في تركيا.. فنجان القهوة يحفظ المودة 40 عامًا

مشروب نقله السفراء لأوروبا وأقيمت جمعيات للحفاظ على تراثه

القهوة ترتبط في حياة الأتراك بالكثير من مناسباتهم الاجتماعية ولاسيما الخطوبة والزواج - يعود تاريخ القهوة التركية إلى القرن الـ16 حيث بدأ الأتراك بتحميص وطحن حبات البن
القهوة ترتبط في حياة الأتراك بالكثير من مناسباتهم الاجتماعية ولاسيما الخطوبة والزواج - يعود تاريخ القهوة التركية إلى القرن الـ16 حيث بدأ الأتراك بتحميص وطحن حبات البن
TT

في تركيا.. فنجان القهوة يحفظ المودة 40 عامًا

القهوة ترتبط في حياة الأتراك بالكثير من مناسباتهم الاجتماعية ولاسيما الخطوبة والزواج - يعود تاريخ القهوة التركية إلى القرن الـ16 حيث بدأ الأتراك بتحميص وطحن حبات البن
القهوة ترتبط في حياة الأتراك بالكثير من مناسباتهم الاجتماعية ولاسيما الخطوبة والزواج - يعود تاريخ القهوة التركية إلى القرن الـ16 حيث بدأ الأتراك بتحميص وطحن حبات البن

جميعنا يسمع دائما عن القهوة التركية وفي أنحاء العالم عندما يدخل الناس المقاهي يطلبون في العادة القهوة مصحوبة بكلمة التركية مع أن تركيا ليست من الدول المنتجة للبن لكن حكاية القهوة فيها حكاية مثيرة أكسنتها الشهرة شرقا وغربا.
وتحتل القهوة مكانة مميزة في المجتمع التركي، وهناك مثل تركي يقول: «فنجان قهوة يحفظ المودة 40 عاما»، وهو مثل يعبر عن الامتنان والشكر على المعروف مهما كان صغيرا. لكنه يشكل في الوقت نفسه إشارة إلى أهمية القهوة في الروابط الاجتماعية في تركيا.
ونظرًا لهذه السمعة الكبيرة التي اكتسبتها القهوة فقد باتت رمزا للمودة يستخدمه المرشحون للانتخابات المحلية والتشريعية حيث يوزعون القهوة على بيوت الناخبين وتستخدمه الشركات لربط المستهلكين بمنتجاتها عندما تشحن مع المنتج كيسا صغيرا من القهوة المطحونة.
والقهوة التركية هي القهوة المطهوة والمحضرة بالطريقة التي تعود للأتراك، حيث تتميز بوجود الرغوة على وجه الفنجان إلى جانب رائحتها وطعمها وطريقة تقديمها الخاصة مصحوبة بالملبن التركي الشهير.
والقهوة ترتبط في حياة الأتراك بالكثير من مناسباتهم الاجتماعية ولا سيما الخطوبة والزواج، ونجاح الفتاة في صنع فنجان القهوة لا يزال علامة على نجاحها في حياتها الزوجية وصلاحيتها للزواج.
ويعود تاريخ القهوة التركية إلى القرن السادس عشر، حيث بدأ الأتراك في هذا التاريخ بتحميص وطحن حبات البن، وفي القرن السابع عشر أصبحوا أكبر موزعي القهوة في العالم، بعد أن باتت القهوة في ذلك الوقت متطلبًا لا يمكن التخلي عنه في الحياة الاجتماعية لانتشار المقاهي والمنتديات الأدبية والشعرية. وكان هذا نصرًا كبيرًا حققته القهوة في سرعة انتشارها.
ومن المعروف أن أول موطن للقهوة هو عدن في اليمن، حيث كان المتصوفون والدراويش يشربونها ليحيوا الليل، وكانوا يصفونها بالمشروب الذي يفتح الذهن. ومن ثم انتقلت إلى مصر وسوريا والحجاز وأخيرا إلى تركيا.
وتروي بعض المراجع أن القهوة ورد ذكرها في الأساطير والحكايات في إثيوبيا قبل أن تشتهر في اليمن، ومن أشهرها أسطورة الراعي الذي كان يعزف الناي ليجمع عنزاته عند المساء ويعود بهم إلى البيت، وفي أحد الأيام ناداهم عند غروب الشمس ولكنهم لم يأتوا، فبحث عنهم في كل مكان ولم يجدهم، وبعد أن كاد يفقد الأمل وجدهم يأكلون أوراق شجر ثم يرقصون ويقفزون ويتناطحون، فتعجب لأمرهم. وفي اليوم التالي فعلوا الشيء نفسه، فمد يده وتناول هذه الأوراق ومضغها، وكانت مُرّة للغاية، ثم مضغ ثمرتها وبذورها فأعجبته، وهكذا كان اكتشاف البن كما تروي الأسطورة.
وكان العرب في شبه الجزيرة العربية يغلون ثمرة القهوة ويشربونها، ثم تعرفوا على طريقة الطهي الجديدة ذات الطعم الخاص التي أوجدها الأتراك.
وفي مطابخ قصور السلاطين العثمانيين كانت القهوة التركية تحضر بتحميص بذورها النيئة ثم تدق حتى تنعم وتطهى في إناء معدني.
ثم انتقلت القهوة إلى أوروبا بفضل السفراء العثمانيين والتجار، ومن هنا انتشرت القهوة التركية في أرجاء أوروبا.
وعندما زاد رواج القهوة وازداد عدد طالبيها أصبحت تجارتها مربحة، فعمد منتجوها إلى البحث عن شروط زراعتها في مناطق ذات طقس مناسب، ووقع الاختيار على جنوب أميركا وجنوب آسيا حيث تم إنتاج القهوة المختلفة في طعمها ونكهتها عن موطنها الأصلي في اليمن لتصبح البرازيل صاحبة الشهرة في مجال زراعة البن الذي أصبح يسمى عالميا بالبن البرازيلي.
وعلى الرغم من أن تركيا لا تزرع البن، فإن طريقة تحضيرها التي تبدأ بالتحميص وتنتهي بصبها في الفنجان باتت تعرف في أنحاء العالم بالقهوة التركية.
ووصف الرحالة الفرنسي جان دي تيفينوت الذي زار الدولة العثمانية في القرن السابع عشر القهوة بالعنصر الأساسي في حياة العثمانيين بقوله: «كل تركي غنيًا كان أم فقيرًا يشرب في اليوم فنجانين من القهوة». وقال الرحالة الإيطالي إدموندو إمنيجيس الذي زار إسطنبول في القرن التاسع عشر إن القهوة موجودة في أعلى برج جلطه وفي أعلى برج بيازيد في السفن وفي الأسواق وفي الدوائر الرسمية.
وفي عام 2008 تأسست في تركيا جمعية ثقافة القهوة التركية التي تهدف إلى الحفاظ على هذا التراث الثقافي ونقله إلى الأجيال.
وفي المتاحف يجد الزائرون الأتراك والأجانب دائما لوحة أو أكثر تشرح تاريخ القهوة التركية وقصة دخول القهوة إلى تركيا وكيف انتشرت وأصبحت ذائعة الصيت في العالم باسم القهوة التركية كما يمكن التعرف عن قرب على القوة من خلال 42 مقهى داخل المتاحف.
وفي قصر بارغالي إبراهيم باشا يوجد متحف الفن الإسلامي في منطقة «أمينونو» في إسطنبول. ويوجد في هذا المتحف مقهى على الطراز التقليدي، يتم التعريف فيه بالقهوة التركية. وتقام كل صيف دورة لتعليم طهي القهوة، يحصل المتعلم في نهايتها على شهادة «تعلم طهي القهوة التركية التقليدية». وتلقى هذه الدورات اهتماما من الأجانب والأتراك على حد سواء، الذين يكتشفون في نهاية الدورة أنهم كانوا لا يعرفون كيفية طهي القهوة.
وتعتبر القهوة التي تقدم في هذا المتحف قهوة مطبوخة على الطريقة التقليدية، إذ تُطحَن بعناية وتُشوى على الجمر، وتُقدّم بجانبها قطعة من حلوى الراحة أو الملبن.
ويتناول الأتراك القهوة في توقيتات محددة، فهي تشرب عادة في الصباح والظهيرة. وتعني كلمة الفطور في اللغة التركية «كاهفي آلتي»، ومعناها ما يؤكل قبل شرب القهوة. وتقدم القهوة حسب العادات والتقاليد عند طلب يد فتاة للزواج وفي الأعياد.
ويستعمل اسم القهوة التركية في العالم كله تقريبا ما عدا اليونان، فقد غيروا هذا الاسم إلى اسم القهوة اليونانية بعد دخول القوات التركية قبرص عام 1974.
وأدرجت القهوة التركية في قائمة «التراث الثقافي غير الملموس» في منظمة اليونيسكو، لتصبح التراث التركي الحادي عشر في الترتيب بعد الحكواتي وكاراجوز ورقصة السماح لمولانا ومصارعة كرك بنار ومعجون المسير وغيرها. وذلك في اجتماع عقدته هيئة حماية التراث العالمي غير الملموس في مدينة باكو في أذربيجان عام 2013. وعلى الرغم من أن الشاي هو المشروب الأكثر تداولا في الحياة اليومية للأكراد بحكم زراعته في تركيا فإنه لم يتمكن بعد من انتزاع المكانة التاريخية للقهوة التركية حتى مع انتشار الأنواع الغربية الحديثة للقهوة في محال ومقاه كثيرة في تركيا.



الذكاء الصناعي يهدد مهناً ويغير مستقبل التسويق

روبوتات ذكية تعزّز كفاءة الخدمات وجودتها في المسجد النبوي (واس)
روبوتات ذكية تعزّز كفاءة الخدمات وجودتها في المسجد النبوي (واس)
TT

الذكاء الصناعي يهدد مهناً ويغير مستقبل التسويق

روبوتات ذكية تعزّز كفاءة الخدمات وجودتها في المسجد النبوي (واس)
روبوتات ذكية تعزّز كفاءة الخدمات وجودتها في المسجد النبوي (واس)

في السنوات الأخيرة، أثّر الذكاء الصناعي على المجتمع البشري، وأتاح إمكانية أتمتة كثير من المهام الشاقة التي كانت ذات يوم مجالاً حصرياً للبشر، ومع كل ظهور لمهام وظيفية مبدعةً، تأتي أنظمة الذكاء الصناعي لتزيحها وتختصر بذلك المال والعمال.
وسيؤدي عصر الذكاء الصناعي إلى تغيير كبير في الطريقة التي نعمل بها والمهن التي نمارسها. وحسب الباحث في تقنية المعلومات، المهندس خالد أبو إبراهيم، فإنه من المتوقع أن تتأثر 5 مهن بشكل كبير في المستقبل القريب.

سارة أول روبوت سعودي يتحدث باللهجة العامية

ومن أكثر المهن، التي كانت وما زالت تخضع لأنظمة الذكاء الصناعي لتوفير الجهد والمال، مهن العمالة اليدوية. وحسب أبو إبراهيم، فإنه في الفترة المقبلة ستتمكن التقنيات الحديثة من تطوير آلات وروبوتات قادرة على تنفيذ مهام مثل البناء والتنظيف بدلاً من العمالة اليدوية.
ولفت أبو إبراهيم إلى أن مهنة المحاسبة والمالية ستتأثر أيضاً، فالمهن التي تتطلب الحسابات والتحليل المالي ستتمكن التقنيات الحديثة من تطوير برامج حاسوبية قادرة على إجراء التحليل المالي وإعداد التقارير المالية بدلاً من البشر، وكذلك في مجال القانون، فقد تتأثر المهن التي تتطلب العمل القانوني بشكل كبير في المستقبل.
إذ قد تتمكن التقنيات الحديثة من إجراء البحوث القانونية وتحليل الوثائق القانونية بشكل أكثر فاعلية من البشر.
ولم تنجُ مهنة الصحافة والإعلام من تأثير تطور الذكاء الصناعي. فحسب أبو إبراهيم، قد تتمكن التقنيات الحديثة من إنتاج الأخبار والمعلومات بشكل أكثر فاعلية وسرعة من البشر، كذلك التسويق والإعلان، الذي من المتوقع له أن يتأثر بشكل كبير في المستقبل. وقد تتمكن أيضاً من تحديد احتياجات المستهلكين ورغباتهم وتوجيه الإعلانات إليهم بشكل أكثر فاعلية من البشر.
وأوضح أبو إبراهيم أنه على الرغم من تأثر المهن بشكل كبير في العصر الحالي، فإنه قد يكون من الممكن تطوير مهارات جديدة وتكنولوجيات جديدة، تمكن البشر من العمل بشكل أكثر فاعلية وكفاءة في مهن أخرى.

الروبوت السعودية سارة

وفي الفترة الأخيرة، تغير عالم الإعلان مع ظهور التقنيات الجديدة، وبرز الإعلان الآلي بديلاً عملياً لنموذج تأييد المشاهير التقليدي الذي سيطر لفترة طويلة على المشهد الإعلاني. ومن المرجح أن يستمر هذا الاتجاه مع تقدم تكنولوجيا الروبوتات، ما يلغي بشكل فعال الحاجة إلى مؤيدين من المشاهير.
وأتاحت تقنية الروبوتات للمعلنين إنشاء عروض واقعية لعلاماتهم التجارية ومنتجاتهم. ويمكن برمجة هذه الإعلانات الآلية باستخدام خوارزميات معقدة لاستهداف جماهير معينة، ما يتيح للمعلنين تقديم رسائل مخصصة للغاية إلى السوق المستهدفة.
علاوة على ذلك، تلغي تقنية الروبوتات الحاجة إلى موافقات المشاهير باهظة الثمن، وعندما تصبح الروبوتات أكثر واقعية وكفاءة، سيجري التخلص تدريجياً من الحاجة إلى مؤيدين من المشاهير، وقد يؤدي ذلك إلى حملات إعلانية أكثر كفاءة وفاعلية، ما يسمح للشركات بالاستثمار بشكل أكبر في الرسائل الإبداعية والمحتوى.
يقول أبو إبراهيم: «يقدم الذكاء الصناعي اليوم إعلانات مستهدفة وفعالة بشكل كبير، إذ يمكنه تحليل بيانات المستخدمين وتحديد احتياجاتهم ورغباتهم بشكل أفضل. وكلما ازداد تحليل الذكاء الصناعي للبيانات، كلما ازدادت دقة الإعلانات وفاعليتها».
بالإضافة إلى ذلك، يمكن للذكاء الصناعي تحليل سجلات المتصفحين على الإنترنت لتحديد الإعلانات المناسبة وعرضها لهم. ويمكن أن يعمل أيضاً على تحليل النصوص والصور والفيديوهات لتحديد الإعلانات المناسبة للمستخدمين.
ويمكن أن تكون شركات التسويق والإعلان وأصحاب العلامات التجارية هم أبطال الإعلانات التي يقدمها الذكاء الصناعي، بحيث يستخدمون تقنياته لتحليل البيانات والعثور على العملاء المناسبين وعرض الإعلانات المناسبة لهم. كما يمكن للشركات المتخصصة في تطوير البرمجيات والتقنيات المرتبطة به أن تلعب دوراً مهماً في تطوير الإعلانات التي يقدمها.