خمسة أثرياء دعموا كلينتون بـ70 مليون دولار

نجحت في جمع مليار دولار مقابل 712 مليون دولار لترامب

الملياردير الأميركي شيلدون أديلسون أحد أكبر أصحاب الملاهي والكازينوهات الذي تبرع بعشرة ملايين دولار في إعلانات ضد المرشحة الديمقراطية (رويترز)
الملياردير الأميركي شيلدون أديلسون أحد أكبر أصحاب الملاهي والكازينوهات الذي تبرع بعشرة ملايين دولار في إعلانات ضد المرشحة الديمقراطية (رويترز)
TT
20

خمسة أثرياء دعموا كلينتون بـ70 مليون دولار

الملياردير الأميركي شيلدون أديلسون أحد أكبر أصحاب الملاهي والكازينوهات الذي تبرع بعشرة ملايين دولار في إعلانات ضد المرشحة الديمقراطية (رويترز)
الملياردير الأميركي شيلدون أديلسون أحد أكبر أصحاب الملاهي والكازينوهات الذي تبرع بعشرة ملايين دولار في إعلانات ضد المرشحة الديمقراطية (رويترز)

لا أحد يمكنه إنكار حقيقة أن الانتخابات في أي مكان في العالم تحركها لغة المال والمصالح، وقدرة أي مرشح على الإنفاق على حملته الانتخابية هي التي تقرر قدرته على إنهاء السباق الانتخابي لصالحه. والانتخابات الأميركية تعتمد بدرجة كبيرة على قدرة المرشح في جذب تبرعات المانحين سواء من الأفراد أو الشركات الكبيرة التي تسمي «سوبر باك»، وتتشابك لغة المال ولغة المصالح وجماعات الضغط في فرض حقيقة واقعة في الانتخابات حيث يكون المال سيد الموقف.
وتقول الإحصاءات إن المرشحة الديمقراطية هيلاري كلينتون تمكنت من جمع 1.14 مليار دولار لحملتها الانتخابية حتى نهاية شهر سبتمبر (أيلول) الماضي من خلال شبكة من المؤيدين السياسيين لها ولزوجها الرئيس الأميركي السابق بيل كلينتون (وهو ما يتقارب مع الأموال التي استطاع الرئيس الأميركي باراك أوباما تجميعها عبر تبرعات مسانديه لإعادة انتخابه في عام 2012).
في المقابل تفاخر المرشح الجمهوري دونالد ترامب بأنه لا يخضع لجماعات الضغط التي تمول الحملات الانتخابية، وأنه ينفق على حملته الانتخابية من ماله الخاص ولذا يتمتع بالاستقلالية، لكنه بدأ في نهاية شهر مايو (أيار) في جمع التبرعات بشكل جدي واستطاع جمع 712 مليون دولار منهم 56 مليون دولار من ماله الخاص. وتقول صحيفة «وول ستريت جورنال» إن 12 مليارديرا أميركيا تبرع بنحو 88 مليون دولار في الحملات الانتخابية الأميركية لعام 2016، وكانت المرشحة الديمقراطية هيلاري كلينتون أكبر مستفيد من تدفقات التبرعات وتقول سجلات لجنة الانتخابات الاتحادية إن أربعة مليارديرات تبرعوا بمبلغ 18 مليون دولار لدعم المرشح الجمهوري دونالد ترامب. وإلى جانب أصحاب المليارات والأثرياء فإن نحو 56 من المانحين من كلا الحزبين قدم كل منهم شيكا بمبلغ مليون دولار، وقدمت عدة شركات مجتمعة مبلغ مائتي مليون دولار لكلا المرشحين، ذهبت 83 في المائة من تلك الأموال إلى حملة كلينتون في حين ذهبت 17 في المائة من تلك الأموال إلى حملة المرشح الجمهوري دونالد ترامب.
وحصل ترامب على مبلغ 20 مليون دولار من الجمعية الوطنية للبنادق وهي إحدى جماعات الضغط التي تروج لامتلاك الأسلحة طبقا للمادة الثانية من الدستور الأميركي، وتضم في عضويتها كثيرا من رجال الأعمال وأعضاء الكونغرس.
وقدمت جماعة تسمى «مستقبل 45» (في إشارة للرئيس القادم الذي يحمل رقم 45) قدمت 13 مليون دولار للإنفاق في إعلانات تنتقد المرشحة الديمقراطية هيلاري كلينتون، وتم بث تلك الإعلانات في عدد من الولايات المتأرجحة. ومن أبرز المليارديرات وأصحاب الشركات المؤيدين لحملة ترامب هو الملياردير الأميركي شيلدون أديلسون أحد أكبر أصحاب الملاهي وملياردير صالات القمار (كازينو) الذي تبرع بعشرة ملايين دولار في إعلانات ضد المرشحة الديمقراطية.
الملياردير الأميركي برنارد ماركوس صاحب سلسلة محال «هوم ديبو» أيضا قدم 7 ملايين دولار إلى الحملة الانتخابية لترامب، وروبرت ميركير أحد مديري صناديق التحوط في وول ستريت بنيويورك تبرع بمبلغ مليوني دولار فقط.
ورغم انخفاض مستوى التبرعات المقدمة لحملة مرشح الحزب الجمهوري مقابل الأموال المقدمة لحملة كلينتون فإن المحللين يشيرون إلى قدرات ترامب وموهبته التلفزيونية في الحصول على دعاية مجانية من وسائل الإعلام والاعتماد على أمواله الخاصة وتبرعات من المناصرين والمؤيدين لحملته من القاعدة الشعبية من الناخبين.
ولم يلجأ ترامب إلى جذب الشركات الكبرى والنقابات «السوبر باك» إلى استراتيجيته لجمع التبرعات إلا متأخرا، في المقابل كانت كلينتون تغازل تلك الجماعات والشركات والنقابات منذ ربيع عام 2015. الاستراتيجية التي اعتمدت عليها هيلاري كلينتون في جمع التبرعات لحملتها اعتمدت على شيكات كبار رجال الأعمال وكبرى الشركات والأثرياء من المساندين لها ولزوجها. وتختلف هذه الاستراتيجية مع أسلوب المرشح الأميركي باراك أوباما في عام 2008 الذي اعتمد بشكل أكبر على التبرعات الصغيرة القيمة من الأفراد.
وقد رسخت هيلاري كلينتون هذه الشبكة من المؤيدين والمساندين على مدى أربعين عاما بل وسمحت - وفقا لتقرير الإعلام الأميركي - بقبول تبرعات من جماعات ضغط تمثل بعض الحكومات الأجنبية والاستفادة من ثغرة قانونية تسمع بالتعاون بين حملتها وجماعات ضغط في جمع التبرعات.
وتقول تحليلات صحيفة «واشنطن بوست» إن خمس مبلغ المليار دولار التي تلقته حملة كلينتون جاء من مائة رجل أعمال ثري أميركي ونقابات عمالية، وكثير منهم يرتبط بعلاقات قديمة مع آل كلينتون الذين دعموا ومولوا كثيرا من لجان جمع التبرعات واللقاءات الحزبية واللجان المستضيفة للسوبر بالك والشركات الكبرى. وكانت القواعد الموضوعة في سبعينات القرن الماضي لتمويل الحملات الانتخابية تضع قيودا على حجم تبرعات ومساهمات الأثرياء؛ خوفا من سيطرة المال على السياسية، لكن تغيرت تلك القواعد مع عام 2010 بضغوط من السوبر باك أو الشركات الكبرى والنقابات، وتغيرت القواعد بحيث تسمح لأي مرشح الحصول على مبالغ غير محدودة من الأفراد والشركات، وأصدرت المحكمة العليا الأميركية قرارها بفتح الباب لتدفق الأموال إلى الانتخابات الوطنية.
ويأتي الملياردير دونالد سوسمان مدير أحد صناديق التحوط في نيويورك على رأس أكبر المتبرعين لحملة كلينتون الذي قدم 21 مليون دولار، يليه الملياردير جي بي بريتزكر وزوجته وهو من كبار رجال الأعمال في شيكاغو وصاحب سلسلة فنادق حياة ريجنسي، الذي تبرع بملغ 16.7 مليون دولار، ثم حاييم سابان اليهودي المصري الأصل وزوجته شيريل الذي يرتبط بعلاقات قديمة وقوية مع آل كلينتون، ويمول مركز سابان لدراسات الشرق الأوسط في واشنطن، وقد تبرع بمبلغ 11.9 مليون دولار، وجورج سوروس الملياردير المعروف الذي تبرع بمبلغ 9.9 مليون دولار، وأخيرا دانيال أبراهام رجل الأعمال وصاحب شركة «سليم فاست» الذي تبرع بمبلغ 9.7 مليون دولار.
ويتفاخر الملياردير الأميركي سوسمان بتأييد كلينتون وضخ ملايين الدولارات لحملتها ويقول: «أنا مؤيد قوي للحملة الديمقراطية، وأعتقد أن السبيل الوحيد لتحقيق تقدم هو الحصول على شخص مثل وزيرة الخارجية كلينتون التي تلتزم بتنظيف آثار الكارثة المؤسفة التي تعاني منها من الولايات المتحدة».
لا يقتصر الأمر على الأغنياء وأصحاب الشركات الكبرى والنقابات وإنما جزء كبير من جمع التبرعات يعتمد على مساهمات الناخبين الأفراد بمبالغ بسيطة، ويقول أحد الناخبين المناصرين للحزب الديمقراطي إنه مع زوجته قدم 26 تبرعا في حملات هيلاري كلينتون بين عامي 1994 و2008 ووصل مجموع تلك التبرعات على مدي 14 عاما إلى 461 ألف دولار.
ويقول جوش شيفرين المسؤول المالي بحملة كلينتون إن أكثر من 2.6 مليون مواطن أميركي تبرعوا لحملة كلينتون لأنهم يؤمنون أنها المرشح الأفضل الذي يحقق مجتمعا أكثر شمولية مع اقتصاد يعمل لصالح الجميع. وتقول صحيفة «واشنطن بوست» إن كلينتون إذا فازت بالانتخابات فإنها ستدخل إلى البيت الأبيض وهي مدينة لعدد من الجهات المانحة التي دعمتها هي وزوجها لعدة عقود في جمع 4 مليارات دولار على مدى السنوات الماضية.
وتقول الصحيفة إن كلينتون حافظت على صلاتها مع المانحين وتحقيق توازن في التواصل مع الدوائر التجارية وشركات وول ستريت وشركات التكنولوجيا الضخمة، وقد قام هؤلاء المؤيدون والحلفاء بتمويل أهدافها السياسية والخيرية، أيضا من خلال مؤسسة كلينتون الخيرية التي قدمت مشروعات لعلاج مرض نقص المناعة البشرية، وروجت لبرامج محو الأمية وجمعت المؤسسة أكثر من ملياري دولار.
وتقول صحيفة «نيويورك تايمز» إن حملات الانتخابات الرئاسية لعام 2016 حصدت من عشرات المنظمات أكثر من مائتي مليون دولار في شهر أكتوبر (تشرين الأول) فقط، واستطاعت الحصول على تبرعات منذ شهر مايو الماضي بنحو 120 مليون دولار من الإعلانات التلفزيونية والرقمية والإعلانات في الراديو لدعم حملة المرشحة الديمقراطية هيلاري كلينتون؛ وفقا لسجلات لجنة الانتخابات الاتحادية.
في المقابل، فإن المانحين من أثرياء الحزب الجمهوري قدموا أقل من نصف هذا المبلغ لدعم دونالد ترامب وهو ما يتناقض مع مئات الملايين من الدولارات التي قدمها الجمهوريون الأثرياء لدعم حملة المرشح الجمهوري ميت رومني قبل أربع سنوات. ويفسر المحللون تقاعس أثرياء الجمهوريين عن دعم حملة ترامب إلى لغة ترامب الاستفزازية والتهجم علنا على الجهات المانحة لحزبه، وهو ما أغلق الباب على مبلغ نصف مليار دولار كان أثرياء الحزب قد تعهدوا بتقديمها عند بداية الانتخابات التمهيدية.



تبادل سجناء وجولة مفاوضات «بنَّاءة» يعززان مسار التطبيع بين موسكو وواشنطن

سيدة تمشي بالقرب من السفارة الأميركية في موسكو 10 أبريل (إ.ب.أ)
سيدة تمشي بالقرب من السفارة الأميركية في موسكو 10 أبريل (إ.ب.أ)
TT
20

تبادل سجناء وجولة مفاوضات «بنَّاءة» يعززان مسار التطبيع بين موسكو وواشنطن

سيدة تمشي بالقرب من السفارة الأميركية في موسكو 10 أبريل (إ.ب.أ)
سيدة تمشي بالقرب من السفارة الأميركية في موسكو 10 أبريل (إ.ب.أ)

تلقّت جهود تطبيع العلاقات بين موسكو وواشنطن دَفعةً جديدةً، الخميس، مع انطلاق جولة مفاوضات تفصيلية في إسطنبول، تناولت تسوية ملفات ظلت عالقة لسنوات، بالتزامن مع تبادل للسجناء بين الطرفين بوساطة إماراتية، منحت، مع خطوات مماثلة سابقة، زخماً جديداً لتعزيز الثقة بين البلدين.

وذكرت صحيفة «وول ستريت جورنال» نقلاً عن مدير وكالة المخابرات المركزية الأميركية جون راتكليف، أن موسكو وواشنطن أجرتا عملية تبادل أسرى صباح الخميس، في الإمارات. وقال راتكليف، الذي كان حاضراً في عملية التبادل في مطار أبو ظبي: «اليوم، أعاد الرئيس (دونالد) ترمب إلى الوطن أميركياً آخر (...) من روسيا».

تبادُل الأسرى

وقال مستشار الأمن القومي الأميركي، مايك والتز، إن راقصة البالية الروسية - الأميركية كسينيا كارلينا، التي كانت تقضي حُكماً بالسجن لمدة 12 عاماً بتهمة الخيانة بسبب التبرع للقوات المسلحة الأوكرانية، جرى تسليمها لواشنطن. في المقابل، أفرجت الولايات المتحدة عن المواطن الروسي - الألماني آرثر بتروف، الذي قُبض عليه بسبب انتهاك قيود التصدير إلى روسيا.

لقطة وزّعها الإعلام الروسي للمواطنة الروسية - الأميركية كسينيا كارلينا قبل عملية تبادل الأسرى 10 أبريل (رويترز)
لقطة وزّعها الإعلام الروسي للمواطنة الروسية - الأميركية كسينيا كارلينا قبل عملية تبادل الأسرى 10 أبريل (رويترز)

كان نائب وزير الخارجية سيرغي ريابكوف، قد قال بعد تبادل سابق للسجناء، إن روسيا والولايات المتحدة تواصلان العمل على تبادل الأسرى وتعملان على تعزيز الثقة بينهما.

وكان راتكليف، وفقاً لتقارير إعلامية، قد تحدث عبر الهاتف مع مدير جهاز الأمن الفيدرالي الروسي ألكسندر بورتنيكوف، عدة مرات بعد توليه منصبه، وتحدث أيضاً مع مدير جهاز الاستخبارات الخارجية سيرغي ناريشكين، بهدف تسريع وتيرة الإجراءات المتبادلة.

ونقلت وكالة أنباء «نوفوستي» الحكومية أن التبادل كان علامة على بناء الثقة بشكل يُعزّز سعي الجانبين إلى تسوية الملفات المتراكمة، والتوصل إلى اتفاق لإنهاء الصراع في أوكرانيا. وقال متحدث باسم وكالة المخابرات المركزية الأميركية إن هذا التبادل يُسلّط الضوء على أهمية إبقاء خطوط الاتصال مفتوحة بين موسكو وواشنطن.

قضية كارلينا

في فبراير (شباط) 2024، أبلغ جهاز الأمن الفيدرالي الروسي عن اعتقال مواطنة تبلغ من العمر 32 عاماً من سكان لوس أنجليس وتحمل الجنسية المزدوجة الروسية-الأميركية في أثناء وجودها في مدينة يكاترينبورغ، عاصمة إقليم الأورال الروسي.

ووجّهت السلطات الروسية إلى كارلينا تهمتَي «الخيانة» و«تمويل الإرهاب»، بعد الاشتباه بتحويل أموال لتلبية احتياجات القوات المسلحة الأوكرانية. وقال المحققون إنها أرسلت أموالاً لشراء إمدادات طبية تكتيكية، ومُعدّات، وأسلحة، وذخيرة للجيش الأوكراني.

وحُكم على كارلينا بالسجن لمدة 12 عاماً في سجن جزائي، بالإضافة إلى غرامة قدرها 300 ألف روبل. وقد اعترفت أمام القضاة بالتهم المنسوبة إليها.

قضية بتروف

قُبض على بتروف في أواخر أغسطس (آب) 2023 في قبرص، ومن هناك سُلِّم لاحقاً للولايات المتحدة.

وحسب وكالات إنفاذ القانون الأميركية، فقد كان يتنقل بين روسيا وقبرص، حيث كان يعمل لدى شركة للإلكترونيات في سان بطرسبرغ، التي تصفها وزارة العدل الأميركية بأنها مورِّد للإلكترونيات الدقيقة للمجمع الصناعي العسكري الروسي. وحسب مكتب المدعي العام الأميركي، فإن بيتروف استخدم شركات واجهة لشراء منتجات أميركية محظورة التصدير، وأخفى حقيقة أن المشتري النهائي كان شركة روسية. وبناءً على التهم الموجهة إليه، كان يواجه عقوبة بالسجن لمدة تزيد على 20 عاماً. ورفض بتروف الإقرار بالتهمة، واصفاً قضيته بأنها ذات دوافع سياسية.

تبادُل سابق

في فبراير (شباط) الماضي، زار المبعوث الخاص للرئيس الأميركي إلى الشرق الأوسط، ستيف ويتكوف، روسيا للتفاوض على عودة السجين مارك فوغل، الذي اعتُقل في أغسطس 2021 في مطار شيريميتيفو الدولي شمالي موسكو؛ وعُثر على مواد مخدرة بينها ماريغوانا وزيت الحشيش في أمتعته. وفي نتيجة مفاوضات للتبادل، سُلِّم الأميركي إلى واشنطن، فيما عاد ألكسندر فينيك، المتهم في الولايات المتحدة بالمشاركة في إدارة بورصة العملات المشفرة إلى روسيا، بعدما أمضى نحو ثماني سنوات في السجن دون صدور قرار من المحكمة بشأن ذنبه.

مفاوضات «بنَّاءة»

في غضون ذلك، أجرت موسكو وواشنطن جولة تفاوض جديدة الخميس، في إسطنبول، شكّلت امتداداً لجولات سابقة ناقشت مجمل الملفات التي تُعرقل تطبيع العلاقات بين الطرفين.

وركّز الجانبان في الجولة الجديدة على مناقشة «مسائل تفصيلية» تتعلق بتحسين العلاقات الثنائية، وتجاوز مشكلات وتعقيدات تراكمت لسنوات. وخلال النقاشات التي استمرت لساعات، قال مصدر مطلع لوكالة «نوفوستي» الروسية إن المفاوضات بين الوفدين الروسي والأميركي في إسطنبول «تسير بهدوء وبطريقة بناءة».

جانب من وصول الوفد الأميركي إلى القنصلية الروسية في إسطنبول 10 أبريل (أ.ف.ب)
جانب من وصول الوفد الأميركي إلى القنصلية الروسية في إسطنبول 10 أبريل (أ.ف.ب)

وجرى اللقاء في القنصلية العامة الروسية. ومثّل موسكو ألكسندر دارشيف، السفير لدى الولايات المتحدة، بينما مثّل واشنطن نائبة مساعدة وزير الخارجية للشؤون الأوروبية والأوراسية، سوناتا كولتر. أما بقية المشاركين من الوفدين فهم موظفون في وكالات الشؤون الخارجية في البلدين.

وحسب دارشيف، فإن أهمية جولة المفاوضات الجديدة أنها تساعد على «التخلص من الإرث السام» الذي خلَّفته إدارة الرئيس جو بايدن. وخلال الجولة الجديدة، ركّز الجانب الروسي على إعادة الممتلكات الدبلوماسية المصادَرة، واستئناف حركة الطيران المباشر.

وأضاف السفير أنه بفضل الاتصالات بين الرئيسين فلاديمير بوتين ودونالد ترمب، اتفقت روسيا والولايات المتحدة بالفعل على ضمانات للخدمات المصرفية للبعثات الدبلوماسية، وإرسال المساهمات الروسية إلى المنظمات الدولية. وأضاف دارشيف أنه جرى بالفعل تحقيق بعض التقدم في إصدار التأشيرات وتخفيف قيود السفر.

ووفق وزارة الخارجية، فإنه في هذه المرحلة من المشاورات لن يُنظَر في قضايا الأمن والسياسة وحل الصراع في أوكرانيا. فيما قالت المتحدّثة باسم الخارجية الأميركية تامي بروس، إن تطبيع العلاقات الكامل بين واشنطن وموسكو لا يمكن أن يحدث إلا عندما «يكون هناك سلام بين روسيا وأوكرانيا».

استئناف الحوار

بدأت استعادة العلاقات بين موسكو وواشنطن باجتماع للوفود في الرياض في 18 فبراير (شباط). واتّفق الطرفان على تهيئة الظروف لاستئناف التعاون الثنائي بشكل كامل، وإزالة القيود المفروضة على عمل السفارات، وإطلاق عملية حل الوضع في أوكرانيا.

وفي نهاية شهر فبراير، وخلال جولة مفاوضات في إسطنبول، اتّفق وفد روسي والولايات المتحدة على خطوات لتمويل عمل البعثات الدبلوماسية، وناقشا إمكانية استعادة حركة النقل الجوي المباشر.

صحافيون يجتمعون خارج القنصلية الروسية في إسطنبول خلال المفاوضات مع واشنطن 10 أبريل (أ.ف.ب)
صحافيون يجتمعون خارج القنصلية الروسية في إسطنبول خلال المفاوضات مع واشنطن 10 أبريل (أ.ف.ب)

علاوة على ذلك، تحدّث الرئيسان بوتين وترمب هاتفياً مرتين خلال الشهرين الماضيين. ومن بين أمور أخرى، ناقش الزعيمان التعاون الثنائي بين البلدين.

وفي الأسبوع الماضي، زار رئيس صندوق الاستثمار المباشر الروسي كيريل دميترييف، الولايات المتحدة، وأجرى لقاءات مع ممثلي إدارة البيت الأبيض. وحسب قوله، فإن الأطراف اتّخذت ثلاث خطوات إلى الأمام في عدد كبير من القضايا وتم تحقيق تقدم. وأشار إلى أنه لا يزال هناك عدد من الاجتماعات التي يتعين عقدها لحل الخلافات كافة.

صفقة التعدين مع كييف

على صعيد آخر، أعلن الرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي استعداده لدفع أموال للولايات المتحدة مقابل إمدادات جديدة من الأسلحة والمعدات، في مسعى لتسوية مسألة خلافية مع واشنطن، بعدما طالب ترمب كييف بدفع تعويضات عن المساعدات الأميركية السابقة.

زيلينسكي متحدّثاً خلال مؤتمر صحافي في كييف 8 أبريل (إ.ب.أ)
زيلينسكي متحدّثاً خلال مؤتمر صحافي في كييف 8 أبريل (إ.ب.أ)

وقال زيلينسكي للصحافيين في كييف، الأربعاء: «طلبت أوكرانيا من واشنطن ما بين 30 و50 مليار دولار مساعدات، وهي مستعدة لدفعها -إمّا مباشرةً إلى الولايات المتحدة وإما كمساهمة في صندوق صفقة التعدين المشترك الذي لم يجرِ إنشاؤه بعد».

وأشارت الوكالة إلى أنه كجزء من صفقة التعدين، قد يُطلب من أوكرانيا تسليم نصف الإيرادات المستقبلية من جزء كبير من اقتصادها إلى الولايات المتحدة، لكن كييف تسعى إلى شروط أكثر ملاءمة وترفض الاعتراف بالمساعدات الأميركية السابقة على أنها ديون.

وحسب وسائل إعلام أوكرانية، فإن مسودة الاتفاق الجديد مع واشنطن تفترض أن كييف ستعيد الأموال مقابل كل المساعدة التي قدمها لها الأميركيون. علاوة على ذلك، فإن الوثيقة تتجاوز تقريباً كل الخطوط الحمراء المُتّفق عليها بين كييف وواشنطن، وتحرم أوكرانيا من جزء من سيادتها وتتناقض مع خططها للانضمام إلى الاتحاد الأوروبي في المستقبل. وحسب صحافيين أوكرانيين، فإن قرار البدء في الدفع قد يصبح سابقة، وبعدها قد يطالب جميع المانحين الآخرين لنظام كييف بإعادة استثماراتهم.