الرئيس المصري يجتمع بالمجلس العسكري ويستعرض جهود مكافحة الإرهاب

مع ترقب قرارات مؤلمة منها تعويم الجنيه ورفع أسعار الوقود

الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي, ووزير الدفاع ورئيس أركان حرب القوات المسلحة المصرية لدى زيارتهم قبر الرئيس الراحل السادات والنصب التذكاري للجندي المجهول أمس (أ.ف.ب)
الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي, ووزير الدفاع ورئيس أركان حرب القوات المسلحة المصرية لدى زيارتهم قبر الرئيس الراحل السادات والنصب التذكاري للجندي المجهول أمس (أ.ف.ب)
TT

الرئيس المصري يجتمع بالمجلس العسكري ويستعرض جهود مكافحة الإرهاب

الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي, ووزير الدفاع ورئيس أركان حرب القوات المسلحة المصرية لدى زيارتهم قبر الرئيس الراحل السادات والنصب التذكاري للجندي المجهول أمس (أ.ف.ب)
الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي, ووزير الدفاع ورئيس أركان حرب القوات المسلحة المصرية لدى زيارتهم قبر الرئيس الراحل السادات والنصب التذكاري للجندي المجهول أمس (أ.ف.ب)

اجتمع الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي، أمس، بالمجلس الأعلى للقوات المسلحة، مع اقتراب الاحتفال بذكرى انتصارات حرب أكتوبر (تشرين الأول) عام 1973، وقبيل اتخاذ إجراءات اقتصادية يخشى من آثارها المؤلمة على قطاعات واسعة من المصريين.
ويتوقع مراقبون وخبراء أن تقدم الحكومة المصرية خلال الأيام القليلة المقبلة على تحرير سعر صرف العملة المحلية، وخفض الدعم على المحروقات، الأمر الذي من المرجح أن يتسبب في موجة غلاء جديدة.
ومع كل إجراء يمس الدعم في مصر يتبادر إلى الأذهان أحداث انتفاضة شعبية وقعت في 18 و19 يناير (كانون الثاني) عام 1977، أعقبت رفع أسعار سلع أساسية، وقد اضطر الرئيس الراحل أنور السادات إلى إلغاء القرار واستعان بالجيش لضبط الأوضاع الأمنية في البلاد. وفي أكثر من مناسبة أشاد الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي بقرار حكومة السادات، وعدها خطوة إصلاحية أحبطت في مهدها.
وفي آخر ظهور إعلامي له، أشار الرئيس السيسي إلى خطة انتشار الجيش في أنحاء البلاد خلال 6 ساعات، مما اعتبره البعض محاولة لتأكيد قدرة الدولة على احتواء أي أحداث مماثلة لما جرى في يناير قبل نحو 40 عامًا.
ونقلت وكالة أنباء الشرق الأوسط عن المتحدث باسم الرئاسة علاء يوسف، أن الرئيس السيسي حضر اجتماعًا للمجلس الأعلى للقوات المسلحة بكامل أعضائه، وقالت الوكالة الرسمية إن اللقاء استعرض آخر المستجدات على صعيد تطور الأوضاع الأمنية الداخلية على مختلف الاتجاهات والمحاور الاستراتيجية، حيث اطلع الرئيس على تقرير حول الإجراءات التي تقوم بها القوات المسلحة من أجل تطهير سيناء من العناصر الإرهابية وترسيخ الأمن والاستقرار فيها.
كما اطلع الرئيس على التدابير التي تقوم بها القوات المسلحة على صعيد تأمين الحدود وإحكام السيطرة عليها، من أجل منع تسلل الأفراد أو البضائع عبرها. ووجه الرئيس باستمرار العمل بأقصى درجات الحذر واليقظة والاستعداد القتالي بالنظر إلى دقة الأوضاع الإقليمية، بحسب الوكالة الرسمية.
واستعرض المجلس عددًا من الملفات الإقليمية، وكذا تطورات العمليات العسكرية ومجمل الأوضاع في ليبيا واليمن وسوريا. وفي هذا الصدد، أكد الرئيس السيسي أن مصر ستواصل العمل على تحقيق وحدة الصف العربي والوقوف إلى جانب أشقائها من الدول العربية.
وانتشرت في شوارع العاصمة المصرية، القاهرة، خلال الأيام الماضية، ملصقات ولافتات دعائية تحمل عبارات من قبيل «بالإصلاح الجريء نقصر الطريق»، و«الخوف والتشكيك يطولوا الطريق»، في مسعى لترويج برنامج الحكومة للإصلاح.
وتأمل القيادة المصرية على ما يبدو في أن تساهم هذه الحملة في توعية مواطنيها بأهمية وضرورة الإجراءات الاقتصادية، التي تستهدف تقليص عجز الموازنة المتزايد. وغالبًا ما يشير المسؤولون إلى تلك الإجراءات باعتبارها «دواء مرًا».
ورغم التراجع الكبير للاحتجاجات الشعبية منذ تولي الرئيس المصري مقاليد السلطة في البلاد قبل ما يزيد على العامين، شهدت البلاد أخيرًا مظاهرات فئوية كان أبرزها خلال مطلع الأسبوع الحالي، حينما احتشد آلاف المحامين في عدة مدن مصرية، للاحتجاج على قانون القيمة المضافة الذي أقره البرلمان الشهر الماضي. وتُجمع النخب المصرية على ضرورة معالجة الأزمات الاقتصادية، لكن الخلاف يدور حول من يتحمل أعباء هذا الإصلاح.
وتقول الحكومة إنها وفرت برامج لدعم الفئات الأكثر احتياجًا، كما أنها استثنت قطاعات من خفض دعم الكهرباء والغاز.
وتعهد السيسي، الشهر الماضي، بالسيطرة على الأسعار خلال شهر أو اثنين، «بغض النظر عن سعر الدولار»، من خلال تنفيذ برنامج حكومي يقوم على زيادة كميات السلع في الأسواق.
وفي أغسطس (آب) الماضي، توصلت بعثة صندوق النقد الدولي في القاهرة إلى اتفاق مع الحكومة المصرية، لإقراضها 12 مليار دولار على 3 سنوات. ودعا الصندوق شركاء مصر إلى مساعدتها في «هذه الفترة الحرجة»، على حد وصفه.
وتراجعت عائدات مصر من العملة الأجنبية مع تباطؤ الاقتصاد العالمي، مما أثر على عائدات قناة السويس التي ضخت الحكومة المصرية مليارات الدولارات لتوسعتها، أملاً في زيادة الدخل، كما أثرت عمليات إرهابية أبرزها حادث تحطم طائرة روسية فوق سيناء على قطاع السياحة، الذي يعد من المصادر الرئيسية للدخل في البلاد.



الحوثيون يواجهون مخاوفهم من مصير الأسد بالقمع والتحشيد

طلاب في جامعة البيضاء أجبرتهم الجماعة الحوثية على المشاركة في فعاليات تعبوية (إعلام حوثي)
طلاب في جامعة البيضاء أجبرتهم الجماعة الحوثية على المشاركة في فعاليات تعبوية (إعلام حوثي)
TT

الحوثيون يواجهون مخاوفهم من مصير الأسد بالقمع والتحشيد

طلاب في جامعة البيضاء أجبرتهم الجماعة الحوثية على المشاركة في فعاليات تعبوية (إعلام حوثي)
طلاب في جامعة البيضاء أجبرتهم الجماعة الحوثية على المشاركة في فعاليات تعبوية (إعلام حوثي)

ضمن مخاوف الجماعة الحوثية من ارتدادات تطورات الأوضاع في سوريا على قوتها وتراجع نفوذ محور إيران في منطقة الشرق الأوسط؛ صعّدت الجماعة من ممارساتها بغرض تطييف المجتمع واستقطاب أتباع جدد ومنع اليمنيين من الاحتفال بسقوط نظام بشار الأسد.

واستهدفت الجماعة، حديثاً، موظفي مؤسسات عمومية وأخرى خاصة وأولياء أمور الطلاب بالأنشطة والفعاليات ضمن حملات التعبئة التي تنفذها لاستقطاب أتباع جدد، واختبار ولاء منتسبي مختلف القطاعات الخاضعة لها، كما أجبرت أعياناً قبليين على الالتزام برفد جبهاتها بالمقاتلين، ولجأت إلى تصعيد عسكري في محافظة تعز.

وكانت قوات الحكومة اليمنية أكدت، الخميس، إحباطها ثلاث محاولات تسلل لمقاتلي الجماعة الحوثية في جبهات محافظة تعز (جنوب غربي)، قتل خلالها اثنان من مسلحي الجماعة، وتزامنت مع قصف مواقع للجيش ومناطق سكنية بالطيران المسير، ورد الجيش على تلك الهجمات باستهداف مواقع مدفعية الجماعة في مختلف الجبهات، وفق ما نقله الإعلام الرسمي.

الجيش اليمني في تعز يتصدى لأعمال تصعيد حوثية متكررة خلال الأسابيع الماضية (الجيش اليمني)

وخلال الأيام الماضية اختطفت الجماعة الحوثية في عدد من المحافظات الخاضعة لسيطرتها ناشطين وشباناً على خلفية احتفالهم بسقوط نظام الأسد في سوريا، وبلغ عدد المختطفين في صنعاء 17 شخصاً، قالت شبكة حقوقية يمنية إنهم اقتيدوا إلى سجون سرية، في حين تم اختطاف آخرين في محافظتي إب وتعز للأسباب نفسها.

وأدانت الشبكة اليمنية للحقوق والحريات حملة الاختطافات التي رصدتها في العاصمة المختطفة صنعاء، مشيرة إلى أنها تعكس قلق الجماعة الحوثية من انعكاسات الوضع في سوريا على سيطرتها في صنعاء، وخوفها من اندلاع انتفاضة شعبية مماثلة تنهي وجودها، ما اضطرها إلى تكثيف انتشار عناصرها الأمنية والعسكرية في شوارع وأحياء المدينة خلال الأيام الماضية.

وطالبت الشبكة في بيان لها المجتمع الدولي والأمم المتحدة والمنظمات الحقوقية بإدانة هذه الممارسات بشكل واضح، بوصفها خطوة أساسية نحو محاسبة مرتكبيها، والضغط على الجماعة الحوثية للإفراج عن جميع المختطفين والمخفيين قسراً في معتقلاتها، والتحرك الفوري لتصنيفها منظمة إرهابية بسبب تهديدها للأمن والسلم الإقليميين والدوليين.

تطييف القطاع الطبي

في محافظة تعز، كشفت مصادر محلية لـ«الشرق الأوسط» عن أن الجماعة الحوثية اختطفت عدداً من الشبان في منطقة الحوبان على خلفية إبداء آرائهم بسقوط نظام الأسد، ولم يعرف عدد من جرى اختطافهم.

تكدس في نقطة تفتيش حوثية في تعز حيث اختطفت الجماعة ناشطين بتهمة الاحتفال بسقوط الأسد (إكس)

وأوقفت الجماعة، بحسب المصادر، عدداً كبيراً من الشبان والناشطين القادمين من مناطق سيطرة الحكومة اليمنية، وأخضعتهم للاستجواب وتفتيش متعلقاتهم الشخصية وجوالاتهم بحثاً عمّا يدل على احتفالهم بتطورات الأحداث في سوريا، أو ربط ما يجري هناك بالوضع في اليمن.

وشهدت محافظة إب (193 كيلومتراً جنوب صنعاء) اختطاف عدد من السكان للأسباب نفسها في عدد من المديريات، مترافقاً مع إجراءات أمنية مشددة في مركز المحافظة ومدنها الأخرى، وتكثيف أعمال التحري في الطرقات ونقاط التفتيش.

إلى ذلك، أجبرت الجماعة عاملين في القطاع الطبي، بشقيه العام والخاص، على حضور فعاليات تعبوية تتضمن محاضرات واستماع لخطابات زعيمها عبد الملك الحوثي، وشروحات لملازم المؤسس حسين الحوثي، وأتبعت ذلك بإجبارهم على المشاركة في تدريبات عسكرية على استخدام مختلف الأسلحة الخفيفة والمتوسطة والقنابل اليدوية وزراعة الألغام والتعامل مع المتفجرات.

وذكرت مصادر طبية في صنعاء أن هذه الإجراءات استهدفت العاملين في المستشفيات الخاصعة لسيطرة الجماعة بشكل مباشر، سواء العمومية منها، أو المستشفيات الخاصة التي استولت عليها الجماعة بواسطة ما يعرف بالحارس القضائي المكلف بالاستحواذ على أموال وممتلكات معارضيها ومناهضي نفوذها من الأحزاب والأفراد.

زيارات إجبارية للموظفين العموميين إلى معارض صور قتلى الجماعة الحوثية ومقابرهم (إعلام حوثي)

وتتزامن هذه الأنشطة مع أنشطة أخرى شبيهة تستهدف منتسبي الجامعات الخاصة من المدرسين والأكاديميين والموظفين، يضاف إليها إجبارهم على زيارة مقابر قتلى الجماعة في الحرب، وأضرحة عدد من قادتها، بما فيها ضريح حسين الحوثي في محافظة صعدة (233 كيلومتراً شمال صنعاء)، وفق ما كانت أوردته «الشرق الأوسط» في وقت سابق.

وكانت الجماعة أخضعت أكثر من 250 من العاملين في الهيئة العليا للأدوية خلال سبتمبر (أيلول) الماضي، وأخضعت قبلهم مدرسي وأكاديميي جامعة صنعاء (أغلبهم تجاوزوا الستين من العمر) في مايو (أيار) الماضي، لتدريبات عسكرية مكثفة، ضمن ما تعلن الجماعة أنه استعداد لمواجهة الغرب وإسرائيل.

استهداف أولياء الأمور

في ضوء المخاوف الحوثية، ألزمت الجماعة المدعومة من إيران أعياناً قبليين في محافظة الضالع (243 كيلومتراً جنوب صنعاء) بتوقيع اتفاقية لجمع الأموال وحشد المقاتلين إلى الجبهات.

موظفون في القطاع الطبي يخضعون لدورات قتالية إجبارية في صنعاء (إعلام حوثي)

وبينما أعلنت الجماعة ما وصفته بالنفير العام في المناطق الخاضعة لسيطرتها من المحافظة، برعاية أسماء «السلطة المحلية» و«جهاز التعبئة العامة» و«مكتب هيئة شؤون القبائل» التابعة لها، أبدت أوساط اجتماعية استياءها من إجبار الأعيان والمشايخ في تلك المناطق على التوقيع على وثيقة لإلزام السكان بدفع إتاوات مالية لصالح المجهود الحربي وتجنيد أبنائهم للقتال خلال الأشهر المقبلة.

في السياق نفسه، أقدمت الجماعة الانقلابية على خصم 10 درجات من طلاب المرحلة الأساسية في عدد من مدارس صنعاء، بحة عدم حضور أولياء الأمور محاضرات زعيمها المسجلة داخل المدارس.

ونقلت المصادر عن عدد من الطلاب وأولياء أمورهم أن المشرفين الحوثيين على تلك المدارس هددوا الطلاب بعواقب مضاعفة في حال استمرار تغيب آبائهم عن حضور تلك المحاضرات، ومن ذلك طردهم من المدارس أو إسقاطهم في عدد من المواد الدراسية.

وأوضح مصدر تربوي في صنعاء لـ«الشرق الأوسط» أن تعميماً صدر من قيادات عليا في الجماعة إلى القادة الحوثيين المشرفين على قطاع التربية والتعليم باتباع جميع الوسائل للتعبئة العامة في أوساط أولياء الأمور.

مقاتلون حوثيون جدد جرى تدريبهم وإعدادهم أخيراً بمزاعم مناصرة قطاع غزة (إعلام حوثي)

ونبه المصدر إلى أن طلب أولياء الأمور للحضور إلى المدارس بشكل أسبوعي للاستماع إلى محاضرات مسجلة لزعيم الجماعة هو أول إجراء لتنفيذ هذه التعبئة، متوقعاً إجراءات أخرى قد تصل إلى إلزامهم بحضور فعاليات تعبوية أخرى تستمر لأيام، وزيارة المقابر والأضرحة والمشاركة في تدريبات قتالية.

وبحسب المصدر؛ فإن الجماعة لا تقبل أي أعذار لتغيب أولياء الأمور، كالسفر أو الانشغال بالعمل، بل إنها تأمر كل طالب يتحجج بعدم قدرة والده على حضور المحاضرات بإقناع أي فرد آخر في العائلة بالحضور نيابة عن ولي الأمر المتغيب.