رؤية السعودية: الترفيه والثقافة لرفع مستوى معيشة السعودي خلال فترة قصيرة

مثقفون سعوديون يتحدثون لـ«الشرق الأوسط» عن الثقافة باعتبارها رافدًا للنمو

رؤية السعودية: الترفيه والثقافة لرفع مستوى معيشة السعودي خلال فترة قصيرة
TT

رؤية السعودية: الترفيه والثقافة لرفع مستوى معيشة السعودي خلال فترة قصيرة

رؤية السعودية: الترفيه والثقافة لرفع مستوى معيشة السعودي خلال فترة قصيرة

شملت «رؤية السعودية 2030» التي أعلنها ولي ولي العهد السعودي الأمير محمد بن سلمان أمس، جانبًا مهمًا يتعلق بتطوير الثقافة وتوسيع الخدمات الثقافية، لتصبح جزءًا من تحسين مستوى معيشية المواطن السعودي، ورافدًا حضاريًا واقتصاديًا للبلاد.
وتحدث الأمير محمد بن سلمان عن سعي الحكومة لتحويل الترفيه والثقافة كرافدين مهمين لتحسين مستوى معيشة السعودي خلال فترة قصيرة، وقال: «نعاني شحًا في الخدمات الثقافية في السعودية».
وقال ولي ولي العهد إن المواطن السعودي يتمتع بمستوى دخل مرتفع مقارنة بالدول الأخرى، ولكن «المشكلة لا توجد الأدوات التي يستطيع أن ينفق فيها هذا الدخل بشكل ينعكس على رفاهيته في الحياة».
وأضاف: «نجد دولًا أخرى أقل منا بكثير في مستوى الدخل والوضع الاقتصادي لكن المستوى المعيشي جيد، لأن (المواطن) لديه فرص ترفيهية جيدة، ولديه فرص ثقافية جيدة، وبيئة جيدة تجعله (على الرغم) ينفق الدخل الضعيف الذي لديه، ويستمتع فيه».
وقال الأمير محمد بن سلمان: «الترفيه والثقافة سيكونان رافدين مهمين جدًا، في تغيير مستوى معيشة السعودي، خلال فترة قصيرة».
وتحدث عن خطط لإنشاء أكبر متحف إسلامي في العالم، وستحرص الرؤية على مضاعفة تسجيل المواقع الأثرية في السعودية في منظمة اليونيسكو، وتساءل الأمير محمد بن سلمان: هل من المعقول أن تكون قبلة المسلمين التي هي السعودية، وأهم بلد إسلامي، ولا تملك متحفا إسلاميا يمكن أن يزوره من يريد التعرف على الثقافة الإسلامية؟
ومضى يقول: «هذا أمر غير منطقي تماما، وهذا يدل على الشح في الخدمات الثقافية التي نحتاجها في السعودية».
وقال: الكثير يربط تاريخ جزيرة العرب بفترة قصيرة جدا، تمتد لنحو 1400 سنة، وهي مرتبطة بالتاريخ الإسلامي، الذي – بلا شك – يمثل أهم مرتكز ومنطلق لنا، «لكن لدينا عمق تاريخي ضخم جدا، ويتقاطع مع الكثير من الحضارات. فالتاريخ العربي منذ آلاف السنين هو تاريخ الكلمة، وتاريخ المبادئ، وتاريخ القيم، وهو لا يضاهيه أي تاريخ ولا حضارة في العالم. أفضل حضارة قيم ومبادئ هي الحضارة العربية عمرها آلاف السنين».
وأضاف أن «جزءا من الحضارات الأوروبية موجودة داخل السعودية، ولها مواقع مهمة داخل السعودية، ولها مكون حضاري داخل السعودية، عندنا حضارات مندثرة مهمة جدا، عمرها آلاف السنين، هذا جزء من خليط الحضارات الموجود في المملكة العربية السعودية، يجب أن نستغل هذه الحضارات، ونستعملها بشكل أو بآخر».
* د. حمد القاضي
وتحدث لـ«الشرق الأوسط»، الدكتور حمد القاضي، أمين عام مجلس مؤسسة الشيخ حمد الجاسر الثقافية، رئيس اللجنة الثقافة والإعلامية السابق بمجلس الشورى، قائلاً: ما طرحه الأمير محمد بن سلمان عن «الرؤية السعودية» حمل خطابا مستنيرا يتماهى ويدعم الثقافة الوطنية، حيث جعل «المنجز الثقافي» ذا بُعدين: بُعد يصب في مسار الاقتصاد الوطني، والبعد الثاني بجعل الثقافة رقما مهما في الترفيه عن الإنسان.
وأضاف: بوصفي أحد المنتمين للوسط الثقافي أبهجني ذلك بوصف «الرؤية السعودية 2030» التي صيرت الثقافة رقما اقتصاديا فاعلا ورقما ترفيهيا جاذبا.
وقال: استند ولي ولي العهد في نظرته الواعية للثقافة إلى المكونات البالغة الأهمية في وطننا، المتمثلة في الإرث الإنساني والحضاري على أرضه منذ آلاف السنين، والتي يمكن أن توظف ويستفاد منها في جذب المواطن للسياحة بوطنه عندما يجد فيها ما يشجعه على الطواف فيها، ومن جانب آخر فهي حافز سياحي يعضد اقتصاد الوطن، لأن هذه «المعالم التراثية» في مهد العرب عامل جذب للسياحة بالمملكة العربية السعودية. فضلا عن المسارات الثقافية الأخرى التي لها دورها، سواء المناشط المنبرية أو المسرحيات المشوقة أو الفنون التشكيلة، والتي تتماهي مع رغبات الناس وفق الرؤية السعودية الجديدة.
* د. أحمد الشويخات
أما الدكتور أحمد الشويخات، عضو مجلس الشورى، ومدير عام الموسوعة العربية العالمية، فقال لـ«الشرق الأوسط»: أعبر عن تفاؤلي بالإعلان لأول مرة في بلادنا بشكل رسمي عن احتفاء مفصَل وواضح بدور الثقافة والترفيه في نوعية الحياة الاجتماعية والتنمية وحيوية المجتمع وحراكه الإنساني.
وأضاف: مما يبعث على التفاؤل الإعلان عن التوجه نحو افتتاح المسارح، ودور السينما، والمتاحف، ودور العرض، والمكتبات، وتشجيع المواهب والكتاب والمبدعين والفنانين والمخرجين في مجتمع ذي تركيبة ديموغرافية شابة. وقد ورد هذا في رؤية السعودية 2030 التي أعلن عنها سمو ولي ولي العهد حفظه الله. وهذا الاحتفاء بالثقافة والتعليم طموح طالما راود المثقفين في بلادنا، ونحن على موعد مع صفحات جديدة ومشرقة بإذن الله في تاريخنا المعاصر. فالإنسان هو هدف الاقتصاد والتنمية وصانعها وصانع التاريخ.
وأوضح الشويخات: تبقى مسائل السياسات والتنظيمات وبرامج العمل المجدولة والإنجاز العملي على الأرض هي التحديات الفعلية المقبلة. ومع وجود رجال ونساء مخلصين في بلادنا، نتطلع إلى أن يكون الأداء المتفوق والعزيمة والإصرار المنبثق من البرامج والمشروعات هو ما سيثري المشهد الثقافي بإبداع يليق ببلادنا ومكانتها الشامخة.
الأديب عبد الله بن سالم الحميد
الأديب عبد الله بن سالم الحميد، عضو مجلس الإدارة بالنادي الأدبي بالرياض، قال لـ«الشرق الأوسط» إن الرؤية المستقبلية للتحول الوطني التي أعلنها الأمير محمد بن سلمان تمثل رؤية مسكونة بالطموح، والإبداع لشمولها فعاليات ونماذج شتى ترقى بطموحات الإنسان في هذا الوطن.
وأضاف: ما يختص بالثقافة والإبداع، فإنه في اعتقادي من أجل النهوض بالثقافة وفعاليتها: لا بد من توفير البيئة المناسبة للبرامج والفعاليات الثقافية والإبداعية، ومن أهمها: إنشاء المراكز الثقافية التي تستقطب الفعاليات الثقافية والإبداعية، والمنابر الفنية والمسرحية لتستوعب كل النشاطات الإبداعية التي يمكن أن تستثمر لمصلحة المثقفين، وتسهم في الارتقاء بتوجهات الشباب من الجنسين، وتنمية مواهبهم، والمبادرة إلى إنشاء «المتحف الإسلامي التراثي» المقترح ضمن مشروعات هذه الرؤية الطموحة للشروع في فعاليات هذا المتحف وبرامجه.
ومضى يقول: أقترح الإفادة من «قصر الحمراء بالمربع»، وضمه لمركز الملك عبد العزيز التاريخي، لأنه جزء من المعمار المعبر عن حقبة من تاريخ المملكة، ولأنه مجاور لدارة الملك عبد العزيز، وذلك ما يمكن أن يسهم في خدمة التراث والثقافة بعاصمة المملكة. كما اقترح تكثيف أواصر التعاون بين القنوات الإعلامية والإبداعية، ورعاية الشباب لاستقطاب مواهب الشباب والارتقاء بتوجهاتها، وتنمية الفكر، ودعم نشاطاته الابتكارية والبحثية.
* الكاتب عبد الله العلمي
الكاتب والاقتصادي عبد الله العلمي قال معقبًا على السمات الثقافية لهذه الرؤية: في منتصف القرن الثامن عشر انطلقت «الثورة الصناعية» لتؤثر في مختلف جوانب الحياة في أوروبا. واليوم أطلقت السعودية «الثورة التنموية» بمعناها الإيجابي بما فيها التحول الثقافي الشامل للارتقاء بمستوى الثقافة والمسرح والفنون، والعمل على رفع مستوى المثقفين والفنانين.
وأضاف: علينا الارتقاء بالحياة الثقافية والفنون والأعمال الفنية المحلية، والمحافظة على الإرث الثقافي الحضاري العريق لتحسين مستوى الحياة للمواطن والمقيم.
* الكاتبة أمل زاهد
وقالت الكاتبة أمل زاهد، إنه لتحقيق رؤية ولي ولي العهد الطموحة، لا بد من الاشتغال العميق على الخطاب الثقافي الديني أولا، حتى تقوم التحديثات المتوقعة في مجالي الثقافة والترفيه على أساس فكري ثابت ومتين، وهنا لا بد من تفكيك الفكر النمطي المتشدد الذي يحرم الفنون والمسرح والسينما وخلافه، وينظر دوما للثقافة ومؤسساتها بعين التوجس والريبة، وإعادة الاعتبار للفنون الراقية التي تنهض بالمجتمعات وبالحركة الثقافية فيها.
وأضاف: الحديث أيضا عن تفكيك الخطاب المتشدد يستدعي الاشتغال على خطاب المرأة، وإصلاح أوضاعها، وعلاقة المجتمع المرتبكة بها، والتي كثيرا ما تصل للرهاب عند تقديم أية تغييرات تتعلق بها.
وقالت: لا يمكن أن ينهض الترفيه والثقافة أيضا إلا في مناخ من الحريات المنضبطة بالقانون، لذا أتوقع حزمة من القرارات والأنظمة، مثل سن قانون التحرش، والسير قدما في رفع مستوى الحريات الفردية.
وأضافت: التحول الثقافي يستدعي أيضا استقلالية المؤسسات الثقافية لتتحول إلى مؤسسات مجتمع مدني فاعلة، وفتح المجال لتكوين النقابات والاتحادات وكل عناصر المجتمع المدني الفاعل، في سبيل تكوين حركة ثقافية قوية، قادرة على إحداث تغيير وتحول اجتماعي، يحتضن التحديثات المتوقعة في حقلي الترفيه والثقافة.
* الروائي عبد الله الثابت
الروائي عبد الله الثابت قال معلقًا على هذه الرؤية: دونما أدنى شك فإن الثقافة - بالدلالة الشاملة - وأخص الفنون، حتى تكون منتجة بالمعنى الفاعل يلزم أن تمتلك استقلاليتها وحصانتها، ورفع الخناق عن وجودها في الفضاء العام، وفق القوانين العادلة، التي تكون فيها الدولة حكمًا لفض النزاع، لا طرفًا فيه.
هذا في تقديري ما سيجعل من نمو الثقافة نفسها، في هذا الجو المستقل، بما فيها الرأي الديني، والآداب، والسينما، والمسرح، والتشكيل، وسائر الفنون، رافدًا عمليًا في التحول الاجتماعي والاقتصادي، ومصدر قوة حقيقية، وتعبيرًا يحترمه العالم عن عمق وجودنا فيه. ومهما تكن سخونة خوض التجربة، إلا أنها هي الطريق الصحيح.
* الناقد يونس البدر
الناقد الدكتور يونس البدر، عضو مجلس إدارة نادي الأحساء الأدبي قال لـ«الشرق الأوسط»: ما يتبادر إلى الذهن في موضوع الثقافة بصفتها رافدًا لرؤية جديدة لتحسين مستوى المواطن السعودي، هو المكتبات ومراكز التدريب والأندية الأدبية والثقافية، بيد أن هذه الوسائل متوفرة ومبذولة، وأصبحت تملك حضورها الثقافي والذي يخدم مرتاديها، ومن الطبيعي أن تكون هذه الوسائل نخبوية ومقتصرة على فئة الأدباء والمختصين، ولكننا نغفل عن دور الفنون الجميلة التي تدمج بين مسألتي الترفيه والتثقيف، ويتمثل ذلك في الفنون المرئية والفنية كالمسرح والسينما، إذ تشمل هذه الفنون تقنيات ثقافية وأيقونات حضارية في كل المجتمعات المتحضرة والراقية، وبالإضافة لما توفره هذه الفنون من وعي ثقافي وفكري، فهي تسهم في تحسين حياة الناس من حيث ملء حاجتهم لقنوات ترفيهية ووجهات سياحية. إلا أن حضورها في المجتمع السعودي شحيح جدًا ومقتصر على فئة من المهتمين والفنانين، مع أنها حاجة ملحة لكل أفراد المجتمع ووسيلة ترفيهية مهمة، وشحها في المجتمع السعودي لا يعكس الروح الإبداعية والثقافية للمبدعين والفنانين التي يتم دعمها بإتقان عبر الدورات والفعاليات في جمعيات الثقافة والفنون.
وأضاف أن دعم هذه الفنون بتمكين المنتجين من العمل في ميدانها على الأرض وفي المواقع الترفيهية سيفتح فرصًا استثمارية كبيرة وبيئة تنافسية بين المبدعين، والأهم من ذلك يمكن من خلال هذه القنوات تعزيز القيم الدينية والاجتماعية، وتأكيد ثقافة الإنسان السعودي التي تتسم بالاعتدال والنضج.
وقال: أتوقع تفعيل الدور التثقيفي لجمعيات الثقافة والفنون ودعمها للإشراف على فعاليات فنية مبذولة للمجتمع، وهذا التفعيل سيحسن وعي المجتمع بهذه الفنون وما تعززه من قيم وثقافة ووعي.



ولي العهد السعودي يُعلن تأسيس الهيئة العليا لاستضافة كأس العالم 2034

القطاع الرياضي السعودي يلقى دعماً غير مسبوق من القيادة (واس)
القطاع الرياضي السعودي يلقى دعماً غير مسبوق من القيادة (واس)
TT

ولي العهد السعودي يُعلن تأسيس الهيئة العليا لاستضافة كأس العالم 2034

القطاع الرياضي السعودي يلقى دعماً غير مسبوق من القيادة (واس)
القطاع الرياضي السعودي يلقى دعماً غير مسبوق من القيادة (واس)

أعلن الأمير محمد بن سلمان بن عبد العزيز ولي العهد رئيس مجلس الوزراء السعودي، الأربعاء، تأسيس «الهيئة العليا لاستضافة كأس العالم 2034»، وذلك عقب إعلان الاتحاد الدولي لكرة القدم (فيفا) فوز المملكة؛ باستضافة البطولة.

ويرأس ولي العهد مجلس إدارة الهيئة؛ الذي يضم كلّاً من: الأمير عبد العزيز بن تركي بن فيصل وزير الرياضة، والأمير عبد العزيز بن سعود بن نايف وزير الداخلية، والأمير بدر بن عبد الله بن فرحان وزير الثقافة، ومحمد آل الشيخ وزير الدولة عضو مجلس الشؤون الاقتصادية والتنمية، وماجد الحقيل وزير البلديات والإسكان، ومحمد الجدعان وزير المالية، والمهندس عبد الله السواحة وزير الاتصالات وتقنية المعلومات، والمهندس أحمد الراجحي وزير الموارد البشرية والتنمية الاجتماعية، والمهندس صالح الجاسر وزير النقل والخدمات اللوجيستية، وأحمد الخطيب وزير السياحة، والمهندس فهد الجلاجل وزير الصحة، والمهندس إبراهيم السلطان وزير الدولة رئيس مجلس إدارة مركز دعم هيئات التطوير، وتركي آل الشيخ رئيس مجلس إدارة هيئة الترفيه، وياسر الرميان محافظ صندوق الاستثمارات العامة، والدكتور فهد تونسي المستشار بالديوان الملكي، وعبد العزيز طرابزوني المستشار بالديوان الملكي، وياسر المسحل رئيس مجلس إدارة الاتحاد السعودي لكرة القدم.

ويأتي إعلان تأسيس الهيئة تأكيداً على عزم السعودية على تقديم نسخة استثنائية من المحفل الأكثر أهمية في عالم كرة القدم بوصفها أول دولة عبر التاريخ تستضيف هذا الحدث بوجود 48 منتخباً من قارات العالم كافة، في تجسيد للدعم والاهتمام غير المسبوق الذي يجده القطاع الرياضي من خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبد العزيز، وولي العهد.

وتُشكِّل استضافة البطولة؛ خطوة استراتيجية نوعية، ستُساهم مباشرةً في تعزيز مسيرة تحول الرياضة السعودية، ورفع مستوى «جودة الحياة»، الذي يُعد أحد أبرز برامج «رؤية 2030» التنفيذية، والساعية إلى تعزيز مشاركة المواطنين والمقيمين بممارسة الرياضة، فضلاً عن صقل قدرات الرياضيين، وتحسين الأداء للألعاب الرياضية كافة؛ ما يجعل البلاد وجهة عالمية تنافسية في استضافة أكبر الأحداث الدولية.

وينتظر أن تُبرز السعودية نفسها من خلال استضافة كأس العالم 2034 كوجهة اقتصادية واستثمارية ورياضية وسياحية واقتصادية، علاوة على الثقافية والترفيهية، حيث سيتعرف الملايين من الزوار على إرثها وموروثها الحضاري والتاريخي، والمخزون الثقافي العميق الذي تتميز به.