ضمن حوارات «كان المستقبل» في دبي.. مناقشات حول ما سيأتي وما كان يمكن أن يحدث

في منتدى الفن العالمي العاشر بدبي

إحدى مناقشات «منتدى الفن العالمي» بدبي
إحدى مناقشات «منتدى الفن العالمي» بدبي
TT

ضمن حوارات «كان المستقبل» في دبي.. مناقشات حول ما سيأتي وما كان يمكن أن يحدث

إحدى مناقشات «منتدى الفن العالمي» بدبي
إحدى مناقشات «منتدى الفن العالمي» بدبي

على مدى ثلاثة أيام وخلال انعقاد معرض «آرت دبي» عقد منتدى الفن العالمي العاشر وشارك فيه كتاب وخبراء اقتصاديون وباحثون أثريون ومخرجون وغيرهم في موضوع المنتدى هذا العام، «كان المستقبل». ومن خلال التركيز على تاريخ المستقبل، سمعنا أفكارا حول ما سيأتي، وما كان يمكن أن يحدث، وما نستطيع إنجازه، كجنس بشري.
كانت خيمة المؤتمر، المقامة في «فورت آيلاند» بمدينة جميرا، بمثابة استعراض للزمن، حيث توسعت عقول الجمهور باتساع المعارف التي جلبها الحدث من كل أنحاء العالم. شهدنا محاضرات وأفلاما واستمعنا إلى مناقشات، وللمرة الأولى في المؤتمر منذ عشر سنوات استمتعنا بمجموعات الرقص.
كانت كل جلسة تبدأ ببيان عما كان عليه المستقبل. «كان المستقبل.. صحراء»، كان مناقشة من جزأين عن فيلم للكاتبة والفنانة القطرية صوفيا المرية. جرى الجزء الأول من المناقشة في يناير (كانون الثاني) في معهد لندن للفن المعاصر، ضمن فعاليات التجهيز للمنتدى. وفي هذا الجزء الثاني من العرض انضم إلى المرية الكاتب الجنوب أفريقي لورين بيكس. يعمل فيلم المرية الذي يرثي للمسار البيئي الذي يمضي فيه كوكب الأرض، كنظرة تحذيرية حول الكيفية التي نعامل بها، نحن البشر، كوكبنا.
تصرخ بصوت رقمي قائلة: «أناشدكم الرفق بكوكبنا»، بينما يتم عرض صور مكثفة سريعة لـ26 مليون سنة من تاريخ الأرض. وأثناء العمل على هذا الفيلم التقت بيكس في صحراء ناميبيا، حيث استكشفا فنا صخريا عمره 20 ألف سنة، ما منحها «دوارا زمانيا» كما تتذكر. لكن هنا، في هذه المناقشة، وبينما يتأملان التدهور الذي أصاب الكوكب وينظران إلى هذه الصور الأولى، فإنهما يفكران بشأن صور المستقبل في الثقافة الشعبية.
تظهر أفلام مثل «الكثبان»، و«ماد ماكس»، و«حرب النجوم» بالطبع، ضمن أفلام أخرى، العالم المستقبلي كصحراء. ما الذي يجعل الصحراء كإناء للمستقبل بهذه السهولة. يرد بيكس قائلا: «غياب الحياة». إن هذا لا يعطي للسينمائيين والكتاب الفرصة لبناء حياة جديدة فحسب، وإنما يشير إلى عالم ما بعد نهاية العالم، حيث انصهر كل شيء مخلفا هذه الأرض القاحلة الحارة. ينتهي فيلم المرية بمقطع فيديو من أغنية بوني إم الشهيرة عام 1981، «قتلنا العالم، لا تقتلوا العالم».
شارك في ورشة «كان المستقبل.. ساي فاي» اثنان من أدباء الخيال العلمي الإماراتيين، هما محمد الحمادي ونورا النومان، حيث تحدثا عن تجربتهما مع كتابة الخيال العملي بالعربية للجمهور المحلي. قال الحمادي: «لم أكن متأكدا من أن المجتمع سيتقبل هذه الأفكار من كتاب محليين، لكن لحسن الحظ أنه تقبلها. والناس مهتمون بها جدا». واعتبر كتاب النومان، «عجمان» على نطاق واسع من بين أفضل الروايات الإماراتية الموجهة لليافعين.
توضح النومان: «أدب الخيال العلمي الذي كتبه إماراتيون لا يكاد يذكر. لقد اعتدنا على الحصول عليه جاهزا من الولايات المتحدة». والشخصية الأساسية في روايتها كائن فضائي عمره 19 عاما، وقوته الأساسية هي المشاركة الوجدانية -الإحساس بمشاعر الآخرين. تملك النومان الخيال لخلق عوالم جديدة، وكلمات جديدة، ووصف هذه الخيالات لأنها تشعر بأن هذا قد يكون هو ما يشجع الشباب على القراءة. وبالنسبة إلى الحمادي، فهو يجد أن كتابة أدب الخيال العلمي أثرت في رؤى لأشياء في سبيلها للحدوث. يقول: «كتبت عن مشروع الفضاء الإماراتي قبل أن يحدث»، وهو في هذا يشير إلى مشروع الإمارات لاستكشاف المريخ 2021. ومن دون أن يدعي أنه كان المحفز لتدشين هذا المشروع، يؤمن الحمادي بقدرة الرؤى على التأثير في الناس. يأخذنا كتاب الحمادي إلى عالم توجد فيه الحياة البرية في القطب الجنوبي.
أما «كان المستقبل.. جماعيا»، فقد كانت أكثر الجلسات تفاعلية. الكاتبة المقيمة في ديترويت، أدريان ماري براون، باحثة في أدب الخيال العلمي، ومن المدافعين عن تصوير البدائل. ويتخيل عملها الذي يشار إليه بوصفه «أدب الرؤية»، أزمنة مستقبلية أكثر إنتاجا وإيجابية. كيف نستخدم خيالنا لإحداث العدالة الاجتماعية؟ سألت الجمهور قبل أن تطلب منهم تكرار العبارة. «كل شيء تلمسونه يؤدي إلى تغيير. كل شيء تغيرونه، يغيركم». وفي أكثر أجزاء المنتدى حميمية، طلبت براون من الجميع أن يقفوا وينظروا إلى الشخص الجالس بجوارهم، وأن ينظروا لبعضهم البعض كبشر، يشعرون ويبدعون ويحبون. بعد ذلك طلبت من الحضور مشاركة أكثر لحظات الفخر في حياتهم. وقد أثارت هذه الإيماءة البسيطة بشكل مدهش الدموع في أعين كثير من الحضور، مع تواصلهم بهذه الطريقة النابعة من القلب، رغم بساطتها، مع الغرباء الجالسين إلى جوارهم.
كان هذا العمل مظاهرة حول كيفية اتصال إنسانيتنا بطريقة من المرجح أن تجمعنا كجنس واحد، وأن نكون أكثر إنسانية بشكل جماعي.
وعلى مدار أيام المنتدى الثلاثة، كانت تعقد بشكل متقطع جلسات أقصر مدة بعنوان «طوابع بريدية من المستقبل». عرضت جوانا حاجي توما فيلما مدته 15 دقيقة، وهو عبارة عن نسخة جديدة مطولة من ملحق فيلمها الوثائق في 2012، الذي أنتجته بالاشتراك مع خليل جوريج، «جمعية الصواريخ اللبنانية». يبدأ الفيلم الذي يعرض كمقال فيديو مدبلج، بتخيل ما كان يمكن أن ينتهي إليه حال لبنان، لو اهتم بالخيال العلمي. كما التفتت الجلسة إلى «السجل الذهبي المسافر»، الذي أرسل إلى الفضاء مع سفينة الفضاء «فويجر» في 1977. كان السجل يحتوي على أغنيات من كوكب الأرض من باخ إلى تشاك بيري. تخيل جوريج وحاجي توما ما يمكن أن يحتويه سجل يتم إرساله إلى الفضاء اليوم، فيرجحا أنه سيتضمن مقاطع من الشعر، وبخاصة من أشعار إيتل عدنان تسألنا وتسأل الكوكب: «في أي جانب من التاريخ سنكون؟».
احتوت جلسة أخرى قراءة للكاتب الإماراتي مشعل الجرجاوي. قرأ الجرجاوي مقطعا من روايته التي لم ينته من كتابتها بعد. واستنادا إلى مقال خيال علمي نشره في 2010، يتخيل زمنا تندمج فيه دبي وأبوظبي، وتصبحان «أبودبي». في هذه القصة، يتخيل شابا صغيرا، يتجاوز الزمن من خلال الواقع الافتراضي، ليزور دبي القديمة وهذه المدينة في المستقبل. تسكن الروبوتات هذه المدينة، والرواية مستوحاة في كثير من جوانبها من المخاوف التي تسكننا إزاء ما هو قادم. ويكون التحسين وسيطرة «داعش» صفة مميزة، كما هي تهديد ووعد تجلبهما التكنولوجيا.
تأخذنا الأيام الأربعة إلى الفضاء الخارجي، والصحراء، وكذلك إلى السحاب الرقمي، والعقل البشري، والقاعات الكبيرة بمتاحف الفنون. أما الشيء الثابت على امتداد هذه الرحلة فهو الوجوه المطبوعة على الوسادات الموضوعة على منصة المتحدث، وتحملق فينا. السيدات الأربع في التاريخ العلمي: السيدة الأولى في الفضاء، فالنتينا تيرشكوفا، وماريا، السيدة الأولى الروبوت في فيلم عرض في 1927 وهو فيلم «متروبوليس»، وأوكتافيا باتلر، أديبة الخيال العلمي الأميركية الشهيرة. كان حضور ههذ السيدات دائما على امتداد المنتدى، ومذكرا باستمرار بالبدايات المختلفة للأزمنة المستقبلية الجديدة، وإلى أي مدى وصل المستقبل.



رحيل إيلي شويري عاشق لبنان و«أبو الأناشيد الوطنية»

عرف الراحل إيلي شويري بـ«أبو الأناشيد الوطنية»
عرف الراحل إيلي شويري بـ«أبو الأناشيد الوطنية»
TT

رحيل إيلي شويري عاشق لبنان و«أبو الأناشيد الوطنية»

عرف الراحل إيلي شويري بـ«أبو الأناشيد الوطنية»
عرف الراحل إيلي شويري بـ«أبو الأناشيد الوطنية»

إنه «فضلو» في «بياع الخواتم»، و«أبو الأناشيد الوطنية» في مشواره الفني، وأحد عباقرة لبنان الموسيقيين، الذي رحل أول من أمس (الأربعاء) عن عمر ناهز 84 عاماً.
فبعد تعرضه لأزمة صحية نقل على إثرها إلى المستشفى، ودّع الموسيقي إيلي شويري الحياة. وفي حديث لـ«الشرق الأوسط» أكدت ابنته كارول أنها تفاجأت بانتشار الخبر عبر وسائل التواصل الاجتماعي قبل أن تعلم به عائلته. وتتابع: «كنت في المستشفى معه عندما وافاه الأجل. وتوجهت إلى منزلي في ساعة متأخرة لأبدأ بالتدابير اللازمة ومراسم وداعه. وكان الخبر قد ذاع قبل أن أصدر بياناً رسمياً أعلن فيه وفاته».
آخر تكريم رسمي حظي به شويري كان في عام 2017، حين قلده رئيس الجمهورية يومها ميشال عون وسام الأرز الوطني. وكانت له كلمة بالمناسبة أكد فيها أن حياته وعطاءاته ومواهبه الفنية بأجمعها هي كرمى لهذا الوطن.
ولد إيلي شويري عام 1939 في بيروت، وبالتحديد في أحد أحياء منطقة الأشرفية. والده نقولا كان يحضنه وهو يدندن أغنية لمحمد عبد الوهاب. ووالدته تلبسه ثياب المدرسة على صوت الفونوغراف الذي تنساب منه أغاني أم كلثوم مع بزوغ الفجر. أما أقرباؤه وأبناء الجيران والحي الذي يعيش فيه، فكانوا من متذوقي الفن الأصيل، ولذلك اكتمل المشوار، حتى قبل أن تطأ خطواته أول طريق الفن.
- عاشق لبنان
غرق إيلي شويري منذ نعومة أظافره في حبه لوطنه وترجم عشقه لأرضه بأناشيد وطنية نثرها على جبين لبنان، ونبتت في نفوس مواطنيه الذين رددوها في كل زمان ومكان، فصارت لسان حالهم في أيام الحرب والسلم. «بكتب اسمك يا بلادي»، و«صف العسكر» و«تعلا وتتعمر يا دار» و«يا أهل الأرض»... جميعها أغنيات شكلت علامة فارقة في مسيرة شويري الفنية، فميزته عن سواه من أبناء جيله، وذاع صيته في لبنان والعالم العربي وصار مرجعاً معتمداً في قاموس الأغاني الوطنية. اختاره ملك المغرب وأمير قطر ورئيس جمهورية تونس وغيرهم من مختلف أقطار العالم العربي ليضع لهم أجمل معاني الوطن في قالب ملحن لا مثيل له. فإيلي شويري الذي عُرف بـ«أبي الأناشيد الوطنية» كان الفن بالنسبة إليه منذ صغره هَوَساً يعيشه وإحساساً يتلمسه في شكل غير مباشر.
عمل شويري مع الرحابنة لفترة من الزمن حصد منها صداقة وطيدة مع الراحل منصور الرحباني. فكان يسميه «أستاذي» ويستشيره في أي عمل يرغب في القيام به كي يدله على الصح من الخطأ.
حبه للوطن استحوذ على مجمل كتاباته الشعرية حتى لو تناول فيها العشق، «حتى لو رغبت في الكتابة عن أعز الناس عندي، أنطلق من وطني لبنان»، هكذا كان يقول. وإلى هذا الحد كان إيلي شويري عاشقاً للبنان، وهو الذي اعتبر حسه الوطني «قدري وجبلة التراب التي امتزج بها دمي منذ ولادتي».
تعاون مع إيلي شويري أهم نجوم الفن في لبنان، بدءاً بفيروز وسميرة توفيق والراحلين وديع الصافي وصباح، وصولاً إلى ماجدة الرومي. فكان يعدّها من الفنانين اللبنانيين القلائل الملتزمين بالفن الحقيقي. فكتب ولحن لها 9 أغنيات، من بينها «مين إلنا غيرك» و«قوم تحدى» و«كل يغني على ليلاه» و«سقط القناع» و«أنت وأنا» وغيرها. كما غنى له كل من نجوى كرم وراغب علامة وداليدا رحمة.
مشواره مع الأخوين الرحباني بدأ في عام 1962 في مهرجانات بعلبك. وكانت أول أدواره معهم صامتة بحيث يجلس على الدرج ولا ينطق إلا بكلمة واحدة. بعدها انتسب إلى كورس «إذاعة الشرق الأدنى» و«الإذاعة اللبنانية» وتعرّف إلى إلياس الرحباني الذي كان يعمل في الإذاعة، فعرّفه على أخوَيه عاصي ومنصور.

مع أفراد عائلته عند تقلده وسام الأرز الوطني عام 2017

ويروي عن هذه المرحلة: «الدخول على عاصي ومنصور الرحباني يختلف عن كلّ الاختبارات التي يمكن أن تعيشها في حياتك. أذكر أن منصور جلس خلف البيانو وسألني ماذا تحفظ. فغنيت موالاً بيزنطياً. قال لي عاصي حينها؛ من اليوم ممنوع عليك الخروج من هنا. وهكذا كان».
أسندا إليه دور «فضلو» في مسرحية «بياع الخواتم» عام 1964. وفي الشريط السينمائي الذي وقّعه يوسف شاهين في العام التالي. وكرّت السبحة، فعمل في كلّ المسرحيات التي وقعها الرحابنة، من «دواليب الهوا» إلى «أيام فخر الدين»، و«هالة والملك»، و«الشخص»، وصولاً إلى «ميس الريم».
أغنية «بكتب اسمك يا بلادي» التي ألفها ولحنها تعد أنشودة الأناشيد الوطنية. ويقول شويري إنه كتب هذه الأغنية عندما كان في رحلة سفر مع الراحل نصري شمس الدين. «كانت الساعة تقارب الخامسة والنصف بعد الظهر فلفتني منظر الشمس التي بقيت ساطعة في عز وقت الغروب. وعرفت أن الشمس لا تغيب في السماء ولكننا نعتقد ذلك نحن الذين نراها على الأرض. فولدت كلمات الأغنية (بكتب اسمك يا بلادي عالشمس الما بتغيب)».
- مع جوزيف عازار
غنى «بكتب اسمك يا بلادي» المطرب المخضرم جوزيف عازار. ويخبر «الشرق الأوسط» عنها: «ولدت هذه الأغنية في عام 1974 وعند انتهائنا من تسجيلها توجهت وإيلي إلى وزارة الدفاع، وسلمناها كأمانة لمكتب التوجيه والتعاون»، وتابع: «وفوراً اتصلوا بنا من قناة 11 في تلفزيون لبنان، وتولى هذا الاتصال الراحل رياض شرارة، وسلمناه شريط الأغنية فحضروا لها كليباً مصوراً عن الجيش ومعداته، وعرضت في مناسبة عيد الاستقلال من العام نفسه».
يؤكد عازار أنه لا يستطيع اختصار سيرة حياة إيلي شويري ومشواره الفني معه بكلمات قليلة. ويتابع لـ«الشرق الأوسط»: «لقد خسر لبنان برحيله مبدعاً من بلادي كان رفيق درب وعمر بالنسبة لي. أتذكره بشوشاً وطريفاً ومحباً للناس وشفافاً، صادقاً إلى أبعد حدود. آخر مرة التقيته كان في حفل تكريم عبد الحليم كركلا في الجامعة العربية، بعدها انقطعنا عن الاتصال، إذ تدهورت صحته، وأجرى عملية قلب مفتوح. كما فقد نعمة البصر في إحدى عينيه من جراء ضربة تلقاها بالغلط من أحد أحفاده. فضعف نظره وتراجعت صحته، وما عاد يمارس عمله بالشكل الديناميكي المعروف به».
ويتذكر عازار الشهرة الواسعة التي حققتها أغنية «بكتب اسمك يا بلادي»: «كنت أقفل معها أي حفل أنظّمه في لبنان وخارجه. ذاع صيت هذه الأغنية، في بقاع الأرض، وترجمها البرازيليون إلى البرتغالية تحت عنوان (أومينا تيرا)، وأحتفظ بنصّها هذا عندي في المنزل».
- مع غسان صليبا
مع الفنان غسان صليبا أبدع شويري مرة جديدة على الساحة الفنية العربية. وكانت «يا أهل الأرض» واحدة من الأغاني الوطنية التي لا تزال تردد حتى الساعة. ويروي صليبا لـ«الشرق الأوسط»: «كان يعد هذه الأغنية لتصبح شارة لمسلسل فأصررت عليه أن آخذها. وهكذا صار، وحققت نجاحاً منقطع النظير. تعاونت معه في أكثر من عمل. من بينها (كل شيء تغير) و(من يوم ما حبيتك)». ويختم صليبا: «العمالقة كإيلي شويري يغادرونا فقط بالجسد. ولكن بصمتهم الفنية تبقى أبداً ودائماً. لقد كانت تجتمع عنده مواهب مختلفة كملحن وكاتب ومغنٍ وممثل. نادراً ما نشاهدها تحضر عند شخص واحد. مع رحيله خسر لبنان واحداً من عمالقة الفن ومبدعيه. إننا نخسرهم على التوالي، ولكننا واثقون من وجودهم بيننا بأعمالهم الفذة».
لكل أغنية كتبها ولحنها إيلي شويري قصة، إذ كان يستمد موضوعاتها من مواقف ومشاهد حقيقية يعيشها كما كان يردد. لاقت أعماله الانتقادية التي برزت في مسرحية «قاووش الأفراح» و«سهرة شرعية» وغيرهما نجاحاً كبيراً. وفي المقابل، كان يعدها من الأعمال التي ينفذها بقلق. «كنت أخاف أن تخدش الذوق العام بشكل أو بآخر. فكنت ألجأ إلى أستاذي ومعلمي منصور الرحباني كي يرشدني إلى الصح والخطأ فيها».
أما حلم شويري فكان تمنيه أن تحمل له السنوات الباقية من عمره الفرح. فهو كما كان يقول أمضى القسم الأول منها مليئة بالأحزان والدموع. «وبالقليل الذي تبقى لي من سنوات عمري أتمنى أن تحمل لي الابتسامة».