أكثر من 50 فيلمًا و30 ألف مشاهد يكللون مهرجان شرق لندن السينمائي

أفلام بريطانية وعالمية .. وللشرق الأوسط حصة الأسد

طاقم فيلم «أليكاتس» الذي عرض في ليلة افتتاح المهرجان بسينما «جينيسيز» شرق لندن (تصوير: جيمس حنا)
طاقم فيلم «أليكاتس» الذي عرض في ليلة افتتاح المهرجان بسينما «جينيسيز» شرق لندن (تصوير: جيمس حنا)
TT

أكثر من 50 فيلمًا و30 ألف مشاهد يكللون مهرجان شرق لندن السينمائي

طاقم فيلم «أليكاتس» الذي عرض في ليلة افتتاح المهرجان بسينما «جينيسيز» شرق لندن (تصوير: جيمس حنا)
طاقم فيلم «أليكاتس» الذي عرض في ليلة افتتاح المهرجان بسينما «جينيسيز» شرق لندن (تصوير: جيمس حنا)

وسط حضور لافت وببرنامج مقرر لعرض أكثر من 50 فيلما افتتح مهرجان «إيست إند فيلم» أي مهرجان شرق لندن السينمائي أبوابه في دورته الـ16 آخر الأسبوع الماضي في العاصمة البريطانية. ومن المقرر أن يستمر المهرجان الذي انطلق يوم الخميس 10 أيام. ويعد واحدًا من أكبر المهرجانات على مستوى المملكة المتحدة.
يجتذب هذا المهرجان أكثر من 30 ألف زائر سنويًا، وقد نجح في تثبيت مكانته كأحد مهرجانات الأفلام الدولية الكبرى الأكثر ديناميكية ونشاطًا في لندن.
ويعرض المهرجان في دورته الحالية أكثر من 50 فيلما طويلاً، والكثير من الأفلام القصيرة، بجانب مجموعة متنوعة من الفعاليات الفنية والنشاطات المرتبطة بصناعة السينما.
ومن بين جوائز المهرجان، جائزة أفضل فيلم (للمخرجين الذين يخوضون أول أو ثاني تجربة إخراج) وأفضل فيلم وثائقي وأفضل فيلم قصير بالمملكة المتحدة وجائزة جمهور مهرجان «إيست إند» للفيلم القصير.
وعرض ليلة الافتتاح فيلم «أليكاتس» للمخرج السويسري إيان بونهولت. وهو فيلم إثارة تدور أحداثه في لندن ويتناول عالم سباقات الدراجات غير القانونية، ووقع الاختيار على دار عرض «جينيسيز» في منطقة مايل إيند شرق لندن لتقديمه. يذكر أن الفيلم جرى تمويله من قبل منتجين مستقلين، وكذلك تمويل جماعي. واختارته شركة «يونيفرسال» لتوزيعه على دور العرض.
وفي تصريحات خاصة لـ«الشرق الأوسط»، قالت أليسون بولتوك، مديرة ومنظمة المهرجان إنه «بدأنا عملنا كمهرجان محلي»، لكنها وصفت الدورة الـ16 للمهرجان باعتبارها حدثا «محليا عالميا» في الوقت ذاته، يتماشى مع التنوع الكبير والثري في الأعراق والثقافات المكونة للمزيج السكاني القائم في إيست إند.
وأوضحت أن «ما يجعل هذا المهرجان فريدًا أمرين: تنوع فعالياته، وتركيزه على أصحاب التجارب الإخراجية الأولى أو الثانية فحسب».
الملاحظ أن البرنامج يعج بأفلام من شتى أرجاء العالم، لكن يبقى لـ«الشرق الأوسط» نصيب الأسد من إجمالي الأفلام التي أنتجت خارج المملكة المتحدة والولايات المتحدة. بوجه عام، تشارك الدول العربية بخمسة أفلام، بينها «مريم»، أول فيلم طويل لمخرج سعودي، فايزة إمباه. يشارك كذلك بالمهرجان المخرج الأردني رفيق عساف، الذي يشارك بأولى تجاربه في الإخراج، فيلم «المنعطف». كما يشارك مخرج الأفلام الوثائقية العراقي عباس فضل، ويقدم فيلم «الوطن» المرشح لجائزة أفضل فيلم وثائقي. ويمثل المخرج الكردي باهمان كوبادي، مخرج فيلم «السلاحف يمكنها الطيران» الشهير، العراق بفيلم «علم من دون دولة». أما تركيا، فتشارك بخمسة أفلام. من ناحية أخرى، يمنح المهرجان خمسة جوائز، يشرف على ثلاثة منها عناصر شابة من داخل صناعة الأفلام. كما أن واحدة من الجوائز، جائزة مسابقة الفيلم القصير، يحسم مصيرها الجمهور.
وعلاوة على الأفلام، يستضيف المهرجان عددًا من النشاطات الفنية والتي تتنوع ما بين مهرجانات الشعر والموسيقى والرقص والمعارض. وفي محاولة لاستيعاب المجموعة الواسعة للنشاطات التي ينظمها المهرجان، جرى توسيع دائرة أماكن استضافة النشاطات لأكثر من 10، بينها 7 دور عرض.
يذكر أن المهرجان تأسس عام 2000،. ويتميز المهرجان ببرنامج ثري ومتنوع من العروض الأولى للأفلام الدولية والفعاليات والندوات. ويتمثل الهدف المعلن للمهرجان في اكتشاف ودعم وعرض الأعمال الرائدة من قبل مصنعي الأفلام الدوليين والعالميين المستقلين، وتقديم تجارب سينمائية مبدعة وتحمل بداخلها روح التحدي.



رحيل إيلي شويري عاشق لبنان و«أبو الأناشيد الوطنية»

عرف الراحل إيلي شويري بـ«أبو الأناشيد الوطنية»
عرف الراحل إيلي شويري بـ«أبو الأناشيد الوطنية»
TT

رحيل إيلي شويري عاشق لبنان و«أبو الأناشيد الوطنية»

عرف الراحل إيلي شويري بـ«أبو الأناشيد الوطنية»
عرف الراحل إيلي شويري بـ«أبو الأناشيد الوطنية»

إنه «فضلو» في «بياع الخواتم»، و«أبو الأناشيد الوطنية» في مشواره الفني، وأحد عباقرة لبنان الموسيقيين، الذي رحل أول من أمس (الأربعاء) عن عمر ناهز 84 عاماً.
فبعد تعرضه لأزمة صحية نقل على إثرها إلى المستشفى، ودّع الموسيقي إيلي شويري الحياة. وفي حديث لـ«الشرق الأوسط» أكدت ابنته كارول أنها تفاجأت بانتشار الخبر عبر وسائل التواصل الاجتماعي قبل أن تعلم به عائلته. وتتابع: «كنت في المستشفى معه عندما وافاه الأجل. وتوجهت إلى منزلي في ساعة متأخرة لأبدأ بالتدابير اللازمة ومراسم وداعه. وكان الخبر قد ذاع قبل أن أصدر بياناً رسمياً أعلن فيه وفاته».
آخر تكريم رسمي حظي به شويري كان في عام 2017، حين قلده رئيس الجمهورية يومها ميشال عون وسام الأرز الوطني. وكانت له كلمة بالمناسبة أكد فيها أن حياته وعطاءاته ومواهبه الفنية بأجمعها هي كرمى لهذا الوطن.
ولد إيلي شويري عام 1939 في بيروت، وبالتحديد في أحد أحياء منطقة الأشرفية. والده نقولا كان يحضنه وهو يدندن أغنية لمحمد عبد الوهاب. ووالدته تلبسه ثياب المدرسة على صوت الفونوغراف الذي تنساب منه أغاني أم كلثوم مع بزوغ الفجر. أما أقرباؤه وأبناء الجيران والحي الذي يعيش فيه، فكانوا من متذوقي الفن الأصيل، ولذلك اكتمل المشوار، حتى قبل أن تطأ خطواته أول طريق الفن.
- عاشق لبنان
غرق إيلي شويري منذ نعومة أظافره في حبه لوطنه وترجم عشقه لأرضه بأناشيد وطنية نثرها على جبين لبنان، ونبتت في نفوس مواطنيه الذين رددوها في كل زمان ومكان، فصارت لسان حالهم في أيام الحرب والسلم. «بكتب اسمك يا بلادي»، و«صف العسكر» و«تعلا وتتعمر يا دار» و«يا أهل الأرض»... جميعها أغنيات شكلت علامة فارقة في مسيرة شويري الفنية، فميزته عن سواه من أبناء جيله، وذاع صيته في لبنان والعالم العربي وصار مرجعاً معتمداً في قاموس الأغاني الوطنية. اختاره ملك المغرب وأمير قطر ورئيس جمهورية تونس وغيرهم من مختلف أقطار العالم العربي ليضع لهم أجمل معاني الوطن في قالب ملحن لا مثيل له. فإيلي شويري الذي عُرف بـ«أبي الأناشيد الوطنية» كان الفن بالنسبة إليه منذ صغره هَوَساً يعيشه وإحساساً يتلمسه في شكل غير مباشر.
عمل شويري مع الرحابنة لفترة من الزمن حصد منها صداقة وطيدة مع الراحل منصور الرحباني. فكان يسميه «أستاذي» ويستشيره في أي عمل يرغب في القيام به كي يدله على الصح من الخطأ.
حبه للوطن استحوذ على مجمل كتاباته الشعرية حتى لو تناول فيها العشق، «حتى لو رغبت في الكتابة عن أعز الناس عندي، أنطلق من وطني لبنان»، هكذا كان يقول. وإلى هذا الحد كان إيلي شويري عاشقاً للبنان، وهو الذي اعتبر حسه الوطني «قدري وجبلة التراب التي امتزج بها دمي منذ ولادتي».
تعاون مع إيلي شويري أهم نجوم الفن في لبنان، بدءاً بفيروز وسميرة توفيق والراحلين وديع الصافي وصباح، وصولاً إلى ماجدة الرومي. فكان يعدّها من الفنانين اللبنانيين القلائل الملتزمين بالفن الحقيقي. فكتب ولحن لها 9 أغنيات، من بينها «مين إلنا غيرك» و«قوم تحدى» و«كل يغني على ليلاه» و«سقط القناع» و«أنت وأنا» وغيرها. كما غنى له كل من نجوى كرم وراغب علامة وداليدا رحمة.
مشواره مع الأخوين الرحباني بدأ في عام 1962 في مهرجانات بعلبك. وكانت أول أدواره معهم صامتة بحيث يجلس على الدرج ولا ينطق إلا بكلمة واحدة. بعدها انتسب إلى كورس «إذاعة الشرق الأدنى» و«الإذاعة اللبنانية» وتعرّف إلى إلياس الرحباني الذي كان يعمل في الإذاعة، فعرّفه على أخوَيه عاصي ومنصور.

مع أفراد عائلته عند تقلده وسام الأرز الوطني عام 2017

ويروي عن هذه المرحلة: «الدخول على عاصي ومنصور الرحباني يختلف عن كلّ الاختبارات التي يمكن أن تعيشها في حياتك. أذكر أن منصور جلس خلف البيانو وسألني ماذا تحفظ. فغنيت موالاً بيزنطياً. قال لي عاصي حينها؛ من اليوم ممنوع عليك الخروج من هنا. وهكذا كان».
أسندا إليه دور «فضلو» في مسرحية «بياع الخواتم» عام 1964. وفي الشريط السينمائي الذي وقّعه يوسف شاهين في العام التالي. وكرّت السبحة، فعمل في كلّ المسرحيات التي وقعها الرحابنة، من «دواليب الهوا» إلى «أيام فخر الدين»، و«هالة والملك»، و«الشخص»، وصولاً إلى «ميس الريم».
أغنية «بكتب اسمك يا بلادي» التي ألفها ولحنها تعد أنشودة الأناشيد الوطنية. ويقول شويري إنه كتب هذه الأغنية عندما كان في رحلة سفر مع الراحل نصري شمس الدين. «كانت الساعة تقارب الخامسة والنصف بعد الظهر فلفتني منظر الشمس التي بقيت ساطعة في عز وقت الغروب. وعرفت أن الشمس لا تغيب في السماء ولكننا نعتقد ذلك نحن الذين نراها على الأرض. فولدت كلمات الأغنية (بكتب اسمك يا بلادي عالشمس الما بتغيب)».
- مع جوزيف عازار
غنى «بكتب اسمك يا بلادي» المطرب المخضرم جوزيف عازار. ويخبر «الشرق الأوسط» عنها: «ولدت هذه الأغنية في عام 1974 وعند انتهائنا من تسجيلها توجهت وإيلي إلى وزارة الدفاع، وسلمناها كأمانة لمكتب التوجيه والتعاون»، وتابع: «وفوراً اتصلوا بنا من قناة 11 في تلفزيون لبنان، وتولى هذا الاتصال الراحل رياض شرارة، وسلمناه شريط الأغنية فحضروا لها كليباً مصوراً عن الجيش ومعداته، وعرضت في مناسبة عيد الاستقلال من العام نفسه».
يؤكد عازار أنه لا يستطيع اختصار سيرة حياة إيلي شويري ومشواره الفني معه بكلمات قليلة. ويتابع لـ«الشرق الأوسط»: «لقد خسر لبنان برحيله مبدعاً من بلادي كان رفيق درب وعمر بالنسبة لي. أتذكره بشوشاً وطريفاً ومحباً للناس وشفافاً، صادقاً إلى أبعد حدود. آخر مرة التقيته كان في حفل تكريم عبد الحليم كركلا في الجامعة العربية، بعدها انقطعنا عن الاتصال، إذ تدهورت صحته، وأجرى عملية قلب مفتوح. كما فقد نعمة البصر في إحدى عينيه من جراء ضربة تلقاها بالغلط من أحد أحفاده. فضعف نظره وتراجعت صحته، وما عاد يمارس عمله بالشكل الديناميكي المعروف به».
ويتذكر عازار الشهرة الواسعة التي حققتها أغنية «بكتب اسمك يا بلادي»: «كنت أقفل معها أي حفل أنظّمه في لبنان وخارجه. ذاع صيت هذه الأغنية، في بقاع الأرض، وترجمها البرازيليون إلى البرتغالية تحت عنوان (أومينا تيرا)، وأحتفظ بنصّها هذا عندي في المنزل».
- مع غسان صليبا
مع الفنان غسان صليبا أبدع شويري مرة جديدة على الساحة الفنية العربية. وكانت «يا أهل الأرض» واحدة من الأغاني الوطنية التي لا تزال تردد حتى الساعة. ويروي صليبا لـ«الشرق الأوسط»: «كان يعد هذه الأغنية لتصبح شارة لمسلسل فأصررت عليه أن آخذها. وهكذا صار، وحققت نجاحاً منقطع النظير. تعاونت معه في أكثر من عمل. من بينها (كل شيء تغير) و(من يوم ما حبيتك)». ويختم صليبا: «العمالقة كإيلي شويري يغادرونا فقط بالجسد. ولكن بصمتهم الفنية تبقى أبداً ودائماً. لقد كانت تجتمع عنده مواهب مختلفة كملحن وكاتب ومغنٍ وممثل. نادراً ما نشاهدها تحضر عند شخص واحد. مع رحيله خسر لبنان واحداً من عمالقة الفن ومبدعيه. إننا نخسرهم على التوالي، ولكننا واثقون من وجودهم بيننا بأعمالهم الفذة».
لكل أغنية كتبها ولحنها إيلي شويري قصة، إذ كان يستمد موضوعاتها من مواقف ومشاهد حقيقية يعيشها كما كان يردد. لاقت أعماله الانتقادية التي برزت في مسرحية «قاووش الأفراح» و«سهرة شرعية» وغيرهما نجاحاً كبيراً. وفي المقابل، كان يعدها من الأعمال التي ينفذها بقلق. «كنت أخاف أن تخدش الذوق العام بشكل أو بآخر. فكنت ألجأ إلى أستاذي ومعلمي منصور الرحباني كي يرشدني إلى الصح والخطأ فيها».
أما حلم شويري فكان تمنيه أن تحمل له السنوات الباقية من عمره الفرح. فهو كما كان يقول أمضى القسم الأول منها مليئة بالأحزان والدموع. «وبالقليل الذي تبقى لي من سنوات عمري أتمنى أن تحمل لي الابتسامة».