تونس: مواجهات مسلحة في تطاوين وأريانة تسفر عن مقتل إرهابيين

«الداخلية» أشارت إلى ارتباط المجموعتين المتطرفتين.. ومخاوف من اعتداءات جديدة في رمضان

جيران الإرهابيَين اللذين قتلا خلال عملية أمنية في منطقة المنيهلة في محافظة أريانا يقفون خارج أحد المنازل أمس (أ.ف.ب)
جيران الإرهابيَين اللذين قتلا خلال عملية أمنية في منطقة المنيهلة في محافظة أريانا يقفون خارج أحد المنازل أمس (أ.ف.ب)
TT

تونس: مواجهات مسلحة في تطاوين وأريانة تسفر عن مقتل إرهابيين

جيران الإرهابيَين اللذين قتلا خلال عملية أمنية في منطقة المنيهلة في محافظة أريانا يقفون خارج أحد المنازل أمس (أ.ف.ب)
جيران الإرهابيَين اللذين قتلا خلال عملية أمنية في منطقة المنيهلة في محافظة أريانا يقفون خارج أحد المنازل أمس (أ.ف.ب)

شهدت تونس أمس عمليتين أمنيتين منفصلتين لمكافحة الإرهاب، حيث استهدفت الأولى خلية مسلحين متطرفين غرب العاصمة تونس، فيما شهدت ولاية (محافظة) تطاوين تبادل إطلاق نار بين الحرس الوطني، وتفجيرا انتحاريا أودى بحياة عنصر إرهابي.
وأعلنت وزارة الداخلية التونسية أمس عن مقتل 4 دركيين في عملية لمكافحة الإرهاب بولاية تطاوين (جنوب) الحدودية مع ليبيا. وقالت الوزارة في بيان: «توفرت معلومات مفادها تحصن مجموعة إرهابية بمنازل مهجورة بمنطقة المعونة بمعتمدية الصمار من ولاية تطاوين، حيث تحولت وحدات الحرس الوطني (الدرك) إلى المكان المذكور، وجرى تبادل لإطلاق النار بين الوحدات المذكورة وعنصريْن إرهابيين». وأضافت: «تمّ القضاء على عنصر إرهابي، في حين فجّر العنصر الإرهابي الثاني نفسه بحزام ناسف»، مما أسفر عن مقتل ضابطيْن وعنصرين في الحرس الوطني. كما أشارت إلى وجود علاقة بين هذه المجموعة وأخرى تم القضاء عليها خلال صباح في حي صنهاجي بمعتمدية المنيهلة من ولاية أريانة (شمال شرق) قرب العاصمة تونس.
وتحولت منطقة المنيهلة من ولاية (محافظة) أريانة غرب العاصمة التونسية، إلى ما يشبه ساحة حرب حقيقية، بين مجموعة إرهابية وقوات مكافحة الإرهاب. وانطلقت المواجهات في حدود الساعة الثامنة من صباح أمس لتتواصل لمدة ساعات. واستعملت قوات مكافحة الإرهاب طائرة مروحية عسكرية لتنفيذ عمليات مطاردة العناصر الإرهابية المشتبه بانتمائها لتنظيم داعش الإرهابي، وجرت ملاحقتهم بعدد من شوارع مدينة المنيهلة، إثر كشف أمرهم، وتبادل إطلاق النار بين الطرفين. وأكدت وزارة الداخلية، في بلاغ لها، أن عدد العناصر الإرهابية المتحصنة بأحد المنازل في حدود 4 أشخاص، وأشارت إلى تمكن قوات الحرس مدعومة بقوات من الجيش التونسي، من القضاء على 4 عناصر إرهابية مسلّحة خطيرة خلال هذه العملية الأمنية التي وصفتها بالمعقّدة. وقالت إنها ألقت القبض على 16 عنصرا إرهابيا خطيرا، من بينهم عناصر مسلحة، وذلك خلال عملية المداهمة والمطاردة، إلى جانب ضبط كمية من الأسلحة المعدة للاستعمال وتنفيذ عمليات إرهابية.
وحضر محمد الهادي المجدوب، وزير الداخلية التونسية، في غرفة العمليات في العوينة بالعاصمة التونسية، لمتابعة العملية الأمنية التي دارت أحداثها بمنطقة المنيهلة، التي تضم مجموعة مهمة من الأحياء الشعبية الفقيرة التي تنتشر بها عدة عناصر انضمت في السابق إلى تنظيم «أنصار الشريعة» المحظور، الذي يتزعمه أبو عياض.
ولم تؤكد وزارة الداخلية صحة ما ورد من معلومات أولية حول وجود علاقة ما بين هذه العناصر الإرهابية والمجموعة الإرهابية التي هاجمت مدينة بن قردان (جنوب شرقي تونس) في شهر مارس (آذار) الماضي.
ووفق الرواية التي قدمتها وزارة الداخلية، فإن معلومات حول وجود تحركات لعناصر إرهابية بالمنطقة هي التي قادت إلى الكشف عن المجموعة الإرهابية. وأشارت إلى أن عنصرين إرهابيين في العقد الثالث من عمرهما، من المجموعة التي تمت مداهمتها من قبل وحدات مكافحة الإرهاب، قد استأجرا منزلا منذ نحو شهر، ولم تظهر عليهم أي علامات تطرف. وأكدت أن عملية القضاء على العنصرين الإرهابيين تمت خلال محاولتهما الفرار إلى الأراضي المحاذية للمنزل، الذي مثّل مكان تحصنهما. وأكد شهود عيان على مقربة من ساحة المواجهات، أن العملية الأمنية انتهت مع الساعة العاشرة والنصف من صباح أمس، وتمكنت على إثرها فرقة مقاومة الإرهاب من اقتياد المسلحين المقبوض عليهم للتحقيق معهم.
من جهته، ذكر مصدر أمني أنه تم استدعاء صاحب المنزل للتحقيق معه بخصوص وجود هذه العناصر المسلحة بالمنزل. وتبدي تونس تخوفا حقيقيا من تحركات المجموعات الإرهابية التي تهدد أمنها واستقرارها، وتخشى من إقدامها على تنفيذ عمليات إرهابية خلال شهر رمضان المقبل. وكانت التنظيمات الإرهابية قد نفذت 3 عمليات إرهابية خلال السنوات الثلاث الماضية في شهر رمضان. وأسفر الهجوم الأول في صيف عام 2013 عن مقتل وذبح 8 عسكريين، فيما خلف الهجوم الثاني في 2014 مقتل 15 عسكريا. وكان الهجوم الثالث على منتجع سياحي في مدينة سوسة خلال السنة الماضية أكثر دموية، ونتج عنه مقتل نحو 40 سائحا أجنبيا أغلبهم من البريطانيين.



مصر: «كشك باب النصر» يعيد الجدل بشأن «التعدي» على الآثار

مطالب بإعادة النظر في الصورة الجمالية للقاهرة التاريخية (تصوير: عبد الفتاح فرج)
مطالب بإعادة النظر في الصورة الجمالية للقاهرة التاريخية (تصوير: عبد الفتاح فرج)
TT

مصر: «كشك باب النصر» يعيد الجدل بشأن «التعدي» على الآثار

مطالب بإعادة النظر في الصورة الجمالية للقاهرة التاريخية (تصوير: عبد الفتاح فرج)
مطالب بإعادة النظر في الصورة الجمالية للقاهرة التاريخية (تصوير: عبد الفتاح فرج)

جدد بناء «كشك نور» بالطوب الأحمر، في مكان بارز بمنطقة الجمالية الأثرية في مصر، مطالب خبراء أثريين بتشديد الرقابة على المناطق الأثرية وحمايتها من الاعتداء بالاستناد إلى قانون حماية الآثار.

ويرى الخبير الأثري الدكتور محمد حمزة أن واقعة بناء كشك كهرباء داخل «حرم موقع أثري»، صورة من أوجه مختلفة للاعتداء على الآثار في مصر، حسبما يقول لـ«الشرق الأوسط»، ويضيف: «يمثل هذا الكشك مثالاً لحالات البناء العشوائي التي لا تراعي خصوصية المناطق الأثرية، وتشويهاً معمارياً مثل الذي شهدته بنفسي أخيراً ببناء عمارة سكنية في مواجهة جامع «الحاكِم» الأثري في نهاية شارع المعز التاريخي، بما لا يتلاءم مع طراز المنطقة، وأخيراً أيضاً فوجئنا بقرار بناء مسرح في حرم منطقة سور مجرى العيون الأثرية، وهناك العديد من الأمثلة الأخيرة الخاصة بهدم آثار كالتعدي على قبة الشيخ عبد الله بمنطقة عرب اليسار أسفل قلعة صلاح الدين الأيوبي، وتلك جميعها صور من الاعتداء التي تتجاهل تماماً قوانين حماية الآثار».

كشك كهرباء باب النصر (حساب د. محمد حمزة على فيسبوك)

وحسب الدكتور محمد عبد المقصود، الأمين العام الأسبق للمجلس الأعلى للآثار، فإن بناء هذا الكشك «هو حالة متكررة لمخالفة قانون حماية الآثار بشكل واضح»، حسبما يقول لـ«الشرق الأوسط»، مضيفاً: «يجب أن تتم إزالته، فهو يؤثر بشكل واضح على بانوراما المكان الأثري، علاوة على أنه كيان قبيح ولا يليق أن يتم وضعه في موقع أثري، ويتسبب هذا الكشك في قطع خطوط الرؤية في تلك المنطقة الأثرية المهمة».

ويضيف عبد المقصود: «المؤسف أن وزارة السياحة والآثار لم تعلق على هذا الأمر بعد، مثلما لم تعلق على العديد من وقائع الاعتداء على مواقع أثرية سواء بالبناء العشوائي أو الهدم قبل ذلك، رغم أن الأمر يقع في نطاق مسؤوليتهم».

قانون الآثار المصري يمنع بناء مبان أعلى من المنشآت الأثرية (تصوير: عبد الفتاح فرج)

وأثار تشويه بعض نقوش مقبرة مريروكا الأثرية في منطقة سقارة بالجيزة (غرب القاهرة) ضجة واسعة في نوفمبر (تشرين الثاني) الماضي، وسط دعوات بضرورة تطبيق قانون حماية الآثار الذي تنص المادة 45 منه رقم 117 لسنة 1983 وتعديلاته، على أنه «يعاقَب كل من وضع إعلانات أو لوحات للدعاية أو كتب أو نقش أو وضع دهانات على الأثر أو شوّه أو أتلف بطريق الخطأ أثراً عقارياً أو منقولاً أو فصل جزءاً منه بالحبس مدة لا تقل عن سنة وغرامة لا تقل عن 10 آلاف جنية ولا تزيد على 500 ألف جنيه أو إحدى هاتين العقوبتين».

الآثار الإسلامية تتوسط غابة من الكتل الخرسانية (تصوير: عبد الفتاح فرج)

وترى الدكتورة سهير حواس، أستاذة العمارة والتصميم العمراني بقسم الهندسة المعمارية بجامعة القاهرة، أن منطقة القاهرة التاريخية مسجلة وفقاً لقانون 119 لسنة 2008، باعتبارها منطقة أثرية لها اشتراطات حماية خاصة، وتقول في حديثها لـ«الشرق الأوسط»: «تشمل تلك الحماية القيام بعمل ارتفاعات أو تغيير أشكال الواجهات، وأي تفاصيل خاصة باستغلال الفراغ العام، التي يجب أن تخضع للجهاز القومي للتنظيم الحضاري ووزارة الثقافة».

شكاوى من تشويه صور الآثار الإسلامية بالقاهرة (تصوير: عبد الفتاح فرج)

وحسب القانون يجب أن يتم أخذ الموافقة على وضع أي كيان مادي في هذا الفراغ بما فيها شكل أحواض الزرع والدكك، وأعمدة الإضاءة والأكشاك، سواء لأغراض تجميلية أو وظيفية؛ لذلك فمن غير المفهوم كيف تم بناء هذا الكشك بهذه الصورة في منطقة لها حماية خاصة وفقاً للقانون.

ويرى الخبير الأثري الدكتور حسين عبد البصير أنه «لا بد من مراعاة طبيعة البيئة الأثرية، خاصة أن هناك العديد من الطرق التي يمكن بها تطويع مثل تلك الضرورات كتوسيع الطرق أو البنية التحتية أو إدخال تطويرات كهربائية بطريقة جمالية تلائم النسيج الجمالي والبصري للأماكن الأثرية».