الممثل الإقليمي لـ«تويوتا»: لا نعلم كيف تسربت سياراتنا إلى يد الإرهاب

أكد في حوار لـ «الشرق الأوسط» أن النمو مستمر رغم انخفاض أسعار النفط

تاكايوكي يوشيتسوغو ممثل شركة «تويوتا في منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا
تاكايوكي يوشيتسوغو ممثل شركة «تويوتا في منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا
TT

الممثل الإقليمي لـ«تويوتا»: لا نعلم كيف تسربت سياراتنا إلى يد الإرهاب

تاكايوكي يوشيتسوغو ممثل شركة «تويوتا في منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا
تاكايوكي يوشيتسوغو ممثل شركة «تويوتا في منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا

نفى تاكايوكي يوشيتسوغو، ممثل شركة «تويوتا» في منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا، أي مسؤولية لشركته عن تسرب سيارات «تويوتا» إلى مجموعات إرهابية، وشرح ذلك بالقول إنه من المستحيل لأي صانع سيارات التحكم في القنوات غير المباشرة وغير القانونية والتي يمكن من خلالها أن تتسرب سيارات الشركة إلى أيدٍ تسيء استخدامها؛ سواء عن طريق السرقة أو إعادة البيع من أطراف ثالثة.
وأكد يوشيتسوغو في حوار مع «الشرق الأوسط» أن نسب النمو مستمرة في السوق السعودية والمنطقة على الرغم من انخفاض أسعار النفط، وإن كانت بوتيرة أقل. وأضاف أن السوق السعودية هي أهم أسواق الشركة على الإطلاق في المنطقة، حيث تبلغ حصة الشركة من سوق السيارات السعودية نحو 35 في المائة. وتقع «تويوتا» في المركز الأول في المبيعات في السوق السعودية.
وتوقع يوشيتسوغو أن تتراجع مبيعات عام 2016 «هامشيًا» بتأثير تراجع أسعار النفط، ولكنه أضاف أن الشركة سوف تسعى خلال العام الحالي إلى تقديم خدمات أعلى ومنتجات أفضل للمستهلكين، على حد قوله. كما أشار إلى أن الشركة تركز جهودها على إنتاج السيارات «الهايبرد» التي نجحت فيها بطراز بريوس، الذي دشنته في المنطقة مؤخرا. وفيما يلي نص الحوار:
* كيف تسربت سيارات «تويوتا» إلى مناطق النزاع وانتهى بها الأمر في يد جماعات تعتمد على العنف كأسلوب لها؟
- إن لدى «تويوتا» سياسة صارمة تمنع بيع سياراتها إلى مشترين يمكنهم استخدام سيارتنا أو تعديلها من أجل استخدامات عسكرية أو إرهابية، ولدينا من الإجراءات والالتزامات التعاقدية ما يكفي لمنع تحويل منتجاتنا إلى استخدامات عسكرية غير مشروعة.. ومع ذلك فمن المستحيل على أي صانع سيارات التحكم في القنوات غير المباشرة وغير القانونية والتي يمكن من خلالها أن تتسرب سياراتنا إلى أيدٍ تسيء استخدامها؛ سواء عن طريق السرقة أو إعادة البيع من أطراف ثالثة. ونحن نلتزم تماما بطاعة القوانين والإجراءات المتبعة في كل دولة نعمل بها ونطالب موزعينا أن يفعلوا الشيء نفسه.
* هل تأثرت مبيعات الشركة من تراجع أسعار النفط؟ وهل تغير نمط مبيعات الطرازات المختلفة؟
- لقد استطعنا المحافظة على معدلات نمو مستقرة خلال عام 2015، ومع استمرار هذا النمو إلا أن المعدلات السائدة في المنطقة تراجعت بالتباطؤ الاقتصادي وتراجع أسعار النفط. وكان لهذا الوضع تأثير على المبيعات إلى حد ما.
وخلال عام 2015، استطعنا تدشين كثير من الطرازات الجديدة في المنطقة، منها «كامري» و«هايلوكس»، بالإضافة إلى «لكزس» و«إن إكس» و«إل إكس» و«آر إكس»، وكانت نسبة رضاء الزبائن عالية على كل الموديلات. وهدفنا في عام 2016 هو تقديم خدمات ومنتجات أفضل للمستهلك، مع رفع درجات خدمة العملاء وتعزيز الثقة في اعتمادية سيارات تويوتا.
* وما سر نجاح السيارة «لاندكروزر» في منطقة الشرق الأوسط؟
- تعمل «تويوتا» باستمرار على تقديم سيارات أفضل؛ قادرة على التحمل والإنجاز، ومتفوقة في النوعية والتصميم والاعتمادية التي تشتهر بها الشركة. وفي هذه الجوانب لنا تراث يمتد 60 عاما. وتجتذب لاندكروزر ولاء الزبائن بفضل إمكانياتها الرباعية الهائلة واعتماديتها. ومع كل جيل جديد عززت «تويوتا» من اعتمادية الطراز وإمكانياتها لتحدي الوعورة، مع تحسين استقرار السيارة وسهولة قيادتها ووسائل الراحة الداخلية فيها. وتوفر خدمات «تويوتا» بعد البيع ميزة أخرى تساهم في شهرة «لاند كروزر».
* لماذا اختارت شركة «تويوتا» تقنيات «الهايبرد» وخلايا الوقود، بينما توجهت معظم الشركات الأخرى إلى الخيار الكهربائي؟
- لدى «تويوتا» الكثير من التقنيات البيئية، بما في ذلك تقنيات الهايبرد وخلايا الوقود، وأيضًا السيارات الكهربائية. ونحن نركز جهودنا على السيارات الهايبرد، حيث حققنا بها نجاحا ملحوظا بالسيارة «بريوس». كما نسعى حاليا إلى إنتاج أجيال حديثة من السيارات التي تعتمد على طاقة بديلة؛ مثل السيارات الكهربائية والهيدروجينية.
وعلى الرغم من أن لدينا سيارات كهربائية، إلا أنها تحتاج إلى بنية تحتية كافية. وهي سيارات تعاني حاليا من المدى المحدود في القيادة الذي تحتاج بعده إلى الشحن. وتعد السيارات الهايبرد هي الحل العملي المثالي، حيث لا تحتاج مثل هذه السيارات إلى أي بنية تحتية.
ومنذ أكتوبر (تشرين الأول) 2014، شاركت تويوتا وكثير من شركائها في مشروع السيارات الصغيرة الكهربائية الذي أقيم في مدينة غرينوبل الفرنسية. كما تشارك سيارة «تويوتا» الكهربائية «أي رود» في تجربة مشاركة استخدام السيارات في قلب طوكيو.
وترى «تويوتا» إمكانيات هائلة في مجال خلايا الوقود الهيدروجينية، ولهذا بدأت مبيعات السيارة «ميراي» في نهاية عام 2014. وحتى الآن تقدمنا للحصول على مائة براءة اختراع من أجل تطوير تقنيات محافظة على البيئة.
* وهل تشجع «تويوتا» تقديم تقنيات الهايبرد إلى منطقة الشرق الأوسط؟ وكيف ترى فرصة انتشارها؟
- إن «تويوتا» تشجع بقوة تقديم تقنيات بيئية جديدة ومنها تقنيات الهايبرد. وقد دشنا مؤخرا سيارات «بريوس» في منطقة الشرق الأوسط. وتعد «بريوس» الجديدة السيارة الأكثر تقدما، وهي تمثل التزام «تويوتا» بتقديم سيارات رفيقة بالبيئة، وفي الوقت نفسه كسيارات مطلوبة وسهلة القيادة وعملية. وتعتبر السيارات الهايبرد هي الحل المثالي في المنطقة للتحول نحو سيارات بيئية.
* كيف تغيرت شبكة التوزيع خلال السنوات الأخيرة؟ وهل من خطط لتوسيع شبكات خدمة الزبائن هذا العام؟
- لقد استمر موزعونا في الاستثمار في شبكات البيع والخدمة خلال السنوات الأخيرة، وذلك لتحسين كم ونوعية الخدمات.. وسوف نستمر في جهودنا لتحسين ما تقدمه شبكات الخدمة في المستقبل.
* وما أهمية السوق السعودية لـ«تويوتا»؟ وما حصتكم في هذه السوق؟
- السوق السعودية هي بالتأكيد أكبر وأهم أسواقنا في المنطقة. ونقدر حصتنا في هذه السوق بنحو 35 في المائة.. ونحن نقدر دعم الزبائن في السعودية ونشكرهم على ولائهم لعلامة «تويوتا».
* هل أدخلتم في اعتباركم إمكانية القيام بعمليات تصنيع محلية في المملكة؟
- إن «تويوتا» تفكر دوما في توفير درجة رضاء أكبر لمستهلكيها، بما في ذلك تحسين شبكات الإمدادات. وفيما يتعلق بعمليات التصنيع، فإن قرارًا بالإقبال على التزام هائل كهذا يعتمد على كثير من العوامل والاعتبارات، خصوصا فيما يتعلق بتأثير ذلك على شبكات الإمداد.
* هل تدعم «تويوتا» أية أعمال اجتماعية أو مبادرات في المنطقة؟
- تقوم «تويوتا» بمشاركة موزعيها في المنطقة بكثير من الجهود التي تساهم بها عمليا في المجتمع. وفي السعودية تنشط شركة عبد اللطيف جميل في مجال إيجاد الوظائف الجديدة للشباب، بالإضافة إلى التعليم والتدريب ومبادرات السلامة على الطرق والصحة والتنمية الاجتماعية وخلافه. وفي الإمارات، يساهم موزعنا هناك في مبادرات سلامة الطرق.. وقد نظمنا الكثير من البرامج التي تهدف إلى رفع الوعي بالقيادة الآمنة وأصول القيادة الوعرة.



هل تؤدي العقوبات وأسعار الفائدة الروسية إلى موجة شاملة من الإفلاسات؟

الساحة الحمراء وكاتدرائية القديس باسيل وبرج سباسكايا في الكرملين كما تظهر من خلال بوابة في وسط موسكو (رويترز)
الساحة الحمراء وكاتدرائية القديس باسيل وبرج سباسكايا في الكرملين كما تظهر من خلال بوابة في وسط موسكو (رويترز)
TT

هل تؤدي العقوبات وأسعار الفائدة الروسية إلى موجة شاملة من الإفلاسات؟

الساحة الحمراء وكاتدرائية القديس باسيل وبرج سباسكايا في الكرملين كما تظهر من خلال بوابة في وسط موسكو (رويترز)
الساحة الحمراء وكاتدرائية القديس باسيل وبرج سباسكايا في الكرملين كما تظهر من خلال بوابة في وسط موسكو (رويترز)

في ظلّ الضغوط المتزايدة التي فرضتها العقوبات الغربية وارتفاع أسعار الفائدة بشكل مذهل، تتزايد المخاوف في الأوساط الاقتصادية الروسية من احتمال حدوث موجة من الإفلاسات التي قد تهدّد استقرار الكثير من الشركات، لا سيما في ظل استمرار الرئيس فلاديمير بوتين في التمسّك بحربه في أوكرانيا.

وفي كلمته خلال مؤتمر الاستثمار الذي نظمته مجموعة «في تي بي» هذا الشهر، لم يفوّت بوتين الفرصة للتفاخر بما عدّه فشل العقوبات الغربية في إضعاف الاقتصاد الروسي، فقد صرّح قائلاً: «كانت المهمة تهدف إلى توجيه ضربة استراتيجية إلى روسيا، لإضعاف صناعتنا وقطاعنا المالي والخدماتي». وأضاف أن النمو المتوقع للاقتصاد الروسي سيصل إلى نحو 4 في المائة هذا العام، قائلاً إن «هذه الخطط انهارت، ونحن متفوقون على الكثير من الاقتصادات الأوروبية في هذا الجانب»، وفق صحيفة «واشنطن بوست».

وعلى الرغم من التصفيق المهذّب الذي قُوبل به الرئيس الروسي، فإن التوترات بدأت تظهر بين النخبة الاقتصادية الروسية بشأن التأثيرات السلبية المتزايدة للعقوبات على الاقتصاد الوطني. فقد حذّر عدد متزايد من المسؤولين التنفيذيين في الشركات الكبرى من أن رفع البنك المركزي أسعار الفائدة لمكافحة التضخم -الذي تفاقم بسبب العقوبات والنفقات العسكرية لبوتين- قد يهدد استقرار الاقتصاد في العام المقبل. وقد تتسبّب هذه السياسة في تسارع موجات الإفلاس، لا سيما في القطاعات الاستراتيجية الحساسة مثل الصناعة العسكرية، حيث من المتوقع أن يشهد إنتاج الأسلحة الذي يغذّي الحرب في أوكرانيا تباطؤاً ملحوظاً.

حتى الرئيس الأميركي المنتخب، دونالد ترمب، أشار في منشور على شبكته الاجتماعية «تروث سوشيال» إلى أن روسيا أصبحت «ضعيفة جزئياً بسبب اقتصادها المتداعي».

تحذيرات من الإفلاس

ومع تزايد توقعات أن «المركزي الروسي» سيضطر إلى رفع الفائدة مرة أخرى هذا الشهر، انضم بعض الأعضاء المعتدلين في الدائرة الداخلية لبوتين إلى الانتقادات غير المسبوقة للسياسات الاقتصادية التي أبقت على سعر الفائدة الرئيس عند 21 في المائة، في وقت يستمر فيه التضخم السنوي في الارتفاع ليصل إلى أكثر من 9 في المائة. وهذا يشير إلى احتمالية حدوث «ركود تضخمي» طويل الأمد أو حتى ركود اقتصادي في العام المقبل. وبالفعل، يتوقع البنك المركزي أن ينخفض النمو الاقتصادي بشكل حاد إلى ما بين 0.5 في المائة و1.5 في المائة في العام المقبل.

كما تسبّبت العقوبات الأميركية الجديدة التي شملت فرض عقوبات على 50 بنكاً روسياً، بما في ذلك «غازبروم بنك»، وهو قناة رئيسة لمدفوعات الطاقة، في زيادة تكاليف المعاملات بين المستوردين والمصدرين الروس. وقد أسهم ذلك في انخفاض قيمة الروبل إلى أدنى مستوى له مقابل الدولار منذ بدء الغزو الروسي لأوكرانيا في عام 2022. وقد أدى هذا الانخفاض في قيمة الروبل إلى زيادة التضخم، حيث ارتفعت الأسعار بنسبة 0.5 في المائة بين 26 نوفمبر (تشرين الثاني) و2 ديسمبر (كانون الأول)، وفقاً للبيانات الرسمية.

وفي هذا السياق، حذّر رئيس هيئة الرقابة المالية الروسية، نجل أحد أقرب حلفاء بوتين، بوريس كوفالتشوك، من أن رفع أسعار الفائدة «يحد من إمكانات الاستثمار في الأعمال، ويؤدي إلى زيادة الإنفاق في الموازنة الفيدرالية». كما انتقد الرئيس التنفيذي لشركة «روسنفت» الروسية، إيغور سيتشين، البنك المركزي بسبب ارتفاع أسعار الفائدة، مؤكداً أن ذلك أسهم في زيادة تكاليف التمويل للشركات وتأثر أرباحها سلباً.

وفي تصريح أكثر حدّة، حذّر رئيس شركة «روس أوبورون إكسبورت» المتخصصة في صناعة الأسلحة، سيرغي تشيميزوف، من أن استمرار أسعار الفائدة المرتفعة قد يؤدي إلى إفلاس معظم الشركات الروسية، بما في ذلك قطاع الأسلحة، مما قد يضطر روسيا إلى الحد من صادراتها العسكرية.

كما شدّد قطب صناعة الصلب الذي يملك شركة «سيفيرستال»، أليكسي مورداشوف، على أن «من الأفضل للشركات أن تتوقف عن التوسع، بل تقلّص أنشطتها وتضع الأموال في الودائع بدلاً من المخاطرة بالإدارة التجارية في ظل هذه الظروف الصعبة».

وحذّر الاتحاد الروسي لمراكز التسوق من أن أكثر من 200 مركز تسوق في البلاد مهدد بالإفلاس بسبب ارتفاع تكاليف التمويل.

وعلى الرغم من أن بعض المديرين التنفيذيين والخبراء الاقتصاديين يشيرون إلى أن بعض الشركات قد تبالغ في تقدير تأثير أسعار الفائدة المرتفعة، في محاولة للحصول على قروض مدعومة من الدولة، فإن القلق بشأن الوضع الاقتصادي يبدو مشروعاً، خصوصاً أن مستويات الديون على الشركات الروسية أصبحت مرتفعة للغاية.

ومن بين أكثر القطاعات تأثراً كانت صناعة الدفاع الروسية، حيث أفادت المستشارة السابقة للبنك المركزي الروسي، ألكسندرا بروكوبينكو، بأن الكثير من الشركات الدفاعية لم تتمكّن من سداد ديونها، وتواجه صعوبة في تأمين التمويل بسبب ارتفاع تكاليفه. وقالت إن بعض الشركات «تفضّل إيداع الأموال في البنوك بدلاً من الاستثمار في أنشطة تجارية ذات مخاطر عالية».

كما تحدّث الكثير من المقاولين علناً عن الأزمة الاقتصادية المتزايدة في روسيا. ففي أوائل نوفمبر، أشار رئيس مصنع «تشيليابينسك» للحديد والصلب، أندريه جارتونغ، خلال منتدى اقتصادي إلى أن فروعاً رئيسة من الهندسة الميكانيكية قد «تنهار» قريباً.

وفي الثالث من ديسمبر (كانون الأول)، أفادت وكالة «إنترفاكس» الروسية بأن حالات عدم السداد انتشرت في مختلف أنحاء الاقتصاد، حيث تأخرت الشركات الكبرى والمتوسطة بنسبة 19 في المائة من المدفوعات بين يوليو (تموز) وسبتمبر (أيلول)، في حين تأخرت الشركات الصغيرة بنسبة 25 في المائة من المدفوعات في الفترة نفسها.

وحسب وزارة التنمية الاقتصادية الروسية، فقد انخفض الاستثمار في البلاد، وتسببت العقوبات في ارتفاع تدريجي لتكاليف الواردات والمعاملات المالية، مما أدى إلى زيادة التضخم. كما قال مسؤول مالي روسي كبير سابق، تحدث شريطة عدم الكشف عن هويته بسبب حساسية الموضوع: «ما يحدث هو صدمة إمداد نموذجية في البلاد».

صناعة الدفاع مهددة

تأتي هذه التحديات في وقت حساس بالنسبة إلى صناعة الدفاع الروسية. فعلى الرغم من ضخ بوتين مبالغ ضخمة من التمويل الحكومي في هذا القطاع، مع تخصيص 126 مليار دولار في موازنة العام المقبل، فإن معظم الزيادة في الإنتاج كانت ناتجة عن تعزيز القوة العاملة لتشغيل المصانع العسكرية على مدار الساعة وتجديد مخزونات الحقبة السوفياتية. ومع ذلك، ومع استمرار الحرب ودخولها عامها الثالث، وارتفاع خسائر المعدات العسكرية، فإن القوة العاملة في القطاع قد وصلت إلى أقصى طاقتها، وإمدادات الأسلحة السوفياتية تتضاءل بسرعة.

وتقول جانيس كلوغ، من المعهد الألماني للشؤون الدولية والأمنية، إن التكاليف المتزايدة والعقوبات المشددة على واردات المعدات تجعل من الصعب على قطاع الدفاع الروسي بناء الأسلحة من الصفر. ووفقاً لتقرير صادر هذا العام عن الباحثَين في المعهد الملكي للخدمات المتحدة بلندن، جاك واتلينغ ونيك رينولدز، فإن 80 في المائة من الدبابات والمركبات القتالية المدرعة التي تستخدمها روسيا في الحرب ليست جديدة، بل جُدّدت من المخزونات القديمة. ويضيف التقرير أن روسيا «ستبدأ في اكتشاف أن المركبات بحاجة إلى تجديد أعمق بحلول عام 2025. وبحلول عام 2026 ستكون قد استنفدت معظم المخزونات المتاحة».

ثقة الكرملين

على الرغم من هذه التحديات يبدو أن الوضع لا يثير قلقاً في الكرملين. وقال أكاديمي روسي له علاقات وثيقة مع كبار الدبلوماسيين في البلاد: «لا يوجد مزاج ذعر». وأضاف أن المسؤولين في الكرملين يعدّون أن «كل شيء يتطور بشكل جيد إلى حد ما». ووفقاً لهذا الرأي، فإن روسيا تواصل تحقيق تقدم عسكري، وفي ظل هذه الظروف، لا يرى الكرملين حاجة إلى تقديم أي تنازلات جادة.

وتزيد الاضطرابات السياسية في العواصم الغربية -بما في ذلك التصويت بحجب الثقة في فرنسا، مع التصويت المرتقب في ألمانيا، بالإضافة إلى اعتقاد الكرملين أن ترمب قد يقلّل من دعمه لأوكرانيا- من الثقة داخل روسيا.

وقد تصدّى بوتين لانتقادات متزايدة بشأن زيادات أسعار الفائدة ورئيسة البنك المركزي، إلفيرا نابيولينا، قائلاً في مؤتمر الاستثمار إن كبح جماح التضخم يظل أولوية بالنسبة إليه. ومع الارتفاع الكبير في أسعار المواد الغذائية الأساسية مثل البطاطس التي ارتفعت بنسبة 80 في المائة هذا العام، يواصل بوتين دعم نابيولينا وزيادات أسعار الفائدة، رغم شكاوى الشركات الكبرى. وقالت كلوغ: «من وجهة نظر بوتين، لا يمكن السماح للتضخم بالخروج عن السيطرة، لأنه يمثّل تهديداً لاستقرار النظام السياسي، ولهذا السبب منح نابيولينا تفويضاً قوياً».

لكن المستشارة السابقة للبنك المركزي، ألكسندرا بروكوبينكو، ترى أن الضغط من الشركات الكبرى لن يهدأ. وقالت: «عندما يكون التضخم عند 9 في المائة، وسعر الفائدة عند 21 في المائة، فهذا يعني أن السعر الرئيس لا يعمل بشكل صحيح، ويجب البحث عن أدوات أخرى. أولوية بوتين هي الحرب وتمويل آلتها، ولا يمتلك الكثير من الحلفاء، والموارد المتاحة له تتقلص». وأضافت أنه من المحتمل أن تتعرّض نابيولينا لمزيد من الضغوط مع استمرار الوضع الاقتصادي الصعب.

ومع تزايد الضغوط على بوتين، أصبحت الصورة في الغرب أكثر تفاؤلاً بشأن فرص التغيير في روسيا، وفقاً لمؤسسة شركة الاستشارات السياسية «ر. بوليتيك» في فرنسا، تاتيانا ستانوفايا.

وأضافت: «بوتين مستعد للقتال ما دام ذلك ضرورياً... لكن بوتين في عجلة من أمره. لا يستطيع الحفاظ على هذه الشدة من العمل العسكري والخسائر في الأرواح والمعدات كما كان في الأشهر الأخيرة».