توقع موجة نزوح كبيرة من الموصل مع بدء المعارك على أطرافها

رفض مشاركة ميليشيات «الحشد الشعبي» في عمليات تحرير المدينة

صور لنازحين في مخيم «مخمور» القريب من الموصل (رويترز)
صور لنازحين في مخيم «مخمور» القريب من الموصل (رويترز)
TT

توقع موجة نزوح كبيرة من الموصل مع بدء المعارك على أطرافها

صور لنازحين في مخيم «مخمور» القريب من الموصل (رويترز)
صور لنازحين في مخيم «مخمور» القريب من الموصل (رويترز)

في وقت أعلن فيه رئيس البرلمان العراقي سليم الجبوري أن استعادة مدينة الفلوجة من قبضة تنظيم داعش بعد أكثر من سنتين من سيطرته عليها فتح الباب أمام استعادة الموصل ثاني كبرى المدن العراقية وكل محافظة نينوى، فقد أعلنت قيادة عمليات نينوى عن انتهاء المرحلة الثانية من عمليات تحرير مناطق جنوب الموصل (405 كيلومترات شمال بغداد). وقال الجبوري خلال مؤتمر صحافي عقده في مبنى مستشفى الفلوجة العام إنه «إذا كانت معركة تحرير الفلوجة قد كسرت ظهر الإرهاب، فإنها فتحت الطريق أمام نهاية (داعش) مع بدء معارك الموصل» مبينا في الوقت نفسه أن «من الأمور التي لا تزال موضع قلقنا هي أوضاع النازحين والتي تحتاج إلى بذل المزيد من الجهود من أجل إنهاء هذه المعاناة بأسرع وقت ممكن».
وكان مدير إعلام قيادة عمليات نينوى، العميد فراس بشار صبري قال في تصريحات له إن المرحلة الثانية من عمليات «الفتح» العسكرية، جنوب الموصل انتهت بعد تحقيق جميع أهدافها، مبينا أن العملية أسفرت عن تحرير عدة قرى أبرزها النصر وخرائب جبر وخرائب شمام. وأضاف صبري أن «المرحلة الثالثة ستنطلق خلال الأيام القليلة المقبلة لتحرير قرية الحاج علي والقرى المجاورة لها، واستكمال تحرير الجانب الأيسر من الضفة الشرقية لنهر دجلة بالشكل الكامل»، مؤكدا أن القوات المشتركة أنهت استعداداتها لتحرير تلك المناطق.
في هذه الأثناء أكد يزن الجبوري، القيادي في الحشد العشائري لمنطقة بيجي - القيارة المشارك في عملية تحرير الموصل، في تصريح لـ«الشرق الأوسط» أن «هناك إعادة تقييم للخطة العسكرية التي وضعت باتجاه التقدم نحو القيارة بدءا من بيجي بسبب وجود مشكلات فيها، حيث لم يحصل تقدم كبير في هذا القاطع فضلا عن حصول تراجع في بعض القواطع»، مبينا أن بعض القيادات تسرعت في الإعلان عن تحرير بعض القرى، «ولكنها لم تتحرر، وبالتالي فإن الإعلان عنها غير صحيح، أو أن هناك تسرعا في الإعلان بينما المعارك مستمرة، حيث تمكن (داعش) من استعادة بعضها». وأضاف الجبوري أن «هناك مقاومة شرسة من قبل تنظيم داعش، وهو ما أدى إلى حصول تأخير في هذا القاطع، حيث كانت العملية تجري باتجاه التقدم نحو قاعدة القيارة للالتقاء مع القوات في قاطع مخمور، لكن هذا لم يحصل، لأن الخطة كانت تقتضي بالتقدم فقط دون السيطرة على الأرض». وأوضح الجبوري أن «الخطة تغيرت الآن؛ حيث سيتم زج الشرطة المحلية والعشائر لأغراض مسك الأرض، بينما تتولى (الفرقة الذهبية) وقطعات أخرى من الجيش التوجه إلى القيارة انطلاقا من بيجي».
على صعيد متصل وفي وقت لا يزال فيه الجدل قائما حول ما إذا كانت ميليشيات «الحشد الشعبي» سوف تشارك في معارك نينوى أم لا بسبب الاعتراضات عليها سواء من قبل الأميركيين أو مجلس محافظة نينوى الذي أصدر بيانا الأسبوع الماضي طالب فيه بعدم دخول «الحشد» إلى الموصل، فقد أكد رئيس الجبهة التركمانية أرشد الصالحي، وهو نائب في البرلمان العراقي، في تصريح لـ«الشرق الأوسط» أن «محافظة نينوى خليط سكاني من العرب والأكراد والتركمان مثلما هي تنوع ديني ومذهبي من المسلمين والمسيحيين والإزيديين والشبك والسنة والشيعة، وبالتالي، فإن لكل طرف من هذه الأطراف حصة في عملية تحرير نينوى، وهو ما سنقوم به نحن في (الحشد التركماني) حيث أعددنا العدة مع الجهات المسؤولة هناك لغرض المشاركة في عملية التحرير». وأضاف الصالحي أن «مناطق تلعفر وغيرها في محافظة نينوى التي تشكل مساحة كبيرة من المحافظة يقطنها التركمان، وبالتالي هم أولى من سواهم بتحرير مناطقهم من الإرهاب» مؤكدا أن «تنظيم داعش يعيش اليوم أسوأ أيامه، وبالتالي يجب استثمار هذا الانهيار في معنوياتهم لصالحنا كعراقيين بعيدا عن أي تقسيم ديني أو عرقي أو مذهبي».
في سياق ذلك، فإنه يتوقع أن تبدأ موجة نزوح كبيرة من محافظة نينوى ومن مدينة الموصل (مركز المحافظة) التي لا يزال يقطنها نحو مليوني شخص.
وقال نائب محافظ نينوى حسن العلاف إن «حكومة نينوى المحلية قدمت خطة مدنية خلال عمليات التحرير إلى الحكومة المركزية بغية إنقاذ أكبر عدد ممكن من أهالي المحافظة خلال عمليات التحرير بغية وضع موازنة خاصة لإنقاذ وإغاثة النازحين بسبب عدم قدرة المحافظة على تغطية المستلزمات الغذائية والصحية والخيام». وأضاف العلاف أن «موجات النزوح المتوقعة من المحافظة ستكون كبيرة على اعتبار أن الموصل ليست كالفلوجة».
من جانب آخر، وطبقا لما أعلنته عضو البرلمان العراقي عن محافظة نينوى إنتصار الجبوري، في حديثها لـ«الشرق الأوسط»، فإنه «في الوقت الذي ينتظر فيه أهالي الموصل اقتراب القوات من أبواب المدينة لإعلان الثورة من الداخل، فإن هناك شعورا لدى قيادات تنظيم داعش بذلك، وهو ما جعلهم يعملون على إخراج عوائلهم تحت جنح الظلام خارج الموصل، بل وحتى خارج العراق، وبالذات إلى الرقة في سوريا». وأضافت الجبوري أن «ما حصل في الفلوجة من انهيار سريع سارع في المقابل في إضعاف معنويات (داعش) رغم أنه يملك من حيث المقاتلين أضعاف ما يملكه في الفلوجة».



انخفاض شديد في مستويات دخل الأسر بمناطق الحوثيين

فتاة في مخيم مؤقت للنازحين اليمنيين جنوب الحُديدة في 4 يناير الحالي (أ.ف.ب)
فتاة في مخيم مؤقت للنازحين اليمنيين جنوب الحُديدة في 4 يناير الحالي (أ.ف.ب)
TT

انخفاض شديد في مستويات دخل الأسر بمناطق الحوثيين

فتاة في مخيم مؤقت للنازحين اليمنيين جنوب الحُديدة في 4 يناير الحالي (أ.ف.ب)
فتاة في مخيم مؤقت للنازحين اليمنيين جنوب الحُديدة في 4 يناير الحالي (أ.ف.ب)

بموازاة استمرار الجماعة الحوثية في تصعيد هجماتها على إسرائيل، واستهداف الملاحة في البحر الأحمر، وتراجع قدرات المواني؛ نتيجة الردِّ على تلك الهجمات، أظهرت بيانات حديثة وزَّعتها الأمم المتحدة تراجعَ مستوى الدخل الرئيسي لثُلثَي اليمنيين خلال الشهر الأخير من عام 2024 مقارنة بالشهر الذي سبقه، لكن هذا الانخفاض كان شديداً في مناطق سيطرة الجماعة المدعومة من إيران.

ووفق مكتب الأمم المتحدة لتنسيق الشؤون الإنسانية، فقد واجهت العمالة المؤقتة خارج المزارع تحديات؛ بسبب طقس الشتاء البارد، ونتيجة لذلك، أفاد 65 في المائة من الأسر التي شملها الاستطلاع بانخفاض في دخلها الرئيسي مقارنة بشهر نوفمبر (تشرين الثاني) الماضي والفترة نفسها من العام الماضي، وأكد أن هذا الانخفاض كان شديداً بشكل غير متناسب في مناطق الحوثيين.

وطبقاً لهذه البيانات، فإن انعدام الأمن الغذائي لم يتغيَّر في المناطق الخاضعة لسيطرة الحكومة اليمنية، بينما انخفض بشكل طفيف في المناطق الخاضعة لسيطرة الحوثيين؛ نتيجة استئناف توزيع المساعدات الغذائية هناك.

الوضع الإنساني في مناطق الحوثيين لا يزال مزرياً (الأمم المتحدة)

وأظهرت مؤشرات نتائج انعدام الأمن الغذائي هناك انخفاضاً طفيفاً في صنعاء مقارنة بالشهر السابق، وعلى وجه التحديد، انخفض الاستهلاك غير الكافي للغذاء من 46.9 في المائة في نوفمبر إلى 43 في المائة في ديسمبر (كانون الأول) الماضي.

وضع متدهور

على النقيض من ذلك، ظلَّ انعدام الأمن الغذائي في المناطق الخاضعة لسيطرة الحكومة اليمنية دون تغيير إلى حد كبير، حيث ظلَّ الاستهلاك غير الكافي للغذاء عند مستوى مرتفع بلغ 52 في المائة، مما يشير إلى أن نحو أسرة واحدة من كل أسرتين في تلك المناطق تعاني من انعدام الأمن الغذائي.

ونبّه المكتب الأممي إلى أنه وعلى الرغم من التحسُّن الطفيف في المناطق الخاضعة لسيطرة الحوثيين، فإن الوضع لا يزال مزرياً، على غرار المناطق الخاضعة لسيطرة الحكومة، حيث يعاني نحو نصف الأسر من انعدام الأمن الغذائي (20 في المائية من السكان) مع حرمان شديد من الغذاء، كما يتضح من درجة استهلاك الغذاء.

نصف الأسر اليمنية يعاني من انعدام الأمن الغذائي في مختلف المحافظات (إعلام محلي)

وبحسب هذه البيانات، لم يتمكَّن دخل الأسر من مواكبة ارتفاع تكاليف سلال الغذاء الدنيا، مما أدى إلى تآكل القدرة الشرائية، حيث أفاد نحو ربع الأسر التي شملها الاستطلاع في مناطق الحكومة بارتفاع أسعار المواد الغذائية كصدمة كبرى، مما يؤكد ارتفاع أسعار المواد الغذائية الاسمية بشكل مستمر في هذه المناطق.

وذكر المكتب الأممي أنه وبعد ذروة الدخول الزراعية خلال موسم الحصاد في أكتوبر (تشرين الأول) ونوفمبر، الماضيين، شهد شهر ديسمبر أنشطةً زراعيةً محدودةً، مما قلل من فرص العمل في المزارع.

ولا يتوقع المكتب المسؤول عن تنسيق العمليات الإنسانية في اليمن حدوث تحسُّن كبير في ملف انعدام الأمن الغذائي خلال الشهرين المقبلين، بل رجّح أن يزداد الوضع سوءاً مع التقدم في الموسم.

وقال إن هذا التوقع يستمر ما لم يتم توسيع نطاق المساعدات الإنسانية المستهدفة في المناطق الأكثر عرضة لانعدام الأمن الغذائي الشديد.

تحديات هائلة

بدوره، أكد المكتب الإنمائي للأمم المتحدة أن اليمن استمرَّ في مواجهة تحديات إنسانية هائلة خلال عام 2024؛ نتيجة للصراع المسلح والكوارث الطبيعية الناجمة عن تغير المناخ.

وذكر أن التقديرات تشير إلى نزوح 531 ألف شخص منذ بداية عام 2024، منهم 93 في المائة (492877 فرداً) نزحوا بسبب الأزمات المرتبطة بالمناخ، بينما نزح 7 في المائة (38129 فرداً) بسبب الصراع المسلح.

نحو مليون يمني تضرروا جراء الفيضانات منتصف العام الماضي (الأمم المتحدة)

ولعبت آلية الاستجابة السريعة متعددة القطاعات التابعة للأمم المتحدة، بقيادة صندوق الأمم المتحدة للسكان، وبالشراكة مع برنامج الأغذية العالمي و«اليونيسيف» وشركاء إنسانيين آخرين، دوراً محورياً في معالجة الاحتياجات الإنسانية العاجلة الناتجة عن هذه الأزمات، وتوفير المساعدة الفورية المنقذة للحياة للأشخاص المتضررين.

وطوال عام 2024، وصلت آلية الاستجابة السريعة إلى 463204 أفراد، يمثلون 87 في المائة من المسجلين للحصول على المساعدة في 21 محافظة يمنية، بمَن في ذلك الفئات الأكثر ضعفاً، الذين كان 22 في المائة منهم من الأسر التي تعولها نساء، و21 في المائة من كبار السن، و10 في المائة من ذوي الإعاقة.

وبالإضافة إلى ذلك، تقول البيانات الأممية إن آلية الاستجابة السريعة في اليمن تسهم في تعزيز التنسيق وكفاءة تقديم المساعدات من خلال المشاركة النشطة للبيانات التي تم جمعها من خلال عملية الآلية وتقييم الاحتياجات.