القوات العراقية توسع انتشارها في الرمادي.. وتواصل إجلاء المدنيين

اعتقال 30 عنصرًا من «داعش» خرجوا مع الأهالي

جانب من عملية إجلاء المدنيين من الرمادي أول من أمس (رويترز)
جانب من عملية إجلاء المدنيين من الرمادي أول من أمس (رويترز)
TT

القوات العراقية توسع انتشارها في الرمادي.. وتواصل إجلاء المدنيين

جانب من عملية إجلاء المدنيين من الرمادي أول من أمس (رويترز)
جانب من عملية إجلاء المدنيين من الرمادي أول من أمس (رويترز)

وسعت القوات الأمنية العراقية انتشارها في الرمادي، أمس، وواصلت إجلاء المدنيين بهدف تطهير جيوب محتملة لمسلحي تنظيم داعش وتوسيع سيطرتها على المدينة التي استعادتها من المتطرفين الاثنين الماضي.
واستطاعت القوات العراقية بمساندة التحالف الدولي بقيادة واشنطن، من استعادة السيطرة على الرمادي كبرى مدن محافظة الأنبار، في حين لا تزال مناطق أخرى تحت سيطرة المتطرفين في المحافظة الأكبر مساحة في البلاد.
وقال حميد الدليمي قائمقام قضاء الرمادي لوكالة الصحافة الفرنسية إن «القوات الأمنية بدأت اليوم (أمس) من منطقة الخالدية (شرق الرمادي) تنفيذ عملية عسكرية في الجانب الشرقي من الرمادي، وتمكنت من تحرير كلية الزراعة». وأشار إلى قيام قوات أمنية أخرى بتطهير أحياء في مدينة الرمادي (100 كلم غرب بغداد).
من جهته، أكد قائد شرطة الأنبار اللواء هادي ارزيج أن القوات الأمنية اعتقلت 30 شخصا يعتقد أنهم عناصر في تنظيم داعش «لدى خروجهم مع المدنيين من المدينة». وسيتم إجراء تحقيق مع هؤلاء المعتقلين الذين أوقفتهم القوات الأمنية أمس الخميس، وفقا للمصدر. وأضاف ارزيج أن «قواتنا تنفذ إلى جانب قوات مكافحة الإرهاب، خطة لتطهير عدد من مناطق الرمادي، بينها الضباط والمعلمون والأندلس والحوز والبكر والأرامل، إضافة إلى منطقة الملعب التي تمثل ثلث المدينة».
وقام عناصر في التنظيم المتطرف، الذي سيطر منتصف مايو (أيار) الماضي، على المدينة بزرع عبوات ناسفة وتفخيخ شوارع ومبانٍ ومنازل المدينة. واستعادت قوات من مكافحة الإرهاب والجيش والشرطة الاتحادية والمحلية إضافة إلى مقاتلين من أبناء عشائر الأنبار السيطرة على المدينة، بدعم التحالف الدولي. ولم يتمكن المتطرفون من الصمود أمام هجمات القوات الأمنية في الرمادي مما دفعهم للانسحاب إلى مناطق في الأطراف الشرقية من المدينة.
من جهته، أكد ضابط برتبة عقيد في قوات مكافحة الإرهاب «اعتقال 30 عنصرا من تنظيم داعش بينهم قادة، لدى محاولتهم التسلل خارج مدينة الرمادي».
بدوره، أكد الرائد مجيد محمد من قوات مكافحة الإرهاب في الرمادي أن «ما تقوم به قواتنا الآن هو إنقاذ العائلات المحاصرة». وأشار إلى أن مهمتهم كانت «معقدة بسبب العبوات الكثيرة التي زرعها المتطرفون وقيام التنظيم بإطلاق النار على المدنيين لدى محاولتهم الهرب». ونفذت قوات العراقية خلال الأيام الماضية عمليات إنقاذ متكررة شملت إخلاء عشرات العائلات بينهم نساء وأطفال كانوا محاصرين من قبل التنظيم المتطرف داخل المدينة.
من ناحية ثانية، أعلن مصدر أمني في محافظة صلاح الدين مقتل ثمانية من عناصر تنظيم داعش وعنصر من ميليشيات الحشد الشعبي في اشتباكات شمال غربي تكريت (170 كيلومترا شمال بغداد). وقال المصدر إن عناصر تنظيم داعش هاجموا، أمس، القوات الأمنية العراقية وميليشيات الحشد الشعبي في قاطع اللاين قرب قاعدة سبايكر غرب تكريت، مما أسفر عن مقتل ثمانية من عناصر «داعش» وإصابة 12 آخرين بجروح، فيما قتل أحد عناصر الحشد الشعبي وأصيب اثنان آخران بجروح.
من جانب آخر، قال رئيس مجلس محافظة الأنبار صباح كرحوت في حديث لـ«الشرق الأوسط»، إن «القوات الأمنية العراقية من المرجح جدًا أن تنطلق في عمليات تحرير مدينة الفلوجة شرق الرمادي ومدينة هيت غربها فور الانتهاء من عمليات تمشيط المناطق في مدينة الرمادي ومسك الأرض من قبل قوات الشرطة المحلية».
من جهته، قال نائب رئيس مجلس محافظة الأنبار فالح العيساوي، إن «القوات الأمنية استعادت أجزاء واسعة من الطريق البري الدولي السريع الرابط بين العراق والأردن عبر مدن محافظة الأنبار من سيطرة مسلحي تنظيم داعش». وأضاف العيساوي أن «قوات اللواء 18 في الجيش العراقي قامت بتأمين ناحية الوفاء والقرى القريبة منها غرب الأنبار بالكامل، واستعادت السيطرة على الطريق الدولي السريع في تلك المنطقة، مما سيسمح بمرور الشاحنات والعجلات من وإلى المنفذ الحدودي بين العراق والأردن بشكل آمن».



هل يشغل الشرع مقعد سوريا في الجامعة العربية؟

مقرّ جامعة الدول العربية في القاهرة (الشرق الأوسط)
مقرّ جامعة الدول العربية في القاهرة (الشرق الأوسط)
TT

هل يشغل الشرع مقعد سوريا في الجامعة العربية؟

مقرّ جامعة الدول العربية في القاهرة (الشرق الأوسط)
مقرّ جامعة الدول العربية في القاهرة (الشرق الأوسط)

تزامناً مع الاستعداد لزيارة وفد من جامعة الدول العربية إلى دمشق خلال أيام، أثيرت تساؤلات بشأن ما إذا كان قائد الإدارة السورية الجديدة أحمد الشرع سيشغل مقعد بلاده في اجتماعات الجامعة المقبلة.

وأعلن الأمين العام المساعد لجامعة الدول العربية، السفير حسام زكي، في تصريحات متلفزة مساء الأحد، أنه «سيزور العاصمة السورية دمشق خلال أيام على رأس وفد من الأمانة العامة للجامعة لعقد لقاءات من الإدارة السورية الجديدة وأطراف أخرى؛ بهدف إعداد تقرير يقدم للأمين العام، أحمد أبو الغيط، وللدول الأعضاء بشأن طبيعة التغيرات في سوريا».

وكانت «الشرق الأوسط» كشفت قبل أيام عن عزم وفد من الجامعة على زيارة دمشق بهدف «فتح قناة اتصال مع السلطات الجديدة، والاستماع لرؤيتها»، وفقاً لما صرح به مصدر دبلوماسي عربي مطلع آنذاك.

وخلال تصريحاته، عبر شاشة «القاهرة والناس»، أوضح زكي أنه «قبل نحو ثلاثة أيام تواصلت الجامعة العربية مع الإدارة السورية الجديدة لترتيب الزيارة المرتقبة».

وبينما أشار زكي إلى أن البعض قد يرى أن الجامعة العربية تأخرت في التواصل مع الإدارة السورية الجديدة، أكد أن «الجامعة ليست غائبة عن دمشق، وإنما تتخذ مواقفها بناءً على قياس مواقف جميع الدول الأعضاء»، لافتاً إلى أنه «منذ سقوط نظام بشار الأسد لم يحدث سوى اجتماع واحد للجنة الاتصال العربية المعنية بسوريا منتصف الشهر الماضي».

وأوضح الأمين العام المساعد أن «الجامعة العربية طلبت بعد ذلك بأسبوع اجتماعاً مع الإدارة السورية الجديدة»، وقال: «نقدّر الضغط الكبير على الإدارة الجديدة، وربما عدم وجود خبرات أو أفكار كافية لملاحقة مثل هذه الطلبات».

وعقدت لجنة الاتصال الوزارية العربية المعنية بسوريا اجتماعاً بمدينة العقبة الأردنية، في 14 ديسمبر (كانون الأول) الماضي، أكدت خلاله الوقوف إلى جانب الشعب السوري في هذه المرحلة الانتقالية.

وحول الهدف من الزيارة، قال زكي: «هناك دول عربية تواصلت مع الإدارة الجديدة، لكن باقي أعضاء الجامعة الـ22 من حقهم معرفة وفهم ما يحدث، لا سيما أنه ليس لدى الجميع القدرة أو الرغبة في التواصل». وأضاف أن «الزيارة أيضاً ستتيح الفرصة للجانب السوري لطرح رؤيته للوضع الحالي والمستقبل».

ولن تقتصر زيارة وفد الجامعة إلى سوريا على لقاء الإدارة الجديدة، بل ستمتد لأطراف أخرى فصَّلها زكي بقوله: «سنلتقي أي أطراف من المجتمع المدني والقيادات الدينية والسياسية». لكنه في الوقت نفسه نفى إمكانية لقاء «قسد»، وقال «(قسد) وضعها مختلف، كما أنها بعيدة عن العاصمة، حيث ستقتصر الزيارة على دمشق».

ومنذ إطاحة نظام بشار الأسد، في الثامن من ديسمبر (كانون الأول) الماضي، تسعى الإدارة السورية الجديدة إلى طمأنة الدول العربية والمجتمع الدولي. وفي هذا السياق، تواصلت دول عربية عدة مع الإدارة الجديدة، سواء عبر زيارات رسمية أو وفود برلمانية واستخباراتية أو اتصالات هاتفية.

وهو ما وصفه رئيس وحدة الدراسات العربية والإقليمية بـ«مركز الأهرام للدراسات السياسية والاستراتيجية» الدكتور محمد عز العرب، بـ«الانفتاح العربي». وقال لـ«الشرق الأوسط» إن «اختيار وزير الخارجية السوري أسعد الشيباني للسعودية أولى محطاته الخارجية يعدّ تأكيداً على رغبة دمشق في تعميق علاقتها العربية، لا سيما مع حاجتها إلى دعمها من أجل رفع العقوبات عن البلاد وإعادة إعمارها».

وأكد عز العرب أن «زيارة وفد الجامعة العربية المرتقبة إلى دمشق ستعمّق العلاقات العربية - السورية، في سياق انفتاح متبادل بين الجانبين».

واتفق معه أستاذ العلوم السياسية بجامعة القاهرة الدكتور أحمد يوسف أحمد، وقال لـ«الشرق الأوسط» إن «الجامعة العربية تتحرك بما يتلاءم مع توجهات أعضائها أو على الأقل الدول الوازنة فيها».

هذا الانفتاح العربي يأتي إيماناً بأن «سوريا دولة كبيرة ومهمة»، بحسب الأمين العام المساعد لجامعة الدول العربية، الذي قال: «سوريا تحتاج إلى كل الدعم العربي السياسي والمادي»، مضيفاً: «قد يكون الوضع غير مرضٍ للبعض، ويمكن تفهم هذا، لكن الشأن السوري أمر مرتبط بالسوريين أنفسهم إلى أن يبدأ في التأثير على دول قريبة».

وأضاف: «سوريا تمر بمرحلة جديدة، لكتابة التاريخ بأيدي مواطنيها، وعلى الدول العربية مدّ يد العون لها».

وبشأن شغل الشرع مقعد سوريا في الجامعة، قال زكي إن «القرار بيد الدول العربية وليس الأمانة العامة»، موضحاً أنه «لو كانت سوريا غير ممثلة ومقعدها شاغر كان من الممكن بحث عودتها الآن وربما وضع بعض المطالب لتحقيق ذلك».

وأضاف: «الواقع يقول إن سوريا موجودة في الجامعة وتشغل مقعدها، أما من يمثلها في هذا المقعد فهو أمر سوري في الأساس. عند تغيير الحكم في أي دولة يمثل الحكم الجديد بلده في المنظمة». لكن زكي أشار في الوقت نفسه إلى أن «هناك أموراً تتعلق بتمثيل شخص معين للدولة، وهنا قد يكون الأمر مرتبطاً بمجلس الأمن، حيث إن هناك قرارات تخصّ التنظيم الذي يرأسه الشرع لا بد من التعامل معها بشكل سريع وسلس».

وقال: «سوريا دولة كبيرة وما يحدث لها يعني العرب، ونظام الحكم الحالي غير النمطي قد لا يسهل الانفتاح عليه، لكن في النهاية دولة بهذه التركيبة لا يمكن أن تترك من جانب العرب».

وأقرّ مجلس وزراء الخارجية العرب في اجتماع طارئ عقد في القاهرة في 7 مايو (أيار) 2023 عودة سوريا لمقعدها بالجامعة، منهياً قراراً سابقاً بتعليق عضويتها صدر في نوفمبر (تشرين الثاني) 2011، بعد 8 أشهر من اندلاع الاحتجاجات في سوريا.

بدوره، قال الكاتب والباحث السياسي السوري، غسان يوسف، لـ«الشرق الأوسط» إن «الإدارة الحالية هي التي تقود العملية السياسية في سوريا، وهي سلطة الأمر الواقع، وأي اجتماع في الجامعة العربية سيحضره من يمثل هذه الإدارة لأنه ليس هناك بديل آخر الآن».

بينما أكد أستاذ العلوم السياسية بجامعة القاهرة إن «شغل الشرع لمقعد بلاده يتطلب اعترافاً من الجامعة العربية بالإدارة الجديدة، فالتواصل الذي حدث حتى الآن لا يعني بالضرورة اعترافاً به». وأشار إلى أن «الأمر قد يرتبط أيضاً بقرارات مجلس الأمن بهذا الشأن وما إذا كان سيسقط تكييف (الإرهاب) عن (هيئة تحرير الشام)».

لكن أحمد أشار إلى أن «الانفتاح العربي الحالي قد يحل المسألة، لا سيما مع وجود سوابق تاريخيّة اعترفت فيها الجامعة بحكم انتقالي كما حدث في العراق عام 2003».

وفي سبتمبر (أيلول) عام 2003 أعلنت الجامعة العربية، عقب اجتماع على مستوى وزراء الخارجية، الموافقة على شغل مجلس الحكم الانتقالي العراقي مقعد بلاده في الجامعة بصورة مؤقتة إلى حين قيام حكومة شرعية في بغداد.

وأعرب عز العرب عن اعتقاده أن «الفترة المقبلة ستشهد رفعاً للعقوبات الدولية عن سوريا، وتعزيزاً لشرعية الإدارة الجديدة».

وبينما أكد غسان يوسف أن «العقوبات لم ترفع عن سوريا حتى الآن»، أبدى تفاؤلاً بـ«إمكانية تغير الوضع مع عقد مؤتمر الحوار الوطني في سوريا الذي سيعطي مشروعية للحكومة».

وكانت «هيئة تحرير الشام» تُعرف سابقاً باسم «جبهة النصرة»، الجناح الرسمي لتنظيم «القاعدة» في سوريا، حتى قطعت علاقتها به عام 2016. ومنذ مايو (أيار) 2014، أُدرجت الجماعة على قائمة مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة لعقوبات تنظيمي «القاعدة» و«داعش»، كما أن قائدها أحمد الشرع، وكان وقتها يكنى «أبو محمد الجولاني» مدرج على القائمة منذ يوليو (تموز) 2013.