أين يقع منزل عبد الحليم حافظ؟ وأين يقع منزل فؤاد المهندس أو نجيب الريحاني؟ وما قصة تلك المباني؟ تساؤلات تحير عشاق المباني التاريخية والتراثية لرغبتهم في إشباع فضولهم في التعرف على تاريخها وقصتها، لكنها لن تؤرقهم بعد اليوم، فقد أعلن جهاز التنسيق الحضاري عن بدء تنفيذ مشروع «عاش هنا» الذي يهدف لوضع لافتات رقمية لتوثيق المباني في المدن والمحافظات المصرية، على أن توضح اللافتات أبرز المشاهير والشخصيات العامة المصرية والأجنبية التي عاشت في تلك المباني.
يقول المهندس محمد أبو سعدة، رئيس الجهاز القومي للتنسيق الحضاري، لـ«الشرق الأوسط»: «فكرة المشروع جاءت على غرار الدول الأوروبية، حيث يسعى كثير من زوارها للتعرف على أماكن إقامة كبار الأدباء، والتقاط الصور التذكارية أمامها، ومصر بها مئات من المنازل والبيوت التي عاش بها كبار الأدباء والشعراء والفنانين والموسيقيين والتشكيليين. لذا، فكرنا في مشروع «عاش هنا» بهدف توثيق المباني والأماكن التي عاش بها المشاهير في كل المجالات، الذين ساهموا في إثراء الحركة الثقافية والفنية في مصر عبر تاريخها الحديث».
ويوضح أبو سعدة: «بُدِء في تنفيذ الفكرة بوضع لافتات تبين اسم الفنان الذي سكن بالمبنى، ونبذة مختصرة عن أهم أعماله وتاريخه الفني، محملة على تطبيق الـQR الذي يمكن استخدامه عن طريق الهواتف الذكية والأجهزة اللوحية المتطورة، مما يساعد على نشر الوعي والمعرفة بتاريخ الشخصيات والمباني الهامة على مستوى الجمهورية».
وتحمل اللافتات البرونزية اللون التي ستجدها موجودة الآن على مباني القاهرة التاريخية ومباني وسط القاهرة الشهيرة، كثيرًا من المعلومات، مثل: رقم توثيق المبنى، بوصفه عقارًا ذا طراز معماري متميز، وعنوانه، وسنة الإنشاء، فضلا عن إضافة رمز على لوحة التوثيق يحمل مزيدًا من المعلومات الخاصة بالمبنى، مثل اسم المعماري الذي شيده، ونبذة تاريخية عن المبنى.
وأخيرًا، قام الجهاز بضم فيلا الفنانة الراحلة ماري منيب لقائمة المباني التراثية، لحمايتها من التعديات في إطار ضمها أيضًا للتوثيق في مشروع «عاش هنا».
ويضيف أبو سعدة: «تُوضَع حاليًا قاعدة بيانات ضخمة تضم تصنيفًا للمباني التي عاش فيها فنانون أو مشاهير، وقد تواصلنا مع نقابة الفنانين ونقابة التشكيليين ونقابة الملحنين ونقابة السينمائيين، للحصول على المعلومات الخاصة بأماكن إقامة أعلامهم، إلا أننا ما زلنا في حاجة لكثير من الباحثين المهتمين بتاريخ المباني الأثرية لتوثيق كل المعلومات، وسنستعين بالمهتمين بتوثيق التراث الثقافي والفني في مصر، لتدقيق المعلومات والبيانات التي تُجمَع».
ويستطرد أبو سعدة: «قمنا حتى الآن بتسجيل 6447 مبنى تراثيًا، في 18 محافظة. وفي وسط القاهرة فقط، هناك أكثر من 80 عقارًا لهم طراز معماري مميز»، مشيرًا إلى أن اللافتات تعتبر هي اللبنة الأولى في هذا المشروع التوثيقي الضخم، على أن تُربَط في مرحلة لاحقة كل المعلومات والصور بخرائط رقمية على غرار «جوجل مابس»، لكي يتمكن الزائر للقاهرة من التعرف على أماكن إقامة المشاهير وفقا للمناطق والأحياء، ويكون بوسعه أن يضع برنامجًا لزيارتها مع دليل رقمي على هاتفه المحمول.
ففي حي «جاردن سيتي» الشهير، مثلا، توجد فيلا دكتور علي إبراهيم باشا (1880 - 1947)، أول الجراحين المصريين، وعنوانها: رقم 2، شارع خليل أغا، جاردن سيتي، التي لا يعلم عنها المارة شيئًا، إلا أن مشروع «عاش هنا» سيمكنك من معرفة أن الفيلا صممها أوسكار هورويتز خصيصًا لعلي باشا إبراهيم، أول عميد مصري لكلية طب قصر العيني، الذي شغل أيضًا منصب وزير الصحة، وعين في سبتمبر (أيلول) عام 1941 (بعد خروجه من الوزارة مباشرة) مديرًا لجامعة فؤاد الأول. كما ستعرف أن علي باشا إبراهيم هو مؤسس نقابة أطباء مصر عام 1940، وأنه كان أول نقيب لأطباء مصر، وأن هذه الفيلا اشتراها الثري السوري الحاج أكرم، ثم باعها في عام 1970 للشيخ مبارك الصباح الذي استخدمها مكتبًا له.
وتكمن أهمية المشروع في أنه في كثير من الأحياء، توجد عشرات من الفيلات والقصور المجهولة الهوية لكثير من المصريين أنفسهم، ويتعرض أغلبها للتدمير والتشويه والتخريب من قبل المقاولين والمهندسين الجشعين، خصوصًا في أعقاب ثورة يناير عام 2011، حيث عم الانفلات الأمني، وسادت فوضى البناء العشوائي التي طالت العقارات المميزة والتاريخية، فشيدت على أنقاضها مسوخ معمارية.
«عاش هنا».. لافتات رقمية في مصر للمباني التاريخية ومنازل المشاهير
بيوت الفنانين والأدباء والشعراء ضمن أضخم مشروع توثيقي تفاعلي
«عاش هنا».. لافتات رقمية في مصر للمباني التاريخية ومنازل المشاهير
لم تشترك بعد
انشئ حساباً خاصاً بك لتحصل على أخبار مخصصة لك ولتتمتع بخاصية حفظ المقالات وتتلقى نشراتنا البريدية المتنوعة