كارل لاغرفيلد يحقق هدفًا جديدًا في عرض سينمائي يزخر بالبريق

«شانيل» ترسم صورة عصرية للزمن الجميل في استوديوهات سينشيتا بروما

من تشكيلة الـ«كروز» لعام 2016 من «فندي» - كما ظهر في عرض «برادا»
من تشكيلة الـ«كروز» لعام 2016 من «فندي» - كما ظهر في عرض «برادا»
TT

كارل لاغرفيلد يحقق هدفًا جديدًا في عرض سينمائي يزخر بالبريق

من تشكيلة الـ«كروز» لعام 2016 من «فندي» - كما ظهر في عرض «برادا»
من تشكيلة الـ«كروز» لعام 2016 من «فندي» - كما ظهر في عرض «برادا»

800 ضيف حطوا الرحال في روما مؤخرا لحضور عرض دار «شانيل» الخاص بـ«الميتييه داغ»، الذي تقدمه كل سنة في عاصمة من عواصم العالم يختارها مصممها كارل لاغرفيلد، للاحتفال بمهارات الأنامل الناعمة والحرفيين المتخصصين في ورشاتها، من «لوساغ» إلى «لوماريه» وغيرهما. هذا التقليد بدأته الدار في عام 2002، وتصرف عليه مبالغ طائلة لأنه يخدم صورتها ويلمعها كدار تهتم بالحرفية وترعاها بشكل فعلي، وذلك بتوظيفها مئات العاملين، وضمان أن تستمتع الأجيال القادمة بما تنتجه أناملهم، حتى لا تنقرض هذه الصناعات وتختفي تحت وطأة المتطلبات المادية التي لم تعد أغلبية هذه الورشات الصغيرة قادرة على تحملها. الآن وبعد نحو 13 عاما، توسعت هذه الورشات وأصبحت توظف ما لا يقل عن ألفي عامل يتناثرون بين فرنسا واسكوتلندا، مقر «باري» المتخصصة في الصوف. أكثر ما يميز هذه العروض بذخها الواضح ليس في الديكورات وحدها، بل أيضا في الأزياء والإكسسوارات المطرزة أو المرصعة بسخاء لا تصدقه العين، لكنه يروق لها.
ورغم أن كثيرا من المصممين والمشترين ومتابعي الموضة يشتكون من أن جدول عروض الموضة أصبح مزدحما، إلى حد أنهم لا يستطيعون التقاط أنفاسهم فيه، فإن عرض «الميتييه داغ» يبقى بالنسبة لهم من العروض التي لا يجب تفويتها، عدا أن بعض بيوت الأزياء تحاول تقليدها بشكل أو بآخر. سبب نجاحها، حسب المتابعين، أن هناك شريحة من الزبونات الجديدات تبحث عن قطع فريدة، وهذا ما تمنحه لها «شانيل» في هذا الخط، الذي يستقي خطوطه عموما من العاصمة التي يتوجه إليها، سواء كانت مومباي، وسالزبورغ، وإدنبرة أو سيول وغيرها.
هذه المرة اختارت العاصمة روما مسرحا لها، وتحديدا استوديوهات سينشيتا التي شيدها موسوليني في الثلاثينات من القرن الماضي، وصورت فيها أفلام ضخمة مثل كليوباترا وبين هير، إضافة إلى أفلام للمخرج فيليني. وكما هو معتاد في كل عروض «شانيل» فإن الديكورات كانت البطل بلا منازع، حيث تم تصميم شارع باريسي يستحضر الضفة اليسرى، الواقعة جنوب نهر السين في الستينات، حين كانت مرتعا للفنانين والمثقفين والفلاسفة. استغرق تشييد هذا الشارع ستة أسابيع. هذا الخلط بين روما وباريس، تجسد أيضا في الأزياء التي كان من المفترض أن تأتي بلمسات مستقاة من نجمات إيطاليا في تلك الحقبة أو نجمات هوليوود اللواتي كن يعتبرنها بيتهن الثاني إلى حد ما، بالنظر إلى الوقت الذي كانت غالبيتهن يقضينه في التصوير، لكنها في المقابل، أخذتنا إلى نجمات فرنسيات مثل رومي شنايدر وأنوك إيمي وغيرهما من ممثلات الستينات والسبعينات. القاسم المشترك كان أناقة راقية تأخذنا بالفعل إلى عصر السينما الذهبي، لكن بأدوات اليوم ومن خلال صورة تخاطب بنات هذا الجيل.
وإذا كانت الأزياء حيوية وشبابية تعكس العصر الحالي، فإن الماكياج وتسريحات الشعر بقيت في الماضي الجميل، بفضل 17 فنان ماكياج و17 مصفف شعر وثمانية خبراء في المانيكير.
ألم نقل أن «شانيل» لا تبخل على هذه العروض بشيء؟ وطبعا فإنها بقدر ما تصرف تجني، لأنها تستثمر في المستقبل، وهذا ما جعل وصفتها ناجحة إلى الآن.



ماريا كاترانتزو تستوحي من حمامات كاراكالا مجموعة «كالا»

دخول ماريا مصممةَ أزياءٍ إلى دار جواهر بادرة رحبت بها أوساط الموضة (بولغاري)
دخول ماريا مصممةَ أزياءٍ إلى دار جواهر بادرة رحبت بها أوساط الموضة (بولغاري)
TT

ماريا كاترانتزو تستوحي من حمامات كاراكالا مجموعة «كالا»

دخول ماريا مصممةَ أزياءٍ إلى دار جواهر بادرة رحبت بها أوساط الموضة (بولغاري)
دخول ماريا مصممةَ أزياءٍ إلى دار جواهر بادرة رحبت بها أوساط الموضة (بولغاري)

بوصفها أول مديرة إبداعية يجري تعيينها لقسم الأكسسوارات والسلع الجلدية في «بولغاري» للجواهر، لم يكن أمام المصمِّمة اليونانية الأصل، ماري كاترانتزو أي خيار سوى العودة إلى جذور الدار لتستوحي من تاريخها ما يزيد من وهجها وبريقها. لم تكن المهمة صعبة؛ نظراً لتاريخ يمتد على مدى قرون، ويحوي ما لا ينضب من الأفكار والأحجار الكريمة. بعد تفكير، وجدت أن حمامات كاراكالا، واحدة من عجائب روما السبع في العصور القديمة، وزهرة الكالا بشكلها العجيب، تُشَكِّلان نَبْعَيْنِ يمكن أن تنهل منهما، ومن هنا جاءت التسمية التي أطلقتها على المجموعة «كالا».

ماريا كاترانتزو وحقيبة مرصعة بالأحجار تجسد فسيفساء حمامات كاراكالا (بولغاري)

عندما أعلنت «بولغاري» في شهر أبريل (نيسان) الماضي التحاق ماري كاترانتزو، بها مديرةً فنيةً للمنتجات الجلدية والأكسسوارات، باركت أوساط الموضة والجواهر على حد سواء هذا القرار؛ فهذه خطوة ذكية من شأنها أن تَضُخَّ دماءً شابة بدار يبلغ عمرها أكثر من قرن. كان اسم ماري كاترانتزو وحده يكفي كي يثير فضول عشاق الجمال والإبداع؛ لأنهم يتوقعون منها إبداعات مهمة؛ كونها تتمتع بصيت طيب منذ تخرجها في معهد سانترال سانت مارتنز في عام 2008، لتصبح من بين أهم المصمِّمين الشباب المشاركين في أسبوع لندن. ومنذ سنوات قليلة، انتقلت للاستقرار في بلدها الأصلي، وتحديداً أثينا، لكن اسمها ظل محفوراً في أوساط الموضة، ومنقوشاً بطبعاتها الفنية الجريئة وتصاميمها الهندسية المثيرة.

المصممة ماري كاترانتزو مع المؤثرة الإيطالية أناديلا روسو (بولغاري)

بعد استقرارها في أثينا، بدأت سلسلة من الشراكات كانت دائماً تحقق النجاحِ؛ ففي عام 2019 قدمت عرضاً فخماً من خط الـ«هوت كوتور» في أثينا على خلفية معبد بوسيدون. في هذا العرض، تزيَّنت العارضات بجواهر من «بولغاري» عزَّزت فخامة الصورة من جهة، ودشَّنت علاقتها بالدار الرومانية من جهة ثانية. ربما يتساءل البعض عن كيف لدار متجذرة في التاريخ الروماني أن تتعاون مع مصممة يونانية، خصوصاً أن إيطاليا لا تفتقر إلى المواهب الشابة والمحترفة، ليأتي الجواب بسيطاً، وهو أن مؤسس الدار في الأصل يوناني، اسمه سوتيريو بولغاريس، كان ذلك منذ أكثر من قرنين من الزمن، لكن تغيَّرت فيه الأماكن وكذلك الاسم من «بولغاريس» إلى «بولغاري».

بالنسبة لدار تخصصت في الجواهر أولاً وأخيراً، فإن قرار تعيين مصمِّمة أزياء في منصب إبداعي، أمرٌ تكتيكي وذكي يستهدف ضخ دماء جديدة على قسم الأكسسوارات، وفي الوقت نفسه يريد استقطاب عميلات يعشقن أسلوب كاترانتزو، ولا يزال بداخلهن حنين للمساتها الفنية. تشير المصمِّمة إلى أن القرار لم يُتَّخذ بشكل سريع؛ فعلاقتها بالدار والمجموعة المالكة لها «إل في إم إتش» عمرها سنوات، بدأت بشكل تدريجي وعضوي بشراكات كثيرة، منها مشاركتها في عام 2021، في سلسلة الشراكات التي أطلقتها «بولغاري» تحت عنوان «سيربنتي بعيون...» وهي فعالية تستضيف فيها كل مرة مصمِّماً يضع بصماته الفنية على منتجها الأيقوني.

تقول ماري كاترانتزو إنها استلهمت من أرضية الحمامات وفسيفسائها المتعددة الألوان، شكل مروحة رصَّعتها في ورشات الدار بفلورنسا، باللؤلؤ والجمشت والزمرد والذهب؛ حيث أرادتها أن تحاكي قطعة جواهر بكل المقاييس، وهو ما كان. أمَّا من زهرة الكالا فاستلهمت شكلها النحتي المتعرج الذي يرمز للقوة والمرونة. وتشمل المجموعة حقائب «مينوديير» للسهرة، وأخرى جلدية لكل المناسبات، إلى جانب أوشحة حريرية. كانت التجربة ناجحة على المستويين التجاري والفني على حد سواء؛ فماريا تُدرك تماماً أن الاثنين وجهان لعملة واحدة، وهو ما أكده المصمِّم السعودي زياد البوعينين الذي تدرَّب في بداياته على يدها قائلاً في لقاء سابق مع «الشرق الأوسط» إن العمل معها عن قُرب كان فرصة ذهبية بالنسبة له، حيث «تعلمت منها الكثير من الأمور التي ساعدتني على فهم كيف تُدار أي دار أزياء أو شركة صغيرة من الداخل»، وتابع: «لم يكن العمل مع ماريا كاترانتزو ممتعاً من الناحية الفنية فحسب، بل فتح عيني على أمور كثيرة كانت غائبة عني بوصفي مصمماً شاباً يعتقد أن الابتكار في التصميم وحده يكفي».