضاً أنّ تنفيذ المشاريع والمشاركة فيها قد يكونان بمثابة وسيلة قوية لتعزيز الروابط السلمية بين الأفراد والدول: «فالثقة والاهتمام الحقيقي بمصالح الآخرين يشكلان أسس العلاقات الدائمة، كما يوفر الانخراط في مشاريع تعاونية خطوات نحو عالم أفضل يسود فيه الانسجام والتفاهم».
بحماسة أطفال عشية الأعياد، يكشف عن حضوره إلى المنطقة العربية خلال نوفمبر (تشرين الثاني) المقبل: «يسعدني الوجود في منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا كجزء من جولة (Néoréalité) العالمية. إنني في مرحلة وضع اللمسات الأخيرة على التفاصيل والتواريخ لنعلن عنها قريباً. تملؤني غبطة تقديم موسيقاي في هذا الحيّز النابض بالحياة والغني ثقافياً، وأتحرّق شوقاً لمشاركة شغفي وفني مع ناسه وإقامة روابط قوامها لغة الموسيقى العالمية».
منذ إطلاق ألبومه «أرض الأجداد»، وهو يراقب جمهوراً متنوعاً من الشرق الأوسط يتفاعل مع فنه. ومن ملاحظته تزايُد الاهتمام العربي بالبيانو وتعلّق المواهب به في رحلاتهم الموسيقية، يُراكم بركات إلهاماً يقوده نحو الامتنان لـ«إتاحة الفرصة لي للمساهمة في المشهد الموسيقي المزدهر في الشرق الأوسط وخارجه».
تشغله هالة الثقافات والتجارب، وهو يجلس أمام 88 مفتاحاً بالأبيض والأسود على المسارح: «إنها تولّد إحساساً بالعودة إلى الوطن، مما يوفر ألفة مريحة تسمح لي بتكثيف مشاعري والتواصل بعمق مع الموسيقى التي أهديها إلى العالم».