مزاد «أشياء مشتهاة».. رحلة في العالم الداخلي لجامع أعمال فنية

فريدون آفي: افتتحت غاليري في البستكية بدبي وكان نافذتي على فنانين رعيتهم خلال فترات شبابهم

لوحة للفنان تشارلز  حسين زندرودي و للفنان الأميركي روبرت روشنبيرغ و من أعمال الفنان فرهد موشيري و من أعمال الفنانة ليلي الصيادي و منحوتة للفنان برويز تنافولي
لوحة للفنان تشارلز حسين زندرودي و للفنان الأميركي روبرت روشنبيرغ و من أعمال الفنان فرهد موشيري و من أعمال الفنانة ليلي الصيادي و منحوتة للفنان برويز تنافولي
TT

مزاد «أشياء مشتهاة».. رحلة في العالم الداخلي لجامع أعمال فنية

لوحة للفنان تشارلز  حسين زندرودي و للفنان الأميركي روبرت روشنبيرغ و من أعمال الفنان فرهد موشيري و من أعمال الفنانة ليلي الصيادي و منحوتة للفنان برويز تنافولي
لوحة للفنان تشارلز حسين زندرودي و للفنان الأميركي روبرت روشنبيرغ و من أعمال الفنان فرهد موشيري و من أعمال الفنانة ليلي الصيادي و منحوتة للفنان برويز تنافولي

عندما تقدم إحدى دور المزاد مزادا من مجموعة أحد المقتنين، يتبادر للذهن على الفور عدة أسئلة أبرزها: ما الذي يدفع المقتني الذي استمتع على مر سنوات بجمع أعمال فنية أحبها وحرص على حمايتها، لبيع تلك القطع؟ سؤال طرحته في إحدى المرات على أحد المتخصصين في دار مزادات شهير، أجابني بقوله: «في معظم الأحيان يقوم جامعو التحف ببيع مقتنياتهم رغبة في منهم في التشارك مع العالم في الأعمال التي جمعوها، وخاصة بعد أن يصلوا إلى سن متقدمة. ولكنَّ البيع أيضا قد يتم بسبب وفاة المقتني ورغبة الورثة». تذكرت العبارة عند مطالعتي لكتالوغ مزاد «أشياء مشتهاة»، الذي يقام بدار سوذبي يوم 21 من أبريل (نيسان) الحالي، وهو يضم مجموعة من الأعمال من مقتنيات الفنان والمقتني الإيراني الشهير فريدون آفي. يضم المزاد مجموعة ضخمة ومتنوعة بشكل مدهش من أعمال اقتناها آفي على مدى سنين طويلة. ويلفت النظر في مجموعة آفي أنها تضم أعمالا عربية وإيرانية وأميركية تقدم فيما بينها اتجاهات فنية مختلفة وأساليب متعددة، وهو ما قد يثير الحيرة والأسئلة التي أطرحها تباعا على آفي خلال حديث هاتفي معه.
أول التساؤلات التي تتسابق على لساني كان: «ما الذي يدفعك إلى شراء قطعة معينة؟ أو بمعنى أوسع كيف تجمع الأعمال الفنية، في هذه المجموعة التي تقدمها سوذبي نجد أنك عبرت عوالم واتجاهات فنية مختلفة وصنعت مجموعة خاصة بك». يقول ببساطة مدهشة: «لا أعرف ما الذي يدفع الناس إلى أن يصبحوا مدمنين، ولكن هذه هي حالتي. حين أشتري عملا لا يكون في ذهني ساعتها دافع سوى أن أحيط نفسي بأشياء تثير إلهامي، أن أخلق جوا خياليا حولي، فأنا فنان أحتاج إلى أن يعمل المكان المحيط بي على دعم خيالي ورؤيتي المفضلة للعالم». يشير إلى أن التنوع الواضح في القطع المعروضة بقوله: «شخصيتي تعبر عن هذا الخليط، فأنا إيراني عشت ودرست في إنجلترا، وتخرجت من جامعة نيويورك وعدت في السبعينات إلى إيران وقضيت عشرة أعوام جميلة هناك حتى حدثت الثورة الإسلامية ووجدتني أهجر بلدي لأبتعد». ولكن بعد مرور أكثر من عشرة أعوام عاد آفي إلى طهران ليجد تغييرات كبيرة في الوسط الفني والمجتمع، سألته: «ما الذي لحظته من تأثير الثورة في المجتمع بعد عودتك؟»، فأجاب: «الثورة جعلت من الناس أعداء لأنفسهم، كان هناك حالة من الغموض في ما الذي يمكن أن تقدمه ولماذا تسير الأمور كما تسير، لهذا وجدتني أنسحب من المجتمع إلى عالمي الخاص واقتناء الأعمال الفنية، بنيت جزيرة خاصة بي من الأشياء التي أحبها».
اقتناء الأعمال الفنية كان أيضا لغرض تشجيع الفنانين الشبان في بداياتهم، يشير آفي إلى أنه لاحظ قصورا في تشجيع المواهب الفنية: «حاولت بطريقتي المحدودة أن أملأ هذا الفراغ، أن أساعد وأمنح الإحساس بالأمان لهؤلاء الفنانين، فكثير من الأعمال التي اقتنيتها كنت مدفوعا لشرائها برغبة في توفير الحرية الاقتصادية والأمان لكثير من هؤلاء الفنانين الشباب، مثل فرهد موشيري الذي ابتعت أول أعماله. كذلك كانت الحال بالنسبة إلى فنانين آخرين عرضت أعمالهم في مساحة العرض الخاصة بي في منزلي». أسأله إن كانت الساحة الفنية الآن مختلفة عن السبعينات والثمانينات، يقول: «هناك الآن في طهران 197 غاليريا فنيا، هذا يمثل تغييرا ولكنني لا أعتقد أن ذلك يمثل مشهدا فنيا. اعتقدت دائما أنه لوجود مشهد فني في أي مكان ينبغي أن يكون هناك صلات وتواصل بين الفنانين والجهات الفنية. ما يوجد هناك هو شتات ومجتمع متشرذم يحتاج إلى التواصل».
ربما من المستغرب أن نجد جامعا للفنون ينتقد الاتجاه الذي تتخذه الأسواق الفنية، ولكن آفي لا يجد حرجا من التعبير عن رأيه بأن كثيرا من الفنانين الآن أصبحوا يجدون في فنهم وسيلة لكسب المال، «وهو أمر له إيجابياته وسلبياته» حسب تعبيره؛ «فالأسواق الفنية والمقتنون قد يقومون بتدمير الفنانين بدلا من تشجيعهم ورعايتهم. هناك تعبير شائع يقول بأن (المال هو أصل كل الشرور)، وهو تعبير يحمل وزنا كبيرا. أحاول كثيرا أن أشرح للفنانين الصاعدين أنه لا توجد وصفة مجربة للنجاح، أقول لهم: اعملوا ما أنتم بارعون فيه وسيتبعكم السوق بدلا من أن تتبعوه»، ونصيحته لمن يريد أن يدخل مجال الاقتناء أن يقرأ كثيرا وأن يدرس تاريخ الفن.
ما الذي يدفعه إلى بيع مقتنياته؟ يقول ببساطة: «لأني لا أستطيع العناية بها، أنا في السبعين من عمري وليس لديَّ وريث. أرى أنه من الأفضل أن أعهد بمقتنياتي لآخرين يستطيعون العناية بها. ما أعرضه هنا يمثل حوالي 20 % من مجموعتي. نجحت في الأربعين عاما الماضية وعبر ترحالي في أربعة بلدان أن أجمع كما هائلا من الفن وغيره». هل يعني ذلك بأنه سيتوقف عن الشراء، ويتوقف عن إدمان الاقتناء؟، يقول: «أخشي أنني لن أتوقف، لا أستطيع التخلص من إدماني، بالأمس زرت ثلاثة معارض واشتريت عددا من القطع». الحياة في دبي بالنسبة إلى آفي كانت نافذة له على المشهد الفني الإيراني، عبر غاليري أنشأه هناك وعبر إشرافه على معارض فنية جماعية يحرص أن تزامن فترة إقامة «آرت دبي» و«آرت أبوظبي». يقول: «افتتحت غاليري في البستكية بدبي، وكان هو نافذتي ووسيلة اتصالي مع فنانين رعيتهم خلال فترات شبابهم. كانت فترة رائعة في حياتي، ولكنني لم أستطع أن أقيم في دبي طوال الوقت، ولهذا أغلقت الغاليري الذي يحمل اسمي واكتفيت بالمعارض التي أقيمها بالتزامن مع أسابيع الفن في دبي وأبو ظبي، أو ما أحب أن أطلق عليها «الحوار المرئي».



الذكاء الصناعي يهدد مهناً ويغير مستقبل التسويق

روبوتات ذكية تعزّز كفاءة الخدمات وجودتها في المسجد النبوي (واس)
روبوتات ذكية تعزّز كفاءة الخدمات وجودتها في المسجد النبوي (واس)
TT

الذكاء الصناعي يهدد مهناً ويغير مستقبل التسويق

روبوتات ذكية تعزّز كفاءة الخدمات وجودتها في المسجد النبوي (واس)
روبوتات ذكية تعزّز كفاءة الخدمات وجودتها في المسجد النبوي (واس)

في السنوات الأخيرة، أثّر الذكاء الصناعي على المجتمع البشري، وأتاح إمكانية أتمتة كثير من المهام الشاقة التي كانت ذات يوم مجالاً حصرياً للبشر، ومع كل ظهور لمهام وظيفية مبدعةً، تأتي أنظمة الذكاء الصناعي لتزيحها وتختصر بذلك المال والعمال.
وسيؤدي عصر الذكاء الصناعي إلى تغيير كبير في الطريقة التي نعمل بها والمهن التي نمارسها. وحسب الباحث في تقنية المعلومات، المهندس خالد أبو إبراهيم، فإنه من المتوقع أن تتأثر 5 مهن بشكل كبير في المستقبل القريب.

سارة أول روبوت سعودي يتحدث باللهجة العامية

ومن أكثر المهن، التي كانت وما زالت تخضع لأنظمة الذكاء الصناعي لتوفير الجهد والمال، مهن العمالة اليدوية. وحسب أبو إبراهيم، فإنه في الفترة المقبلة ستتمكن التقنيات الحديثة من تطوير آلات وروبوتات قادرة على تنفيذ مهام مثل البناء والتنظيف بدلاً من العمالة اليدوية.
ولفت أبو إبراهيم إلى أن مهنة المحاسبة والمالية ستتأثر أيضاً، فالمهن التي تتطلب الحسابات والتحليل المالي ستتمكن التقنيات الحديثة من تطوير برامج حاسوبية قادرة على إجراء التحليل المالي وإعداد التقارير المالية بدلاً من البشر، وكذلك في مجال القانون، فقد تتأثر المهن التي تتطلب العمل القانوني بشكل كبير في المستقبل.
إذ قد تتمكن التقنيات الحديثة من إجراء البحوث القانونية وتحليل الوثائق القانونية بشكل أكثر فاعلية من البشر.
ولم تنجُ مهنة الصحافة والإعلام من تأثير تطور الذكاء الصناعي. فحسب أبو إبراهيم، قد تتمكن التقنيات الحديثة من إنتاج الأخبار والمعلومات بشكل أكثر فاعلية وسرعة من البشر، كذلك التسويق والإعلان، الذي من المتوقع له أن يتأثر بشكل كبير في المستقبل. وقد تتمكن أيضاً من تحديد احتياجات المستهلكين ورغباتهم وتوجيه الإعلانات إليهم بشكل أكثر فاعلية من البشر.
وأوضح أبو إبراهيم أنه على الرغم من تأثر المهن بشكل كبير في العصر الحالي، فإنه قد يكون من الممكن تطوير مهارات جديدة وتكنولوجيات جديدة، تمكن البشر من العمل بشكل أكثر فاعلية وكفاءة في مهن أخرى.

الروبوت السعودية سارة

وفي الفترة الأخيرة، تغير عالم الإعلان مع ظهور التقنيات الجديدة، وبرز الإعلان الآلي بديلاً عملياً لنموذج تأييد المشاهير التقليدي الذي سيطر لفترة طويلة على المشهد الإعلاني. ومن المرجح أن يستمر هذا الاتجاه مع تقدم تكنولوجيا الروبوتات، ما يلغي بشكل فعال الحاجة إلى مؤيدين من المشاهير.
وأتاحت تقنية الروبوتات للمعلنين إنشاء عروض واقعية لعلاماتهم التجارية ومنتجاتهم. ويمكن برمجة هذه الإعلانات الآلية باستخدام خوارزميات معقدة لاستهداف جماهير معينة، ما يتيح للمعلنين تقديم رسائل مخصصة للغاية إلى السوق المستهدفة.
علاوة على ذلك، تلغي تقنية الروبوتات الحاجة إلى موافقات المشاهير باهظة الثمن، وعندما تصبح الروبوتات أكثر واقعية وكفاءة، سيجري التخلص تدريجياً من الحاجة إلى مؤيدين من المشاهير، وقد يؤدي ذلك إلى حملات إعلانية أكثر كفاءة وفاعلية، ما يسمح للشركات بالاستثمار بشكل أكبر في الرسائل الإبداعية والمحتوى.
يقول أبو إبراهيم: «يقدم الذكاء الصناعي اليوم إعلانات مستهدفة وفعالة بشكل كبير، إذ يمكنه تحليل بيانات المستخدمين وتحديد احتياجاتهم ورغباتهم بشكل أفضل. وكلما ازداد تحليل الذكاء الصناعي للبيانات، كلما ازدادت دقة الإعلانات وفاعليتها».
بالإضافة إلى ذلك، يمكن للذكاء الصناعي تحليل سجلات المتصفحين على الإنترنت لتحديد الإعلانات المناسبة وعرضها لهم. ويمكن أن يعمل أيضاً على تحليل النصوص والصور والفيديوهات لتحديد الإعلانات المناسبة للمستخدمين.
ويمكن أن تكون شركات التسويق والإعلان وأصحاب العلامات التجارية هم أبطال الإعلانات التي يقدمها الذكاء الصناعي، بحيث يستخدمون تقنياته لتحليل البيانات والعثور على العملاء المناسبين وعرض الإعلانات المناسبة لهم. كما يمكن للشركات المتخصصة في تطوير البرمجيات والتقنيات المرتبطة به أن تلعب دوراً مهماً في تطوير الإعلانات التي يقدمها.