الأضحية تمثل أهمية للسكان من زمن «التخمة» إلى «الكولسترول»

يفضل بعض السعوديين نحر أضاحيهم بأنفسهم بينما يلجأ آخرون للمسالخ الحكومية أو الجمعيات الخيرية

مصلون من الجنسين لدى خروجهم من أحد مصليات العيد في الرياض أمس - الاستراحات وقصور الأفراح والمنازل تشهد تجمعًا للاحتفاء بالعيد من قبل الأسر - عامل يحمل أضحية للمسلخ لنحرها ({الشرق الأوسط})
مصلون من الجنسين لدى خروجهم من أحد مصليات العيد في الرياض أمس - الاستراحات وقصور الأفراح والمنازل تشهد تجمعًا للاحتفاء بالعيد من قبل الأسر - عامل يحمل أضحية للمسلخ لنحرها ({الشرق الأوسط})
TT

الأضحية تمثل أهمية للسكان من زمن «التخمة» إلى «الكولسترول»

مصلون من الجنسين لدى خروجهم من أحد مصليات العيد في الرياض أمس - الاستراحات وقصور الأفراح والمنازل تشهد تجمعًا للاحتفاء بالعيد من قبل الأسر - عامل يحمل أضحية للمسلخ لنحرها ({الشرق الأوسط})
مصلون من الجنسين لدى خروجهم من أحد مصليات العيد في الرياض أمس - الاستراحات وقصور الأفراح والمنازل تشهد تجمعًا للاحتفاء بالعيد من قبل الأسر - عامل يحمل أضحية للمسلخ لنحرها ({الشرق الأوسط})

تعيد أيام عيد الأضحى من كل عام ذكريات عن هذه المناسبة من قبل كبار السن، إذ إن شغل السكان في القرى والمدن «أيام زمان» هو الحجاج والأضاحي، وكانت القرى تنظم حملات حج للسكان الراغبين في تأدية الركن الخامس من أركان الإسلام، عن طريق استخدام الدواب خصوصًا الجمال للوصول إلى مكة والمشاعر المقدسة قبل دخول شهر «ذي الحجة» بأيام وقد تصل إلى أشهر، في حين ينشغل السكان المقيمون الذين لم يحجوا بتجهيز الأضاحي، سواء كانت عن أنفسهم أو تنفيذ وصايا الآباء والأجداد، وكانت مجمل هذه الوصايا تنحصر في: «هذا ما أوصى به أو أوصت به الفقير أو الفقيرة إلى عفو ربه أو ربها، زيت لسراج المسجد أو أضحية عنه أو عنها وعن والديه أو والديها»، ليبدأ في يوم العيد نحر الأضاحي، وإهداء وتوزيع ثلثها والتصدق بثلثها وتناول ثلثها، بدءًا من «الحميسة» التي تؤخذ عادة من المعاليق (الكبد، والكلاوي، والجران، وأحيانًا الكرش والمصران)، في حين تتم الاستفادة من الإلية بتقطيعها قطعًا صغيرة ووضعها في قدر تغلي بالزيت ثم تناول بعضها ساخنًا، ثم وضعها في أوان (مطابق) فيما يعرف بـ«الودكة» لاستخدامها لاحقًا كخزن استراتيجي وأمن غذائي في أيام الجدب والقحط، ويترتب على تناول السكان في العقود الماضية للحوم الأضاحي بصورة مفاجئة وشرهة، الإصابة بالتخمة أو ما يسمى في اللهجة الدارجة بـ«الغيرة» لعدم تعود الأجسام على النسبة العالية من البروتين الحيواني المتمثل في اللحوم، ويتم علاج ذلك بتناول كميات من الملح للقضاء على التخمة، في حين بدأ الكثير منهم بالامتناع عن تناول اللحوم لأسباب صحية كارتفاع الكولسترول، والخوف من الإصابة بمرض النقرس، إضافة إلى أن البروتين يتم تناوله بشكل يومي، عكس ما كان في زمن القحط والجوع.
ومن منطلقات دينية بحتة ووفاء لتأديتها تشكل «الأضحية» في حياة السعوديين، والجاليات المسلمة المقيمة فيها أهمية خاصة، بل تظل هاجسهم، وملازمة لهم، وضمن أولوياتهم والتزاماتهم السنوية، إذ يحرص الجميع على الوفاء بها، وتأديتها عن أنفسهم أو عن موتاهم، والعمل بما أوصى به الآباء والأجداد، أو بدافع ذاتي وفاء للراحلين من الأقارب.
ومع بدء العد التنازلي لحلول موسم «النحر» واستقبال عيد الأضحى، الذي حل يوم الاثنين تتحول بعض المنازل السعودية إلى «مسالخ» لمدة أربعة أيام هي أيام الذبح المعروفة باسم أيام التشريق، حيث يفضل بعض السعوديين نحر أضاحيهم بأنفسهم أو تحت إشرافهم داخل منازلهم، بينما تفضل فئة من السكان ذبح أضاحيهم في المسالخ الحكومية أو الأهلية أو في المطابخ المرخص لها بالذبح، كما أن هناك فئة تفضل توكيل الجمعيات الخيرية بتأدية ذلك نيابة عنهم، مقابل شراء كوبونات مرخصة تحمل أسعارًا أقل بكثير من الأسعار، لو تم شراء الأضاحي مباشرة من أسواق بيع الأغنام لتوزيعها على المحتاجين في الدول الفقيرة.
واستعدت الأسر السعودية منذ مطلع الأسبوع الحالي لتجهيز الأضاحي قبل أيام من حلول العيد أمس، بتحديد عدد الأضاحي المراد نحرها في يوم العيد، والأيام الثلاثة التي تليه، ومن ثم شراؤها ووضعها داخل أحواش أو أماكن في منازلهم وتركها تتحرك بحرية داخل الساحات، في حين ينشغل الأطفال برعايتها وإطعامها واللعب معها في متعة لا تضاهى، بل إن الأطفال انشغلوا بذلك عن ألعابهم الإلكترونية وجوالاتهم والحواسيب المحمولة إلى حين يوم نحرها، الذي يتجمع فيه أفراد الأسرة جميعًا لمشاهدة عمليات النحر في ساحات المنازل، أو من خلال المسالخ المجهزة داخلها، ثم تقطيع لحومها وتوزيعها وإهدائها وتناول أجزاء منها.
وشهدت مواقع بيع الأغنام التي خصصتها أمانة منطقة الرياض في أماكن مختلفة من العاصمة إقبالاً كبيرًا من المشترين، ووصلت ذروة الشراء يومي أمس وأول من أمس، كما يحرص البعض على شرائها قبيل الصلاة ووضعها في المركبات، ثم التوجه بها مباشرة بعد صلاة العيد إلى المسالخ الرسمية التي تقع عادة بالقرب من مواقع بيع الأغنام.
وتمثلت ذروة اهتمام السكان بأضاحيهم في أن المساومة على الأسعار تكاد تختفي، بل إن البعض لا يتردد في دفع المبلغ الذي يفرضه البائع مباشرة دون مساومة، علما بأن المشتري قام بجولة سريعة على السوق اطلع من خلالها على معدل الأسعار التي يصل رأس البعض منها إلى مبلغ 2500 ريال، كما لوحظ أن بعض الأسر تتعمد إركاب أضاحيها في المقاعد الخلفية للمركبات وبعضها سيارات فارهة، والأضاحي منتصبة في المقاعد الخلفية وكأنها نزيلة فندق من الخمسة نجوم، رغم ما تسببه من اتساخ المقعد وأرضيته، لكنها تنازلات بسب الأضحية التي لها مكانة في نفوس السكان.
ولا تزال عادة قديمة لدى بعض كبيرات السن بخصوص الأضحية سائدة إلى اليوم، حيث تعمد إلى رعاية أضحيتها قبل أيام من حلول العيد، وغسلها وتنظيفها، ثم صبغها بالحناء في أجزاء من رأسها وأذنيها.
وترى الأسر أهمية أن تكون أضحيتها خالية من العيوب الشرعية، لذا يحرص المشترون على فحص الأضحية جيدًا للتأكد من خلوها من أي عيب كوجود كسر فيها أو قطع في أذنيها أو قرنيها أو ليتها، بل إن بعض البائعين يجدون حرجًا في تسويق مواشيهم التي توضع في آذانها علامات لتمييزها، واستعاضوا عن ذلك بكتابة رموز وأرقام تدل عليها، عن طريق الأصباغ المختلفة الألوان.
ولوحظ تحول بعض شوارع العاصمة السعودية بعيد صلاة العيد إلى أشبه ما تكون بالمسالخ، حيث دماء الأضاحي تسيل من تحت الأبواب، وتأخذ مجراها في الشوارع مع المياه التي غسلت بها الدماء، حيث يتعمد بعض السكان ذبح الأضاحي في الشوارع والأراضي الفضاء، وداخل المنازل، وإفراغ ما تحمله المعدة والأحشاء الداخلية والشحوم غير المرغوب فيها في حاويات شركة النظافة، مما تتسبب في بعض المتاعب للسكان، كما أن هذا الأسلوب في الذبح لا يخضع إلى فحص بيطري للتأكد من سلامة الذبيحة وصلاحيتها للاستهلاك، ويلجأ السكان إلى هذا الأسلوب؛ نظرًا إلى الازدحام في المسالخ، وإلى قناعتهم بأن الذبح بهذه الطريقة وبحضور أفراد الأسرة يشكل قمة متعة المناسبة.
ولجأ البعض من السكان إلى استئجار استراحات ليلة العيد، وتناول إفطار صيام عرفة فيها، مع جلب الأضاحي إليها وجعلها ترتع داخل هذه الاستراحات، ثم حملها إلى مصيرها المحتوم بعد صلاة العيد إلى المطابخ المجاورة لنحرها وتوزيعها إلى قطع، حيث يتم طبخ ثلثها للمدعوين من الضيوف، والتصدق بثلثها، وإهداء ثلثها الأخير.
وتنشط أيام العيد تجارة الجلود، حيث تقوم عمالة بالمرور على المنازل والمطابخ والاستراحات للحصول على جلود الأضاحي التي تم نحرها داخلها، إما بأسعار مجانية، وإما بأسعار محددة من قبل المطابخ، في حين أن المسالخ الرسمية تجمع هذه الجلود من قبل شركات تشغيلها للاستفادة منها لصالح المصانع والمصدرين، وفق آلية تم الاتفاق عليها طوال العام.
وفي الوقت الذي يفضل البعض فيه إجراء عمليات ذبح الأضاحي داخل المسالخ الرسمية أو المطابخ التي تتوافر فيها مقومات الذبح والتقطيع والتنظيف وشلوطة الرؤوس والمقادم وتنظيف الكرش والأمعاء (المصران)، وإخضاع الذبائح إلى الفحص البيطري للتأكد من صلاحية الاستهلاك، يفضل البعض ذبحها داخل المنازل، أو في الاستراحات بأنفسهم، أو بالاستعانة بالجزارين الجائلين الذين يمتهنون ذلك بصفة مؤقتة، وجلهم من العمالة الوافدة الذين يفتقرون إلى أبجديات هذه المهنة، لكن مناسبة العيد يجدونها فرصة لهم لتحسين دخولهم، حيث يتراوح سعر ذبح الرأس الواحد من الأغنام بـ100 ريال، كما دخل في هذه المهنة بصفة مؤقتة السباكون والمبلطون والدهانون حتى سائقي سيارات الأجرة (الليموزين)، بعد أن لمسوا أن دخولهم من عمليات الذبح والسلخ خلال أيام العيد الأربعة تفوق دخلهم من مهنهم الأصلية.



رحيل إيلي شويري عاشق لبنان و«أبو الأناشيد الوطنية»

عرف الراحل إيلي شويري بـ«أبو الأناشيد الوطنية»
عرف الراحل إيلي شويري بـ«أبو الأناشيد الوطنية»
TT

رحيل إيلي شويري عاشق لبنان و«أبو الأناشيد الوطنية»

عرف الراحل إيلي شويري بـ«أبو الأناشيد الوطنية»
عرف الراحل إيلي شويري بـ«أبو الأناشيد الوطنية»

إنه «فضلو» في «بياع الخواتم»، و«أبو الأناشيد الوطنية» في مشواره الفني، وأحد عباقرة لبنان الموسيقيين، الذي رحل أول من أمس (الأربعاء) عن عمر ناهز 84 عاماً.
فبعد تعرضه لأزمة صحية نقل على إثرها إلى المستشفى، ودّع الموسيقي إيلي شويري الحياة. وفي حديث لـ«الشرق الأوسط» أكدت ابنته كارول أنها تفاجأت بانتشار الخبر عبر وسائل التواصل الاجتماعي قبل أن تعلم به عائلته. وتتابع: «كنت في المستشفى معه عندما وافاه الأجل. وتوجهت إلى منزلي في ساعة متأخرة لأبدأ بالتدابير اللازمة ومراسم وداعه. وكان الخبر قد ذاع قبل أن أصدر بياناً رسمياً أعلن فيه وفاته».
آخر تكريم رسمي حظي به شويري كان في عام 2017، حين قلده رئيس الجمهورية يومها ميشال عون وسام الأرز الوطني. وكانت له كلمة بالمناسبة أكد فيها أن حياته وعطاءاته ومواهبه الفنية بأجمعها هي كرمى لهذا الوطن.
ولد إيلي شويري عام 1939 في بيروت، وبالتحديد في أحد أحياء منطقة الأشرفية. والده نقولا كان يحضنه وهو يدندن أغنية لمحمد عبد الوهاب. ووالدته تلبسه ثياب المدرسة على صوت الفونوغراف الذي تنساب منه أغاني أم كلثوم مع بزوغ الفجر. أما أقرباؤه وأبناء الجيران والحي الذي يعيش فيه، فكانوا من متذوقي الفن الأصيل، ولذلك اكتمل المشوار، حتى قبل أن تطأ خطواته أول طريق الفن.
- عاشق لبنان
غرق إيلي شويري منذ نعومة أظافره في حبه لوطنه وترجم عشقه لأرضه بأناشيد وطنية نثرها على جبين لبنان، ونبتت في نفوس مواطنيه الذين رددوها في كل زمان ومكان، فصارت لسان حالهم في أيام الحرب والسلم. «بكتب اسمك يا بلادي»، و«صف العسكر» و«تعلا وتتعمر يا دار» و«يا أهل الأرض»... جميعها أغنيات شكلت علامة فارقة في مسيرة شويري الفنية، فميزته عن سواه من أبناء جيله، وذاع صيته في لبنان والعالم العربي وصار مرجعاً معتمداً في قاموس الأغاني الوطنية. اختاره ملك المغرب وأمير قطر ورئيس جمهورية تونس وغيرهم من مختلف أقطار العالم العربي ليضع لهم أجمل معاني الوطن في قالب ملحن لا مثيل له. فإيلي شويري الذي عُرف بـ«أبي الأناشيد الوطنية» كان الفن بالنسبة إليه منذ صغره هَوَساً يعيشه وإحساساً يتلمسه في شكل غير مباشر.
عمل شويري مع الرحابنة لفترة من الزمن حصد منها صداقة وطيدة مع الراحل منصور الرحباني. فكان يسميه «أستاذي» ويستشيره في أي عمل يرغب في القيام به كي يدله على الصح من الخطأ.
حبه للوطن استحوذ على مجمل كتاباته الشعرية حتى لو تناول فيها العشق، «حتى لو رغبت في الكتابة عن أعز الناس عندي، أنطلق من وطني لبنان»، هكذا كان يقول. وإلى هذا الحد كان إيلي شويري عاشقاً للبنان، وهو الذي اعتبر حسه الوطني «قدري وجبلة التراب التي امتزج بها دمي منذ ولادتي».
تعاون مع إيلي شويري أهم نجوم الفن في لبنان، بدءاً بفيروز وسميرة توفيق والراحلين وديع الصافي وصباح، وصولاً إلى ماجدة الرومي. فكان يعدّها من الفنانين اللبنانيين القلائل الملتزمين بالفن الحقيقي. فكتب ولحن لها 9 أغنيات، من بينها «مين إلنا غيرك» و«قوم تحدى» و«كل يغني على ليلاه» و«سقط القناع» و«أنت وأنا» وغيرها. كما غنى له كل من نجوى كرم وراغب علامة وداليدا رحمة.
مشواره مع الأخوين الرحباني بدأ في عام 1962 في مهرجانات بعلبك. وكانت أول أدواره معهم صامتة بحيث يجلس على الدرج ولا ينطق إلا بكلمة واحدة. بعدها انتسب إلى كورس «إذاعة الشرق الأدنى» و«الإذاعة اللبنانية» وتعرّف إلى إلياس الرحباني الذي كان يعمل في الإذاعة، فعرّفه على أخوَيه عاصي ومنصور.

مع أفراد عائلته عند تقلده وسام الأرز الوطني عام 2017

ويروي عن هذه المرحلة: «الدخول على عاصي ومنصور الرحباني يختلف عن كلّ الاختبارات التي يمكن أن تعيشها في حياتك. أذكر أن منصور جلس خلف البيانو وسألني ماذا تحفظ. فغنيت موالاً بيزنطياً. قال لي عاصي حينها؛ من اليوم ممنوع عليك الخروج من هنا. وهكذا كان».
أسندا إليه دور «فضلو» في مسرحية «بياع الخواتم» عام 1964. وفي الشريط السينمائي الذي وقّعه يوسف شاهين في العام التالي. وكرّت السبحة، فعمل في كلّ المسرحيات التي وقعها الرحابنة، من «دواليب الهوا» إلى «أيام فخر الدين»، و«هالة والملك»، و«الشخص»، وصولاً إلى «ميس الريم».
أغنية «بكتب اسمك يا بلادي» التي ألفها ولحنها تعد أنشودة الأناشيد الوطنية. ويقول شويري إنه كتب هذه الأغنية عندما كان في رحلة سفر مع الراحل نصري شمس الدين. «كانت الساعة تقارب الخامسة والنصف بعد الظهر فلفتني منظر الشمس التي بقيت ساطعة في عز وقت الغروب. وعرفت أن الشمس لا تغيب في السماء ولكننا نعتقد ذلك نحن الذين نراها على الأرض. فولدت كلمات الأغنية (بكتب اسمك يا بلادي عالشمس الما بتغيب)».
- مع جوزيف عازار
غنى «بكتب اسمك يا بلادي» المطرب المخضرم جوزيف عازار. ويخبر «الشرق الأوسط» عنها: «ولدت هذه الأغنية في عام 1974 وعند انتهائنا من تسجيلها توجهت وإيلي إلى وزارة الدفاع، وسلمناها كأمانة لمكتب التوجيه والتعاون»، وتابع: «وفوراً اتصلوا بنا من قناة 11 في تلفزيون لبنان، وتولى هذا الاتصال الراحل رياض شرارة، وسلمناه شريط الأغنية فحضروا لها كليباً مصوراً عن الجيش ومعداته، وعرضت في مناسبة عيد الاستقلال من العام نفسه».
يؤكد عازار أنه لا يستطيع اختصار سيرة حياة إيلي شويري ومشواره الفني معه بكلمات قليلة. ويتابع لـ«الشرق الأوسط»: «لقد خسر لبنان برحيله مبدعاً من بلادي كان رفيق درب وعمر بالنسبة لي. أتذكره بشوشاً وطريفاً ومحباً للناس وشفافاً، صادقاً إلى أبعد حدود. آخر مرة التقيته كان في حفل تكريم عبد الحليم كركلا في الجامعة العربية، بعدها انقطعنا عن الاتصال، إذ تدهورت صحته، وأجرى عملية قلب مفتوح. كما فقد نعمة البصر في إحدى عينيه من جراء ضربة تلقاها بالغلط من أحد أحفاده. فضعف نظره وتراجعت صحته، وما عاد يمارس عمله بالشكل الديناميكي المعروف به».
ويتذكر عازار الشهرة الواسعة التي حققتها أغنية «بكتب اسمك يا بلادي»: «كنت أقفل معها أي حفل أنظّمه في لبنان وخارجه. ذاع صيت هذه الأغنية، في بقاع الأرض، وترجمها البرازيليون إلى البرتغالية تحت عنوان (أومينا تيرا)، وأحتفظ بنصّها هذا عندي في المنزل».
- مع غسان صليبا
مع الفنان غسان صليبا أبدع شويري مرة جديدة على الساحة الفنية العربية. وكانت «يا أهل الأرض» واحدة من الأغاني الوطنية التي لا تزال تردد حتى الساعة. ويروي صليبا لـ«الشرق الأوسط»: «كان يعد هذه الأغنية لتصبح شارة لمسلسل فأصررت عليه أن آخذها. وهكذا صار، وحققت نجاحاً منقطع النظير. تعاونت معه في أكثر من عمل. من بينها (كل شيء تغير) و(من يوم ما حبيتك)». ويختم صليبا: «العمالقة كإيلي شويري يغادرونا فقط بالجسد. ولكن بصمتهم الفنية تبقى أبداً ودائماً. لقد كانت تجتمع عنده مواهب مختلفة كملحن وكاتب ومغنٍ وممثل. نادراً ما نشاهدها تحضر عند شخص واحد. مع رحيله خسر لبنان واحداً من عمالقة الفن ومبدعيه. إننا نخسرهم على التوالي، ولكننا واثقون من وجودهم بيننا بأعمالهم الفذة».
لكل أغنية كتبها ولحنها إيلي شويري قصة، إذ كان يستمد موضوعاتها من مواقف ومشاهد حقيقية يعيشها كما كان يردد. لاقت أعماله الانتقادية التي برزت في مسرحية «قاووش الأفراح» و«سهرة شرعية» وغيرهما نجاحاً كبيراً. وفي المقابل، كان يعدها من الأعمال التي ينفذها بقلق. «كنت أخاف أن تخدش الذوق العام بشكل أو بآخر. فكنت ألجأ إلى أستاذي ومعلمي منصور الرحباني كي يرشدني إلى الصح والخطأ فيها».
أما حلم شويري فكان تمنيه أن تحمل له السنوات الباقية من عمره الفرح. فهو كما كان يقول أمضى القسم الأول منها مليئة بالأحزان والدموع. «وبالقليل الذي تبقى لي من سنوات عمري أتمنى أن تحمل لي الابتسامة».