ليبيا: سفيرا أميركا وبريطانيا يغازلان المشير حفتر للمرة الأولى

نبرة سياسية ودبلوماسية مختلفة بعد انتصارات الجيش في بنغازي

نائب رئيس المجلس الرئاسي الليبي أحمد معيتيق يصافح وزير خارجية إيطاليا باولو جينتلوني خلال لقائهما بقصر فارنسينا في روما أمس (إ.ب.أ)
نائب رئيس المجلس الرئاسي الليبي أحمد معيتيق يصافح وزير خارجية إيطاليا باولو جينتلوني خلال لقائهما بقصر فارنسينا في روما أمس (إ.ب.أ)
TT

ليبيا: سفيرا أميركا وبريطانيا يغازلان المشير حفتر للمرة الأولى

نائب رئيس المجلس الرئاسي الليبي أحمد معيتيق يصافح وزير خارجية إيطاليا باولو جينتلوني خلال لقائهما بقصر فارنسينا في روما أمس (إ.ب.أ)
نائب رئيس المجلس الرئاسي الليبي أحمد معيتيق يصافح وزير خارجية إيطاليا باولو جينتلوني خلال لقائهما بقصر فارنسينا في روما أمس (إ.ب.أ)

بدا أمس أن اقتراب قوات الجيش الوطني في ليبيا من حسم المعارك العسكرية ضد المتطرفين في مدينة بنغازي بالمنطقة الشرقية، سيغير الكثير من المواقف السياسية والدبلوماسية لأطراف طالما نظرت بعداء، أو بعدم رضا إلى استمرار المشير خليفة حفتر في منصبه كقائد عام للجيش الموالي للسلطات الشرعية في البلاد.
ولم يتوقف الغزل، الذي ساد اللهجة الجديدة عند مارتن كوبلر رئيس بعثة الأمم المتحدة لدى ليبيا، والذي رأى في تغريدة له عبر «تويتر» أن «الجيش الوطني الليبي يتكبد خسائر مؤلمة في الأرواح في سبيل محاربة الإرهاب في بنغازي محققا تقدما مهما»، معتبرا أن القضاء على الإرهاب لمصلحة جميع الليبيين، بل تخطاه إلى مبعوثي بريطانيا والولايات المتحدة أيضا.
فقد لفت جوناثان وينر، المبعوث الأميركي الخاص لدى ليبيا، إلى أن جنود الجيش الوطني الليبي يقدمون ما وصفه بتضحيات صعبة، مشيرا إلى تقارير تحدثت عن سقوط 60 ما بين قتيل وجريح في معارك مكافحة الإرهاب في بنغازي.
ومن جهته، قال بيتر ميليت سفير بريطانيا إن «الجيش الوطني الليبي يحـرر ضاحية القوارشة في بنغازي من داعش وأنصار الشريعة»، مقدما في تغريدة عبر «تويتر» أيضا تعازيه لمن وصفهم بـ«شهداء» الجيش الذين ضحوا من أجل ليبيا.
وتعتبر هذه ربما المرة الأولى التي يصف فيها المبعوثون الثلاثة الجيش الذي يقوده حفتر بأنه «الجيش الوطني الليبي»، كما أنها سابقة أولى أيضا بحديثهم عن «تضحيات الجيش ونضاله لتحرير البلاد من قبضة الإرهاب».
من جانبه، أشاد مجلس النواب الليبي بتحرير القوارشة، التي اعتبرها من أهم معاقل الإرهابيين والمتطرفين، بهمم الأبطال وبعزيمة الرجال، رغم قلة الإمكانات وحظر السلاح المفروض جورا من العالم على الجيش. وقال المجلس في بيان له: «نبارك إلى شعبنا الليبي العظيم وللقيادة العامة ولكل منتسبي القوات المسلحة هذه الانتصارات ونشد على أياديهم لاستكمال تحرير بنغازي وكافة تراب الوطن».
وعلى الأرض، قالت مصادر عسكرية لـ«الشرق الأوسط» إن الإعلان الكامل والمنتظر عن تحرير بنغازي بات وشيكا، لكنها لم تحدد موعدا رسميا بانتظار أن يتمكن الجيش من القضاء على المتطرفين الذين يتحصنون في منطقة قنفودة.
وقال العقيد أحمد المسماري، الناطق الرسمي باسم الجيش، إنه سيتم قريبا إعلان تحرير كامل المنطقة الغربية من بنغازي، مؤكدا في مؤتمر صحافي، عقده مساء أول من أمس في بنغازي، أن العمليات العسكرية بالمدينة لن تتوقف حتى يتم اجتثاث الإرهاب منها، وقال إن «التاريخ سيسجل أن القوات المسلحة الليبية هي أول من أعلنت الحرب على الإرهاب في منطقة حوض البحر المتوسط»، على حد تعبيره.
وبسطت قوات الجيش الليبي قبل يومين سيطرتها على أحد المعاقل الأخيرة للفصائل المسلحة، التي يتحصن بها المتطرفون، حيث استؤنف القتال في حي قنفودة جنوب غربي بنغازي وحي القوارشة القريب.
وقال المسماري لوكالة رويترز إن «قوات الجيش الليبي حررت منطقة القوارشة وقواتنا وجدت خمس عشرة جثة تابعة للمجموعات الإرهابية». فيما شنت طائرات تابعة للجيش أيضا غارات جوية على حي قنفودة وحي الصابري، كما أحبط الجيش عملية انتحارية تلت انفجار لغم في القوارشة.
من جهة أخرى، أعلنت رئاسة الجمهورية الإيطالية أن الوضع في ليبيا وسوريا والعراق، إلى جانب إعادة إطلاق نظام دفاع أوروبي مشترك، ستكون على جدول اجتماع المجلس الأعلى للدفاع، الذي دعا لعقده الرئيس الإيطالي سيرجو ماتّريلا، الخميس المقبل.
ونقلت وكالة «أكي» الإيطالية عن مذكرة صدرت عن قصر الرئاسة الإيطالي أن «جدول الأعمال الرسمي ينطوي على الوضع الراهن والتطورات المحتملة للأزمة في ليبيا، خاصة وجهات نظر حكومة الوفاق الوطني التي يترأسها فائز السراج، ومخاطر زيادة زعزعة الاستقرار ونشوب صراع داخلي، وخط العمل الدبلوماسي والعسكري الإيطالي، على المستوى الثنائي وفي إطار المجتمع الدولي».
وأعلنت وزارة الخارجية الإيطالية في بيان لها أمس أن الحوار الاقتصادي الليبي الثاني الذي تم عقده في روما أول من أمس أحرز ما وصفته بخطوات تقدّم باتجاه توفير قدر أكبر من الأمن للسكان، واستئناف العمل في ظلّ سياسة اقتصادية وضرائبية مشتركة، مشيرة إلى أن القدرة التنافسية للاقتصاد والعملة الليبية، واستئناف تصدير النفط تشكّل عوامل أساسية لتخطّي المصاعب التي تواجهها البلاد اليوم.
وحضر الحوار الذي انطلق إثر اجتماع جرى في لندن الشهر الماضي بمبادرة إيطالية - أميركية، محافظ بنك ليبيا المركزي ومارتن كوبلر الممثّل الخاص للأمم المتحدة، وممثلون عن صندوق النقد الدولي، والمصرف العالمي، والولايات المتحدة، وفرنسا وبريطانيا.
وقالت الخارجية الإيطالية في البيان الذي بثه موقعها الإلكتروني الرسمي إن اجتماع روما سمح بتحديد مخطّط يضمّ الخطوات العملية الواجب تحقيقها على أساس برنامج توقيتي وافق عليه المجتمعون المشاركون في اللقاء، وهو يتعلّق بالموافقة على موازنة البلاد لعام 2017 في مهلة لا تتخطى مطلع شهر ديسمبر (كانون الأول) المقبل، بالإضافة إلى آلية تنسيق مؤسساتية بين الحكومة والبنك المركزي. وأكد وزير الخارجية الإيطالي باولو جينتيلوني عقب اجتماعه مع أحمد معيتيق، نائب السراج، على دعم إيطاليا للاتفاق السياسي الليبي والمؤسسات الرسمية المنبثقة عنه».
وانزلقت ليبيا في أتون الاضطرابات السياسية والصراع بعد الإطاحة بنظام حكم العقيد الراحل معمر القذافي في انتفاضة قبل خمس سنوات. وفي 2014 شُكل برلمانان وحكومتان متنافستان في طرابلس وشرق ليبيا، وكلاهما تدعمه تحالفات فضفاضة من جماعات مسلحة، وتعارض حكومة الشرق المدعومة من الجيش الوطني الليبي تلك التي تساندها الأمم المتحدة والتي وصلت إلى العاصمة طرابلس في مارس (آذار) الماضي برئاسة السراج.



انخفاض شديد في مستويات دخل الأسر بمناطق الحوثيين

فتاة في مخيم مؤقت للنازحين اليمنيين جنوب الحُديدة في 4 يناير الحالي (أ.ف.ب)
فتاة في مخيم مؤقت للنازحين اليمنيين جنوب الحُديدة في 4 يناير الحالي (أ.ف.ب)
TT

انخفاض شديد في مستويات دخل الأسر بمناطق الحوثيين

فتاة في مخيم مؤقت للنازحين اليمنيين جنوب الحُديدة في 4 يناير الحالي (أ.ف.ب)
فتاة في مخيم مؤقت للنازحين اليمنيين جنوب الحُديدة في 4 يناير الحالي (أ.ف.ب)

بموازاة استمرار الجماعة الحوثية في تصعيد هجماتها على إسرائيل، واستهداف الملاحة في البحر الأحمر، وتراجع قدرات المواني؛ نتيجة الردِّ على تلك الهجمات، أظهرت بيانات حديثة وزَّعتها الأمم المتحدة تراجعَ مستوى الدخل الرئيسي لثُلثَي اليمنيين خلال الشهر الأخير من عام 2024 مقارنة بالشهر الذي سبقه، لكن هذا الانخفاض كان شديداً في مناطق سيطرة الجماعة المدعومة من إيران.

ووفق مكتب الأمم المتحدة لتنسيق الشؤون الإنسانية، فقد واجهت العمالة المؤقتة خارج المزارع تحديات؛ بسبب طقس الشتاء البارد، ونتيجة لذلك، أفاد 65 في المائة من الأسر التي شملها الاستطلاع بانخفاض في دخلها الرئيسي مقارنة بشهر نوفمبر (تشرين الثاني) الماضي والفترة نفسها من العام الماضي، وأكد أن هذا الانخفاض كان شديداً بشكل غير متناسب في مناطق الحوثيين.

وطبقاً لهذه البيانات، فإن انعدام الأمن الغذائي لم يتغيَّر في المناطق الخاضعة لسيطرة الحكومة اليمنية، بينما انخفض بشكل طفيف في المناطق الخاضعة لسيطرة الحوثيين؛ نتيجة استئناف توزيع المساعدات الغذائية هناك.

الوضع الإنساني في مناطق الحوثيين لا يزال مزرياً (الأمم المتحدة)

وأظهرت مؤشرات نتائج انعدام الأمن الغذائي هناك انخفاضاً طفيفاً في صنعاء مقارنة بالشهر السابق، وعلى وجه التحديد، انخفض الاستهلاك غير الكافي للغذاء من 46.9 في المائة في نوفمبر إلى 43 في المائة في ديسمبر (كانون الأول) الماضي.

وضع متدهور

على النقيض من ذلك، ظلَّ انعدام الأمن الغذائي في المناطق الخاضعة لسيطرة الحكومة اليمنية دون تغيير إلى حد كبير، حيث ظلَّ الاستهلاك غير الكافي للغذاء عند مستوى مرتفع بلغ 52 في المائة، مما يشير إلى أن نحو أسرة واحدة من كل أسرتين في تلك المناطق تعاني من انعدام الأمن الغذائي.

ونبّه المكتب الأممي إلى أنه وعلى الرغم من التحسُّن الطفيف في المناطق الخاضعة لسيطرة الحوثيين، فإن الوضع لا يزال مزرياً، على غرار المناطق الخاضعة لسيطرة الحكومة، حيث يعاني نحو نصف الأسر من انعدام الأمن الغذائي (20 في المائية من السكان) مع حرمان شديد من الغذاء، كما يتضح من درجة استهلاك الغذاء.

نصف الأسر اليمنية يعاني من انعدام الأمن الغذائي في مختلف المحافظات (إعلام محلي)

وبحسب هذه البيانات، لم يتمكَّن دخل الأسر من مواكبة ارتفاع تكاليف سلال الغذاء الدنيا، مما أدى إلى تآكل القدرة الشرائية، حيث أفاد نحو ربع الأسر التي شملها الاستطلاع في مناطق الحكومة بارتفاع أسعار المواد الغذائية كصدمة كبرى، مما يؤكد ارتفاع أسعار المواد الغذائية الاسمية بشكل مستمر في هذه المناطق.

وذكر المكتب الأممي أنه وبعد ذروة الدخول الزراعية خلال موسم الحصاد في أكتوبر (تشرين الأول) ونوفمبر، الماضيين، شهد شهر ديسمبر أنشطةً زراعيةً محدودةً، مما قلل من فرص العمل في المزارع.

ولا يتوقع المكتب المسؤول عن تنسيق العمليات الإنسانية في اليمن حدوث تحسُّن كبير في ملف انعدام الأمن الغذائي خلال الشهرين المقبلين، بل رجّح أن يزداد الوضع سوءاً مع التقدم في الموسم.

وقال إن هذا التوقع يستمر ما لم يتم توسيع نطاق المساعدات الإنسانية المستهدفة في المناطق الأكثر عرضة لانعدام الأمن الغذائي الشديد.

تحديات هائلة

بدوره، أكد المكتب الإنمائي للأمم المتحدة أن اليمن استمرَّ في مواجهة تحديات إنسانية هائلة خلال عام 2024؛ نتيجة للصراع المسلح والكوارث الطبيعية الناجمة عن تغير المناخ.

وذكر أن التقديرات تشير إلى نزوح 531 ألف شخص منذ بداية عام 2024، منهم 93 في المائة (492877 فرداً) نزحوا بسبب الأزمات المرتبطة بالمناخ، بينما نزح 7 في المائة (38129 فرداً) بسبب الصراع المسلح.

نحو مليون يمني تضرروا جراء الفيضانات منتصف العام الماضي (الأمم المتحدة)

ولعبت آلية الاستجابة السريعة متعددة القطاعات التابعة للأمم المتحدة، بقيادة صندوق الأمم المتحدة للسكان، وبالشراكة مع برنامج الأغذية العالمي و«اليونيسيف» وشركاء إنسانيين آخرين، دوراً محورياً في معالجة الاحتياجات الإنسانية العاجلة الناتجة عن هذه الأزمات، وتوفير المساعدة الفورية المنقذة للحياة للأشخاص المتضررين.

وطوال عام 2024، وصلت آلية الاستجابة السريعة إلى 463204 أفراد، يمثلون 87 في المائة من المسجلين للحصول على المساعدة في 21 محافظة يمنية، بمَن في ذلك الفئات الأكثر ضعفاً، الذين كان 22 في المائة منهم من الأسر التي تعولها نساء، و21 في المائة من كبار السن، و10 في المائة من ذوي الإعاقة.

وبالإضافة إلى ذلك، تقول البيانات الأممية إن آلية الاستجابة السريعة في اليمن تسهم في تعزيز التنسيق وكفاءة تقديم المساعدات من خلال المشاركة النشطة للبيانات التي تم جمعها من خلال عملية الآلية وتقييم الاحتياجات.