الشبكة العنكبوتية تحتفل بمرور 25 سنة على اختراعها وسط تحديات عالمية

مخترعها البريطاني الحاصل على لقب {سير} : يجب وضع ميثاق لحماية حقوق المستخدمين

الشبكة العنكبوتية تحتفل بمرور 25 سنة على اختراعها وسط تحديات عالمية
TT

الشبكة العنكبوتية تحتفل بمرور 25 سنة على اختراعها وسط تحديات عالمية

الشبكة العنكبوتية تحتفل بمرور 25 سنة على اختراعها وسط تحديات عالمية

بعد ربع قرن من ولادة الإنترنت، واقتراب عدد مستخدميه من نصف سكان العالم، وتحوله إلى وسيلة لا يمكن الاستغناء عنها لدى الكثيرين، تحتفل الشبكة العالمية هذا العام بمرور 25 عاما من إنشائها من طرف خبير الكومبيوتر البريطاني «تيم. بيرنرز. لي» الذي منح لقب السير عام 2004. وكان اختراعه فتحا جديدا. وفر لأشخاص مختلفين إمكانية تبادل المعلومات باستخدام أجهزة كومبيوتر مختلفة. أطلق على الاختراع الشبكة العنكبوتية.
وقال جون استارد متخصص في تكنولوجيا المعلومات في لندن إن الويب أو الشبكة العنكبوتية العالمية (بالإنجليزية: World Wide Web) أو اختصارا «ويب» وهي نظام من مستندات النص الفائق المرتبطة ببعضها تعمل فوق الإنترنت. ويستطيع المستخدم تصفّح هذه المستندات باستخدام متصفّح ويب، كما يستطيع التنقّل بين هذه الصفحات عبر وصلات النص الفائق. وتحوي هذه المستندات على نص وصور ووسائط متعددة.
وأضاف أستارد أن الويب تم إنشاؤه سنة 1989، وكان الغرض منه تيسير الاتصال بين المنظمات الأوروبية المجتمعة في سويسرا. والويب نظام للترابط بين النصوص في الشابكة (الإنترنت). هذا الترابط المتداخل (Hyper - linking) بين النصوص في الشبكة (الإنترنت) يسمح بالانتقال فيما بين الصفحات باستعمال متصفح إنترنت. وصفحات الويب من الممكن أن تحتوي على نصوص، وصور، وأصوات، ومرئيات (فيديو)، وصور متحركة، وغير ذلك. ويقوم بتوفير هذه الصفحات في الشابكة (الإنترنت) مخدم (ويب سرفر). ويقوم هذا المخدم بإرسال الصفحات، ومحتوياتها بناء على الطلب من متصفح الشابكة.
ومن أهم الأدوات في شبكة الويب هي البواحيث (محركات البحث). إذ إنه بسبب ضخامة (الشابكة /الإنترنت)، هناك حاجة لاستعمال خدمات البحث في الإنترنت لإيجاد المعلومات المطلوبة مثل «غوغل».
وكي لا يختلط الأمر على أحد فإن الشبكة العنكبوتية ليست هي الإنترنت لكنها وسيلة لتبادل المعلومات عن طريق الإنترنت.
وجاءت الفكرة لبيرنرز لي عندما كان يعمل في معمل الفيزياء سيرن في جنيف بسويسرا.
وقال بيرنرز لي لتلفزيون رويترز «كان ذلك في عام 1989 وكانت الإنترنت موجودة بالفعل وكان بالإمكان إرسال بريد إلكتروني لكن لم تكن هناك مواقع إلكترونية.. لكن لم يكن هناك فضاء إلكتروني يمكنك الدخول عليه. وبدأ الأمر لأنني كنت محبطا. لم يكن ذلك موجودا.. كان الأمر مختلفا تماما. كان صعبا. كنت أتخيل نظاما يمكنك من النقر من موقع لآخر وكان ذلك مغريا جدا حتى إنني قررت تصميمه».
وبعد 25 عاما أصبح مليارات الأشخاص على مستوى العالم يتبادلون المعلومات والصور والتعليقات باستخدام الشبكة. وأوصلت الشبكة الناس من مختلف أرجاء العالم ببعضهم البعض ولكنها أوجدت كذلك تحديات عالمية جديدة مثل الأمان والخصوصية.
وقال بيرنرز لي «نحتاج للتفكير في الأعوام الخمسة والعشرين المقبلة ونتأكد من أننا أرسينا مبادئ تستند إليها الشبكة. مبادئ الانفتاح ومبادئ الخصوصية ومبادئ عدم الخضوع للرقابة على سبيل المثال».
وقال إن سهولة تبادل المعلومات على الشبكة أدت إلى تمكين الناس. وفي الفترة الأخيرة شهد العالم كيف يمكن استخدام مواقع إلكترونية مثل تويتر وفيسبوك في تنظيم مظاهرات مثل ما حدث في مصر وأجزاء أخرى من العالم.
وقال بيرنرز لي «الفرق في القوة بين شخص يستخدم الإنترنت وآخر لا يستخدمها أصبح هائلا الآن. كما أنها أصبحت مهمة حقيقة للديمقراطية. إذا لم تكن موصولا بالإنترنت كيف سيصل صوتك.. كيف ستتأكد من أن القيم التي تتصور أنها مهمة ممثلة في الحكومة». وتابع أن شبكة الإنترنت كانت مشروعا عالميا وستظل كذلك على الدوام. وأضاف «أنا فخور بروح التعاون على مدى الخمسة والعشرين عاما. تعلمون أنني لم أكن وحدي. واتتني الفكرة وبعد ذلك في الحقيقة تقبلها الناس بمختلف أشكالهم على مستوى العالم. روح التعاون هذه على مستوى العالم كانت رائعة على مدى 25 عاما».
وقال بيرنرز لي إنه يحب أن يرى الشبكة العنكبوتية متاحة وفي مقدور الجميع في مختلف أرجاء العالم. دعا تيم بيرنرز لي، عالم الكومبيوتر البريطاني الذي ابتكر الشبكة العنكبوتية العالمية (الويب)، إلى وضع ميثاق لحماية مستخدمي الشبكة على غرار ميثاق «ماغنا كارتا» للحريات في بريطانيا.
وعن مطالبة الأمم المتحدة بقانون لحماية «الحقوق الرقمية»، قال بيرنرز لي لـ«بي بي سي» إن هذه القضية يمكن أن تضاهي في أهميتها حقوق الإنسان. وكان العالم البريطاني قد انتقد علنا المراقبة الحكومية على الإنترنت عقب سلسلة التسريبات التي كشف عنها المتعاقد السابق في المخابرات الأميركية إدوارد سنودن. ودعا بيرنرز لي إلى اتخاذ إجراءات والاحتجاج على المراقبة.
وأقر بيرنرز لي بأن شبكة الإنترنت تمثل علاقة «إنسانية مترابطة» تشمل الأشياء «الرائعة» و«الشنيعة». واعتبر بيرنرز لي أن مجتمع الإنترنت وصل الآن إلى مفترق طرق.
وقال «لقد حان الوقت بالنسبة لنا نحن مجتمع الإنترنت لاتخاذ قرار كبير. أمامنا طريقان، فأي منهما سنسير فيه؟»، وأضاف «هل سنواصل المضي في الطريق ونسمح فقط للحكومات بفرض المزيد والمزيد من السيطرة، المزيد والمزيد من المراقبة؟ أم أننا سننشئ مجموعة من القيم؟ هل سننشئ شيئا على غرار ماغنا كارتا لشبكة الإنترنت العالمية ونقول بالفعل إنه من المهم جدا وكجزء أصيل من حياتنا أن تكون (هذه الشبكة) على مستوى حقوق الإنسان؟».
وأكد بيرنرز لي أنه ينبغي أن يكون الإنترنت وسيلة «محايدة» يمكن استخدامها دون أن يشعر المرء بأن «شخصا ما يراقبه».
ودعا المستخدمين إلى توخي الحذر، مضيفا «يجب أن يكون الناس في العالم واعين باستمرار وحذرين باستمرار ومتأكدين باستمرار من خلال التحرك والاحتجاج بأن هذا لا يحدث». وكان بيرنرز لي قد حذر في وقت سابق من أن المراقبة يمكن أن تهدد الطبيعة الديمقراطية للإنترنت.
وأعرب عن دعمه علنا لإدوارد سنودن، وقال إن ما فعله موظف الاستخبارات السابق «يصب في مصلحة عامة الناس».
وقال إن الرأي الذي يقول إن الشبكة العالمية سينتهي بها الحال لأن تلعب هذا الدور الهائل في حياة الناس كان سيبدو «ضربا من الجنون» قبل 25 عاما. لكنه أضاف «ليس لدي تعاطف كبير مع الأشخاص الذين يقولون إن هناك الكثير من الهراء على شبكة الإنترنت». وتابع «حسنا، إذا كان هناك الكثير جدا من الهراء، وإذا كانت هراء، فلا تقرأها، اذهب واقرأ شيئا آخر».
وأطلقت «مؤسسة الشبكة العالمية» حملة بعنوان «الشبكة التي نريدها» تزامنا مع الذكرى الخامسة والعشرين لتأسيس الشبكة وتهدف إلى حماية حقوق الإنسان على الإنترنت.



100 عامٍ من عاصي الرحباني

عاصي الرحباني وفيروز (تويتر)
عاصي الرحباني وفيروز (تويتر)
TT

100 عامٍ من عاصي الرحباني

عاصي الرحباني وفيروز (تويتر)
عاصي الرحباني وفيروز (تويتر)

في الرابع من شهر الخِصب وبراعم اللوز والورد، وُلد عاصي الرحباني. كانت البلادُ فكرةً فَتيّة لم تبلغ بعد عامها الثالث. وكانت أنطلياس، مسقط الرأس، قريةً لبنانيةً ساحليّة تتعطّر بزهر الليمون، وتَطربُ لارتطام الموج بصخور شاطئها.
لو قُدّر له أن يبلغ عامه المائة اليوم، لأَبصر عاصي التحوّلات التي أصابت البلاد وقُراها. تلاشت الأحلام، لكنّ «الرحباني الكبير» ثابتٌ كحقيقةٍ مُطلَقة وعَصي على الغياب؛ مقيمٌ في الأمس، متجذّر في الحاضر وممتدّةٌ جذوره إلى كل الآتي من الزمان.


عاصي الرحباني خلال جلسة تمرين ويبدو شقيقه الياس على البيانو (أرشيف Rahbani Productions)

«مهما قلنا عن عاصي قليل، ومهما فعلت الدولة لتكريمه قليل، وهذا يشمل كذلك منصور وفيروز»، يقول المؤلّف والمنتج الموسيقي أسامة الرحباني لـ«الشرق الأوسط» بمناسبة مئويّة عمّه. أما الصحافي والباحث محمود الزيباوي، الذي تعمّق كثيراً في إرث الرحابنة، فيرى أن التكريم الحقيقي يكون بتأليف لجنة تصنّف ما لم يُنشر من لوحاته الغنائية الموجودة في إذاعتَي دمشق ولبنان، وتعمل على نشره.
يقرّ أسامة الرحباني بتقصير العائلة تجاه «الريبرتوار الرحباني الضخم الذي يحتاج إلى تضافر جهود من أجل جَمعه»، متأسفاً على «الأعمال الكثيرة التي راحت في إذاعة الشرق الأدنى». غير أنّ ما انتشر من أغانٍ ومسرحيات وأفلام، على مدى أربعة عقود من عمل الثلاثي الرحباني عاصي ومنصور وفيروز، أصبح ذخيرةً للقرون المقبلة، وليس للقرن الرحباني الأول فحسب.

«فوتي احفظي، قومي سجّلي»
«كان بركاناً يغلي بالعمل... يكتب بسرعة ولا يتوقف عند هاجس صناعة ما هو أجمل، بل يترك السرد يمشي كي لا ينقطع الدفق»، هكذا يتذكّر أسامة عمّه عاصي. وفي بال الزيباوي كذلك، «عاصي هو تجسيدٌ للشغف وللإنسان المهووس بعمله». لم يكن مستغرباً أن يرنّ الهاتف عند أحد أصدقائه الساعة الثالثة فجراً، ليخرج صوت عاصي من السمّاعة قارئاً له ما كتب أو آخذاً رأيه في لحنٍ أنهاه للتوّ.
ووفق ما سمعه الزيباوي، فإن «بعض تمارين السيدة فيروز وتسجيلاتها كان من الممكن أن يمتدّ لـ40 ساعة متواصلة. يعيد التسجيل إذا لم يعجبه تفصيل، وهذا كان يرهقها»، رغم أنه الزوج وأب الأولاد الأربعة، إلا أن «عاصي بقي الأستاذ الذي تزوّج تلميذته»، على حدّ وصف الزيباوي. ومن أكثر الجمل التي تتذكّرها التلميذة عن أستاذها: «فوتي احفظي، قومي سَجّلي». أضنى الأمر فيروز وغالباً ما اعترفت به في الحوارات معها قبل أن تُطلقَ تنهيدةً صامتة: «كان ديكتاتوراً ومتطلّباً وقاسياً ومش سهل الرِضا أبداً... كان صعب كتير بالفن. لمّا يقرر شي يمشي فيه، ما يهمّه مواقفي».


عاصي وفيروز (تويتر)
نعم، كان عاصي الرحباني ديكتاتوراً في الفن وفق كل مَن عاصروه وعملوا معه. «كل العباقرة ديكتاتوريين، وهذا ضروري في الفن»، يقول أسامة الرحباني. ثم إن تلك القسوة لم تأتِ من عدم، فعاصي ومنصور ابنا الوَعر والحرمان.
أثقلت كتفَي عاصي منذ الصغر همومٌ أكبر من سنّه، فتحمّلَ وأخوه مسؤولية العائلة بعد وفاة الوالد. كان السند المعنوي والمادّي لأهل بيته. كمعطفٍ ردّ البردَ عنهم، كما في تلك الليلة العاصفة التي استقل فيها دراجة هوائية وقادها تحت حبال المطر من أنطلياس إلى الدورة، بحثاً عن منصور الذي تأخّر بالعودة من الوظيفة في بيروت. يروي أسامة الرحباني أنها «كانت لحظة مؤثرة جداً بين الأخوين، أبصرا خلالها وضعهما المادي المُذري... لم ينسيا ذلك المشهد أبداً، ومن مواقفَ كتلك استمدّا قوّتهما».
وكما في الصِبا كذلك في الطفولة، عندما كانت تمطر فتدخل المياه إلى المدرسة، كان يظنّ منصور أن الطوفان المذكور في الكتاب المقدّس قد بدأ. يُصاب بالهلَع ويصرخ مطالباً المدرّسين بالذهاب إلى أخيه، فيلاقيه عاصي ويحتضنه مهدّئاً من رَوعه.

«سهرة حبّ»... بالدَين
تعاقبت مواسم العزّ على سنوات عاصي الرحباني. فبعد بدايةٍ متعثّرة وحربٍ شرسة ضد أسلوبه الموسيقي الثائر على القديم، سلك دروب المجد. متسلّحاً بخياله المطرّز بحكايا جدّته غيتا و«عنتريّات» الوالد حنّا عاصي، اخترع قصصاً خفتت بفعلِ سحرِها الأصواتُ المُعترضة. أما لحناً، فابتدعَ نغمات غير مطابقة للنظريات السائدة، و«أوجد تركيبة جديدة لتوزيع الموسيقى العربية»، على ما يشرح أسامة الرحباني.


صورة تجمع عاصي ومنصور الرحباني وفيروز بالموسيقار محمد عبد الوهاب وفريد الأطرش، بحضور بديعة مصابني وفيلمون وهبي ونجيب حنكش (أرشيف Rahbani Productions)
كان عاصي مستعداً للخسارة المادية من أجل الربح الفني. يحكي محمود الزيباوي أنه، ولشدّة مثاليته، «سجّل مسرحية (سهرة حب) مرتَين ولم تعجبه النتيجة، فاقترض مبلغاً من المال ليسجّلها مرة ثالثة». ويضيف أن «أساطير كثيرة نُسجت حول الرحابنة، لكن الأسطورة الحقيقية الوحيدة هي جمال عملهم».
ما كانت لتكتمل أسطورة عاصي، لولا صوت تلك الصبية التي دخلت قفصَه الذهبي نهاد حدّاد، وطارت منه «فيروز».
«أدهشته»، يؤكّد الزيباوي؛ ويستطرد: «لكنّ أحداً منهما لم يعرف كيف يميّز بين نهاد حداد وفيروز»... «هي طبعاً المُلهِمة»، يقول أسامة الرحباني؛ «لمح فيها الشخصية التي لطالما أراد رسمَها، ورأى امرأةً تتجاوب مع تلك الشخصية»، ويضيف أن «عاصي دفع بصوت فيروز إلى الأعلى، فهو في الفن كان عنيفاً ويؤمن بالعصَب. كان يكره الارتخاء الموسيقي ويربط النجاح بالطبع الفني القوي، وهذا موجود عند فيروز».


زفاف عاصي الرحباني ونهاد حداد (فيروز) عام 1955 (تويتر)

دماغٌ بحجم وطن
من عزّ المجد، سرقت جلطة دماغيّة عاصي الرحباني عام 1972. «أكثر ما يثير الحزن أن عاصي مرض وهو في ذروة عطائه وإبداعه، وقد زادت الحرب اللبنانية من مرضه وصعّبت العمل كثيراً»، وفق الزيباوي. لم يكن القلق من الغد الغامض غريباً عليه. فهو ومنذ أودى انفجارٌ في إحدى الكسّارات بحياة زوج خالته يوسف الزيناتي، الذي كان يعتبره صياداً خارقاً واستوحى منه شخصيات لمسرحه، سكنته الأسئلة الحائرة حول الموت وما بعدَه.
الدماغ الذي وصفه الطبيب الفرنسي المعالج بأنه من أكبر ما رأى، عاد ليضيء كقمرٍ ليالي الحصّادين والعاشقين والوطن المشلّع. نهض عاصي ورجع إلى البزُق الذي ورثه عن والده، وإلى نُبله وكرمه الذي يسرد أسامة الرحباني عنهما الكثير.
بعد المرض، لانت قسوة عاصي في العمل وتَضاعفَ كرَمُه المعهود. يقول أسامة الرحباني إن «أقصى لحظات فرحه كانت لحظة العطاء». أعطى من ماله ومن فِكرِه، وعُرف بيدِه الموضوعة دائماً في جيبِه استعداداً لتوزيع النقود على المحتاجين في الشارع. أما داخل البيت، فتجسّد الكرَم عاداتٍ لطيفة وطريفة، كأن يشتري 20 كنزة متشابهة ويوزّعها على رجال العائلة وشبّانها.
خلال سنواته الأخيرة ومع احتدام الحرب، زاد قلق عاصي الرحباني على أفراد العائلة. ما كان يوفّر مزحة أو حكاية ليهدّئ بها خوف الأطفال، كما في ذلك اليوم من صيف 1975 الذي استُهدفت فيه بلدة بكفيا، مصيَف العائلة. يذكر أسامة الرحباني كيف دخل عاصي إلى الغرفة التي تجمّع فيها أولاد العائلة مرتعدين، فبدأ يقلّد الممثلين الأميركيين وهم يُطلقون النار في الأفلام الإيطالية، ليُنسيَهم ما في الخارج من أزيز رصاص حقيقي. وسط الدمار، بنى لهم وطناً من خيالٍ جميل، تماماً كما فعل وما زال يفعل في عامِه المائة، مع اللبنانيين.


عاصي الرحباني (غيتي)