مصممة هندية تبتكر قلمًا جافًا صديقًا للبيئة

«إنتري».. حل للاستغناء عن الاستخدام المفرط للبلاستيك ولزرع النباتات

القلم يباع بسعر 12 روبية هندية أي نحو 20 سنتًا
القلم يباع بسعر 12 روبية هندية أي نحو 20 سنتًا
TT

مصممة هندية تبتكر قلمًا جافًا صديقًا للبيئة

القلم يباع بسعر 12 روبية هندية أي نحو 20 سنتًا
القلم يباع بسعر 12 روبية هندية أي نحو 20 سنتًا

في محاولة لتقليل استخدام البلاستيك، ابتكرت مصممة هندية قلمًا مصنوعًا من الورق المستعمل ما إن يجف حبره حتى يتحول إلى نبات ذي فائدة طبية؛ إذ توجد بذرة صغيرة في نهاية القلم يمكنها أن تنبت شجرة. القلم يباع بسعر 12 روبية هندية، أي نحو 20 سنتًا.
ويعود الفضل في الابتكار الجديد إلى لاكشمي منون، وهي فنانة تعمل في معرض للفنون في سان فرنسيسكو متخصص في أعمال الورق.
لدى وصولها للهند، صدمت لاكشمي عند رؤية الاستخدام المفرط للبلاستيك والنفايات الناتجة عنه، وأرادت أن تساعد في إيجاد حل لتلك المشكلة، لكنها لم تكن تعرف السبيل لذلك. في الوقت نفسه كانت لاكشمي أيضا تدرس الفنون في ملجأ للأيتام، حيث كانت تصنع ألعابًا من الورق لطلابها.
وفي أحد الأيام، وعندما كانت تعلم تلاميذها كيفية ثني قطعة ورق لتحولها إلى قلم جاف، فوجئت بأن تلاميذها أتقنوا تقليدها، وجاءت الفكرة.. لماذا لا تنتج تلك الأقلام وتبيعها؟
أطلقت لاكشمي على الأقلام اسم «إنتري»، أي «المدخل»، لأن فكرة القلم ترمز إلى الدخول إلى عالم صديق للبيئة. وكانت لاكشمي مصممة على ألا تستخدم أوراقًا جديدة، بل نفايات ورقية من مخلفات المطابع، حيث يجري لف الورق عن طريق ماكينات صممتها لاكشمي ونفذتها بنفسها. ومن اللافت أن الماكينة تضغط الورق بقوة بحيث يصبح القلم في نفس صلابة البلاستيك.
وفي نهاية كل قلم وضعت لاكشمي بذرة شجرة تسمى «أغاستيا»، أو شجرة الطائر الطنان، ذات الأهمية الطبية، وهي منتشرة في منطقة أيرافدا. وتستخدم أوراق شجرة أغاستيا وورودها أيضا على نطاق واسع في المطبخ الهندي. وفي أيرافدا، تستخدم مختلف أجزاء الشجرة في علاج اضطرابات المعدة، والأزمات التنفسية، وتحسين الإبصار، وعلاج عدوى أمراض الرحم.
وحول ذلك، قالت المصممة: «يساهم القلم القابل للزرع في زيادة عمليات التشجير والحفاظ على البيئة الطبيعية. ووضعت في اعتباري أيضًا الاتجاه المعاصر للناس لاستخدام الأشياء ثم إلقائها. حتى وإن ألقى الشخص القلم على الأرض بعد استخدامه بدلا من أن يقوم بزراعته، فقد تقوم الأرض بإنبات شجرة في مكانه».
وبسبب قيود زيادة التكلفة، اضطرت لاكشمي إلى الاحتفاظ بأنبوب الحبر البلاستيكي، لكن بالنسبة للمشترين ممن يمكنهم إنفاق مزيد من المال الإضافي، فهناك أنبوب معدني. وتأمل لاكشمي في أن تتخلص في المستقبل من الأنبوب البلاستيكي نهائيًا.
حاولت لاكشمي أيضا ضمان مزيد من الفوائد للقلم، فبالإضافة إلى أنه صديق للبيئة في كثير من المستويات، فقد حاولت لاكشمي نشر المعرفة من خلال تلك الأقلام. فـ«أقلام الحكمة»، حسب تسمية لاكشمي، تحمل عبارات لكبار الشخصيات مدونة على القلم.
ومؤخرا، جمعت لاكشمي مجموعة من الأقلام مدونة عليها عبارات الرئيس الهندي السابق، إيه بي جي عبد الكلام. وأشركت الفنانة بعضًا من تلاميذ الملجأ في صناعة القلم الجديد، حيث إن عائدات بيع القلم سوف تخصص لتربية أطفال الملجأ. وقد اشتملت صناعة القلم على عمليتي تعليم؛ إذ إن الأطفال يتعلمون بينما يكتبون عليه، والمشترين يتعلمون بينما يكتبون به.
القلم يباع مع كتيب صغير يشرح الغرض منه والفوائد الكثيرة من البذرة التي يحملها، فأوراق الشجرة والزهور التي تنتجها لاحقًا مطلوبة بدرجة كبيرة في مجال الطب. ومن اللافت أن البذرة تبدأ في الإنبات بعد 3 أيام فقط من غرسها.
وتقول: «أقلام الحب صممت أيضا كي تجعل الأطفال يعتادون اللهجة العامية. فعندما يستخدم عدد قليل من الأطفال اللغة الماليالامية تحدثًا وكتابة وقراءة، فسوف يستخدم الأطفال الأقلام المدونة عليها عبارات بتلك اللغة».
وعليه، فإن هذا القلم قادر على تنفيذ المهام التالية: إعادة استخدام نفايات الورق، وتقليل نفايات البلاستيك، وزراعة الأشجار، والمعرفة. وبالإضافة إلى ذلك، فإن الابتكار الجديد يساعد أيضا في تمكين المرأة، حيث إن لاكشمي قامت بالاستعانة بكثير من السيدات ومن ذوي الإعاقات الجسدية من سكان المناطق الفقيرة، لمساعدتها في مشروع إنتاج تلك الأقلام.
وتسعى لاكشمي لتوزيع نحو مائة ألف قلم ورقي على تلاميذ المدارس خلال العام الحالي. كما تتلقى المبتكرة أيضا طلبات لتوريد كميات كبيرة من تلك الأقلام من الجامعات والمدارس والمكاتب والفنادق.



رحيل إيلي شويري عاشق لبنان و«أبو الأناشيد الوطنية»

عرف الراحل إيلي شويري بـ«أبو الأناشيد الوطنية»
عرف الراحل إيلي شويري بـ«أبو الأناشيد الوطنية»
TT

رحيل إيلي شويري عاشق لبنان و«أبو الأناشيد الوطنية»

عرف الراحل إيلي شويري بـ«أبو الأناشيد الوطنية»
عرف الراحل إيلي شويري بـ«أبو الأناشيد الوطنية»

إنه «فضلو» في «بياع الخواتم»، و«أبو الأناشيد الوطنية» في مشواره الفني، وأحد عباقرة لبنان الموسيقيين، الذي رحل أول من أمس (الأربعاء) عن عمر ناهز 84 عاماً.
فبعد تعرضه لأزمة صحية نقل على إثرها إلى المستشفى، ودّع الموسيقي إيلي شويري الحياة. وفي حديث لـ«الشرق الأوسط» أكدت ابنته كارول أنها تفاجأت بانتشار الخبر عبر وسائل التواصل الاجتماعي قبل أن تعلم به عائلته. وتتابع: «كنت في المستشفى معه عندما وافاه الأجل. وتوجهت إلى منزلي في ساعة متأخرة لأبدأ بالتدابير اللازمة ومراسم وداعه. وكان الخبر قد ذاع قبل أن أصدر بياناً رسمياً أعلن فيه وفاته».
آخر تكريم رسمي حظي به شويري كان في عام 2017، حين قلده رئيس الجمهورية يومها ميشال عون وسام الأرز الوطني. وكانت له كلمة بالمناسبة أكد فيها أن حياته وعطاءاته ومواهبه الفنية بأجمعها هي كرمى لهذا الوطن.
ولد إيلي شويري عام 1939 في بيروت، وبالتحديد في أحد أحياء منطقة الأشرفية. والده نقولا كان يحضنه وهو يدندن أغنية لمحمد عبد الوهاب. ووالدته تلبسه ثياب المدرسة على صوت الفونوغراف الذي تنساب منه أغاني أم كلثوم مع بزوغ الفجر. أما أقرباؤه وأبناء الجيران والحي الذي يعيش فيه، فكانوا من متذوقي الفن الأصيل، ولذلك اكتمل المشوار، حتى قبل أن تطأ خطواته أول طريق الفن.
- عاشق لبنان
غرق إيلي شويري منذ نعومة أظافره في حبه لوطنه وترجم عشقه لأرضه بأناشيد وطنية نثرها على جبين لبنان، ونبتت في نفوس مواطنيه الذين رددوها في كل زمان ومكان، فصارت لسان حالهم في أيام الحرب والسلم. «بكتب اسمك يا بلادي»، و«صف العسكر» و«تعلا وتتعمر يا دار» و«يا أهل الأرض»... جميعها أغنيات شكلت علامة فارقة في مسيرة شويري الفنية، فميزته عن سواه من أبناء جيله، وذاع صيته في لبنان والعالم العربي وصار مرجعاً معتمداً في قاموس الأغاني الوطنية. اختاره ملك المغرب وأمير قطر ورئيس جمهورية تونس وغيرهم من مختلف أقطار العالم العربي ليضع لهم أجمل معاني الوطن في قالب ملحن لا مثيل له. فإيلي شويري الذي عُرف بـ«أبي الأناشيد الوطنية» كان الفن بالنسبة إليه منذ صغره هَوَساً يعيشه وإحساساً يتلمسه في شكل غير مباشر.
عمل شويري مع الرحابنة لفترة من الزمن حصد منها صداقة وطيدة مع الراحل منصور الرحباني. فكان يسميه «أستاذي» ويستشيره في أي عمل يرغب في القيام به كي يدله على الصح من الخطأ.
حبه للوطن استحوذ على مجمل كتاباته الشعرية حتى لو تناول فيها العشق، «حتى لو رغبت في الكتابة عن أعز الناس عندي، أنطلق من وطني لبنان»، هكذا كان يقول. وإلى هذا الحد كان إيلي شويري عاشقاً للبنان، وهو الذي اعتبر حسه الوطني «قدري وجبلة التراب التي امتزج بها دمي منذ ولادتي».
تعاون مع إيلي شويري أهم نجوم الفن في لبنان، بدءاً بفيروز وسميرة توفيق والراحلين وديع الصافي وصباح، وصولاً إلى ماجدة الرومي. فكان يعدّها من الفنانين اللبنانيين القلائل الملتزمين بالفن الحقيقي. فكتب ولحن لها 9 أغنيات، من بينها «مين إلنا غيرك» و«قوم تحدى» و«كل يغني على ليلاه» و«سقط القناع» و«أنت وأنا» وغيرها. كما غنى له كل من نجوى كرم وراغب علامة وداليدا رحمة.
مشواره مع الأخوين الرحباني بدأ في عام 1962 في مهرجانات بعلبك. وكانت أول أدواره معهم صامتة بحيث يجلس على الدرج ولا ينطق إلا بكلمة واحدة. بعدها انتسب إلى كورس «إذاعة الشرق الأدنى» و«الإذاعة اللبنانية» وتعرّف إلى إلياس الرحباني الذي كان يعمل في الإذاعة، فعرّفه على أخوَيه عاصي ومنصور.

مع أفراد عائلته عند تقلده وسام الأرز الوطني عام 2017

ويروي عن هذه المرحلة: «الدخول على عاصي ومنصور الرحباني يختلف عن كلّ الاختبارات التي يمكن أن تعيشها في حياتك. أذكر أن منصور جلس خلف البيانو وسألني ماذا تحفظ. فغنيت موالاً بيزنطياً. قال لي عاصي حينها؛ من اليوم ممنوع عليك الخروج من هنا. وهكذا كان».
أسندا إليه دور «فضلو» في مسرحية «بياع الخواتم» عام 1964. وفي الشريط السينمائي الذي وقّعه يوسف شاهين في العام التالي. وكرّت السبحة، فعمل في كلّ المسرحيات التي وقعها الرحابنة، من «دواليب الهوا» إلى «أيام فخر الدين»، و«هالة والملك»، و«الشخص»، وصولاً إلى «ميس الريم».
أغنية «بكتب اسمك يا بلادي» التي ألفها ولحنها تعد أنشودة الأناشيد الوطنية. ويقول شويري إنه كتب هذه الأغنية عندما كان في رحلة سفر مع الراحل نصري شمس الدين. «كانت الساعة تقارب الخامسة والنصف بعد الظهر فلفتني منظر الشمس التي بقيت ساطعة في عز وقت الغروب. وعرفت أن الشمس لا تغيب في السماء ولكننا نعتقد ذلك نحن الذين نراها على الأرض. فولدت كلمات الأغنية (بكتب اسمك يا بلادي عالشمس الما بتغيب)».
- مع جوزيف عازار
غنى «بكتب اسمك يا بلادي» المطرب المخضرم جوزيف عازار. ويخبر «الشرق الأوسط» عنها: «ولدت هذه الأغنية في عام 1974 وعند انتهائنا من تسجيلها توجهت وإيلي إلى وزارة الدفاع، وسلمناها كأمانة لمكتب التوجيه والتعاون»، وتابع: «وفوراً اتصلوا بنا من قناة 11 في تلفزيون لبنان، وتولى هذا الاتصال الراحل رياض شرارة، وسلمناه شريط الأغنية فحضروا لها كليباً مصوراً عن الجيش ومعداته، وعرضت في مناسبة عيد الاستقلال من العام نفسه».
يؤكد عازار أنه لا يستطيع اختصار سيرة حياة إيلي شويري ومشواره الفني معه بكلمات قليلة. ويتابع لـ«الشرق الأوسط»: «لقد خسر لبنان برحيله مبدعاً من بلادي كان رفيق درب وعمر بالنسبة لي. أتذكره بشوشاً وطريفاً ومحباً للناس وشفافاً، صادقاً إلى أبعد حدود. آخر مرة التقيته كان في حفل تكريم عبد الحليم كركلا في الجامعة العربية، بعدها انقطعنا عن الاتصال، إذ تدهورت صحته، وأجرى عملية قلب مفتوح. كما فقد نعمة البصر في إحدى عينيه من جراء ضربة تلقاها بالغلط من أحد أحفاده. فضعف نظره وتراجعت صحته، وما عاد يمارس عمله بالشكل الديناميكي المعروف به».
ويتذكر عازار الشهرة الواسعة التي حققتها أغنية «بكتب اسمك يا بلادي»: «كنت أقفل معها أي حفل أنظّمه في لبنان وخارجه. ذاع صيت هذه الأغنية، في بقاع الأرض، وترجمها البرازيليون إلى البرتغالية تحت عنوان (أومينا تيرا)، وأحتفظ بنصّها هذا عندي في المنزل».
- مع غسان صليبا
مع الفنان غسان صليبا أبدع شويري مرة جديدة على الساحة الفنية العربية. وكانت «يا أهل الأرض» واحدة من الأغاني الوطنية التي لا تزال تردد حتى الساعة. ويروي صليبا لـ«الشرق الأوسط»: «كان يعد هذه الأغنية لتصبح شارة لمسلسل فأصررت عليه أن آخذها. وهكذا صار، وحققت نجاحاً منقطع النظير. تعاونت معه في أكثر من عمل. من بينها (كل شيء تغير) و(من يوم ما حبيتك)». ويختم صليبا: «العمالقة كإيلي شويري يغادرونا فقط بالجسد. ولكن بصمتهم الفنية تبقى أبداً ودائماً. لقد كانت تجتمع عنده مواهب مختلفة كملحن وكاتب ومغنٍ وممثل. نادراً ما نشاهدها تحضر عند شخص واحد. مع رحيله خسر لبنان واحداً من عمالقة الفن ومبدعيه. إننا نخسرهم على التوالي، ولكننا واثقون من وجودهم بيننا بأعمالهم الفذة».
لكل أغنية كتبها ولحنها إيلي شويري قصة، إذ كان يستمد موضوعاتها من مواقف ومشاهد حقيقية يعيشها كما كان يردد. لاقت أعماله الانتقادية التي برزت في مسرحية «قاووش الأفراح» و«سهرة شرعية» وغيرهما نجاحاً كبيراً. وفي المقابل، كان يعدها من الأعمال التي ينفذها بقلق. «كنت أخاف أن تخدش الذوق العام بشكل أو بآخر. فكنت ألجأ إلى أستاذي ومعلمي منصور الرحباني كي يرشدني إلى الصح والخطأ فيها».
أما حلم شويري فكان تمنيه أن تحمل له السنوات الباقية من عمره الفرح. فهو كما كان يقول أمضى القسم الأول منها مليئة بالأحزان والدموع. «وبالقليل الذي تبقى لي من سنوات عمري أتمنى أن تحمل لي الابتسامة».