مهرجان القاهرة السينمائي.. مئات الضيوف والأفلام ومعارك جانبية

الدورة الـ28 تعلن الحداد على روح محمود عبد العزيز

وزير الثقافة المصري حلمي النمنم يكرم الفنان أحمد حلمي في حفل افتتاح مهرجان القاهرة السينمائي  - الفيلم السعودي  «بركة يقابل بركة» يشارك في «آفاق السينما العربية»  - الفيلم المصري «لحظات انتحارية» للمخرجة إيمان النجار (الشرق الأوسط)
وزير الثقافة المصري حلمي النمنم يكرم الفنان أحمد حلمي في حفل افتتاح مهرجان القاهرة السينمائي - الفيلم السعودي «بركة يقابل بركة» يشارك في «آفاق السينما العربية» - الفيلم المصري «لحظات انتحارية» للمخرجة إيمان النجار (الشرق الأوسط)
TT

مهرجان القاهرة السينمائي.. مئات الضيوف والأفلام ومعارك جانبية

وزير الثقافة المصري حلمي النمنم يكرم الفنان أحمد حلمي في حفل افتتاح مهرجان القاهرة السينمائي  - الفيلم السعودي  «بركة يقابل بركة» يشارك في «آفاق السينما العربية»  - الفيلم المصري «لحظات انتحارية» للمخرجة إيمان النجار (الشرق الأوسط)
وزير الثقافة المصري حلمي النمنم يكرم الفنان أحمد حلمي في حفل افتتاح مهرجان القاهرة السينمائي - الفيلم السعودي «بركة يقابل بركة» يشارك في «آفاق السينما العربية» - الفيلم المصري «لحظات انتحارية» للمخرجة إيمان النجار (الشرق الأوسط)

عام بعد عام ترتفع النبضات ذاتها وتتعدد الآراء وتتنوع. البهجة التي تسيطر عادة على الجميع يثقبها قصور هنا أو هناك. تعثر في تنفيذ أحد المهام أو أكثر. خطة جيدة لم تكتمل أو لم تخرج إلى النور كما تُوخي لها. هذا كان رأي أكثر من فريق من ضيوف الدورة الثامنة والعشرين التي انطلقت في الخامس عشر من هذا الشهر وتستمر حتى الرابع والعشرين منه. وهو رأي ناتج عن اختلاف في الآراء بين من يقول إن حفل الافتتاح جاء أفضل من الدورات، وبين من يقول إنه جاء باهتًا ولم يجر التخطيط له.
بدأ كل شيء بنقل الضيوف قبل ثلاث ساعات من الافتتاح. حسب شاهد عيان، بدأت السيارات بنقل الضيوف من الفندق إلى دار الأوبرا في الساعة الخامسة، بينما الافتتاح حدد له تمام الثامنة. وحسب آخر: «انتظرنا لثلاث ساعات قضينا معظمها خارج القاعة بعدما تم تحديد الساعة الخامسة للانطلاق».
ما إن بدأ كل شيء (متأخرا عشر دقائق فقط) لوحظ أن حركة الأشخاص الذين صعدوا المسرح تحركوا يمينًا ويسارًا من دون معرفة أين مكان وقوفهم المحدد. بعضهم صعد المنصّة ووقف في الصف الذي ضم وزير الثقافة حلمي النمنم ورئيسة المهرجان ماجدة واصف ومديره الفني يوسف شريف رزق الله وعدد آخر من الضيوف والمسؤولين، ثم أراد إلقاء كلمة (لم يُدع إليها) فخرج من صفّه واتجه إلى الميكروفون وألقى ما يريد. لم يحدث هذا مرّة واحدة بل مرتين على الأقل.

أقسام جاذبة

كلمة وزير الثقافة كانت من سطر واحد محسوب لأن الغاية ليست إلقاء الخطب. بذلك خرج عن تقليد طالما شكونا منه دام طويلاً في معظم المهرجانات العربية. كذلك لم يلق أحد كلمة طويلة وهذا أيضًا حافظ على وتيرة حيّة وإيقاع عمل جيد. لكنه لم يعوض حاجة الإدارة إلى إجراء تمارين عادة ما يستعد لها المشرفون قبل أسبوع على الأقل وصولاً لإحياء نسخة كاملة وصحيحة عن الحفلة بحيث لا تقع فيها مفاجآت تنغص نظامها.
وهذا ليس كل شيء داهم المهرجان في مطلعه. الصحف المحلية عقّبت على مفارقة قيام المهرجان بإعلان الحداد على روح الممثل الراحل محمود عبد العزيز. وأجمعت على أن الاحتفاء بفنان عزيز على قلوب الجماهير والسينمائيين العرب لا يعني إعلان حداد مهرجان هو في الأصل حفل يُقصد به البهجة ولا يمكن له أن يُقام من دونها.
لكنها العاطفة، إذا أردت، أو مجرد صدفة وفاة الراحل قبل ثلاثة أيام من المهرجان وصدور نعي رسمي لم يصدر مثله عن راحلين آخرين سابقين. هذه العناصر هي ما يبدو دفعت المهرجان لكي يعتقد أن إعلان الحداد في يوم الافتتاح هو واجب ما.
عدا ذلك، كل شيء يبدو على أتم استعداد للانطلاق صوب دورة حافلة: نحو 300 ضيف وقرابة 250 فيلمًا طويلاً، يُعرض أربعون منها في أول أيام المهرجان ومن بينها أيضًا 47 فيلمًا تحمل شعار «للكبار فقط» مع أقسام حافلة تتقدمها المسابقة ويوازيها قسم لأفلام خارج المسابقة وآخر لبانوراما عالمية وثالث بعنوان «مهرجان المهرجانات» وفي كيان مستقل إلى حد هناك تظاهرة «آفاق السينما العربية» و«سينما الغد» من بين أخرى.
ليس واضحًا بعض الفروق بين هذه التظاهرات. مثلاً ما الذي يميّز «بانوراما السينما العالمية» عن «مهرجان المهرجانات» خصوصًا وأن التظاهرة الأولى تحتوي على أفلام سبق لها الاشتراك في مهرجانات أخرى.
لكن من الطبيعي، في الوقت ذاته، أن تكون هناك أقسام أكثر جذبًا للجمهور من أقسام أخرى. على سبيل المثال، أفلام المسابقة محط اهتمام غالبية الضيوف والجمهور المحلي، كذلك النافذة المهمة التي يفتحها المهرجان أمام الجميع المتمثلة بعرض خمسة أفلام مصرية جديدة في قسم «أفلام مصرية جديدة». وعلى المستوى نفسه سيشهد قسم «آفاق السينما العربية»، المقام للمرة الثالثة، اهتماما موازيًا كونه نافذة عرض للأفلام العربية ويفتتحه فيلم مصري جديد آخر هو «لحظات انتحارية» لإيمان النجار.

أفلام المسابقة

المسابقة الرسمية تبقى الإعلان الأهم لأي مهرجان. الواجهة التي يرقبها النقاد (نقاد السينما أو نقاد إعلاميون أو سواهم) لكي تكون أيضًا واجهة أحكامهم. وهي تحوي هذا العام على ستة عشر فيلمًا تم جمعها بعناية. في مقدّمتها فيلم المخرجة كاملة أبو ذكري «يوم للستات» الذي تم افتتاح هذه الدورة به.
وهناك فيلم مصر آخر يتنافس على الفوز بالهرم الذهبي عنوانه «البر الثاني» (ولو أن ترجمته الإنجليزية المختارة تعني «البر الآخر») وهو جديد المخرج علي إدريس.
وتشمل المسابقة «زوجة صالحة» لميرجانا كارانوفيتش من نتاج بوسني / صربي / كرواتي مشترك. و«حياة آنا» لنينو باسيليا (جورجيا) و«حكايات قريتي» كريم طرايدة (الجزائر) و«كلاب» ليوجدان ميريكا (فرنسا، رومانيا، بلغاريا)، «قتلة على كراسي متحركة» لأتيلا تِل (المجر)، «جاكوب الصغير» لماريوس ليلينيسكي (بولندا)، «ميموزا» لأوليفر لاكس (إسبانيا، المغرب)، «غرباء كليًا» لباولو جينوفيزي (إيطاليا)، «أحد للتحدث إليه» ليولين ليو (الصين)، «الممر الضيق» لساتيش بابوسينان (الهند). بالإضافة اشتراكات أخرى متسابقة من إستونيا («الفتى القطبي» لأنو أون)، واليونان، وفرنسا («استراحة قصيرة» لديلفين ومورييل كولان)، والبرتغال، وموزمبيق، وجنوب أفريقيا («قطار الملح والسكر» لليسينو أزيڤيدو)، وجمهورية التشيك («لسنا بمفردنا أبدًا» لبيتر فالكلاف.
ما يلاحظ هنا غياب أي فيلم عربي في المسابقة باستثناء الفيلمين المصريين المذكورين. وربما السبب كامن في أن الغالبية باتت تفضل الاشتراك في مهرجان دبي الذي بات على مرمى حجر من الآن.
هذا الغياب يعوضه «آفاق السينما العربية» إذ يعرض، لجانب فيلم افتتاحه «لحظات انتحارية» و«بركة يقابل بركة» (السعودية) و«أفراح صغيرة» (المغرب) و«حزام» (الجزائر) من بين ما مجموعه ثمانية أفلام.
طبعًا ساد الحديث عن دخول وخروج فيلم «آخر أيام المدينة» لتامر السعيد المسابقة. وأثار ذلك ضجة كبيرة كون الإعلاميين انقسموا فيما بينهم حياله. وكان المهرجان قد طلب الفيلم للعرض داخل المسابقة شريطة أن يتوقف المخرج عن عرضه في المهرجانات الأخرى، لكن - وحسب إدارة المهرجان، لم يتم تنفيذ هذا الشرط فقام المهرجان بسحبه.
الفيلم من أفضل ما تم إنتاجه من أفلام مصرية خلال العامين الماضيين على الأقل. رائع فنًا ومضمونًا، لكن المهرجان ملتزم بقوانين تمنعه من استقبال أفلام سبق عرضها في المسابقات الدولية. على ذلك، كان يمكن له أن يعرض استقباله في أي من التظاهرات الموازية المناسبة لكنه لم يفعل. بينما تصر لوائح مؤسسة «الفيدرالية الدولية لجمعيات المنتجين السينمائيين» (اختصارًا FIAPF) على ألا يشترك في المسابقة الرسمية فيلم تم عرضه في مسابقات دولية أخرى، نجد أن المهرجان استقبل أعمالاً سبق عرضها بالفعل وفتح لها باب المنافسة. الفيلم السيربي، البوسني، الكرواتي «زوجة صالحة» سبق عرضه في مهرجان بولا اليوغوسلافي الدولي حيث نال جائزة دورة هذا العام الذهبية. فاز أيضًا بجوائز في مهرجانات كليفلاند وغوتبورغ السويدي.
فيلم «حياة آنا» عرضه كذلك مهرجان غولتبورغ أما «قتلة على كراسي متحركة» فسبق عرضه في عدة مهرجانات آخرها ثيسالونيكي.
لا يستطيع المهرجان إذن تبرير هذا الوضع إلا إذا كانت في قوانين الجمعية التي ينتمي إليها ما يتيح له ذلك على نحو أو آخر. وإذا ما كان هذا واردًا فعلاً فإن الإدارة لم تفصح بعد عن وجود ما يسمح له ذلك ضمن نطاق ما.



رحيل إيلي شويري عاشق لبنان و«أبو الأناشيد الوطنية»

عرف الراحل إيلي شويري بـ«أبو الأناشيد الوطنية»
عرف الراحل إيلي شويري بـ«أبو الأناشيد الوطنية»
TT

رحيل إيلي شويري عاشق لبنان و«أبو الأناشيد الوطنية»

عرف الراحل إيلي شويري بـ«أبو الأناشيد الوطنية»
عرف الراحل إيلي شويري بـ«أبو الأناشيد الوطنية»

إنه «فضلو» في «بياع الخواتم»، و«أبو الأناشيد الوطنية» في مشواره الفني، وأحد عباقرة لبنان الموسيقيين، الذي رحل أول من أمس (الأربعاء) عن عمر ناهز 84 عاماً.
فبعد تعرضه لأزمة صحية نقل على إثرها إلى المستشفى، ودّع الموسيقي إيلي شويري الحياة. وفي حديث لـ«الشرق الأوسط» أكدت ابنته كارول أنها تفاجأت بانتشار الخبر عبر وسائل التواصل الاجتماعي قبل أن تعلم به عائلته. وتتابع: «كنت في المستشفى معه عندما وافاه الأجل. وتوجهت إلى منزلي في ساعة متأخرة لأبدأ بالتدابير اللازمة ومراسم وداعه. وكان الخبر قد ذاع قبل أن أصدر بياناً رسمياً أعلن فيه وفاته».
آخر تكريم رسمي حظي به شويري كان في عام 2017، حين قلده رئيس الجمهورية يومها ميشال عون وسام الأرز الوطني. وكانت له كلمة بالمناسبة أكد فيها أن حياته وعطاءاته ومواهبه الفنية بأجمعها هي كرمى لهذا الوطن.
ولد إيلي شويري عام 1939 في بيروت، وبالتحديد في أحد أحياء منطقة الأشرفية. والده نقولا كان يحضنه وهو يدندن أغنية لمحمد عبد الوهاب. ووالدته تلبسه ثياب المدرسة على صوت الفونوغراف الذي تنساب منه أغاني أم كلثوم مع بزوغ الفجر. أما أقرباؤه وأبناء الجيران والحي الذي يعيش فيه، فكانوا من متذوقي الفن الأصيل، ولذلك اكتمل المشوار، حتى قبل أن تطأ خطواته أول طريق الفن.
- عاشق لبنان
غرق إيلي شويري منذ نعومة أظافره في حبه لوطنه وترجم عشقه لأرضه بأناشيد وطنية نثرها على جبين لبنان، ونبتت في نفوس مواطنيه الذين رددوها في كل زمان ومكان، فصارت لسان حالهم في أيام الحرب والسلم. «بكتب اسمك يا بلادي»، و«صف العسكر» و«تعلا وتتعمر يا دار» و«يا أهل الأرض»... جميعها أغنيات شكلت علامة فارقة في مسيرة شويري الفنية، فميزته عن سواه من أبناء جيله، وذاع صيته في لبنان والعالم العربي وصار مرجعاً معتمداً في قاموس الأغاني الوطنية. اختاره ملك المغرب وأمير قطر ورئيس جمهورية تونس وغيرهم من مختلف أقطار العالم العربي ليضع لهم أجمل معاني الوطن في قالب ملحن لا مثيل له. فإيلي شويري الذي عُرف بـ«أبي الأناشيد الوطنية» كان الفن بالنسبة إليه منذ صغره هَوَساً يعيشه وإحساساً يتلمسه في شكل غير مباشر.
عمل شويري مع الرحابنة لفترة من الزمن حصد منها صداقة وطيدة مع الراحل منصور الرحباني. فكان يسميه «أستاذي» ويستشيره في أي عمل يرغب في القيام به كي يدله على الصح من الخطأ.
حبه للوطن استحوذ على مجمل كتاباته الشعرية حتى لو تناول فيها العشق، «حتى لو رغبت في الكتابة عن أعز الناس عندي، أنطلق من وطني لبنان»، هكذا كان يقول. وإلى هذا الحد كان إيلي شويري عاشقاً للبنان، وهو الذي اعتبر حسه الوطني «قدري وجبلة التراب التي امتزج بها دمي منذ ولادتي».
تعاون مع إيلي شويري أهم نجوم الفن في لبنان، بدءاً بفيروز وسميرة توفيق والراحلين وديع الصافي وصباح، وصولاً إلى ماجدة الرومي. فكان يعدّها من الفنانين اللبنانيين القلائل الملتزمين بالفن الحقيقي. فكتب ولحن لها 9 أغنيات، من بينها «مين إلنا غيرك» و«قوم تحدى» و«كل يغني على ليلاه» و«سقط القناع» و«أنت وأنا» وغيرها. كما غنى له كل من نجوى كرم وراغب علامة وداليدا رحمة.
مشواره مع الأخوين الرحباني بدأ في عام 1962 في مهرجانات بعلبك. وكانت أول أدواره معهم صامتة بحيث يجلس على الدرج ولا ينطق إلا بكلمة واحدة. بعدها انتسب إلى كورس «إذاعة الشرق الأدنى» و«الإذاعة اللبنانية» وتعرّف إلى إلياس الرحباني الذي كان يعمل في الإذاعة، فعرّفه على أخوَيه عاصي ومنصور.

مع أفراد عائلته عند تقلده وسام الأرز الوطني عام 2017

ويروي عن هذه المرحلة: «الدخول على عاصي ومنصور الرحباني يختلف عن كلّ الاختبارات التي يمكن أن تعيشها في حياتك. أذكر أن منصور جلس خلف البيانو وسألني ماذا تحفظ. فغنيت موالاً بيزنطياً. قال لي عاصي حينها؛ من اليوم ممنوع عليك الخروج من هنا. وهكذا كان».
أسندا إليه دور «فضلو» في مسرحية «بياع الخواتم» عام 1964. وفي الشريط السينمائي الذي وقّعه يوسف شاهين في العام التالي. وكرّت السبحة، فعمل في كلّ المسرحيات التي وقعها الرحابنة، من «دواليب الهوا» إلى «أيام فخر الدين»، و«هالة والملك»، و«الشخص»، وصولاً إلى «ميس الريم».
أغنية «بكتب اسمك يا بلادي» التي ألفها ولحنها تعد أنشودة الأناشيد الوطنية. ويقول شويري إنه كتب هذه الأغنية عندما كان في رحلة سفر مع الراحل نصري شمس الدين. «كانت الساعة تقارب الخامسة والنصف بعد الظهر فلفتني منظر الشمس التي بقيت ساطعة في عز وقت الغروب. وعرفت أن الشمس لا تغيب في السماء ولكننا نعتقد ذلك نحن الذين نراها على الأرض. فولدت كلمات الأغنية (بكتب اسمك يا بلادي عالشمس الما بتغيب)».
- مع جوزيف عازار
غنى «بكتب اسمك يا بلادي» المطرب المخضرم جوزيف عازار. ويخبر «الشرق الأوسط» عنها: «ولدت هذه الأغنية في عام 1974 وعند انتهائنا من تسجيلها توجهت وإيلي إلى وزارة الدفاع، وسلمناها كأمانة لمكتب التوجيه والتعاون»، وتابع: «وفوراً اتصلوا بنا من قناة 11 في تلفزيون لبنان، وتولى هذا الاتصال الراحل رياض شرارة، وسلمناه شريط الأغنية فحضروا لها كليباً مصوراً عن الجيش ومعداته، وعرضت في مناسبة عيد الاستقلال من العام نفسه».
يؤكد عازار أنه لا يستطيع اختصار سيرة حياة إيلي شويري ومشواره الفني معه بكلمات قليلة. ويتابع لـ«الشرق الأوسط»: «لقد خسر لبنان برحيله مبدعاً من بلادي كان رفيق درب وعمر بالنسبة لي. أتذكره بشوشاً وطريفاً ومحباً للناس وشفافاً، صادقاً إلى أبعد حدود. آخر مرة التقيته كان في حفل تكريم عبد الحليم كركلا في الجامعة العربية، بعدها انقطعنا عن الاتصال، إذ تدهورت صحته، وأجرى عملية قلب مفتوح. كما فقد نعمة البصر في إحدى عينيه من جراء ضربة تلقاها بالغلط من أحد أحفاده. فضعف نظره وتراجعت صحته، وما عاد يمارس عمله بالشكل الديناميكي المعروف به».
ويتذكر عازار الشهرة الواسعة التي حققتها أغنية «بكتب اسمك يا بلادي»: «كنت أقفل معها أي حفل أنظّمه في لبنان وخارجه. ذاع صيت هذه الأغنية، في بقاع الأرض، وترجمها البرازيليون إلى البرتغالية تحت عنوان (أومينا تيرا)، وأحتفظ بنصّها هذا عندي في المنزل».
- مع غسان صليبا
مع الفنان غسان صليبا أبدع شويري مرة جديدة على الساحة الفنية العربية. وكانت «يا أهل الأرض» واحدة من الأغاني الوطنية التي لا تزال تردد حتى الساعة. ويروي صليبا لـ«الشرق الأوسط»: «كان يعد هذه الأغنية لتصبح شارة لمسلسل فأصررت عليه أن آخذها. وهكذا صار، وحققت نجاحاً منقطع النظير. تعاونت معه في أكثر من عمل. من بينها (كل شيء تغير) و(من يوم ما حبيتك)». ويختم صليبا: «العمالقة كإيلي شويري يغادرونا فقط بالجسد. ولكن بصمتهم الفنية تبقى أبداً ودائماً. لقد كانت تجتمع عنده مواهب مختلفة كملحن وكاتب ومغنٍ وممثل. نادراً ما نشاهدها تحضر عند شخص واحد. مع رحيله خسر لبنان واحداً من عمالقة الفن ومبدعيه. إننا نخسرهم على التوالي، ولكننا واثقون من وجودهم بيننا بأعمالهم الفذة».
لكل أغنية كتبها ولحنها إيلي شويري قصة، إذ كان يستمد موضوعاتها من مواقف ومشاهد حقيقية يعيشها كما كان يردد. لاقت أعماله الانتقادية التي برزت في مسرحية «قاووش الأفراح» و«سهرة شرعية» وغيرهما نجاحاً كبيراً. وفي المقابل، كان يعدها من الأعمال التي ينفذها بقلق. «كنت أخاف أن تخدش الذوق العام بشكل أو بآخر. فكنت ألجأ إلى أستاذي ومعلمي منصور الرحباني كي يرشدني إلى الصح والخطأ فيها».
أما حلم شويري فكان تمنيه أن تحمل له السنوات الباقية من عمره الفرح. فهو كما كان يقول أمضى القسم الأول منها مليئة بالأحزان والدموع. «وبالقليل الذي تبقى لي من سنوات عمري أتمنى أن تحمل لي الابتسامة».