«مانيتوبا» ينقل أشهر أطباق مودينا إلى قلب لندن

يعرّف اللندنيين بالـ«تيجيلا» الإيطالية بإشراف شيف مكلل بالنجوم

تيجيلا محشوة باللحم - حلوى مقدمة بطريقة مبتكرة - مانيتوبا عنوان يمزج العصرية بالرقي
تيجيلا محشوة باللحم - حلوى مقدمة بطريقة مبتكرة - مانيتوبا عنوان يمزج العصرية بالرقي
TT

«مانيتوبا» ينقل أشهر أطباق مودينا إلى قلب لندن

تيجيلا محشوة باللحم - حلوى مقدمة بطريقة مبتكرة - مانيتوبا عنوان يمزج العصرية بالرقي
تيجيلا محشوة باللحم - حلوى مقدمة بطريقة مبتكرة - مانيتوبا عنوان يمزج العصرية بالرقي

المعروف عن لندن أنها تستقبل أكثر من 50 مطعمًا جديدًا في الشهر الواحد، وحاليًا أجدد عناوين الأكل فيها مطعم «مانيتوبا» Manitoba الإيطالي في شارع «نيو أكسفورد ستريت» وهو تكملة لشارع «أكسفورد ستريت» عنوان التسوق في العاصمة، ويبعد نحو 5 دقائق مشيًا على الأقدام من منطقة «كوفنت غاردن» السياحية.
ما يميز هذا العنوان الإيطالي الجديد هو تقديمه طبق «تيجيلا» (Tigella) لأول مرة في لندن، ولمن لا يعرف مواصفات هذه الأكلة فهي ببساطة نوع من أنواع المخبوزات الإيطالية على غرار الفوكاشيا أو البروسكيتا.. وتتميز كونها دائرية الشكل وتوضع في قالب من الحديد وتخبز على النار، وفي هذا المطعم تحضر في أفران عصرية أمام أعين الزبائن، فعندما تصل إلى المطعم تعبق منه رائحة الخبز الشهية، سقوفية عالية جدا، وأثاث عصري، وأرفف أشبه بأرفف مكتبة عملاقة تضم آلة صنع «التيجيلا» التقليدية بالإضافة إلى أنواع من الباستا.
يمزج «مانيتوبا» ما بين المطعم العصري الذي يقدم المأكولات السريعة والمطعم الراقي الذي يتأنى في طريقة التقديم وأشكال الأواني وجودة المنتج، وهذا يترجم من خلال تقديم المأكولات في صحون جميلة، فجربنا الباستا بالصلصة البيضاء مع الهليون فكانت أكثر من رائعة.
ولكن الأكلة التي لا بد أن تجربها في المطعم فهي «تيجيلا»، التي تأتي بالأصل من منطقة مودينا الإيطالية القريبة من معامل سيارات «فيراري»، وترجمة «تيجيلا» الحرفية تعني «طحين»، ويقول أحد أصحاب المطعم نيكولا بوينو إن هناك كثيرًا من الزبائن يظنون أن المطعم كندي، لأن اسمه يتشابه مع اسم منطقة مانيتوبا في كندا، غير أن الإيطاليين يعرفون هذا الطبق الذي يمكن تقديمه مع عدة حشوات.
وبإيعاذ من ستيفانو بوتورتي مستشار أصحاب المطاعم الإيطالية في لندن، جربنا «التيجيلا» مع لحم البقر و«تيجيلا» مع القريدس، فهي تقدم في علبة أشبه بصندوق مصغر للفاكهة، وكل قطعة منها ملفوفة بورق أسمر، وهي عبارة عن قطعتين (أشبه بتقديم البرغر الأميركية)، إلا أن عجينة التيجيلا مقرمشة، وليست هشة، أما الحشوة فكانت لذيذة جدا لأنها ليست «ناشفة» فمع القريدس تقدم صلصة الغواكومولي المبنية في مقوماتها على الأفوكادو، أما اللحم فهو ممزوج بصلصة الجبن.
كما جربنا سلطة السلطعون، وهي فعلاً رائعة المذاق، وأنصح بتناولها مع قطعة واحدة من «تيجيلا»، وليس أكثر لأنها تحتوي على البطاطس المسلوقة مما يجعلها أثقل مما تكون عليه السلطة العادية.
لائحة الطعام، وضعت تحت إشراف طاه إيطالي يحمل في جعبته نجمتي «ميشلن» للتميز، والجميل فيها أنها سهلة القراءة وتعتمد على «التيجيلا» و«الباستا» والسلطة بالإضافة إلى بعض من الساندويتشات المصنوعة من خبز الفوكاشيا اللذيذة.
وأهم ما يميز المطعم أنه يناسب الغداء السريع، وبالوقت ذاته يمكن أن تزوره لغداء مميز أيضًا، فهو يقدم ما يبدو بسيطا وغير معقد، ولكن بطريقة تجعلك تشعر أنك تأكل في أحد أفضل مطاعم لندن.
ويقول نيكولا إنه لطالما عشق الطعام الإيطالي، وعندما جاء إلى لندن بهدف الدراسة وقع بغرامها وتنبه إلى أن سوق الطعام فيها تفتقر لهذا النوع من الطعام مما جعله يترك تخصصه ويفتتح أول مطعم بمساعدة أخيه، وتم اختيار هذا العنوان تحديدا لأنه يناسب الموظفين في المنطقة والسياح على حد سواء.



«الأقاشي» السودانية تغازل سفرة المصريين

«الأقاشي» السودانية تغازل سفرة المصريين
TT

«الأقاشي» السودانية تغازل سفرة المصريين

«الأقاشي» السودانية تغازل سفرة المصريين

لقمة خبز قد تأسر القلب، ترفع الحدود وتقرب الشعوب، هكذا يمكن وصف التفاعل الدافئ من المصريين تجاه المطبخ السوداني، الذي بدأ يغازلهم ووجد له مكاناً على سفرتهم.

هذه الأرغفة البيضاء الصغيرة، التي يصف مصريون مذاقها بأنها «أطيب من الكيك»، في إشارة لطيب المذاق، تعد مثالاً يعكس مدى الانسجام الثقافي الذي تجاوز الحدود.

مع تداعيات الحرب التي شهدها السودان، والتي أدت إلى عمليات نزوح كبيرة إلى مصر، لم يتوقف الأمر عند مرحلة سرد الآلام والمآسي، بل تحول سريعاً إلى اندماج السودانيين في سوق الطعام المصري، وخلال أقل من عامين أثبت المطبخ السوداني وجوداً نسبياً في مصر.

بمجرد أن تطأ قدمك شارع فيصل (أحد أشهر شوارع محافظة الجيزة) يمكنك الاستدلال على الوجود السوداني من رائحة التوابل العميقة الصادرة من مطاعم أسسها سودانيون، يستهدفون بها زبوناً مصرياً يتوق إلى مذاق شعبي في وصفات، مثل صينية البطاطس، ويختلف تماماً ليقدم هويته في طبق آخر مثل أسياخ «الأقاشي»، المصنوعة من اللحم الطري الغارق في توابل مثل الزنجبيل والقرفة، مع طبقات البقسماط المقرمش، التي تغازل المصريين.

تقول السودانية، فداء محمود أنور، خريجة إدارة أعمال من جامعة الخرطوم ومؤسسة مطعم «بنت السودان» في حي مدينة نصر، شرق القاهرة، إن المصريين «احتضنوا المطبخ السوداني بسبب وجود أواصر اجتماعية وثقافية بين البلدين».

وأوضحت، في حديث لـ«الشرق الأوسط»، من داخل مطعمها البسيط: «نقدم أكلات سودانية أصيلة، مثل الفول بزيت السمسم، والفلافل السودانية المصنوعة من الكبكبي (الحمص بلغة المصريين)، والأقاشي، وهو طبق شهير في السودان، إضافةً إلى الفسيخ السوداني والملوخية المفروكة وملاح الروب الأحمر».

وعن الأطباق شديدة الخصوصية، يقدم مطعم الشابة السودانية فداء طبقاً حبشياً، قالت عنه: «هناك أيضاً طبق ذو أصل حبشي أصبح جزءاً من المائدة السودانية يسمى (زغني)، وهو عبارة عن قطع الدجاج المبهرة بالقرفة والثوم والبصل والحبهان، كما يضاف له المذاق الحار بالشطة السودانية، وكذلك مذاق الحادق من خلال رشة السماق، ويقدم مع البيض المسلوق». فضلاً عن طبق الحلو السوداني الشهير «الباسطة»، أو ما يعرف بالبقلاوة في مصر.

وبحسب تجربتها، قالت فداء إن تفضيلات المصريين من المطبخ السوداني تميل إلى بعض الأطباق الأساسية التي ربما لا يختلف عليها السودانيون أيضاً، مثل: الخبز السوداني، والأقاشي، والفلافل، وأطباق الفول بالخلطات السودانية. أما باقي الأطباق، فالإقبال عليها محدود.

طعمية (فلافل) سودانية (الشرق الاوسط)

والبعد الجغرافي بين مصر والسودان انعكس في تقارب ثقافي، ظهر في المذاق المميز للمطبخين. ترى منة جمال، مصرية تعيش في حي السادس من أكتوبر، الذي يضم عدداً من المطاعم السودانية، أن المطبخ السوداني قريب من نظيره المصري، وقالت لـ«الشرق الأوسط»: «الخبز السوداني شبيه ببعض أنواع الخبز في الريف المصري، ربما يختلف في السُمك والحجم فقط ».

وعن الاختلاف بين المطبخين، قالت: «السودانيون يميلون إلى المذاق العميق والحار، بإضافة كميات كبيرة من التوابل، كما أن الفلفل الحار أساسي في عدد كبير من الأطباق السودانية، بينما يميل المصريون إلى إضافة التوابل الأساسية فقط، مثل الملح والفلفل والكمون».

الباسطا حلوى سودانية (الشرق الاوسط)

وبالعودة إلى فداء، فإنها أيضاً كسودانية وقعت في حب المطبخ المصري، وتروي تجربتها بالقول: «أنا من عشاق محشي ورق العنب، والكرنب، والباذنجان بالدقة، أحب تناوله مع الفلافل السودانية. أيضاً معظم السودانيين يحبون المحشي والملوخية المصرية».

الأطباق السودانية لم تعرف طريقها إلى المصريين من خلال المطاعم التجارية فحسب، بينما ساهم في رواجها نساء سودانيات كنّ قبل النزوح ربات منزل، إلا أنهن، مثل كثير من نساء الشرق، يعتبرن الطهي مهارة أساسية. ومع وصولهن إلى مصر وبحثهن عن سبل لكسب العيش، تحول الطهي إلى مهنة تحت شعار «أكل بيتي سوداني».

التقت «الشرق الأوسط» بفاطمة (اسم مستعار)، التي نزحت بعد الحرب وجاءت إلى القاهرة بصحبة عدد من الأسر السودانية، وتقيم حالياً في مدينة «الرحاب» التي تعد من المناطق ذات الإيجارات المرتفعة، حيث تشارك السكن مع 4 أسر سودانية أخرى. منذ عام، بدأت فاطمة بتقديم خدمات «الأكل البيتي» من منزلها بمساعدة بعض السيدات المقيمات معها.

تقول «فاطمة»: «جاءت الفكرة عندما لاحظت انتشار مشروعات الأكل البيتي في مصر، خاصة في الأحياء الراقية. فأنشأت حساباً على (فيسبوك)، بدأت من خلاله تقديم خدمات الأكل السوداني». وأردفت: «المصريون يحبون المطبخ السوداني، خاصة تلك الوصفات القريبة من مطبخهم، على شاكلة المحشي، كذلك تحظى أصناف اللحم المبهر بإعجاب كبير».

وأوضحت فاطمة أنها سعت إلى تقديم مزيج من الأكلات السودانية والمصرية، قائلة: «أستهدف زبونات مصريات عاملات يبحثن عن بدائل للطهي المنزلي. لذلك، لم أكتفِ بالوصفات السودانية فقط، بل تعلمت إعداد الأكلات المصرية، وهو أمر لم يكن صعباً على سودانية تربطها بمصر أواصر ثقافية واجتماعية، إذ كانت مصر والسودان في مرحلة ما من التاريخ بلداً واحداً».

تمكنت فاطمة من تقديم تجربة طعام بيتي فريدة، تجمع بين نكهات المطبخين السوداني والمصري، مستقطبةً كثيراً من الأسر المصرية التي تبحث عن طعام منزلي بطابع خاص. ومن خلال تجربتها، كشفت فاطمة عن مدى التداخل الثقافي بين المطبخين، ما يمهد الطريق لمزيد من الاندماج وابتكار وصفات جديدة قد تظهر في المستقبل القريب.