افتتاح معرض يلقي نظرة على نمط اقتناء اللوحات لدى أشهر الفنانين في لندن

ديغا كان مهووسًا بشراء الأعمال الفنية.. وماتيس تخلص من مقتنياته ماعدا أعمال بيكاسو

لوحة ذاتية لفان دايك - {مزهرية} بول غوغان («ناشيونال غاليري») - من أعمال هنري ماتيس.. القارئة الشاردة «تيت» («ناشيونال غاليري») - لوحه ذاتية لهنري ماتيس («فيليب بيرنار»)
لوحة ذاتية لفان دايك - {مزهرية} بول غوغان («ناشيونال غاليري») - من أعمال هنري ماتيس.. القارئة الشاردة «تيت» («ناشيونال غاليري») - لوحه ذاتية لهنري ماتيس («فيليب بيرنار»)
TT

افتتاح معرض يلقي نظرة على نمط اقتناء اللوحات لدى أشهر الفنانين في لندن

لوحة ذاتية لفان دايك - {مزهرية} بول غوغان («ناشيونال غاليري») - من أعمال هنري ماتيس.. القارئة الشاردة «تيت» («ناشيونال غاليري») - لوحه ذاتية لهنري ماتيس («فيليب بيرنار»)
لوحة ذاتية لفان دايك - {مزهرية} بول غوغان («ناشيونال غاليري») - من أعمال هنري ماتيس.. القارئة الشاردة «تيت» («ناشيونال غاليري») - لوحه ذاتية لهنري ماتيس («فيليب بيرنار»)

في معرض «اللوحات التي اقتناها الفنانون.. من فرويد إلى فان دايك» الذي فتح أبوابه هذا الأسبوع في «ناشيونال غاليري» بلندن يقدم نظرة جديدة على أعمال فنية عالمية ولكن من وجهة نظر فنانين اشتروها وضموها لمقتنياتهم. المعرض يمر عبر 500 عام من التاريخ الفن عبر 80 لوحة كانت ذات يوم ملكًا فنانين مشاهير سواء كانت مهداة لهم من زملائهم أو أنهم اختاروا اقتناءها.
يتملك الزائر للمعرض إحساسًا غريبًا بأنه يدخل لمنازل فنانين عمالقة أمثال ديغا وفان دايك وماتيس، يتأمل في لوحات شغل مكانا على جدرانها وكانت مصدرا لإلهامهم. المعرض أيضًا يتيح للزائر معرفة أذواق هؤلاء الفنانين وما الذي كان يدفعهم لأن يصبحوا مقتنين.
تقول إن روبنز منسقة المعرض إن الفكرة جاءت من لوحة للفنان كورو بعنوان «امرأة إيطالية» كانت ملكا للفنان البريطاني لوسيان فرويد تركها في وصيته لـ«ناشيونال غاليري». وكان فرويد الذي توفي في عام 2011 قد ابتاع اللوحة قبل عشر سنوات وقال في الوصية إنه أراد أن يترك اللوحة لبريطانيا كتعبير عن شكره للبلد التي احتضنت عائلته التي فرت من حكم النازي وأضاف أنه أراد أن يكون المنزل الجديد للوحة هو الـ«ناشيونال غاليري»، حيث ستستطيع الأجيال القادمة الاستمتاع بها.
وإضافة إلى لوحة كورو فإن الـ«ناشيونال غاليري» يضم في مجموعته لوحات أخرى قيمة اقتناها فنانون لهم مكانة في تاريخ الفن، وهكذا جاءت الفكرة بعرض تلك اللوحات ضمن معرض موحد. ومن ضمنها لوحة للفنان الإيطالي تيشان كانت ملكا لفنان بلاط الملك تشارلز الأول فان دايك، وأيضًا لوحة لرمبرانت كانت ملكًا لجوشوا رينولدز. يستطلع المعرض كل فنان على حدة، مازجًا بين اللوحات المقتناة واللوحات التي رسمها الفنان متأثرا بها والعناصر المشتركة بينها. وحسب ما يعلق د. غابريل فينالدي مدير الـ«ناشيونال غاليري»: «الفنانون بطبيعتهم يعيشون مع أعمالهم ولكن ما الذي يدفعهم لاقتناء أعمال رسامين آخرين سواء كانوا معاصرين لهم أو سابقين؟ المعرض يبحث عن الإجابات في أنماط الاقتناء لدى فرويد ورينولدز وفان دايك وماتيس وليتون وديغا».
فان دايك فنان البلاط الملكي في القرن السابع عشر، اشتهر بحبه لجمع لوحات الفن الإيطالي واشتهر بتخصصه في لوحات الفن السادس عشر، من الفنانين الذين اقتنى لوحاتهم هناك رافايل، تينتوريتو، باسانو وتيشان. وقد كان لتيشان مكانة خاصة لدى فان دايك ويدل على ذلك أنه اقتنى 19 لوحة لتيشان ومثلت نصف عدد اللوحات في مجموعته. كما نعرف من خلال المعرض أن فان دايك خصص خزانة كاملة للوحات تيشان في منزله بلندن وكان من زواره الملك تشارلز الأول راعيه الأول. ومن تلك اللوحات يعرض الـ«غاليري» لوحة بورتريه من رسم تيشان تصور أسلوب الفنان الإيطالي في رسم البورتريه مثل لفتة الرأس الجانبية وبروز ذراع الشخص الجالس أمامنا، إلى جانب لوحة تيشان نرى لوحة لفان دايك يظهر من خلالها تأثره بأسلوب الفنان الإيطالي. وهكذا يقدم المعرض عبر 80 لوحة أساليب الفنانين العالميين واللوحات التي اقتنوها والفنانين الذين أثروا عليهم.
ومن فان دايك ننتقل للفنان ديغا الذي خصص له المعرض قاعتين واحدة تدور حول لوحات أساطين الفن العالمي التي كانت بحوزته عليه والثانية حول لوحات معاصريه، في أولاهما طبع على الحائط مقولة حول إدمان شراء اللوحات لدى ديغا أخذت من خطاب كتبه صديقه الفنان الفرنسي ألبرت بارثالومي لبول لافوند في عام 1896 «في كل صباح كان ديغا يتساءل عن الطريقة التي سيدفع بها ثمن ما اشتراه في نفس اليوم وفي اليوم التالي يبدأ مرة أخرى، بعض لوحات الطبيعة الصامتة لإنغريه، لوحات لديلاكروا، ثم يعلن بفخر أنه لن يستطيع بعد ذلك شراء ملابس لنفسه».
ديغا يقدمه المعرض باعتباره مؤسس الحركة التأثيرية رغم أنه ابتعد عن فنانيها واتخذ اتجاهًا يمزج فيه بين تدريبه الفني وميله للطبيعية، وهذا أيضًا ما ميز الأعمال التي اقتناها. نعرف أن ديغا ابتاع المئات من اللوحات الفنية بعضها لدعم أصدقائه الفنانين وأيضا الناشئين منهم مثل غوغان الذي اقتنى ديغا 11 من لوحاته منهم لوحة «إناء الزهور» المعروضة في المعرض وتتميز باستخدام الألوان القوية الحية التي اشتهر بها غوغان. إلى جانب هذه اللوحة تعرض لوحة لإدوارد مانيه تصور زوجته وهي جالسة وفي حجرها قطتها، ديغا حصل على اللوحة في عام 1884 في مقابل لوحه بألوان الباستيل من عمله، ونعرف أيضًا عبر المعلومات الموجودة بجانبها أن مجموعة ديغا شملت تسع لوحات لمانيه.
وتعكس اللوحات التي ابتاعها ديغا تعليمه الفني، حيث بدأ بنسخ اللوحات في متحف اللوفر قبل أن ينتظم في مدرسة الفنون الجميلة وقد منحه هذا النمط من التعلم فكرة وافية وتقديرا لأعمال كبار الفنانين. ومن الفنانين الذين حرص ديغا على اقتناء أعمالهم: إنجريس وديلاكروا حيث اشترى 22 لوحة لإنجريس و16 لديلاكروا، وكان يبدي إعجابه بخطوط إنجريس وألوان ديلاكروا وربما استلهم ذلك في أعماله. يذكر لنا المعرض أن ديغا قابل إنجرس في شبابه وكانت نصيحة إنجرس له هي «ارسم خطوطا أيها الشاب، ثم ارسم خطوطا أخرى، مستلهما الواقع وأيضا من الذاكرة».
المدهش في سيرة ديغا هو ذلك الاندفاع نحو شراء الأعمال الفنية وهو ما عبر عنه بالقول: «أنا أشتري، أشتري، لا أستطيع التوقف». ويمكن القول إن هوس ديغا باللوحات الفنية حولها من سلعة إلى وسيلة لمتعته البصرية والفكرية ولمساعدة الفنانين وأيضًا استخدمها كمقابل مادي ثمنًا للوحاته التي كان يبيعها وأيضًا كان يسدد فواتير وسطاء الفنون أيضًا بلوحاته بدلا من النقود.
جناح الفنان هنري ماتيس في المعرض أيضًا يقدم لنا جانبًا مختلفًا من حياة الفنان، فهو هنا الفنان الذي يسعى لامتلاك لوحات لغيره من الفنانين الذين يعجب بأعمالهم، وقد بدأ ماتيس في شراء اللوحات في مقتبل حياته الفنية على الرغم من أنه لم يكن يستطيع تحمل نفقات تلك الهواية، لدرجة أن دفع ثمن أول لوحة يبتاعها وهي لسيزان، على أقساط. في مراحل أخرى من حياته كان يقايض اللوحات بأخرى مختلفة وحين كان يمر بضائقة مالية كان يبيع بعضًا من أعماله. وتنوعت مقتنيات ماتيس من اللوحات إلى السجاد إلى المنحوتات المختلفة التي كان يستوحي منها بعض الموتيفات يستخدمها في أعماله. وفي نهاية حياته استغنى عن كل اللوحات التي كانت بمجموعته واكتفى منها بلوحات لصديقه بيكاسو، تعرض منها لوحتان هنا إحداهما تحمل إهداء من بيكاسو. وبلغ من تقدير ماتيس لبيكاسو أن قال: «فقط شخص واحد لديه الحق في انتقادي.. إنه بيكاسو».
> «اللوحات التي اقتناها الفنانون.. من فرويد إلى فان دايك» في «ناشيونال غاليري» بلندن حتى 4 سبتمبر (أيلول) 2016



رحيل إيلي شويري عاشق لبنان و«أبو الأناشيد الوطنية»

عرف الراحل إيلي شويري بـ«أبو الأناشيد الوطنية»
عرف الراحل إيلي شويري بـ«أبو الأناشيد الوطنية»
TT

رحيل إيلي شويري عاشق لبنان و«أبو الأناشيد الوطنية»

عرف الراحل إيلي شويري بـ«أبو الأناشيد الوطنية»
عرف الراحل إيلي شويري بـ«أبو الأناشيد الوطنية»

إنه «فضلو» في «بياع الخواتم»، و«أبو الأناشيد الوطنية» في مشواره الفني، وأحد عباقرة لبنان الموسيقيين، الذي رحل أول من أمس (الأربعاء) عن عمر ناهز 84 عاماً.
فبعد تعرضه لأزمة صحية نقل على إثرها إلى المستشفى، ودّع الموسيقي إيلي شويري الحياة. وفي حديث لـ«الشرق الأوسط» أكدت ابنته كارول أنها تفاجأت بانتشار الخبر عبر وسائل التواصل الاجتماعي قبل أن تعلم به عائلته. وتتابع: «كنت في المستشفى معه عندما وافاه الأجل. وتوجهت إلى منزلي في ساعة متأخرة لأبدأ بالتدابير اللازمة ومراسم وداعه. وكان الخبر قد ذاع قبل أن أصدر بياناً رسمياً أعلن فيه وفاته».
آخر تكريم رسمي حظي به شويري كان في عام 2017، حين قلده رئيس الجمهورية يومها ميشال عون وسام الأرز الوطني. وكانت له كلمة بالمناسبة أكد فيها أن حياته وعطاءاته ومواهبه الفنية بأجمعها هي كرمى لهذا الوطن.
ولد إيلي شويري عام 1939 في بيروت، وبالتحديد في أحد أحياء منطقة الأشرفية. والده نقولا كان يحضنه وهو يدندن أغنية لمحمد عبد الوهاب. ووالدته تلبسه ثياب المدرسة على صوت الفونوغراف الذي تنساب منه أغاني أم كلثوم مع بزوغ الفجر. أما أقرباؤه وأبناء الجيران والحي الذي يعيش فيه، فكانوا من متذوقي الفن الأصيل، ولذلك اكتمل المشوار، حتى قبل أن تطأ خطواته أول طريق الفن.
- عاشق لبنان
غرق إيلي شويري منذ نعومة أظافره في حبه لوطنه وترجم عشقه لأرضه بأناشيد وطنية نثرها على جبين لبنان، ونبتت في نفوس مواطنيه الذين رددوها في كل زمان ومكان، فصارت لسان حالهم في أيام الحرب والسلم. «بكتب اسمك يا بلادي»، و«صف العسكر» و«تعلا وتتعمر يا دار» و«يا أهل الأرض»... جميعها أغنيات شكلت علامة فارقة في مسيرة شويري الفنية، فميزته عن سواه من أبناء جيله، وذاع صيته في لبنان والعالم العربي وصار مرجعاً معتمداً في قاموس الأغاني الوطنية. اختاره ملك المغرب وأمير قطر ورئيس جمهورية تونس وغيرهم من مختلف أقطار العالم العربي ليضع لهم أجمل معاني الوطن في قالب ملحن لا مثيل له. فإيلي شويري الذي عُرف بـ«أبي الأناشيد الوطنية» كان الفن بالنسبة إليه منذ صغره هَوَساً يعيشه وإحساساً يتلمسه في شكل غير مباشر.
عمل شويري مع الرحابنة لفترة من الزمن حصد منها صداقة وطيدة مع الراحل منصور الرحباني. فكان يسميه «أستاذي» ويستشيره في أي عمل يرغب في القيام به كي يدله على الصح من الخطأ.
حبه للوطن استحوذ على مجمل كتاباته الشعرية حتى لو تناول فيها العشق، «حتى لو رغبت في الكتابة عن أعز الناس عندي، أنطلق من وطني لبنان»، هكذا كان يقول. وإلى هذا الحد كان إيلي شويري عاشقاً للبنان، وهو الذي اعتبر حسه الوطني «قدري وجبلة التراب التي امتزج بها دمي منذ ولادتي».
تعاون مع إيلي شويري أهم نجوم الفن في لبنان، بدءاً بفيروز وسميرة توفيق والراحلين وديع الصافي وصباح، وصولاً إلى ماجدة الرومي. فكان يعدّها من الفنانين اللبنانيين القلائل الملتزمين بالفن الحقيقي. فكتب ولحن لها 9 أغنيات، من بينها «مين إلنا غيرك» و«قوم تحدى» و«كل يغني على ليلاه» و«سقط القناع» و«أنت وأنا» وغيرها. كما غنى له كل من نجوى كرم وراغب علامة وداليدا رحمة.
مشواره مع الأخوين الرحباني بدأ في عام 1962 في مهرجانات بعلبك. وكانت أول أدواره معهم صامتة بحيث يجلس على الدرج ولا ينطق إلا بكلمة واحدة. بعدها انتسب إلى كورس «إذاعة الشرق الأدنى» و«الإذاعة اللبنانية» وتعرّف إلى إلياس الرحباني الذي كان يعمل في الإذاعة، فعرّفه على أخوَيه عاصي ومنصور.

مع أفراد عائلته عند تقلده وسام الأرز الوطني عام 2017

ويروي عن هذه المرحلة: «الدخول على عاصي ومنصور الرحباني يختلف عن كلّ الاختبارات التي يمكن أن تعيشها في حياتك. أذكر أن منصور جلس خلف البيانو وسألني ماذا تحفظ. فغنيت موالاً بيزنطياً. قال لي عاصي حينها؛ من اليوم ممنوع عليك الخروج من هنا. وهكذا كان».
أسندا إليه دور «فضلو» في مسرحية «بياع الخواتم» عام 1964. وفي الشريط السينمائي الذي وقّعه يوسف شاهين في العام التالي. وكرّت السبحة، فعمل في كلّ المسرحيات التي وقعها الرحابنة، من «دواليب الهوا» إلى «أيام فخر الدين»، و«هالة والملك»، و«الشخص»، وصولاً إلى «ميس الريم».
أغنية «بكتب اسمك يا بلادي» التي ألفها ولحنها تعد أنشودة الأناشيد الوطنية. ويقول شويري إنه كتب هذه الأغنية عندما كان في رحلة سفر مع الراحل نصري شمس الدين. «كانت الساعة تقارب الخامسة والنصف بعد الظهر فلفتني منظر الشمس التي بقيت ساطعة في عز وقت الغروب. وعرفت أن الشمس لا تغيب في السماء ولكننا نعتقد ذلك نحن الذين نراها على الأرض. فولدت كلمات الأغنية (بكتب اسمك يا بلادي عالشمس الما بتغيب)».
- مع جوزيف عازار
غنى «بكتب اسمك يا بلادي» المطرب المخضرم جوزيف عازار. ويخبر «الشرق الأوسط» عنها: «ولدت هذه الأغنية في عام 1974 وعند انتهائنا من تسجيلها توجهت وإيلي إلى وزارة الدفاع، وسلمناها كأمانة لمكتب التوجيه والتعاون»، وتابع: «وفوراً اتصلوا بنا من قناة 11 في تلفزيون لبنان، وتولى هذا الاتصال الراحل رياض شرارة، وسلمناه شريط الأغنية فحضروا لها كليباً مصوراً عن الجيش ومعداته، وعرضت في مناسبة عيد الاستقلال من العام نفسه».
يؤكد عازار أنه لا يستطيع اختصار سيرة حياة إيلي شويري ومشواره الفني معه بكلمات قليلة. ويتابع لـ«الشرق الأوسط»: «لقد خسر لبنان برحيله مبدعاً من بلادي كان رفيق درب وعمر بالنسبة لي. أتذكره بشوشاً وطريفاً ومحباً للناس وشفافاً، صادقاً إلى أبعد حدود. آخر مرة التقيته كان في حفل تكريم عبد الحليم كركلا في الجامعة العربية، بعدها انقطعنا عن الاتصال، إذ تدهورت صحته، وأجرى عملية قلب مفتوح. كما فقد نعمة البصر في إحدى عينيه من جراء ضربة تلقاها بالغلط من أحد أحفاده. فضعف نظره وتراجعت صحته، وما عاد يمارس عمله بالشكل الديناميكي المعروف به».
ويتذكر عازار الشهرة الواسعة التي حققتها أغنية «بكتب اسمك يا بلادي»: «كنت أقفل معها أي حفل أنظّمه في لبنان وخارجه. ذاع صيت هذه الأغنية، في بقاع الأرض، وترجمها البرازيليون إلى البرتغالية تحت عنوان (أومينا تيرا)، وأحتفظ بنصّها هذا عندي في المنزل».
- مع غسان صليبا
مع الفنان غسان صليبا أبدع شويري مرة جديدة على الساحة الفنية العربية. وكانت «يا أهل الأرض» واحدة من الأغاني الوطنية التي لا تزال تردد حتى الساعة. ويروي صليبا لـ«الشرق الأوسط»: «كان يعد هذه الأغنية لتصبح شارة لمسلسل فأصررت عليه أن آخذها. وهكذا صار، وحققت نجاحاً منقطع النظير. تعاونت معه في أكثر من عمل. من بينها (كل شيء تغير) و(من يوم ما حبيتك)». ويختم صليبا: «العمالقة كإيلي شويري يغادرونا فقط بالجسد. ولكن بصمتهم الفنية تبقى أبداً ودائماً. لقد كانت تجتمع عنده مواهب مختلفة كملحن وكاتب ومغنٍ وممثل. نادراً ما نشاهدها تحضر عند شخص واحد. مع رحيله خسر لبنان واحداً من عمالقة الفن ومبدعيه. إننا نخسرهم على التوالي، ولكننا واثقون من وجودهم بيننا بأعمالهم الفذة».
لكل أغنية كتبها ولحنها إيلي شويري قصة، إذ كان يستمد موضوعاتها من مواقف ومشاهد حقيقية يعيشها كما كان يردد. لاقت أعماله الانتقادية التي برزت في مسرحية «قاووش الأفراح» و«سهرة شرعية» وغيرهما نجاحاً كبيراً. وفي المقابل، كان يعدها من الأعمال التي ينفذها بقلق. «كنت أخاف أن تخدش الذوق العام بشكل أو بآخر. فكنت ألجأ إلى أستاذي ومعلمي منصور الرحباني كي يرشدني إلى الصح والخطأ فيها».
أما حلم شويري فكان تمنيه أن تحمل له السنوات الباقية من عمره الفرح. فهو كما كان يقول أمضى القسم الأول منها مليئة بالأحزان والدموع. «وبالقليل الذي تبقى لي من سنوات عمري أتمنى أن تحمل لي الابتسامة».