«ذي إندبندنت» البريطانية تودع نسختها الورقية

وعدت قراءها بمواصلة مسيرتها إلكترونيًا بعد ثلاثة عقود من إصدارها ورقيا

في أوجها في العام 1989، بلغت مبيعات الصحيفة  أكثر من 420 ألف نسخة يوميا في حين لم تعد قادرة على بيع أكثر من 40 ألف نسخة اليوم (أ.ف.ب)  -  العدد الورقي الأخير لصحيفة «ذي اندبندنت» الذي صدر أمس (إ.ب.أ)
في أوجها في العام 1989، بلغت مبيعات الصحيفة أكثر من 420 ألف نسخة يوميا في حين لم تعد قادرة على بيع أكثر من 40 ألف نسخة اليوم (أ.ف.ب) - العدد الورقي الأخير لصحيفة «ذي اندبندنت» الذي صدر أمس (إ.ب.أ)
TT

«ذي إندبندنت» البريطانية تودع نسختها الورقية

في أوجها في العام 1989، بلغت مبيعات الصحيفة  أكثر من 420 ألف نسخة يوميا في حين لم تعد قادرة على بيع أكثر من 40 ألف نسخة اليوم (أ.ف.ب)  -  العدد الورقي الأخير لصحيفة «ذي اندبندنت» الذي صدر أمس (إ.ب.أ)
في أوجها في العام 1989، بلغت مبيعات الصحيفة أكثر من 420 ألف نسخة يوميا في حين لم تعد قادرة على بيع أكثر من 40 ألف نسخة اليوم (أ.ف.ب) - العدد الورقي الأخير لصحيفة «ذي اندبندنت» الذي صدر أمس (إ.ب.أ)

بعد ثلاثة عقود من الطبعات الورقية اليومية والصحافة الاستقصائية والمقالات التحليلية والصفحات الأولى المؤثرة، ودعت جريدة «ذي إندبندنت» الرصينة نسختها الورقية، أمس، بطبعة أخيرة مميزة، للانتقال لعالم الصحافة الإلكترونية فقط، بعد تراجع في المبيعات. ونشر صحافيو «ذي إندبندنت» التي تأسست في أكتوبر (تشرين الأول) عام 1986، صورًا على مواقع التواصل الاجتماعية تظهر العاملين وهم يقرعون على الطاولات، وهو تقليد يستخدم لتوجيه التحية عند رحيل أحد الزملاء.
وحاولت «ذي إندبندنت» أن تحدث صدى بطبعتها الأخيرة، إذ نشرت صفحات تعرض فيها أكثر صفحات الجريدة الأولى تأثيرًا على مدار 30 عامًا، منها مانشيت الطفل إيلان كردي الغارق، وأطلال تفجير أحداث 11 سبتمبر (أيلول) 2001 ولحظات فوز رئيس الوزراء البريطاني الأسبق توني بلير، وانهيار جدار برلين وغيرها. وبعيدًا عن صفحاتها السياسية الاعتيادية وصفحات الرياضة والرأي والثقافة والاقتصاد، اختارت «ذي إندبندنت» نشر أربعة ملاحق خاصة بطبعتها الأخيرة. وضمت الملاحق مقالات لمجموعة من نخبة كتابها، كما احتوت على مجموعة من الصور النادرة نشرتها الصحيفة في طبعاتها السابقة ومقالات خاصة أخرى.
وفي افتتاحيتها الأخيرة، أكدت الصحيفة: «إننا سنتذكر هذا (التحول الجريء) نحو الصحافة الرقمية بشكل كامل (كنموذج تحتذي به صحف أخرى في العالم)».
وأضافت أن «اليوم توقفت المطابع، وجف الحبر، وقريبا لن يصدر الورق حفيفًا». وتابعت: «لكن مع إغلاق فصل، يفتح آخر، وستواصل روحية ذي (إندبندنت) الازدهار».
من جانبه، كتب إيفجيني ليبيديف رئيس مجلس إدارة الصحيفة: «قبل نحو ستة أعوام، اشترت عائلتي إحدى أهم الصحف العالمية، ومع أن مبيعاتها الورقية كانت تتراجع، فإن حضورها الإلكتروني ازداد بشكل هائل، ليصبح لديها اليوم أكثر من 3 ملايين قارئ على الموقع، ويمثل هذا نجاح الصحيفة الحقيقي».
وقابل تفاؤل ليبيديف تشاؤم من محرر سابق في الصحيفة، فحسبما نشر موقع «هافنغتون بوست» الإخباري عن روجر آلتون قال: « يمثل العدد الأخير لهذه الصحيفة العريقة تهديدا لمستقبل الصحافة الورقية في بريطانيا، وهو حتما يوم حزين في عالم الصحافة».
وباتت الصحيفة الأقل توزيعًا في المملكة المتحدة، خلف صحف عدة مثل «ذا صان» أو «دايلي مايل»، و«التايمز» و«ذا غارديان» أو «دايلي تلغراف».
وفي أوجها في عام 1989، بلغت مبيعات الصحيفة التي تمثل اليسار الوسطي واشتهرت بإيلاء أهمية للصورة، أكثر من 420 ألف نسخة في اليوم، في حين لم تعد قادرة على بيع أكثر من 40 ألف نسخة اليوم.
ويذكر أنه كان قد أعلن ملاك الصحيفة في 12 فبراير (شباط) الماضي عن قرار وقف طبع النسخة الورقية بعد أسابيع. وأكد الملاك أن الموقع الإلكتروني، سيستمر في العمل٬ وفق ما ذكرته صحيفة «ديلي ميل» على موقعها.
وفي بيان صادر عن شركة «إي إس آي ميديا» للإعلام٬ المالكة للصحيفة٬ قالت إنها تشكر الموظفين٬ حيث تم تأكيد تبني الشركة لـ«مستقبل رقمي»٬ لتكون أول صحيفة بريطانية تحذو هذا الحذو. وجاء في البيان: «في الوقت الذي تحظى فيه صحيفتنا بالقراءة والاحترام لدى المزيد من الأشخاص وفي مناطق أكثر من أي وقت مضى٬ فإننا نتبنى مستقبلاً رقميًا فقط». وتابع: «لقد واجهنا خيارين؛ إما أن نواجه التراجع المستمر للنسخة الورقية أو تحويل المؤسسة الرقمية التي قمنا بإنشائها إلى مستقبل مستديم ومدر للنفع». وأضاف: «باختيارنا الثاني٬ فإننا سنخلق 25 دورًا جديدًا للمحتوى٬ وسنطلق تطبيقا للهواتف الجوالة يحتاج لتسجيل اشتراك٬ ونعزز الموقع الإلكتروني الذي أعيد تصميمه وأصبح زاهرًا٬ وسنقوم بافتتاح فروعًا تحريرية جديدة في أوروبا والشرق الأوسط وآسيا».
وتعد صحيفة «إندبندنت» التي تصدر يومًيا واحدة من أهم الصحف في العالم٬ وعدد متابعيها عبر موقعها ومواقع التواصل الاجتماعي في تزايد مستمر٬ كما أن موقعها الإلكتروني هو أكثر المواقع الإخبارية نموًا في بريطانيا من حيث عدد القراء٬ بنحو 802 ألف بالغ يزور الموقع يومًيا٬ مما يجعلها تتفوق على صحيفة «الغارديان».
وأصدرت الصحيفة أولى نسخها في 7 أكتوبر ٬1986 حينما أسسها الثلاثي أندرياس ويتام٬ وستيفن غلوفر وماثيو سيموندس٬ وجميعهم كانوا صحافيين في صحيفة «ديلي تلغراف». و«الإندبندنت» مملوكة حاليا للملياردير الروسي ألكساندر ليبيديف٬ والذي اشترى الصحيفة في 25 مارس (آذار) 2010. وفي يونيو (حزيران) ٬2015 باعت الصحيفة 58 ألف نسخة ورقية٬ أي 85 في المائة أقل من أعلى مبيعات لها٬ التي بلغت أكثر من 97 ألف نسخة عام 1990، ويرأس تحرير الصحيفة الآن أمول راجان الذي تم تعيينه عام ٬2013 والذي لم يكن قد تجاوز الثلاثين عامًا عند تعيينه ليكون أحد أصغر المسؤولين سنًا في صناعة الصحافة في بريطانيا.
في البداية٬ كانت الصحيفة تصف نفسها بأنها «لا تتبع أي تيار أو حزب سياسي وغير متأثرة بأصحابها»٬ وهي عبارة كانت موجودة على صفحتها الأولى قبل حذفها في سبتمبر 2011. وكانت تصدر الصحيفة يوميا من الاثنين إلى الجمعة٬ علاوة على عددي السبت والأحد٬ اللذين يحتويان على ملاحق منوعة٬ وأعادت إطلاق موقعها الإلكتروني في يناير (كانون الثاني) 2008.



ستيف بركات لـ«الشرق الأوسط»: أصولي اللبنانية تتردّد أبداً في صدى موسيقاي

عازف البيانو ستيف بركات ينسج موسيقاه من جذوره اللبنانية     -   ستيف بركات يؤمن بالموسيقى لغة عالمية توحّد الشعوب (الشرق الأوسط)
عازف البيانو ستيف بركات ينسج موسيقاه من جذوره اللبنانية - ستيف بركات يؤمن بالموسيقى لغة عالمية توحّد الشعوب (الشرق الأوسط)
TT

ستيف بركات لـ«الشرق الأوسط»: أصولي اللبنانية تتردّد أبداً في صدى موسيقاي

عازف البيانو ستيف بركات ينسج موسيقاه من جذوره اللبنانية     -   ستيف بركات يؤمن بالموسيقى لغة عالمية توحّد الشعوب (الشرق الأوسط)
عازف البيانو ستيف بركات ينسج موسيقاه من جذوره اللبنانية - ستيف بركات يؤمن بالموسيقى لغة عالمية توحّد الشعوب (الشرق الأوسط)

ستيف بركات عازف بيانو كندي من أصل لبناني، ينتج ويغنّي ويلحّن. لفحه حنين للجذور جرّه إلى إصدار مقطوعة «أرض الأجداد» (Motherland) أخيراً. فهو اكتشف لبنان في وقت لاحق من حياته، وينسب حبّه له إلى «خيارات مدروسة وواعية» متجذرة في رحلته. من اكتسابه فهماً متيناً لهويته وتعبيره عن الامتنان لما منحه إياه الإرث من عمق يتردّد صداه كل يوم، تحاوره «الشرق الأوسط» في أصله الإنساني المنساب على النوتة، وما أضفاه إحساسه الدفين بالصلة مع أسلافه من فرادة فنية.
غرست عائلته في داخله مجموعة قيم غنية استقتها من جذورها، رغم أنه مولود في كندا: «شكلت هذه القيم جزءاً من حياتي منذ الطفولة، ولو لم أدركها بوعي في سنّ مبكرة. خلال زيارتي الأولى إلى لبنان في عام 2008. شعرتُ بلهفة الانتماء وبمدى ارتباطي بجذوري. عندها أدركتُ تماماً أنّ جوانب عدة من شخصيتي تأثرت بأصولي اللبنانية».
بين كوبنهاغن وسيول وبلغراد، وصولاً إلى قاعة «كارنيغي» الشهيرة في نيويورك التي قدّم فيها حفلاً للمرة الأولى، يخوض ستيف بركات جولة عالمية طوال العام الحالي، تشمل أيضاً إسبانيا والصين والبرتغال وكوريا الجنوبية واليابان... يتحدث عن «طبيعة الأداء الفردي (Solo) التي تتيح حرية التكيّف مع كل حفل موسيقي وتشكيله بخصوصية. فالجولات تفسح المجال للتواصل مع أشخاص من ثقافات متنوعة والغوص في حضارة البلدان المضيفة وتعلّم إدراك جوهرها، مما يؤثر في المقاربة الموسيقية والفلسفية لكل أمسية».
يتوقف عند ما يمثله العزف على آلات البيانو المختلفة في قاعات العالم من تحدٍ مثير: «أكرّس اهتماماً كبيراً لأن تلائم طريقة عزفي ضمانَ أفضل تجربة فنية ممكنة للجمهور. للقدرة على التكيّف والاستجابة ضمن البيئات المتنوّعة دور حيوي في إنشاء تجربة موسيقية خاصة لا تُنسى. إنني ممتنّ لخيار الجمهور حضور حفلاتي، وهذا امتياز حقيقي لكل فنان. فهم يمنحونني بعضاً من وقتهم الثمين رغم تعدّد ملاهي الحياة».
كيف يستعد ستيف بركات لحفلاته؟ هل يقسو عليه القلق ويصيبه التوتر بإرباك؟ يجيب: «أولويتي هي أن يشعر الحاضر باحتضان دافئ ضمن العالم الموسيقي الذي أقدّمه. أسعى إلى خلق جو تفاعلي بحيث لا يكون مجرد متفرج بل ضيف عزيز. بالإضافة إلى الجانب الموسيقي، أعمل بحرص على تنمية الشعور بالصداقة الحميمة بين الفنان والمتلقي. يستحق الناس أن يلمسوا إحساساً حقيقياً بالضيافة والاستقبال». ويعلّق أهمية على إدارة مستويات التوتّر لديه وضمان الحصول على قسط كافٍ من الراحة: «أراعي ضرورة أن أكون مستعداً تماماً ولائقاً بدنياً من أجل المسرح. في النهاية، الحفلات الموسيقية هي تجارب تتطلب مجهوداً جسدياً وعاطفياً لا تكتمل من دونه».
عزف أناشيد نالت مكانة، منها نشيد «اليونيسف» الذي أُطلق من محطة الفضاء الدولية عام 2009 ونال جائزة. ولأنه ملحّن، يتمسّك بالقوة الهائلة للموسيقى لغة عالمية تنقل الرسائل والقيم. لذا حظيت مسيرته بفرص إنشاء مشروعات موسيقية لعلامات تجارية ومؤسسات ومدن؛ ومعاينة تأثير الموسيقى في محاكاة الجمهور على مستوى عاطفي عميق. يصف تأليف نشيد «اليونيسف» بـ«النقطة البارزة في رحلتي»، ويتابع: «التجربة عزّزت رغبتي في التفاني والاستفادة من الموسيقى وسيلة للتواصل ومتابعة الطريق».
تبلغ شراكته مع «يونيفرسال ميوزيك مينا» أوجها بنجاحات وأرقام مشاهدة عالية. هل يؤمن بركات بأن النجاح وليد تربة صالحة مكوّنة من جميع عناصرها، وأنّ الفنان لا يحلّق وحده؟ برأيه: «يمتد جوهر الموسيقى إلى ما وراء الألحان والتناغم، ليكمن في القدرة على تكوين روابط. فالنغمات تمتلك طاقة مذهلة تقرّب الثقافات وتوحّد البشر». ويدرك أيضاً أنّ تنفيذ المشاريع والمشاركة فيها قد يكونان بمثابة وسيلة قوية لتعزيز الروابط السلمية بين الأفراد والدول: «فالثقة والاهتمام الحقيقي بمصالح الآخرين يشكلان أسس العلاقات الدائمة، كما يوفر الانخراط في مشاريع تعاونية خطوات نحو عالم أفضل يسود فيه الانسجام والتفاهم».
بحماسة أطفال عشية الأعياد، يكشف عن حضوره إلى المنطقة العربية خلال نوفمبر (تشرين الثاني) المقبل: «يسعدني الوجود في منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا كجزء من جولة (Néoréalité) العالمية. إنني في مرحلة وضع اللمسات الأخيرة على التفاصيل والتواريخ لنعلن عنها قريباً. تملؤني غبطة تقديم موسيقاي في هذا الحيّز النابض بالحياة والغني ثقافياً، وأتحرّق شوقاً لمشاركة شغفي وفني مع ناسه وإقامة روابط قوامها لغة الموسيقى العالمية».
منذ إطلاق ألبومه «أرض الأجداد»، وهو يراقب جمهوراً متنوعاً من الشرق الأوسط يتفاعل مع فنه. ومن ملاحظته تزايُد الاهتمام العربي بالبيانو وتعلّق المواهب به في رحلاتهم الموسيقية، يُراكم بركات إلهاماً يقوده نحو الامتنان لـ«إتاحة الفرصة لي للمساهمة في المشهد الموسيقي المزدهر في الشرق الأوسط وخارجه».
تشغله هالة الثقافات والتجارب، وهو يجلس أمام 88 مفتاحاً بالأبيض والأسود على المسارح: «إنها تولّد إحساساً بالعودة إلى الوطن، مما يوفر ألفة مريحة تسمح لي بتكثيف مشاعري والتواصل بعمق مع الموسيقى التي أهديها إلى العالم».