المعارضة تقرّ بصعوبة استعادة المرج والنظام يواصل هجومه على الغوطة

«جيش الإسلام» يطلق 9 موقوفين من «فيلق الرحمن» لحقن الدماء

المعارضة تقرّ بصعوبة استعادة المرج والنظام يواصل هجومه على الغوطة
TT

المعارضة تقرّ بصعوبة استعادة المرج والنظام يواصل هجومه على الغوطة

المعارضة تقرّ بصعوبة استعادة المرج والنظام يواصل هجومه على الغوطة

بالتزامن مع استمرار الحملة العسكرية للنظام السوري، وما يسمى «حزب الله» على القسم الجنوبي من الغوطة الشرقية في محافظة ريف دمشق، اتخذ تنظيم «جيش الإسلام» خطوة إيجابية قضت بإطلاق سراح تسعة موقوفين لديه من «فيلق الرحمن» كبادرة حسن نيّة، تهدف إلى حقن الدماء، وإنهاء الصراع القائم بينهما منذ أسابيع. وكان الصراع المسلح بين هذين التنظيمين سببًا مباشرًا في تقدم قوات النظام والميليشيات المقاتلة معه، وسيطرته على قرى ومواقع استراتيجية في الغوطة.
«جيش الإسلام»، أعلن في بيان أذاعه المتحدث الرسمي باسمه النقيب إسلام علوش، إطلاق سراح تسعة موقوفين من مقاتلي «فيلق الرحمن»، الذين «شاركوا في الاعتداء الأخير على مقرات (جيش الإسلام)، خلال الأيام الماضية في الغوطة الشرقية هم: يحيى قلاع، بلال محيي الدين حشمت، محمود محمد حمدان، منذر جاسم الغشم، باسل محمود درويش، أسعد عمر خلف، يامن إبراهيم العبد، عبد الله وليد الحديدي، رامي مأمون المارديني». وقال البيان: «إن جيش الإسلام كان وما زال وسيبقى حريصًا على وحدة الصف، ومستجيبًا لكل مبادرة تؤدي إلى حقن الدماء، راجيًا أن تسهم هذه الخطوة في إعادة الثقة بين الفصائل الثورية بالغوطة في ريف دمشق».
ومن ناحية ثانية، شهدت منطقة الغوطة الشرقية أمس هدوءًا ملحوظًا، لم تسجّل خلاله مواجهات بين «جيش الإسلام» من جهة، و«فيلق الرحمن» و«جيش الفسطاط» من جهة أخرى، إنما خرقته رشقات نارية متفرقة وبعض القنص. وجاء هذا الهدوء بعد ليل دامٍ من القتال بين الطرفين عند أطراف بلدة مسرابا في الغوطة الشرقية. وفي هذا الوقت، أوضح الناشط الإعلامي المعارض في الغوطة الشرقية أبو بكر عقاب، لـ«الشرق الأوسط»، أن الحرب التي يشنّها «فيلق الرحمن» بالتعاون مع «جبهة النصرة» ضدّ «جيش الإسلام»، لها هدف واحد هو سعي تنظيم القاعدة للسيطرة على الغوطة الشرقية بالقضم وعلى مراحل. وسأل: ماذا يعني أن تكون «جبهة النصرة» في خندق واحد مع «فيلق الرحمن» في الغوطة، بينما تتطاحن في شمال سوريا مع غرفة عمليات «الموك» التي تضمّ كل الكتائب والفصائل المنضوية في الجيش الحرّ؟»، ولفت عقاب إلى أن «جبهة النصرة» تستميل الآن بعض الفصائل المعارضة بالإغراءات العقائدية، وبتخوين «جيش الإسلام» بسبب دخوله طرفًا أساسيًا في المفاوضات، وهي لا تنفكّ تتهمه ببيع دماء الشهداء وخيانة الثورة.
وفي موازاة الصراع الداخلي، واصل نظام الأسد وحلفاؤه هجومهم على الغوطة الشرقية، حيث نفّذ الطيران الحربي أمس غارات على عدد من مدن وبلدات الغوطة الشرقية، مترافقة مع قصف مدفعي وصاروخي كثيف، في محاولة منهم لتحقيق مزيد من المكاسب على الأرض. لكن الوقائع الميدانية بقيت على حالها أمس، بحسب عقاب، الذي أكد أن «الساعات الماضية لم تشهد أي تبدل في الخريطة الجغرافية في القسم الجنوبي للغوطة الشرقية، بعد سيطرة النظام وحلفائه على منطقة المرج، خصوصًا على النقاط والتلال الاستراتيجية»، لافتًا إلى «وجود صعوبة أمام المعارضة لاسترجاع هذه المنطقة وتحريرها مجددًا».
وقال عقاب: «منذ أربع سنوات يحكم (جيش الإسلام) سيطرته الكاملة على الغوطة الشرقية، ولقد حاول النظام على مدى الأشهر الستة الماضية التقدم واسترجاع بعض المواقع، لكنه عجز عن استعادة متر واحد، إلى أن نفذ (فيلق الرحمن) و(جبهة النصرة) التفافًا على (جيش الإسلام)، واعتقلوا نحو 700 مقاتل لا يزال مصيرهم مجهولاً حتى الآن، ووضعوا أيديهم عليها»، . وأضاف أن «المساحة الجغرافية الواسعة للمنطقة، والأعداد القليلة لمقاتلي (النصرة) و(فيلق الرحمن) مكّنا النظام من إعادة احتلالها بسهولة، وجعل المقاتلين ينسحبون منها من دون مقاومة».
من جهته، أفاد المرصد السوري لحقوق الإنسان بأن قوات النظام «قصفت بلدتي النشّابية وحزرما في الغوطة الشرقية، ما أدى إلى إصابة عدد من المدنيين بجروح، فيما استمرت الاشتباكات بين قوات النظام وحلفائها من جهة، وبين فصائل المعارضة المسلّحة من جهة أخرى، في محيط مزارع حرستا القنطرة بالقطاع الجنوبي من الغوطة الشرقية». وأوضح «المرصد» أن «محيط بلدة حرستا القنطرة، الواقعة عند أطراف القطاع الجنوبي من الغوطة الشرقية، كان مسرحًا للاشتباكات بين ما يسمى «حزب الله» اللبناني، مدعومًا بقوات النظام والمسلحين الموالين لها، وبين الفصائل الإسلامية المعارضة».
أما في الغوطة الغربية فقد ألقى الطيران المروحي 54 برميلاً متفجرًا خلال الساعات الـ24 الماضية، على مناطق في مزارع مخيم خان الشيح بالغوطة الغربية، وفق «المرصد»، الذي قال أيضًا «إن صاروخي أرض - أرض، أطلقتهما قوات النظام على مدينة داريا بالغوطة الغربية، فيما تعرضت بعد منتصف ليل الجمعة - السبت مناطق في الجبل الشرقي لمدينة الزبداني لقصف متقطع من قبل قوات النظام، من دون أن ترد معلومات عن إصابات»، ولفت أيضًا إلى أن «الطيران المروحي ألقى صباحًا (أمس) ما لا يقل عن 8 براميل متفجرة على مناطق في مزارع بلدة الدير خبية بريف دمشق الغربي، دون أنباء عن إصابات».



انخفاض شديد في مستويات دخل الأسر بمناطق الحوثيين

فتاة في مخيم مؤقت للنازحين اليمنيين جنوب الحُديدة في 4 يناير الحالي (أ.ف.ب)
فتاة في مخيم مؤقت للنازحين اليمنيين جنوب الحُديدة في 4 يناير الحالي (أ.ف.ب)
TT

انخفاض شديد في مستويات دخل الأسر بمناطق الحوثيين

فتاة في مخيم مؤقت للنازحين اليمنيين جنوب الحُديدة في 4 يناير الحالي (أ.ف.ب)
فتاة في مخيم مؤقت للنازحين اليمنيين جنوب الحُديدة في 4 يناير الحالي (أ.ف.ب)

بموازاة استمرار الجماعة الحوثية في تصعيد هجماتها على إسرائيل، واستهداف الملاحة في البحر الأحمر، وتراجع قدرات المواني؛ نتيجة الردِّ على تلك الهجمات، أظهرت بيانات حديثة وزَّعتها الأمم المتحدة تراجعَ مستوى الدخل الرئيسي لثُلثَي اليمنيين خلال الشهر الأخير من عام 2024 مقارنة بالشهر الذي سبقه، لكن هذا الانخفاض كان شديداً في مناطق سيطرة الجماعة المدعومة من إيران.

ووفق مكتب الأمم المتحدة لتنسيق الشؤون الإنسانية، فقد واجهت العمالة المؤقتة خارج المزارع تحديات؛ بسبب طقس الشتاء البارد، ونتيجة لذلك، أفاد 65 في المائة من الأسر التي شملها الاستطلاع بانخفاض في دخلها الرئيسي مقارنة بشهر نوفمبر (تشرين الثاني) الماضي والفترة نفسها من العام الماضي، وأكد أن هذا الانخفاض كان شديداً بشكل غير متناسب في مناطق الحوثيين.

وطبقاً لهذه البيانات، فإن انعدام الأمن الغذائي لم يتغيَّر في المناطق الخاضعة لسيطرة الحكومة اليمنية، بينما انخفض بشكل طفيف في المناطق الخاضعة لسيطرة الحوثيين؛ نتيجة استئناف توزيع المساعدات الغذائية هناك.

الوضع الإنساني في مناطق الحوثيين لا يزال مزرياً (الأمم المتحدة)

وأظهرت مؤشرات نتائج انعدام الأمن الغذائي هناك انخفاضاً طفيفاً في صنعاء مقارنة بالشهر السابق، وعلى وجه التحديد، انخفض الاستهلاك غير الكافي للغذاء من 46.9 في المائة في نوفمبر إلى 43 في المائة في ديسمبر (كانون الأول) الماضي.

وضع متدهور

على النقيض من ذلك، ظلَّ انعدام الأمن الغذائي في المناطق الخاضعة لسيطرة الحكومة اليمنية دون تغيير إلى حد كبير، حيث ظلَّ الاستهلاك غير الكافي للغذاء عند مستوى مرتفع بلغ 52 في المائة، مما يشير إلى أن نحو أسرة واحدة من كل أسرتين في تلك المناطق تعاني من انعدام الأمن الغذائي.

ونبّه المكتب الأممي إلى أنه وعلى الرغم من التحسُّن الطفيف في المناطق الخاضعة لسيطرة الحوثيين، فإن الوضع لا يزال مزرياً، على غرار المناطق الخاضعة لسيطرة الحكومة، حيث يعاني نحو نصف الأسر من انعدام الأمن الغذائي (20 في المائية من السكان) مع حرمان شديد من الغذاء، كما يتضح من درجة استهلاك الغذاء.

نصف الأسر اليمنية يعاني من انعدام الأمن الغذائي في مختلف المحافظات (إعلام محلي)

وبحسب هذه البيانات، لم يتمكَّن دخل الأسر من مواكبة ارتفاع تكاليف سلال الغذاء الدنيا، مما أدى إلى تآكل القدرة الشرائية، حيث أفاد نحو ربع الأسر التي شملها الاستطلاع في مناطق الحكومة بارتفاع أسعار المواد الغذائية كصدمة كبرى، مما يؤكد ارتفاع أسعار المواد الغذائية الاسمية بشكل مستمر في هذه المناطق.

وذكر المكتب الأممي أنه وبعد ذروة الدخول الزراعية خلال موسم الحصاد في أكتوبر (تشرين الأول) ونوفمبر، الماضيين، شهد شهر ديسمبر أنشطةً زراعيةً محدودةً، مما قلل من فرص العمل في المزارع.

ولا يتوقع المكتب المسؤول عن تنسيق العمليات الإنسانية في اليمن حدوث تحسُّن كبير في ملف انعدام الأمن الغذائي خلال الشهرين المقبلين، بل رجّح أن يزداد الوضع سوءاً مع التقدم في الموسم.

وقال إن هذا التوقع يستمر ما لم يتم توسيع نطاق المساعدات الإنسانية المستهدفة في المناطق الأكثر عرضة لانعدام الأمن الغذائي الشديد.

تحديات هائلة

بدوره، أكد المكتب الإنمائي للأمم المتحدة أن اليمن استمرَّ في مواجهة تحديات إنسانية هائلة خلال عام 2024؛ نتيجة للصراع المسلح والكوارث الطبيعية الناجمة عن تغير المناخ.

وذكر أن التقديرات تشير إلى نزوح 531 ألف شخص منذ بداية عام 2024، منهم 93 في المائة (492877 فرداً) نزحوا بسبب الأزمات المرتبطة بالمناخ، بينما نزح 7 في المائة (38129 فرداً) بسبب الصراع المسلح.

نحو مليون يمني تضرروا جراء الفيضانات منتصف العام الماضي (الأمم المتحدة)

ولعبت آلية الاستجابة السريعة متعددة القطاعات التابعة للأمم المتحدة، بقيادة صندوق الأمم المتحدة للسكان، وبالشراكة مع برنامج الأغذية العالمي و«اليونيسيف» وشركاء إنسانيين آخرين، دوراً محورياً في معالجة الاحتياجات الإنسانية العاجلة الناتجة عن هذه الأزمات، وتوفير المساعدة الفورية المنقذة للحياة للأشخاص المتضررين.

وطوال عام 2024، وصلت آلية الاستجابة السريعة إلى 463204 أفراد، يمثلون 87 في المائة من المسجلين للحصول على المساعدة في 21 محافظة يمنية، بمَن في ذلك الفئات الأكثر ضعفاً، الذين كان 22 في المائة منهم من الأسر التي تعولها نساء، و21 في المائة من كبار السن، و10 في المائة من ذوي الإعاقة.

وبالإضافة إلى ذلك، تقول البيانات الأممية إن آلية الاستجابة السريعة في اليمن تسهم في تعزيز التنسيق وكفاءة تقديم المساعدات من خلال المشاركة النشطة للبيانات التي تم جمعها من خلال عملية الآلية وتقييم الاحتياجات.