بين الخطأ والصواب

بين الخطأ والصواب
TT

بين الخطأ والصواب

بين الخطأ والصواب

أعراض الإصابة بالخرف
* هل أنا مصاب بالخرف، يا دكتور؟
يتعرض الواحد منا، من وقت لآخر، لصعوبة أن يتذكر بعض الأحداث أو أن يتذكر شخصا يمر أمامه أو اسم شخص يلتقيه فجأة، فتنتابه المخاوف من أن يكون ذلك هي البداية لفقد ذاكرته كليا. ويتساءل هل أنا مصاب بالخرف، يا دكتور؟ وهل هذه هي علامات الخرف والإصابة بمرض ألزهايمر؟
من الطبيعي أن يجد الشخص، تحت ظروف معينة، صعوبة في تذكر حدث جديد مرّ عليه، ويكون وراء ذلك أسباب كثيرة عدا حالة الخرف، مثل القلق وعدم التركيز وعدم ملاحظة الأشياء، قلة الاهتمام، مشكلات النوم والاكتِئاب والقلق، أو المزاج السيئ، وأيضًا إصابات الرأس، مثل حوادث السير، والسَّكتة، حيث ينخفِض تدفق الدم إلى الدماغ. وقد يشكو البعض من ضعف الذاكرة نتيجة إصابته ببعض الأمراض مثل قصور الغدة الدرقية، أو بسبب شرب المسكرات والمخدرات، أو تناول أنواع معينة من الأدوية مثل المهدئات وبعض أدوية الأمراض العصبية وأورام لدماغ.
ولتفسير ذلك، لا بد من أن نتعرف على أنواع الذاكرة، فهناك الذاكرة المباشرة التي تخزن المعلومات لفترة قصيرة قد لا تتعدى الثانية الواحدة أو الثانيتين فقط مثل تخزين الأصوات. وهناك ما يعرف بالذاكرة القريبة التي تحتفظ بالمعلومات لما يسمى بالوهلة الزمنية وهي الفترة التي تتراوح بين 15 إلى 20 ثانية مثل تخزين أرقام الهواتف وأرقام المعاملات الحكومية التي لا تتعدى 7 - 10 أجزاء. أما المعلومات التي يستطيع الشخص تذكرها لفترات أطول فهي التي يتم تخزينها في الذاكرة الطويلة الأمد أو البعيدة والتي تختص بالمعلومات التي يسترجعها الشخص في ذهنه بشكل متكرر، فهذه هي التي تدوم لفترات أطول ويسترجعها الشخص بسهولة متى شاء.
ومن الطبيعي أيضًا أن يصبِح الإنسان كثير النسيان بعض الشيء عند تقدمه في العمر، ولكن قد يكون ضعف الذاكرة من أعراضِ حالة تحتاج إلى استشارة الطبيب مثل حالات مشكلات الدماغ المختلفة. وهنا ننصح بالعرض فورا على الطبيب لتشخيص الحالة وتحديد السبب بعد أن يجري تقييمًا شاملا مبنيا على الأعراض والتاريخ المرضي ونتائج فحوص الدم وصور الأشعة. من النادر جدًا أن يكون ضعف الذاكرة هو إصابة بالخرف، خصوصا لدى من يوجه السؤال للطبيب مستفسرا ما إذا كان مصابا بالخرف؟ وما إذا كان ما يعاني منه هو من علامات الخرف والإصابة بمرض ألزهايمر، فمرضى الخرف لا يُدرِكون عادة أنهم يعانون من ضعف الذاكِرة، بل هم ينكرون المشكلة.
* إن من أهم علامات الخرف ما يلي:
- تحدث الإصابة بالخرف عادة بعد عمر 65 عامًا.
- تبدأ الأعراض تدريجيا وتتفاقم مع مرور الوقت.
- من النادر أن يعاني الشخص من ضعف الذاكرة بشكل مفاجئ.
- يُعاني مرضى الخرف من صعوبة تذكر الأحداث المُباشرة أو القريبة، بينما تظل لديهم القدرة على تذكر الأحداث القديمة التي حصلت منذ زمنٍ بعيد.
ويمكن مقاومة وتأخير حدوث ضعف الذاكرة باتباع أمور بسيطة وتنظيم البرنامج اليومي للحياة، مثل:
- وضع الأشياء والأدوات مثل المفاتيح، في مكان واحد ومحدد في المنزل أو العمل.
- التعود على تدوين المعلومات والمواعيد والطلبات.
- تسجيل المهام اليومية في دفتر الملاحظات أو الواجبات اليومية، للتذكير والتنفيذ.
- برمجة جهاز التنبيه الصوتي للتذكير بما يجب فعله من الواجبات سواء في المنزل أو العمل.
عوامل الخطر على الصحة
تشير الإحصاءات والدراسات التي عقدت خلال العقدين الأخيرين إلى أن ما يسمى بأمراض العصر، وهي داء السكري وأمراض القلب والشرايين التاجية وارتفاع ضغط الدم، قد ارتفعت نسب الإصابة بها وبات انتشارها مهددا صحة أفراد المجتمع دون تفريق بينهم، وأصبحت هاجسا مقلقا للمسؤولين عن الصحة ناهيك بالمصابين بها أصلا والمعرضين للإصابة مستقبلا.
إن وراء انتشار هذه المجموعة من الأمراض، بهذا الشكل الكبير الذي شمل جميع الفئات العمرية من الجنسين، مجموعة خطيرة من العوامل والسلوكيات غير الصحية التي أصبحت شائعة في جميع مجتمعات العالم. وإن الأمر الأخطر من ذلك أن هذه العادات والسلوكيات الخاطئة أصبحت مع مرور الوقت والممارسة اليومية لها وكأنها السلوك الصحي الصحيح الذي يجب على الجميع تطبيقه والتمسك به. ومن أهم هذه العوامل التي نطلق عليها عوامل الخطورة السمنة، وزيادة الوزن، التدخين، حياة الترف والرفاهية وعدم ممارسة الرياضة.. إلخ.
يؤكد العلماء والباحثون المتخصصون أن تغيير تلك العادات والسلوكيات الخاطئة في حياتنا ممكن جدا بشرط أن تتوفر أولا قوة الإرادة ودافع التغيير إلى الأفضل، وذلك باتباع جداول تنظم العمل اليومي وإحالته إلى سلوك روتيني جديد يستمر عليه الفرد في مستقبل أيامه. فممارسة الرياضة البدنية، مثلا، مهمة جدا ومؤشر صحي إيجابي.
علينا أن ننتهج سلوكا صحيا جديدا يضمن ممارستنا للرياضة على الأقل ساعة واحدة لمدة ثلاثة أيام في الأسبوع. وللبدء في هذا التغيير السلوكي يمكن الاستعانة بأحد الأصدقاء من لديهم هذا الاحتياج، فيشد الواحد من أزر الآخر مشجعا له على الالتزام اليومي، وعدم قبول أية أعذار للتخلف عن أدائها.
إن ممارسة التدخين بجميع أنواعه وراء الإصابة بكثير من أمراض العصر إضافة إلى كون التدخين عامل خطر مثبتًا علميًا في الإصابة بسرطان الرئة وجميع أنواع السرطانات الأخرى. ولحسن الحظ، فما من مدخن مقتنع بهذا السلوك المؤذي، والمدخنون يسعون لمن يأخذ بأيديهم للإقلاع عن التدخين. وينصح الخبراء أيضًا بطريقة الإقلاع النهائي لا التدريجي لمن هو جاد في طلب التخلص من هذه العادة.
لقد شاع في مجتمعاتنا الاعتماد على الوجبات الجاهزة والاستغناء عن الطبخ في البيت. ولا بد من تغيير هذه العادة الغذائية غير الصحية. ويفيد الخبراء بأن تخفيض كمية ما يتناوله الشخص من السكّريات والنشويات وتقنين عدد مرات تناول الوجبات السريعة كفيل بتخفيف تبعات هذه الأزمة الصحية التي نعيشها اليوم، ويؤكدون على أن معظم الأصناف التي نتناولها اليوم تعتبر أصنافا ذات آثار سلبية على كثيرين منا. وقد وجد من نتائج بعض الدراسات أن التحول عن هذه المأكولات كان مرتبطًا بالشعور بالنشاط والصحة بدلاً من الثقل والكسل. كما اهتم كثير من الباحثين بوجبة العشاء، التي تعود الكثيرون تناولها في ساعة متأخرة من الليل، خصوصًا عند وقت النوم. فيجب تغيير هذا التوقيت بحيث يكون الأكل قبل النوم بوقت كاف وعلى الأقل بساعتين تتم فيهما عملية الهضم والامتصاص ثم الحرق.
إن إدراك الشخص لعوامل الخطر الصحية التي يمارسها في حياته اليومية يعتبر الخطوة الأولى في الطريق الصحيح نحو حياة صحية سليمة، ثم البدء في التغيير هو بداية الطريق، والنجاح مرتبط بالعزيمة على الاستمرارية وتشجيع الآخرين.

[email protected]
مدير مركز المساعدية التخصصي ـ مستشفى الملك فهد بجدة



هل تتسبب العدوى في بعض حالات ألزهايمر؟

هل تتسبب العدوى في بعض حالات ألزهايمر؟
TT

هل تتسبب العدوى في بعض حالات ألزهايمر؟

هل تتسبب العدوى في بعض حالات ألزهايمر؟

ما سبب مرض ألزهايمر؟ أجاب عالم الأعصاب رودولف تانزي، مدير مركز ماكانس لصحة الدماغ بمستشفى ماساتشوستس العام، التابع لجامعة هارفارد، قائلاً: «قضيت معظم حياتي المهنية في محاولة الإجابة عن هذا السؤال».

وأكد تانزي أن السؤال مهم، ويتعين العمل على إيجاد إجابة له، خصوصاً أن مرض ألزهايمر يمثل الشكل الأكثر شيوعاً للخرف في كثير من البلدان. وعلى سبيل المثال، داخل الولايات المتحدة، يعاني ما لا يقل عن 10 في المائة من الأشخاص الذين تتجاوز أعمارهم 65 عاماً من ألزهايمر.

ومثلما الحال مع معظم الأمراض، ربما يرجع مرض ألزهايمر إلى مزيج من الضعف الوراثي، ومعاناة المريض من حالات طبية أخرى، بجانب عوامل اجتماعية وأخرى تتعلق بنمط الحياة. واليوم، يركز العلماء اهتمامهم على الدور الذي قد تلعبه العدوى، إن وُجد، في تطور مرض ألزهايمر.

كشف الأسباب البيولوجية

جاء وصف مرض ألزهايمر للمرة الأولى عام 1906. ومع ذلك، بدأ العلماء في سبر أغواره والتعرف على أسبابه قبل 40 عاماً فقط. واليوم، ثمة اتفاق واسع النطاق في أوساط الباحثين حول وجود جزيئين بمستويات عالية في أدمغة الأشخاص المصابين بمرض ألزهايمر: أميلويد - بيتا amyloid - beta أو «ببتيد بيتا النشواني»، الذي يشكل لويحات في الدماغ، وتاو tau، الذي يشكل تشابكات. ويساهم كلاهما في موت الخلايا العصبية الدماغية (العصبونات) المشاركة في عمليات التفكير؛ ما يؤدي إلى الخرف.

من بين الاثنين، ربما تكون الأهمية الأكبر من نصيب أميلويد - بيتا، خصوصاً أنه يظهر في وقت أبكر من تاو. وقد أظهر تانزي وآخرون أن الأشخاص الذين يرثون جيناً يؤدي إلى ارتفاع مستويات أميلويد بيتا يُصابون بمرض ألزهايمر في سن مبكرة نسبياً.

الملاحظ أن الأشخاص الذين يرثون نسختين من الجين APOE4. أكثر عرضة لخطر الإصابة بمرض ألزهايمر، لأنهم أقل قدرة على التخلص من أميلويد بيتا من الدماغ.

الالتهاب العصبي

هناك قبول متزايد في أوساط العلماء لفكرة أن الالتهاب في الدماغ (الالتهاب العصبي Neuroinflammation)، يشكل عاملاً مهماً في مرض ألزهايمر.

في حالات الالتهاب العصبي، تحارب خلايا الجهاز المناعي في الدماغ الميكروبات الغازية، أو تعمل على علاج الإصابات. إلا أنه للأسف الشديد، يمكن أن يؤدي ذلك إلى الإصابة؛ ما يسفر بدوره عن المزيد من الالتهاب العصبي، لتظهر بذلك حلقة مفرغة، تتسبب نهاية المطاف في موت معظم الخلايا العصبية.

ويمكن أن تؤدي كل من لويحات أميلويد بيتا وتشابكات تاو إلى حدوث التهاب عصبي، وكذلك يمكن لكثير من الميكروبات (البكتيريا والفيروسات) أن تصيب الدماغ، وتبقى هناك، دون أن ينجح الجهاز المناعي بالدماغ في القضاء عليها تماماً؛ ما قد يؤدي إلى التهاب عصبي مزمن منخفض الحدة.

وحتى العدوى أو أسباب الالتهاب الأخرى خارج الدماغ، بأي مكان في الجسم، يمكن أن ترسل إشارات إلى الدماغ تؤدي إلى حدوث التهاب عصبي.

العدوى ومرض ألزهايمر

ويعتقد بعض العلماء أن العدوى قد تسبب أكثر من مجرد التهاب عصبي، فربما يكون لها دور كذلك في تكاثر رواسب أميلويد بيتا وتشابكات تاو. وفي هذا الصدد، قال تانزي: «اكتشفت أنا وزميلي الراحل روب موير أن أميلويد بيتا يترسب في المخ استجابة للعدوى، وهو بروتين يحارب العدوى؛ ويشكل شبكة تحبس الميكروبات الغازية. وبعبارة أخرى، يساعد أميلويد بيتا في حماية أدمغتنا من العدوى. وهذا هو الخبر السار. أما الخبر السيئ هنا أن أميلويد بيتا يُلحِق الضرر كذلك بالخلايا العصبية، الأمر الذي يبدأ في غضون 10 إلى 30 عاماً، في إحداث تأثيرات واضحة على الإدراك؛ ما يسبب الخرف، نهاية المطاف».

بالإضافة إلى ذلك، يؤدي الترسب المزمن منخفض الدرجة لأميلويد بيتا إلى تشابكات تاو، التي تقتل الخلايا العصبية هي الأخرى وتزيد من الالتهاب العصبي، ما يؤدي إلى موت المزيد من الخلايا العصبية. وقد تتطور دورات مفرغة يصعب للغاية إيقافها.

ويمكن للعوامل المذكورة هنا (بشكل مباشر أو غير مباشر) أن تلحق الضرر بخلايا المخ، وتسبب الخرف. ويمكن لعدة عوامل أن تزيد سوء بعضها البعض، ما يخلق دورات مفرغة.

ميكروبات مرتبطة بمرض ألزهايمر

الآن، ما الميكروبات التي قد تشجع على تطور مرض ألزهايمر؟ عبَّر الدكتور أنتوني كوماروف، رئيس تحرير «هارفارد هيلث ليتر» الأستاذ في كلية الطب بجامعة هارفارد، عن اعتقاده بأنه «من غير المرجَّح أن يكون نوع واحد من الميكروبات (جرثومة ألزهايمر) سبباً في الإصابة بمرض ألزهايمر، بل إن الأدلة المتزايدة تشير إلى أن عدداً من الميكروبات المختلفة قد تؤدي جميعها إلى الإصابة بمرض ألزهايمر لدى بعض الناس».

ويتركز الدليل في نتائج دراسات أُجريت على أدمغة القوارض والحيوانات الأخرى التي أصيبت بالميكروبات، بجانب العثور على ميكروبات في مناطق الدماغ البشري الأكثر تأثراً بمرض ألزهايمر. وجاءت أدلة أخرى من دراسات ضخمة، أظهرت أن خطر الإصابة بمرض ألزهايمر، أعلى كثيراً لدى الأشخاص الذين أُصيبوا قبل عقود بعدوى شديدة. وتشير دراسات حديثة إلى أن خطر الإصابة بمرض ألزهايمر، قد يتفاقم جراء انكماش الدماغ واستمرار وجود العديد من البروتينات المرتبطة بالالتهابات، في دم الأشخاص الذين أُصيبوا بالعدوى في الماضي.

وفيما يلي بعض الميكروبات التي جرى تحديدها باعتبارها مسبِّبات محتملة للمرض:

فيروسات الهربس المتنوعة

خلصت بعض الدراسات إلى أن الحمض النووي من فيروس الهربس البسيط 1 و2 herpes simplex virus 1 and 2 (الفيروسات التي تسبب القروح الباردة والأخرى التناسلية)، يوجد بشكل أكثر تكراراً في أدمغة المصابين بمرض ألزهايمر، مقارنة بالأصحاء. ويبرز الحمض النووي الفيروسي، بشكل خاص، بجوار لويحات أميلويد بيتا. وخلصت الدراسات المنشورة إلى نتائج متناقضة. يُذكر أن مختبر تانزي يتولى زراعة «أدمغة صغيرة» (مجموعات من خلايا الدماغ البشرية) وعندما تُصاب هذه الأدمغة الصغيرة بفيروس «الهربس البسيط»، تبدأ في إنتاج أميلويد بيتا.

أما فيروس «الهربس» الآخر الذي يمكن أن يصيب الدماغ، فيروس الحماق النطاقي varicella - zoster virus (الذي يسبب جدري الماء والهربس النطاقي)، قد يزيد مخاطر الإصابة بالخرف. وكشفت دراسة أُجريت على نحو 150000 شخص، نشرتها دورية «أبحاث وعلاج ألزهايمر» (Alzheimer’s Research and Therapy)، في 14 أغسطس (آب) 2024، أن الأشخاص الذين يعانون من الهربس الآخر الذي يمكن أن يصيب الدماغ، فيروس الحماق النطاقي (الذي يسبب جدري الماء والهربس النطاقي) قد يزيد كذلك من خطر الإصابة بالخرف. ووجدت الدراسة أن الأشخاص الذين أُصيبوا بالهربس النطاقي كانوا أكثر عرضة للإبلاغ لاحقاً عن صعوبات في تذكُّر الأشياء البسيطة. وتعكف أبحاث جارية على دراسة العلاقة بين لقاح الهربس النطاقي وانحسار خطر الإصابة بألزهايمر.

فيروسات وبكتيريا أخرى:

* فيروس «كوفيد - 19». وقد يجعل الفيروس المسبب لمرض «كوفيد - 19»، المعروف باسم «SARS - CoV - 2»، الدماغ عُرضةً للإصابة بمرض ألزهايمر. وقارنت دراسة ضخمة للغاية بين الأشخاص الذين أُصيبوا بـ«كوفيد» (حتى الحالات الخفيفة) وأشخاص من نفس العمر والجنس لم يُصابوا بـ«كوفيد»، ووجدت أنه على مدار السنوات الثلاث التالية، كان أولئك الذين أُصيبوا بـ«كوفيد» أكثر عرضة للإصابة بمرض ألزهايمر بنحو الضعف.

كما جرى ربط العديد من الفيروسات (والبكتيريا) الأخرى، التي تصيب الرئة، بمرض ألزهايمر، رغم أن الأدلة لا تزال أولية.

* بكتيريا اللثة. قد تزيد العديد من أنواع البكتيريا التي تعيش عادة في أفواهنا وتسبب أمراض اللثة (التهاب دواعم السن)، من خطر الإصابة بمرض الزهايمر. وعبَّر تانزي عن اعتقاده بأن هذا أمر منطقي، لأن «أسناننا العلوية توفر مسارات عصبية مباشرة إلى الدماغ». وتتفق النتائج الأولية التي خلص إليها تانزي مع الدور الذي تلعبه بكتيريا اللثة. وقد توصلت الدراسات المنشورة حول هذا الموضوع إلى نتائج مختلفة.

* البكتيريا المعوية: عبر السنوات الـ25 الماضية، اكتشف العلماء أن البكتيريا التي تعيش في أمعائنا تُنتِج موادّ تؤثر على صحتنا، للأفضل أو للأسوأ. وعن ذلك قال الدكتور كوماروف: «هذا أحد أهم الاكتشافات الطبية الحيوية في حياتنا». هناك بعض الأدلة المبكرة على أن هذه البكتيريا يمكن أن تؤثر على خطر إصابة الشخص بمرض ألزهايمر بوقت لاحق. ولا يزال يتعين تحديد كيفية تغيير تكوين بكتيريا الأمعاء، لتقليل المخاطر.

ربما يكون لها دور في تكاثر رواسب أميلويد بيتا المسببة للمرض

عوامل نمط الحياة ومرض ألزهايمر

يرتبط كثير من عوامل نمط الحياة المختلفة بزيادة خطر الإصابة بمرض ألزهايمر. وتتضمن الأمثلة التدخين (خصوصاً في وقت لاحق من الحياة)، والإفراط في تعاطي الكحوليات، والخمول البدني، وقلة النوم العميق، والتعرض لتلوث الهواء، والنظام الغذائي الغني بالسكر والملح والأطعمة المصنَّعة.

كما تزيد العديد من عوامل نمط الحياة هذه من خطر الإصابة بأمراض مزمنة شائعة أخرى، مثل ارتفاع ضغط الدم والسكري والسمنة.

وبحسب الدكتور كوماروف، فإنه «نظراً لأن إجراء تغييرات في نمط الحياة قد يكون صعباً، يأمل كثيرون في أن تثمر دراسة الأسباب البيولوجية وراء مرض ألزهايمر ابتكار دواء (سحري) يمنع المرض، أو حتى يعكس مساره. ويرى الدكتور كوماروف أن «ذلك اليوم قد يأتي، لكن ربما ليس في المستقبل القريب».

في الوقت الحالي، يقترح تانزي إدخال تعديلات في نمط الحياة بهدف التقليل من خطر الإصابة بألزهايمر.

بوجه عام، فإن فكرة أن الميكروبات قد تؤدي إلى بعض حالات ألزهايمر لا تزال غير مثبتة، وغير مقبولة على نطاق واسع، لكن الأدلة تزداد قوة. ومع ذلك، تتفق هذه الفكرة مع أبحاث سابقة أظهرت أهمية أميلويد بيتا، وتاو، وapoe4 والالتهاب العصبي، بوصفها أسباب مرض ألزهايمر.

عن ذلك، قال الدكتور كوماروف: «الإشارة إلى دور للميكروبات في بعض حالات مرض ألزهايمر لا تحل محل الأفكار القديمة، وإنما تتفق مع الأفكار القديمة، وربما تكملها».

* رسالة هارفارد للقلب - خدمات «تريبيون ميديا».