3 معارك تطوّق حلب وتضغط على المفاوضات في جنيف

النظام يفشل في محاصرة أحياء المعارضة داخل المدينة

3 معارك تطوّق حلب وتضغط على المفاوضات في جنيف
TT

3 معارك تطوّق حلب وتضغط على المفاوضات في جنيف

3 معارك تطوّق حلب وتضغط على المفاوضات في جنيف

اشتعلت ثلاث جبهات حول مدينة حلب، انخرطت فيها قوات النظام السوري وحلفاؤها، وقوات المعارضة السورية، فيما خاض «داعش» معركتين ضد قوات النظام والمعارضة في شمال حلب وجنوبها، حين شن هجومين متزامنين، أسفرا عن تقدمه.
وأطلقت قوات النظام السوري أمس، هجومًا ضد قوات المعارضة على جبهتي الملاح وحندرات في شمال مدينة حلب، بهدف قطع خط إمداد المعارضة من الأحياء الخاضعة لسيطرتها في شرق المدينة، إلى ريفيها الشمالي والغربي، بالتزامن مع هجوم أطلقه «داعش» ضد قوات المعارضة على الشريط الحدودي مع تركيا، أسفر عن تقدمه في المنطقة وسيطرته على بلدة حور كلس الملاصقة للحدود مع تركيا، وبات يبعد مسافة تقل عن 10 كيلومترات عن معقل المعارضة في أعزاز. وبالموازاة، شن «داعش» هجومًا مباغتًا على حقل دريهم التابع لمؤسسة معامل الدفاع قرب بلدة السفيرة، الخاضع لسيطرة النظام في شرق مدينة خناصر بريف حلب الجنوبي، قال إنه أسفر عن سيطرته على الحقل.
ويعد هذا التصعيد، الأكثر تعقيدًا على جبهات حلب، حيث تدور معارك على أكثر من جبهة، ما من شأنه أن يشكل ضغطا على المفاوضات غير المباشرة الحالية في جنيف بين المعارضة والنظام.
ويأتي تقدم «داعش» غداة تأكيد الرئيس الأميركي باراك أوباما أن التنظيم بات في «وضع دفاعي» في سوريا كما في العراق.
وقال مصدر معارض بريف حلب لـ«الشرق الأوسط»، إن تنظيم «داعش» «استعاد قدرته على شن الهجمات»، مشيرًا إلى أن قوات المعارضة «كانت عرضة لهجومين متزامنين من قبل داعش والمعارضة، إلى جانب هجمات أخرى تتواصل في ريف حلب الجنوبي، حيث تحاول قوات النظام استعادة السيطرة على بلدة العيس».
وقال مدير المرصد السوري رامي عبد الرحمن: «تدور اشتباكات عنيفة في شمال حلب بين الفصائل الإسلامية والمقاتلة وتنظيم داعش بعد تقدم الأخير وسيطرته على ست قرى بالقرب من الحدود التركية أهمها قرية حوار كلس». وكانت الفصائل المقاتلة انتزعت عددا من القرى والبلدات من التنظيم مطلع الشهر الحالي، إلا أنه سرعان ما تمكن من استعادتها وأهمها بلدة الراعي التي فيها أبرز معابر التنظيم باتجاه تركيا.
وتنفذ طائرات حربية، رجح عبد الرحمن أنها تابعة للتحالف الدولي بقيادة واشنطن، غارات ضد مواقع التنظيم في منطقة الاشتباكات.
وتخوض منذ بداية الشهر الحالي فصائل مقاتلة معظمها إسلامية، وبينها «فيلق الشام» المدعوم من أنقرة، معارك ضد تنظيم «داعش» في القرى المحاذية للحدود التركية في ريف حلب الشمالي والشمالي الغربي.
وقال القيادي في «أحرار الشام» محمد الشامي لـ«الشرق الأوسط» إن 120 سيارة رباعية الدفع، محملة بالمقاتلين والسلاح والذخيرة، ومعززة بمجنزرات، هاجمت القرى الحدودية مع تركيا بريف حلب الشمالي، حيث تقدمت من بلدة الراعي التي سيطر عليها قبل أيام، مشيرًا إلى أن «قافلة عناصر التنظيم، كانت تتقدمها عربات مفخخة، مهدت للهجوم، قبل اقتحام القرى». وأشار إلى أن التنظيم «بات يبعد أقل من 10 كيلومترات عن أعزاز» معقل المعارضة.
وإذ أشار الشامي إلى أن التنظيم «استهدف مقاطعة كيليس داخل الأراضي التركية بقذائف الهاون»، قال إن المدفعية التركية «أطلقت عشرات القذائف ضد مواقع داعش داخل سوريا، وقدمت مؤازرة للثوار»، متسائلاً في الوقت نفسه «كيف استطاعت عربات داعش أن تنتقل في ظل وجود طائرات للتحالف في المنطقة من غير أن تُستهدف».
وقال مصدر قيادي معارض في ريف حلب لـ«الشرق الأوسط» إن قوات المعارضة «تتحضر لشن هجوم معاكس لاستعادة مواقع سيطر عليها «داعش»، في حين ذكرت وكالة «أعماق» التابعة للتنظيم، أن قواته أفشلت محاولة تقدم باتجاه قرية براغيدة شمال بلدة صوران بريف حلب الشمالي، مشيرة إلى أن هجوم المعارضة كان تحت غطاء ناري أميركي.
وبموازاة المعارك بين تنظيم «داعش» والفصائل المعارضة، اندلعت معارك بين قوات المعارضة مدعومة بمقاتلين من «أحرار الشام» و«جند الأقصى» و«جبهة النصرة» من جهة، وقوات النظام المدعوم بغطاء جوي روسي من جهة أخرى، في حندرات والملاح الخاضعتين لسيطرة المعارضة، وهو ما يهدد بقطع الطرق إلى المناطق التي تسيطر عليها في المدينة.
وقال عبد الله عثمان رئيس المكتب السياسي للجبهة الشامية إن الهجمات عبارة عن معارك «كر وفر»، وأن التصعيد بدأ خلال الليل، مشيرًا في تصريحات لـ«رويترز» إلى أن المنطقة على قدر كبير من الأهمية وأنه إذا «تقدم» النظام فإن هذا سيعزز السيطرة على حلب.
وقال رامي عبد الرحمن إن مخيم حندرات المقام على قمة هضبة مطلة على طريق رئيسي له أهمية استراتيجية. وأضاف أن النظام حاول التقدم والسيطرة على بعض أجزاء هذه المنطقة التي يمكن منها منع أي مقاتل من المعارضة من الخروج من حلب أو دخولها.
ومن شأن السيطرة على حندرات والملاح، إطباق الحصار على المعارضة في حلب، كونها المنفذ الوحيد، عبر طريق الكاستيلو، إلى الريفين الشمالي والغربي للمحافظة.
لكن مصادر معارضة، نفت أن يكون النظام تمكن من السيطرة على المنطقة، قائلة: «تمكنا من صد الهجوم، ولا تزال المنطقة تشهد اشتباكات عنيفة».
بدورها، نقلت وكالة «آكي» الإيطالية عن مصدر معارض قوله إن «سلاح الجو الروسي يقوم بغارات مكثفة على مقاتلي المعارضة لتسهيل اقتحام المدينة، حيث تعرض حي الكاستيلو لعدة ضربات جوية من قبل الطيران الروسي».
وتتواصل في محافظة حلب اشتباكات بين أطراف مختلفة على جبهات عدة، من شأنها تهديد الهدنة المعمول بها منذ نهاية فبراير (شباط)، والتي وصفها أوباما بـ«الهشة»، حيث تدور اشتباكات بين فصائل إسلامية ومقاتلة، بينها جبهة النصرة، والمقاتلين الأكراد في محيط حي الشيخ مقصود ذات الغالبية الكردية. وفي ريف حلب الجنوبي، تسعى قوات النظام منذ أسابيع لاستعادة بلدة العيس الاستراتيجية والمطلة على طريق دمشق حلب الدولي من جبهة النصرة والفصائل الأخرى المتحالفة معها.
وازداد الأمر تعقيدًا أمس، بدخول «داعش» على خط المعارك في ريف حلب الجنوبي، حيث قال إنه بات يهدد خطوط إمداد النظام إلى حلب عبر الاقتراب من الطريق الوحيد لإمداداته إلى المدينة.



انخفاض شديد في مستويات دخل الأسر بمناطق الحوثيين

فتاة في مخيم مؤقت للنازحين اليمنيين جنوب الحُديدة في 4 يناير الحالي (أ.ف.ب)
فتاة في مخيم مؤقت للنازحين اليمنيين جنوب الحُديدة في 4 يناير الحالي (أ.ف.ب)
TT

انخفاض شديد في مستويات دخل الأسر بمناطق الحوثيين

فتاة في مخيم مؤقت للنازحين اليمنيين جنوب الحُديدة في 4 يناير الحالي (أ.ف.ب)
فتاة في مخيم مؤقت للنازحين اليمنيين جنوب الحُديدة في 4 يناير الحالي (أ.ف.ب)

بموازاة استمرار الجماعة الحوثية في تصعيد هجماتها على إسرائيل، واستهداف الملاحة في البحر الأحمر، وتراجع قدرات المواني؛ نتيجة الردِّ على تلك الهجمات، أظهرت بيانات حديثة وزَّعتها الأمم المتحدة تراجعَ مستوى الدخل الرئيسي لثُلثَي اليمنيين خلال الشهر الأخير من عام 2024 مقارنة بالشهر الذي سبقه، لكن هذا الانخفاض كان شديداً في مناطق سيطرة الجماعة المدعومة من إيران.

ووفق مكتب الأمم المتحدة لتنسيق الشؤون الإنسانية، فقد واجهت العمالة المؤقتة خارج المزارع تحديات؛ بسبب طقس الشتاء البارد، ونتيجة لذلك، أفاد 65 في المائة من الأسر التي شملها الاستطلاع بانخفاض في دخلها الرئيسي مقارنة بشهر نوفمبر (تشرين الثاني) الماضي والفترة نفسها من العام الماضي، وأكد أن هذا الانخفاض كان شديداً بشكل غير متناسب في مناطق الحوثيين.

وطبقاً لهذه البيانات، فإن انعدام الأمن الغذائي لم يتغيَّر في المناطق الخاضعة لسيطرة الحكومة اليمنية، بينما انخفض بشكل طفيف في المناطق الخاضعة لسيطرة الحوثيين؛ نتيجة استئناف توزيع المساعدات الغذائية هناك.

الوضع الإنساني في مناطق الحوثيين لا يزال مزرياً (الأمم المتحدة)

وأظهرت مؤشرات نتائج انعدام الأمن الغذائي هناك انخفاضاً طفيفاً في صنعاء مقارنة بالشهر السابق، وعلى وجه التحديد، انخفض الاستهلاك غير الكافي للغذاء من 46.9 في المائة في نوفمبر إلى 43 في المائة في ديسمبر (كانون الأول) الماضي.

وضع متدهور

على النقيض من ذلك، ظلَّ انعدام الأمن الغذائي في المناطق الخاضعة لسيطرة الحكومة اليمنية دون تغيير إلى حد كبير، حيث ظلَّ الاستهلاك غير الكافي للغذاء عند مستوى مرتفع بلغ 52 في المائة، مما يشير إلى أن نحو أسرة واحدة من كل أسرتين في تلك المناطق تعاني من انعدام الأمن الغذائي.

ونبّه المكتب الأممي إلى أنه وعلى الرغم من التحسُّن الطفيف في المناطق الخاضعة لسيطرة الحوثيين، فإن الوضع لا يزال مزرياً، على غرار المناطق الخاضعة لسيطرة الحكومة، حيث يعاني نحو نصف الأسر من انعدام الأمن الغذائي (20 في المائية من السكان) مع حرمان شديد من الغذاء، كما يتضح من درجة استهلاك الغذاء.

نصف الأسر اليمنية يعاني من انعدام الأمن الغذائي في مختلف المحافظات (إعلام محلي)

وبحسب هذه البيانات، لم يتمكَّن دخل الأسر من مواكبة ارتفاع تكاليف سلال الغذاء الدنيا، مما أدى إلى تآكل القدرة الشرائية، حيث أفاد نحو ربع الأسر التي شملها الاستطلاع في مناطق الحكومة بارتفاع أسعار المواد الغذائية كصدمة كبرى، مما يؤكد ارتفاع أسعار المواد الغذائية الاسمية بشكل مستمر في هذه المناطق.

وذكر المكتب الأممي أنه وبعد ذروة الدخول الزراعية خلال موسم الحصاد في أكتوبر (تشرين الأول) ونوفمبر، الماضيين، شهد شهر ديسمبر أنشطةً زراعيةً محدودةً، مما قلل من فرص العمل في المزارع.

ولا يتوقع المكتب المسؤول عن تنسيق العمليات الإنسانية في اليمن حدوث تحسُّن كبير في ملف انعدام الأمن الغذائي خلال الشهرين المقبلين، بل رجّح أن يزداد الوضع سوءاً مع التقدم في الموسم.

وقال إن هذا التوقع يستمر ما لم يتم توسيع نطاق المساعدات الإنسانية المستهدفة في المناطق الأكثر عرضة لانعدام الأمن الغذائي الشديد.

تحديات هائلة

بدوره، أكد المكتب الإنمائي للأمم المتحدة أن اليمن استمرَّ في مواجهة تحديات إنسانية هائلة خلال عام 2024؛ نتيجة للصراع المسلح والكوارث الطبيعية الناجمة عن تغير المناخ.

وذكر أن التقديرات تشير إلى نزوح 531 ألف شخص منذ بداية عام 2024، منهم 93 في المائة (492877 فرداً) نزحوا بسبب الأزمات المرتبطة بالمناخ، بينما نزح 7 في المائة (38129 فرداً) بسبب الصراع المسلح.

نحو مليون يمني تضرروا جراء الفيضانات منتصف العام الماضي (الأمم المتحدة)

ولعبت آلية الاستجابة السريعة متعددة القطاعات التابعة للأمم المتحدة، بقيادة صندوق الأمم المتحدة للسكان، وبالشراكة مع برنامج الأغذية العالمي و«اليونيسيف» وشركاء إنسانيين آخرين، دوراً محورياً في معالجة الاحتياجات الإنسانية العاجلة الناتجة عن هذه الأزمات، وتوفير المساعدة الفورية المنقذة للحياة للأشخاص المتضررين.

وطوال عام 2024، وصلت آلية الاستجابة السريعة إلى 463204 أفراد، يمثلون 87 في المائة من المسجلين للحصول على المساعدة في 21 محافظة يمنية، بمَن في ذلك الفئات الأكثر ضعفاً، الذين كان 22 في المائة منهم من الأسر التي تعولها نساء، و21 في المائة من كبار السن، و10 في المائة من ذوي الإعاقة.

وبالإضافة إلى ذلك، تقول البيانات الأممية إن آلية الاستجابة السريعة في اليمن تسهم في تعزيز التنسيق وكفاءة تقديم المساعدات من خلال المشاركة النشطة للبيانات التي تم جمعها من خلال عملية الآلية وتقييم الاحتياجات.