لبنان: الملف الرئاسي مجمد حتى منتصف يناير

حرب يقول إن التسوية تمت فرملتها وقزي يتحدث عن تعثرها

لبنان: الملف الرئاسي مجمد حتى منتصف يناير
TT

لبنان: الملف الرئاسي مجمد حتى منتصف يناير

لبنان: الملف الرئاسي مجمد حتى منتصف يناير

لن تكون رئاسة الجمهورية هذا العام أيضا «عيدية» الطاقم السياسي الحاكم للمواطنين اللبنانيين الذين استبشر الكثيرون منهم خيرا بالحراك الحاصل الذي بدأه رئيس تيار «المستقبل» سعد الحريري بطرحه تسوية تقضي بانتخاب رئيس تيار «المردة» النائب سليمان فرنجية المحسوب على «قوى 8 آذار» رئيسا للبلاد. إذ تؤكد كل المعطيات عدم نضوج المشاورات التي قد تسمح بانتخاب فرنجية أو غيره من المرشحين للرئاسة قبل نهاية العام الحالي.
وتشير مصادر معنية بالحراك الحاصل إلى أن الملف الرئاسي «جُمّد مجددا ولن يتم تحريكه قبل منتصف شهر يناير المقبل»، لافتة إلى أن «القوى السياسية ستسعى في الوقت الضائع للملمة صفوفها التي تضعضعت على خلفية ترشيح فرنجية». وقالت المصادر لـ«الشرق الأوسط»: «هناك الكثير من المساعي التي تُبذل لاستيعاب الأزمة التي طرأت وخاصة على صعيد علاقة رئيس تكتل (التغيير والإصلاح) العماد ميشال عون بالنائب فرنجية، وقد دخل أكثر من وسيط على الخط لإصلاح الأمور».
وتلاقت أمس مواقف قياديين في فريقي 8 و14 آذار حول تعثر التسوية التي طرحها الحريري. فحثّ وزير الخارجية والمغتربين، رئيس «التيار الوطني الحر» جبران باسيل على وجوب «الخروج من فكر التسويات إلى الفكر المبدئي، لأنّه بهذا نحصل حقوقنا»، مشددا على أن «البلد لا يقوم على التسوية بل على الصمود وعدم الاستسلام للطائفية والفساد».
وقال وزير العمل سجعان قزي، القيادي في حزب «الكتائب» إن «الطرح الذي أقدم عليه الرئيس سعد الحريري يتعثر حاليا، ونحن في انتظار الفرج في السنة المقبلة».
وشدّد قزي بعد لقائه رئيس حزب «القوات» سمير جعجع على وجوب أن يحظى رئيس البلاد العتيد «بقبول البيئة التي ينطلق منها، أي المجتمع المسيحي خصوصا والبيئة الوطنية عموما»، لافتا إلى أن «القوى المسيحية تريد رئيسا يحترم الدستور، أي يؤمن بسيادة لبنان واستقلاله وبحرمة الحدود اللبنانية - السورية، وبقانون انتخابي عادل، وبجيش واحد في لبنان، ويسعى لأن يكون البلد بمنأى عن كل الصراعات ويحيد نفسه عن كل ما يؤثر على كيانه ووطنه ودولته».
من جهته، قال وزير الاتصالات بطرس حرب، المحسوب على المسيحيين المستقلين، إن التسوية الرئاسية «تمت فرملتها ولم تسقط»، متحدثا عن «تريث بالوقت الحالي، باعتبار أن الظروف غير ناضجة لانتخاب رئيس في جلسة 16 الحالي».
وأشار حرب في حديث إذاعي إلى أن المعلومات المتوافرة لديه تؤكد أن «مشروع التسوية وتسمية سليمان فرنجية للرئاسة تم التوافق عليه دوليا بهدف ملء الفراغ في لبنان من بين الأشخاص الأربعة الذين صنفتهم بكركي الأكثر تمثيلا، وقد ظن من أطلق المبادرة أن الموضوع سيمر بسهولة، لكن تبين أن ثمة اعتراضات أبرزها من داخل قوى الثامن من آذار». وأضاف: «هذه الاعتراضات أدت إلى فرملة مشروع التسوية الذي لا يزال مطروحا ولم يسقط، لكنه لم يعد مسهلا كما تصور مطلقه، وثمة تريث الآن بانتظار نتائج الاتصالات الحالية، التي ستبين في الأيام المقبلة مدى نجاح أو فشل التسوية».
ويعول مراقبون على اجتماع قريب يجمع القادة المسيحيين الأربعة، عون وجعجع وفرنجية ورئيس الجمهورية السابق أمين الجميل، على طاولة بكركي، علما بأن أيا منهم لم يعرب بعد عن جاهزيته للمشاركة في اجتماع من هذا النوع.
ويأخذ أحد المرشحين المسيحيين المستقلين على البطريرك الماروني بشارة بطرس الراعي حصره الرئاسة بالقادة الـ4: «علما بأنه يعي تماما أن أيا منهم لا يمتلك حظوظا حقيقية بانتخابه رئيسا للبلاد». وقال المرشح الذي فضل عدم الكشف عن هويته لـ«الشرق الأوسط»: «البطريرك ارتكب خطأ استراتيجيا سيؤدي لإطالة أمد الأزمة أكثر، خاصة أن معظم الكتل السياسية باتت تحصر خياراتها بالمرشحين الـ4 وهو ما يعيق تقدم الأمور».



اللاجئون الفلسطينيون يعودون إلى مخيم «اليرموك» في سوريا

اللاجئ الفلسطيني خالد خليفة يدعو لابنه المدفون في مقبرة مخيم اليرموك المدمرة (أ.ف.ب)
اللاجئ الفلسطيني خالد خليفة يدعو لابنه المدفون في مقبرة مخيم اليرموك المدمرة (أ.ف.ب)
TT

اللاجئون الفلسطينيون يعودون إلى مخيم «اليرموك» في سوريا

اللاجئ الفلسطيني خالد خليفة يدعو لابنه المدفون في مقبرة مخيم اليرموك المدمرة (أ.ف.ب)
اللاجئ الفلسطيني خالد خليفة يدعو لابنه المدفون في مقبرة مخيم اليرموك المدمرة (أ.ف.ب)

كان مخيم اليرموك للاجئين في سوريا، الذي يقع خارج دمشق، يُعدّ عاصمة الشتات الفلسطيني قبل أن تؤدي الحرب إلى تقليصه لمجموعة من المباني المدمرة.

سيطر على المخيم، وفقاً لوكالة «أسوشييتد برس»، مجموعة من الجماعات المسلحة ثم تعرض للقصف من الجو، وأصبح خالياً تقريباً منذ عام 2018، والمباني التي لم تدمرها القنابل هدمت أو نهبها اللصوص.

رويداً رويداً، بدأ سكان المخيم في العودة إليه، وبعد سقوط الرئيس السوري السابق بشار الأسد في 8 ديسمبر (كانون الأول)، يأمل الكثيرون في أن يتمكنوا من العودة.

في الوقت نفسه، لا يزال اللاجئون الفلسطينيون في سوريا، الذين يبلغ عددهم نحو 450 ألف شخص، غير متأكدين من وضعهم في النظام الجديد.

أطفال يلعبون أمام منازل مدمرة بمخيم اليرموك للاجئين في سوريا (أ.ف.ب)

وتساءل السفير الفلسطيني لدى سوريا، سمير الرفاعي: «كيف ستتعامل القيادة السورية الجديدة مع القضية الفلسطينية؟»، وتابع: «ليس لدينا أي فكرة لأننا لم نتواصل مع بعضنا بعضاً حتى الآن».

بعد أيام من انهيار حكومة الأسد، مشت النساء في مجموعات عبر شوارع اليرموك، بينما كان الأطفال يلعبون بين الأنقاض. مرت الدراجات النارية والدراجات الهوائية والسيارات أحياناً بين المباني المدمرة. في إحدى المناطق الأقل تضرراً، كان سوق الفواكه والخضراوات يعمل بكثافة.

عاد بعض الأشخاص لأول مرة منذ سنوات للتحقق من منازلهم. آخرون كانوا قد عادوا سابقاً ولكنهم يفكرون الآن فقط في إعادة البناء والعودة بشكل دائم.

غادر أحمد الحسين المخيم في عام 2011، بعد فترة وجيزة من بداية الانتفاضة ضد الحكومة التي تحولت إلى حرب أهلية، وقبل بضعة أشهر، عاد للإقامة مع أقاربه في جزء غير مدمر من المخيم بسبب ارتفاع الإيجارات في أماكن أخرى، والآن يأمل في إعادة بناء منزله.

هيكل إحدى ألعاب الملاهي في مخيم اليرموك بسوريا (أ.ف.ب)

قال الحسين: «تحت حكم الأسد، لم يكن من السهل الحصول على إذن من الأجهزة الأمنية لدخول المخيم. كان عليك الجلوس على طاولة والإجابة عن أسئلة مثل: مَن هي والدتك؟ مَن هو والدك؟ مَن في عائلتك تم اعتقاله؟ عشرون ألف سؤال للحصول على الموافقة».

وأشار إلى إن الناس الذين كانوا مترددين يرغبون في العودة الآن، ومن بينهم ابنه الذي هرب إلى ألمانيا.

جاءت تغريد حلاوي مع امرأتين أخريين، يوم الخميس، للتحقق من منازلهن. وتحدثن بحسرة عن الأيام التي كانت فيها شوارع المخيم تعج بالحياة حتى الساعة الثالثة أو الرابعة صباحاً.

قالت تغريد: «أشعر بأن فلسطين هنا، حتى لو كنت بعيدة عنها»، مضيفة: «حتى مع كل هذا الدمار، أشعر وكأنها الجنة. آمل أن يعود الجميع، جميع الذين غادروا البلاد أو يعيشون في مناطق أخرى».

بني مخيم اليرموك في عام 1957 للاجئين الفلسطينيين، لكنه تطور ليصبح ضاحية نابضة بالحياة حيث استقر العديد من السوريين من الطبقة العاملة به. قبل الحرب، كان يعيش فيه نحو 1.2 مليون شخص، بما في ذلك 160 ألف فلسطيني، وفقاً لوكالة الأمم المتحدة للاجئين الفلسطينيين (الأونروا). اليوم، يضم المخيم نحو 8 آلاف لاجئ فلسطيني ممن بقوا أو عادوا.

لا يحصل اللاجئون الفلسطينيون في سوريا على الجنسية، للحفاظ على حقهم في العودة إلى مدنهم وقراهم التي أُجبروا على مغادرتها في فلسطين عام 1948.

لكن، على عكس لبنان المجاورة، حيث يُمنع الفلسطينيون من التملك أو العمل في العديد من المهن، كان للفلسطينيين في سوريا تاريخياً جميع حقوق المواطنين باستثناء حق التصويت والترشح للمناصب.

في الوقت نفسه، كانت للفصائل الفلسطينية علاقة معقدة مع السلطات السورية. كان الرئيس السوري الأسبق حافظ الأسد وزعيم «منظمة التحرير الفلسطينية»، ياسر عرفات، خصمين. وسُجن العديد من الفلسطينيين بسبب انتمائهم لحركة «فتح» التابعة لعرفات.

قال محمود دخنوس، معلم متقاعد عاد إلى «اليرموك» للتحقق من منزله، إنه كان يُستدعى كثيراً للاستجواب من قبل أجهزة الاستخبارات السورية.

وأضاف متحدثاً عن عائلة الأسد: «على الرغم من ادعاءاتهم بأنهم مع (المقاومة) الفلسطينية، في الإعلام كانوا كذلك، لكن على الأرض كانت الحقيقة شيئاً آخر».

وبالنسبة لحكام البلاد الجدد، قال: «نحتاج إلى مزيد من الوقت للحكم على موقفهم تجاه الفلسطينيين في سوريا. لكن العلامات حتى الآن خلال هذا الأسبوع، المواقف والمقترحات التي يتم طرحها من قبل الحكومة الجديدة جيدة للشعب والمواطنين».

حاولت الفصائل الفلسطينية في اليرموك البقاء محايدة عندما اندلع الصراع في سوريا، ولكن بحلول أواخر 2012، انجر المخيم إلى الصراع ووقفت فصائل مختلفة على جوانب متعارضة.

عرفات في حديث مع حافظ الأسد خلال احتفالات ذكرى الثورة الليبية في طرابلس عام 1989 (أ.ف.ب)

منذ سقوط الأسد، كانت الفصائل تسعى لتوطيد علاقتها مع الحكومة الجديدة. قالت مجموعة من الفصائل الفلسطينية، في بيان يوم الأربعاء، إنها شكلت هيئة برئاسة السفير الفلسطيني لإدارة العلاقات مع السلطات الجديدة في سوريا.

ولم تعلق القيادة الجديدة، التي ترأسها «هيئة تحرير الشام»، رسمياً على وضع اللاجئين الفلسطينيين.

قدمت الحكومة السورية المؤقتة، الجمعة، شكوى إلى مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة تدين دخول القوات الإسرائيلية للأراضي السورية في مرتفعات الجولان وقصفها لعدة مناطق في سوريا.

لكن زعيم «هيئة تحرير الشام»، أحمد الشرع، المعروف سابقاً باسم «أبو محمد الجولاني»، قال إن الإدارة الجديدة لا تسعى إلى صراع مع إسرائيل.

وقال الرفاعي إن قوات الأمن الحكومية الجديدة دخلت مكاتب ثلاث فصائل فلسطينية وأزالت الأسلحة الموجودة هناك، لكن لم يتضح ما إذا كان هناك قرار رسمي لنزع سلاح الجماعات الفلسطينية.