بين الخطأ والصواب

بين الخطأ والصواب
TT

بين الخطأ والصواب

بين الخطأ والصواب

* مثيرات حب الشباب
من الأخطاء الشائعة أن يتعود البعض على تناول المنبهات بإفراط شديد ومنها الشاي والقهوة وكذلك الشوكولاته إضافة إلى السهر الطويل حتى الصباح الباكر يوميا في معظم الأيام. وإذا كان هذا النمط من الحياة خاطئا ومضرا بالصحة لجميع من تعود عليه فإنه يكون أشد خطرا مع فئة الشباب ممن هم في أوائل العقد الثاني من العمر الذين يعانون عادة من مشكلات البشرة التي يكاد لا ينفذ من الإصابة بها أحد منهم.
إن مشكلة حب الشباب هي من أكثر الأمراض التي تصيب الشباب. وتعتبر المنبهات والسهر من أهم العوامل التي تؤدي إلى تفاقم الحالة وحدوث مضاعفاتها.
يصيب حب الشباب، تقريبا، كل المراهقين ومعظم البالغين وبعض الصغار، ويصيب الجنسين بنفس النسبة. وتظهر علاماته على الوجه والصدر والأكتاف وأحيانا الذراعين. وتزداد ضراوة حب الشباب تحت تأثير مجموعة من العوامل المألوفة في حياة الشباب، ومن الخطأ أن يتمادى الشاب في ممارسة الكثير منها. ويأتي في مقدمتها العوامل التالية:
* الضغوط النفسية والاضطرابات العاطفية، فهي تلعب دورا هاما في تهييج البشرة وإحالة حب الشباب من النوع البسيط إلى النوع الشديد الذي يترك خلفه ندبات وآثارا شديدة وتشوهات.
* تناول المنبهات بكثرة، مثل الشاي والقهوة والمشروبات الغازية.
* الإفراط في السهر، وعدم أخذ قسط وافر من النوم ليلا.
* الإكثار من تناول المأكولات الدسمة والشوكولاته، فلها سلبيات كثيرة على الصحة العامة، حيث تزيد من نسبة إفراز الدهون في الجسم وتعمل على اضطراب الهرمونات التي تزيد الوزن وتهيج البشرة.
* التعرض لأشعة الشمس، التي تعتبر من الأسباب الرئيسة لظهور المرض نتيجة تهيج الجلد.
* اضطراب الهرمونات، مثل زيادة إفراز هرمون الاندروجين (عند الجنسين معا) وذلك في مرحلة البلوغ، مما يؤدي إلى ازدياد نشاط الغدد الدهنية.
* أما عند الإناث، فتشكل بعض الظروف الخاصة عندهن عوامل مثيرة لحب الشباب مثل اضطراب الدورة الشهرية، واستعمال أنواع مختلفة من المراهم المزيلة للماكياج والمنظفة للبشرة.
إن هذه السلوكيات تعتبر من المسببات الرئيسة لظهور حب الشباب وتفاقم المرض. وتكون العناية المبكرة كافية للحد من المرض، فالحالات البسيطة منه قد لا تحتاج علاجا خاصا، كما تزول أغلب الحالات عند عمر 24 - 26 عاما، ولكنها تحتاج إلى ضبط تلك العوامل وتغيير السلوكيات نحوها وتجنب ما يثيرها ويهيجها.

* مرض النقرس
من الأعراض الشائعة في عصرنا الحالي تلك التي يشكو منها الكثير من الناس وهي آلام مفاصل الجسم المختلفة خاصة التي تأتي حادة ومباغتة ويكون مصدرها المفاصل الصغيرة بالقدمين وأحيانا تأتي من أجزاء غير مألوفة من الجسم مثل منطقة تحت الجلد في منطقة الكوع أو الأذن، مما يشد تفكير الطبيب بعيدا عن التشخيص الصحيح. والسبب في كثير من الحالات، أيا كان المفصل المصاب، هو زيادة نسبة أملاح حمض اليوريك (البوليك) في الدم، مما يؤدي إلى ترسبها في الأغشية الداخلية للمفصل محدثة آلاما مميزة لمرض النقرس.
مرض النقرس، هو أحد اضطرابات الهضم والاستقلاب (التمثيل الغذائي) الذي يبدأ بآلام حادة بالمفصل، مع ظهور تورم واحمرار حوله، وقد ترتفع درجة الحرارة، ثم لا تلبث أن تزول هذه الأعراض نهائيا في ظرف أسبوع أو أكثر لتعاود الظهور مرة ثانية على فترات تمتد لعدة أسابيع أو أشهر أو سنين.
ويكمن وراء ذلك عدة أسباب، منها: كثرة تناول البروتينات الحيوانية، تناول بعض المستحضرات الطبية كخلاصة الكبد بطريقة عشوائية، أخذ عقاقير مدرة للبول وخافضة للضغط من دون المتابعة المستمرة مع الطبيب المعالج والتأكد من نتائج التحاليل والفحوصات الأخرى، وقد تكون السمنة وارتفاع مستوى الكولسترول في الدم هما السبب، خاصة إذا وجد تاريخ عائلي بالإصابة بفرط حمض اليوريك في الدم، حيث تلعب الجينات الوراثية دورا مهما أيضا في الإصابة بهذه الحالة، وأخيرا قد يكون السبب قلة النشاط والحركة نتيجة حياة الكسل والخمول، والبقاء لفترات طويلة في السرير.
ويمكن تشخيص المرض بدقة بملاحظة الأعراض المميزة له، وإجراء تحليل مختبري للكشف عن زيادة نسبة حمض البوليك في الدم وعمل أشعة.
وننصح هؤلاء المرضى بالتالي:
* أخذ أحد المسكنات اللا استيرويدية المضادة للالتهاب.
* إيقاف تناول بعض الأدوية مثل الأسبرين، مدرات البول، التي تتسبب في ارتفاع نسبة حمض البوليك في الدم.
* شرب كميات وفيرة من الماء لتخفيف تركيز حمض البوليك في البول، ومن ثم تقلل من خطر تكون حصوات الكلى.
* الامتناع عن المشروبات الكحولية التي تقلل من قدرة الجسم على إخراج حمض البوليك.
* الإقلال من تناول المأكولات الغنية بالبروتينات مثل: الكبد، الكلى، والسردين لأنها تزيد مستويات حمض البوليك.
* الإقلال من تناول البازلاء والحبوب المجففة.
* المحافظة على الوزن المثالي وتخفيف الوزن.
* الحركة وعدم اتباع حياة الكسل.

استشاري في طب المجتمع
مدير مركز المساعدية التخصصي ـ مستشفى الملك فهد بجدة
[email protected]



اختلاف تكوين المخّ قد يدفع إلى تعاطي المخدرات

اختلاف تكوين المخّ قد يدفع إلى تعاطي المخدرات
TT

اختلاف تكوين المخّ قد يدفع إلى تعاطي المخدرات

اختلاف تكوين المخّ قد يدفع إلى تعاطي المخدرات

كشفت دراسة عصبية حديثة نُشرت في نهاية شهر ديسمبر (كانون الأول) من العام الماضي في مجلة الرابطة الطبية الأميركية «JAMA Network Open»، عن احتمالية أن يكون لشكل المخ وتكوينه الخارجي دور مهم في التوجه إلى تجربة المواد المضرة المختلفة في سن مبكرة أثناء فترة المراهقة، ثم إدمانها لاحقاً في مرحلة الشباب. وبالتالي يكون هؤلاء الأطفال مدفوعين لتعاطي هذه المواد أكثر من غيرهم الذين يتمتعون ببنية مخية طبيعية.

دراسة المخ

الدراسة التي تم تمويلها من المعاهد الوطنية الصحية (NIH) بالولايات المتحدة وقام بها باحثون من جامعة واشنطن Washington University بسانت لويس أجريت على ما يقرب من 10 آلاف مراهق من جميع أنحاء الولايات المتحدة، حيث تمت متابعتهم عن طريق تحليل بيانات تم جمعها من دراسة سابقة (وهي: دراسة التطور المعرفي لمخ المراهقين ABCD Study التي تُعد أكبر دراسة طولية لتطور المخ في الأطفال والمراهقين في الولايات المتحدة)، التي يدعمها المعهد الوطني لتعاطي المخدرات التابع للمعاهد الوطنية للصحة (NIDA).

قام الباحثون بعمل مراجعة وتقييم لأشعة الرنين المغناطيسي التي أجريت على المخ لـ9804 أطفال عندما كانت أعمارهم تتراوح بين 9 و11 عاماً. وبطبيعة الحال لم يكن هناك أي طفل قام بتجربة أي مادة مخدرة.

وبعد ذلك قام الباحثون بتتبع المشاركين على مدى ثلاث سنوات لمعرفة بدء تعاطي المواد المختلفة وركزوا على مراقبة تعاطي الكحول والنيكوتين و / أو نبات القنب بشكل أساسي؛ لأن هذه المواد على وجه التحديد تعد الأكثر شيوعاً في مرحلة المراهقة المبكرة في الولايات المتحدة. وهذه المتابعة كانت من خلال سؤال المراهقين وذويهم بشكل مباشر، أو من خلال السجلات التي تفيد بتورط هؤلاء الطلاب في تجربة هذه المواد.

وتضمنت الأسئلة استخدام أي مواد غير مشروعة أخرى (مثل الأدوية العصبية من دون وصفة طبية والأقراص المخدرة). ثم قام الباحثون بعمل مقارنة بين صور الرنين المغناطيسي الخاصة بالمراهقين الذين أبلغوا عن بدء تعاطي المواد المخدرة بأنواعها المختلفة قبل بلوغهم سن 15 عاماً بأقرانهم الذين لم يقدموا على تجربة المخدرات، لمعرفة إذا كانت هذه الفرضية (ارتباط تشريح المخ بزيادة القابلية للمخدرات) صحيحة أم لا.

وقال معظم الطلاب (90.2 في المائة) الذين شملتهم الدراسة إنهم قاموا بتجربة تناول الكحوليات مرة واحدة على الأقل قبل عمر الخامسة عشرة. وقالت نسبة كبيرة منهم إنهم قاموا بشرب الكحول بالتزامن مع التدخين سواء النيكوتين أو نبات القنب. وفي المقابل، قال الأطفال الذين قاموا بتجربة التدخين في البداية إنهم بدأوا أيضاً في تعاطي الكحول بعد فترة بسيطة من التدخين، ما يعني أن تجربة مادة معينة في الأغلب تؤدي إلى تجربة بقية المواد.

اختلافات تشريحية

قام العلماء بتقييم الاختلافات التشريحية الظاهرة في الأشعة تبعاً لمقاييس معينة مثل الحجم الكلي للمخ، والسمك، وكذلك النتوءات الموجودة، وعمق طيات المخ depth of brain folds واهتموا بشكل خاص بطبقات القشرة المخية، وهي الطبقة الخارجية من المخ المليئة بالخلايا العصبية. وهي مسؤولة عن العديد من العمليات الإدراكية والعاطفية، مثل التعلم والإحساس والذاكرة واللغة والانفعالات العاطفية واتخاذ القرار (من المعروف أن هذه المقاييس والخصائص ترتبط بالتباين في القدرات المعرفية وردود الفعل والتوصيلات العصبية من شخص لآخر).

ووجد الباحثون اختلافات واضحة في بنية خلايا المخ للمراهقين الذين أبلغوا عن بدء تعاطي المواد المخدرة قبل سن 15 عاماً وأقرانهم الذين لم يقوموا بتجربة المواد. وعلى سبيل المثال، كانت هناك زيادة في حجم المخ الكلي، وأيضاً زيادة في حجم القشرة المخية للمراهقين الذين قاموا بتعاطي المواد المختلفة، سواء المخدرات أو الكحوليات. وأيضاً كان هناك ما يقرب من 39 اختلافاً إضافياً بين مخ الذين جربوا المواد وأقرانهم في الكفاءة الوظيفية للخلايا وسمك القشرة المخية. وقال الباحثون إنهم وجدوا في بعض الحالات اختلافات في شكل الخلايا وبنيتها بطريقة فريدة من نوعها تبعاً لطبيعة المادة المستخدمة.

الإدمان لا يحدث فقط بسبب الانحراف السلوكي بل ربما لسبب قهري

وأظهر تحليل حديث آخر للبيانات الخاصة بالدراسة نفسها (التطور المعرفي لمخ المراهقين ABCD Study) أن أنماط التوصيلات العصبية في المخ في مرحلة المراهقة المبكرة يمكن أن تتنبأ ببدء تعاطي المواد المخدرة في الشباب، وهو الأمر الذي يؤكد أن إدمان هذه المواد ليس فقط بسبب الانحراف السلوكي والمشاكل النفسية، ولكن ربما لسبب قهري مرتبط بشكل المخ والخلل الوظيفي في خلاياه.

أوضحت الدراسة أن هذه النتائج تعد بالغة الأهمية في لفت النظر إلى ضرورة وضع الأسباب البيولوجية في الحسبان عند التعامل مع مشاكل إدمان المراهقين وإقدامهم على تجربة أنواع معينة من المواد الضارة، ونصحت الدراسة أيضاً بضرورة عمل مسح عن طريق أشعة الرنين المغناطيسي للأطفال، وتوفير الدعم النفسي للأطفال الأكثر عرضة لتجربة هذه المواد تبعاً للتغييرات التشريحية في مخهم، وعمل دورات توعية باستمرار لهم، وتحذيرهم من عواقب الإدمان، وعلاجهم في حالة تعرضهم بالفعل لهذه المواد.

وفي النهاية، أكد الباحثون أن بنية المخ وحدها لا يمكنها التنبؤ بتعاطي المواد المخدرة أثناء المراهقة، ولا يجب استخدام هذه البيانات بوصفها أداة تشخيص قاطعة، ولكن يجب أن يتم التعامل معها بوصفها عامل خطورة إضافياً مثل: «البيئة، والاستعداد الوراثي الجيني، والتعرض لأحداث مأساوية في الطفولة»، خاصة في حالة وجود اختلافات واضحة في بنية المخ التشريحية في مرحلة الطفولة، قبل أي استخدام لهذه المواد.

* استشاري طب الأطفال.