«السيلفي» ليست نرجسية أو استعراضًا بل تحسين للذات وتطويرها

دراسة تفيد بأننا ننادي بالتفرد وفي التطبيق نتبع المألوف

«السيلفي» أصبحت تقوم بنفس الدور الذي كانت البطاقات البريدية تقوم به سابقًا
«السيلفي» أصبحت تقوم بنفس الدور الذي كانت البطاقات البريدية تقوم به سابقًا
TT

«السيلفي» ليست نرجسية أو استعراضًا بل تحسين للذات وتطويرها

«السيلفي» أصبحت تقوم بنفس الدور الذي كانت البطاقات البريدية تقوم به سابقًا
«السيلفي» أصبحت تقوم بنفس الدور الذي كانت البطاقات البريدية تقوم به سابقًا

هناك جدل كبير حول «السيلفي» وكل ما يتعلق بالصور التي ننشرها عبر وسائل التواصل الاجتماعي. فالبعض يقول إنها تباهٍ بالنفس والبعض يراها نوعًا من النرجسية أو استعراضًا للجاه. اللافت في هذه الصور أن معظمهما، إن لم نقل كلها، تعكس صورًا إيجابية، مفعمة بالأناقة والسعادة، لأننا نلتقطها في لحظة صفاء وعلى خلفية بانورامية رائعة. ما يزيد من جمالها أن تطبيقات كثيرة، تزيد هذه الصور جمالاً وتوهجًا، أصبحت متوفرة. فنحن لا نكتفي بما تلتقطه الكاميرات أو الهواتف من صور، بل نشتغل عليها أكثر حتى تصبح جذابة في عيون كل من يتوصل بها. فالوجه يكتسب نضارة والجسم رشاقة والأماكن التي تحيط بنا خضرة أو زرقة، حسب المكان والزمان وما شابه ذلك من الإضافات التي أصبحت مقبولة. ولأن الموضة جزء لا يتجزأ من هذه الصور وتمثل نسبة كبيرة منها، قام موقع التسوق الإلكتروني المعروف «ذي أوتنيت» (TheOutnet.com) بدراسة وافية فند فيها الفكرة السائدة بأن هذه الصورة تُعبر عن نرجسية أو استعراض للتباهي، بل العكس تمامًا هي عملية تحسين للذات وتطوير لها. الدراسة التي استغرقت عدة أشهر قام بها الموقع بمساعدة شركة «بولسار» المتخصصة في التكنولوجيا، حيث تم استحداث هاشتاغ #TheThrillOfTheFind تم من خلاله تتبع 33 مليون تغريدة وصورة نشرت على صفحات «فيسبوك» أو على «إنستغرام» لتسجيل لحظة معينة يعبر فيها صاحبها عن سعادته وفرحه باستعمال كلمتي «جوي» (Joy) و«ثريل» (Thrill). وكانت النتيجة أن «السيلفي» في كثير من هذه الصور لا تستهدف بالضرورة جذب الاهتمام إلى صاحب الصورة من منطلق نرجسي، بل كانت وسيلة يحتفل بها صاحبها بإنجازات شخصية، كأنه يقول للعالم «أنا هنا»، وعلى أتم الاستعداد لخوض تجارب جديدة. في كثير من الأحيان تكون لجذب انتباه شركة معينة أو الترويج لمنتج خاص، وهذا يصب، حسب الدراسة في محاولات لتحقيق أهداف معينة.
لم يكن غريبًا أن يركز موقع «ذي أوتنيت» (The Outnet.com) على الموضة لما لها من مفعول سحري على النفس. فهي تحسن المزاج وتزيد من الثقة من النفس، فـ«بمجرد أن تحصل المرأة على فستان من (فالنتينو) وحذاء من (عز الدين علايا) وحقيبة من (دولتشي أند غابانا) بسعر مخفض بنسبة 70 في المائة حتى تشعر بنشوة عارمة تتملكها، تريد أن تُعلنها على الملأ من خلال وسائل التواصل الاجتماعي». وتضيف الدراسة أن المسألة بالنسبة لها ذكاء تجاري لأنها تحصل بسعر مُخفض على قطعة مميزة وربما نادرة، تُطوعها بشكل مختلف لتُبرز أسلوبها الخاص لكل من يتتبعها. لكن الطريف الذي تشير إليه الدراسة أيضًا، أننا حتى عندما نقول إننا نبحث عن الفريد من نوعه والنادر، فإن ما يجذبنا فعليًا غير ذلك تمامًا، لأنه يصب دائمًا في خانة الموضة الدارجة، بمعنى الموضة التي يفرضها المصممون لموسم معين، مع اختلاف في طريقة استعمالها وتنسيقها. السبب أنها كلما كانت دارجة تمنحنا شعورًا بالانتماء، وبأننا جزء من كل ولا نعيش في معزل عن الآخر. فصيحات الموضة، مثلاً، تشكل أكثر من 10 في المائة مما نراه على صفحات الموضة و«إنستغرام» وغيره من وسائل التواصل الاجتماعي. ومعظم الصور تؤكد أننا مهما ننادي بالتفرد والتميز عن الغير، فإننا في التطبيق، نتبع السائد والمتعارف عليه، وإن بأسلوب خاص ومختلف.
هاشتاغا «السعادة» و«الفرح» بينا أيضًا أنهما ينبعان من لحظة معينة نوجد فيها في مكان جميل لا نريد أن ننساه. نعم، فإلى جانب الموضة، أصبح السفر جزءًا من الحياة وليس ترفًا تحتكره طبقة من دون غيرها، لهذا فإن الأغلبية تغمرهم سعادة عارمة عند اكتشافهم مكانًا تحيطه مناظر بانورامية خلابة، إذ يسارعون بالتقاط صور ونشرها على صفحاتهم لتبقى ذكرى جميلة، وبذلك هم كمن يُوثقون رحلتهم ويُثبتون وجودهم في المكان. من جهة أخرى يريدون مشاطرة أصدقائهم التجربة وجمال المكان، لأن هذه الصور تُمثل في القرن الـ21 ما كانت البطاقات البريدية تمثله في القرن الـ20 وما قبله.
- شملت الدراسة كلاً من أستراليا، وفرنسا، وألمانيا، وهونغ كونغ، وسنغافورة، والإمارات العربية، وبريطانيا والولايات المتحدة الأميركية.
- أفادت بأننا نبحث عن التفرد والتميز لكن دائمًا في إطار جماعي وليس فرديًا، الأمر الذي يفسر مواكبتنا لموضة معينة تنتشر في كل العالم، سواءً أخذت شكل تنورة طويلة أو مصممًا معينًا، الأمر الذي يؤكد أن في الجماعة قوة.
- السعادة التي نشعر بها لا نستمدها من الجاه والمال بقدر ما نستمدها من تحقيق أهداف وإنجازات شخصية بما في ذلك تحسين الصحة النفسية والجسدية.
- تشير الدراسة أيضًا إلى أننا دائمًا ننادي بالخصوصية، لكننا في المقابل لا نتوقف عن تسجيل لحظات حياتنا الخاصة ونشرها للملأ.



غادر هادي سليمان «سيلين» وهي تعبق بالدفء والجمال

توسعت الدار مؤخراً في كل ما يتعلق بالأناقة واللياقة لخلق أسلوب حياة متكامل (سيلين)
توسعت الدار مؤخراً في كل ما يتعلق بالأناقة واللياقة لخلق أسلوب حياة متكامل (سيلين)
TT

غادر هادي سليمان «سيلين» وهي تعبق بالدفء والجمال

توسعت الدار مؤخراً في كل ما يتعلق بالأناقة واللياقة لخلق أسلوب حياة متكامل (سيلين)
توسعت الدار مؤخراً في كل ما يتعلق بالأناقة واللياقة لخلق أسلوب حياة متكامل (سيلين)

بعد عدة أشهر من المفاوضات الشائكة، انتهى الأمر بفض الشراكة بين المصمم هادي سليمان ودار «سيلين». طوال هذه الأشهر انتشرت الكثير من التكهنات والشائعات حول مصيره ومستقبله. ولحد الآن لا يُحدد المصمم هذا المستقبل. لكن المؤكد أنه ضاعف مبيعات «سيلين» خلال الست سنوات التي قضاها فيها مديراً إبداعياً. غادرها وهي قوية ومخلفاً إرثاً لا يستهان به، يتمثل في تأسيسه قسماً جديداً للعطور ومستحضرات التجميل. فهو لم يكن يعتبر نفسه مسؤولاً عن ابتكار الأزياء والإكسسوارات فحسب، بل مسؤولاً على تجميل صورتها من كل الزوايا، ومن ثم تحسين أدائها.

العطور ومستحضرات التجميل جزء من الحياة ولا يمكن تجاهلهما وفق هادي سليمان (سيلين)

نجح وفق تقديرات المحللين في رفع إيراداتها من 850 مليون دولار حين تسلمها في عام 2018، إلى ما يقرب من 3.27 مليار دولار عندما غادرها. الفضل يعود إلى أسلوبه الرشيق المتراقص على نغمات الروك أند رول من جهة، وإدخاله تغييرات مهمة على «لوغو» الدار وإكسسواراتها من جهة أخرى. هذا عدا عن اقتحامه مجالات أخرى باتت جزءاً لا يتجزأ من الحياة المترفة تعكس روح «سيلين» الباريسية، مثل التجميل واللياقة البدنية.

اجتهد في رسم جمال الدار في عام 2023 وكأنه كان يعرف أن الوقت من ذهب (سيلين)

بعد عام تقريباً من تسلمه مقاليد «سيلين» بدأ يفكر في التوسع لعالم الجمال. طرح فعلاً مجموعة من العطور المتخصصة استوحاها من تجاربه الخاصة والأماكن التي عاش أو عمل فيها. استعمل فيها مكونات مترفة، ما ساهم في نجاحها. هذا النجاح شجعه على تقديم المزيد من المنتجات الأخرى، منها ما يتعلق برياضة الـ«بيلاتيس» زينها بـ«لوغو» الدار.

يعمل هادي سليمان على إرساء أسلوب حياة يحمل بصماته ونظرته للجمال (سيلين)

مستحضرات التجميل كان لها جُزء كبير في خطته. كان لا بد بالنسبة له أن ترافق عطوره منتجات للعناية بالبشرة والجسم تُعزز رائحتها وتأثيرها. هنا أيضاً حرص أن تشمل كل جزئية في هذا المجال، من صابون معطر يحمل رائحة الدار وكريمات ترطيب وتغذية إلى بخاخ عطري للشعر وهلم جرا.

في عام 2019 طرح مجموعة عطور متخصصة أتبعها بمنتجات للعناية بالبشرة والجسم (سيلين)

كانت هذه المنتجات البداية فقط بالنسبة له، لأنه سرعان ما أتبعها بمستحضرات ماكياج وكأنه كان يعرف أن وقته في الدار قصير. كان أول الغيث منها أحمر شفاه، قدمته الدار خلال أسبوع باريس الأخير. من بين ميزاته أنه أحمر شفاه يرطب ويلون لساعات من دون أن يتزحزح من مكانه. فهو هنا يراعي ظروف امرأة لها نشاطات متعددة وليس لديها الوقت الكافي لتجدده في كل ساعة.

بدأ بأحمر شفاه واحد حتى يجس نبض الشعر ويُتقن باقي الألوان لتليق باسم «سيلين» (سيلين)

حتى يأتي بالجودة المطلوبة، لم تتسرع الدار في طرح كل الألوان مرة واحدة. اكتفت بواحد هو Rouge Triomphe «روج تريومف» على أن تُتبعه بـ15 درجات ألوان أخرى تناسب كل البشرات بحلول 2025 إضافة إلى ماسكارا وأقلام كحل وبودرة وظلال خدود وغيرها. السؤال الآن هو هل ستبقى الصورة التي رسمها هادي سليمان لامرأة «سيلين» وأرسى بها أسلوب حياة متكامل يحمل نظرته للجمال، ستبقى راسخة أم أن خليفته، مايكل رايدر، سيعمل على تغييرها لكي يضع بصمته الخاصة. في كل الأحوال فإن الأسس موجودة ولن يصعب عليه ذلك.