الرئيس هولاند ينوي الاستفادة من قمة المناخ لدفع خطة بناء تحالف عريض ضد «داعش»

عشاء في الإليزيه مع أوباما وباريس تطمح للقاء ثلاثي يضم بوتين

الرئيس فرنسوا هولاند لدى استقباله رئيس وزراء كندا جاستن ترودو في قصر الإليزيه أمس (أ.ب)
الرئيس فرنسوا هولاند لدى استقباله رئيس وزراء كندا جاستن ترودو في قصر الإليزيه أمس (أ.ب)
TT

الرئيس هولاند ينوي الاستفادة من قمة المناخ لدفع خطة بناء تحالف عريض ضد «داعش»

الرئيس فرنسوا هولاند لدى استقباله رئيس وزراء كندا جاستن ترودو في قصر الإليزيه أمس (أ.ب)
الرئيس فرنسوا هولاند لدى استقباله رئيس وزراء كندا جاستن ترودو في قصر الإليزيه أمس (أ.ب)

رغم أهمية قمة المناخ، لا ينسى المسؤولون الفرنسيون مسألة محاربة الإرهاب وسعيهم لإقامة «تحالف عريض» أو «وحيد» لمحاربة «داعش» الأمر الذي لا يبدو حتى الآن أنه حقق تقدما. لذا، فإن الرئيس فرنسوا هولاند ووزير خارجيته لوران فابيوس سيستفيدان من وجود 153 رئيس دولة وحكومة في باريس لاستكمال الاتصالات التي بدأتها فرنسا تحقيقا للغرض المعلن أي تكوين جبهة موحدة لمحاربة «داعش» الذي أعلن هولاند أكثر من مرة أنه يريد «تدميره».
وأمس، استقبل هولاند الأمين العام للأمم المتحدة بان كي مون، ثم رئيس وزراء كندا جاستن ترودو. ومن جملة المواضيع التي تباحث بها محاربة الإرهاب والوضع في سوريا ودور الأمم المتحدة والتسوية السياسية، إضافة إلى ما يمكن لكندا أن تقدمه في الحرب على «داعش». ومساء اليوم، يلتقي هولاند الرئيس الأميركي باراك أوباما في قصر الإليزيه في إطار عشاء عمل سيخصص جانب منه لموضوع الحرب على الإرهاب وللمساعي الفرنسية التي لم تنجح حتى اليوم في إيجاد القاعدة السياسية لتعاون أوسع بين التحالف الذي تقوده الولايات المتحدة، والآخر الذي يضم روسيا وإيران والعراق والنظام السوري وقواته العسكرية.
وحتى أمس، لم يصدر عن المسؤولين الأميركيين أي تعليق بشأن «التحولات المتلاحقة» في التوجهات الفرنسية خصوصا بشأن ما أعلنه وزير الخارجية لوران فابيوس من الحاجة للعمل مع قوات النظام السوري. وكان فابيوس قد قال يوم الجمعة الماضي ما معناه إن بلاده لم تعد تمانع في أن تضم الحرب على «داعش» قوات النظام السوري إلى جانب الجيش السوري الحر و«قوات عربية سنية» والأكراد. لكنه استدرك لاحقا بالقول إن الانفتاح على القوات السورية النظامية «لا يمكن أن يتم إلا في إطار عملية انتقال سياسية» حيث «لا يستطيع الأسد أن يكون مستقبل سوريا».
في كلمته للصحافة أمس عقب اجتماعه مع رئيس وزراء كندا، دعا هولاند مجددا لكن بشكل غير مباشر لتكوين الجبهة التي يسعى إليها لمحاربة «داعش» حيث أعلن أن «الإرهاب يهدد كل بلدان الكون ويستهدف الإنسانية جمعاء» وأن «لا أحد يستطيع أن يشعر بأنه بمنأى عنه». ولهذا السبب، يريد الرئيس الفرنسي أن تعمد كل البلدان إلى «رص صفوفها» و«دمج قواها» لمحاربة هذا الخطر الذي أصبح الشغل الشاغل لفرنسا بعد هجمات 13 نوفمبر (تشرين الثاني) الماضي. وحصل هولاند على دعم رئيس الوزراء الكندي الذي توصل معه إلى تفاهم بشأن تبادل المعلومات الاستخبارية وعلى أن يقدم كل طرف، «وفق إمكانياته» الوسائل التي يستطيع تقديمها في الحرب على الإرهاب، علما بأن كندا عضو في التحالف الذي تقوده واشنطن.
إلى ذلك، لم ترشح من المصادر الأميركية أو الروسية معلومات عن احتمال عقد اجتماع ثنائي بين الرئيسين أوباما وبوتين، بينما يطمح الطرف الفرنسي إلى لقاء ثلاثي يضم إلى جانبهما الرئيس هولاند. لكن تردد واشنطن في السير بالمقترح الفرنسي الخاص بتنسيق العمليات العسكرية مع موسكو يمكن أن يطيح هذا المشروع، خصوصا أن أوباما يرى أن أي انفتاح على موسكو يتطلب شرطين: الأول، أن تتوقف القاذفات الروسية عن استهداف مواقع المعارضة السورية المعتدلة، والثاني أن تقبل موسكو بلعب دور المسهل لعملية الانتقال السياسية في سوريا، والمقصود بها إزاحة الرئيس السوري عن المشهد السياسي. والحال، أن بوتين أعاد تأكيد موقفه الثابت من مصير الأسد. أما بالنسبة للتوقف عن استهداف مواقع المعارضة المعتدلة، فإن الرد جاء أمس، حيث ضرب الطيران الروسي مواقع في جسر الشغور وريف إدلب تقول لا حضور لـ«داعش» فيها.
على أي حال، لا تستطيع فرنسا رغم رغبتها القوية بالتنسيق والعمل مع موسكو، الخروج من العباءة الأميركية. وكتبت صحيفة «لو موند» في عددها الأخير بهذا الخصوص أن باريس «لا تستطيع الاستغناء عن واشنطن» في موضوع الاستخبارات وتعيين الأهداف، رغم تأكيدات الجهات الفرنسية أن فرنسا «تحتفظ باستقلاليتها في توفير المعلومات وتحديد الأهداف». ونقلت الصحيفة أن هولاند طلب من أوباما لدى لقائهما في البيت الأبيض الحصول على المعلومات التي تجمعها الأجهزة ووسائل التجسس الأميركية التي تتقاسمها واشنطن مع حلفائها الأنجلوسكسونيين وحدهم «بريطانيا وأستراليا وكندا ونيوزيلندا».
كما تشير الصحيفة الفرنسية إلى أن باريس بحاجة إلى الاطلاع على الصور التي تجمعها الأقمار الصناعية وعلى نتائج التنصت على مخابرات القادة المحليين لـ«داعش» وتحديدا في ما يخص فرنسا. وفي تصريحاته عقب لقائه هولاند في البيت الأبيض، أشار أوباما إلى تكثيف تبادل المعلومات الاستخبارية وإلى تكثيف لضربات الجوية ضد «داعش» وهو ما أكده هولاند. لكن بين الكلام العام وترجمة المبادئ على أرض الواقع، ثمة هوة واسعة لا يمكن ردمها بسهولة خصوصا أن معلومات «لو موند» تفيد أن الأجهزة الأميركية «غير متحمسة» لتقاسم المعلومات مع الفرنسيين. من هنا، يبدو اجتماع الغد بين أوباما وهولاند بالغ الأهمية لمعرفة مصير التفاهمات التي توصل إليها الرجلان، ومصير التحالف الكبير الذي يدعو إليه هولاند لـ«القضاء» على «داعش».



تحقيقات: القوات الخاصة البريطانية سُمح لها بـ«التملص من القتل» في أفغانستان

جنود بريطانيون عائدون من أفغانستان خلال احتفال في اسكوتلندا عام 2013 (غيتي)
جنود بريطانيون عائدون من أفغانستان خلال احتفال في اسكوتلندا عام 2013 (غيتي)
TT

تحقيقات: القوات الخاصة البريطانية سُمح لها بـ«التملص من القتل» في أفغانستان

جنود بريطانيون عائدون من أفغانستان خلال احتفال في اسكوتلندا عام 2013 (غيتي)
جنود بريطانيون عائدون من أفغانستان خلال احتفال في اسكوتلندا عام 2013 (غيتي)

كشفت شهادات أُميط عنها اللثام، يوم الأربعاء، من قِبَل لجنة تحقيق في تصرفات الجنود البريطانيين خلال الحرب هناك أن جنود القوات الخاصة البريطانية استخدموا أساليب متطرفة ضد المسلحين في أفغانستان، بما في ذلك تغطية رجل بوسادة قبل إطلاق النار عليه بمسدس، بالإضافة إلى قتل أشخاص غير مسلحين.

جنود من الجيش البريطاني (رويترز)

قال أحد الضباط في حديث مع زميل له، في مارس (آذار) 2011، وهو ما تم تأكيده في شهادة قدمها خلال جلسة مغلقة: «خلال هذه العمليات، كان يُقال إن (جميع الرجال في سن القتال يُقتلون)، بغض النظر عن التهديد الذي يشكلونه، بمن في ذلك أولئك الذين لا يحملون أسلحة».

* مزاعم جرائم حرب

كانت وزارة الدفاع البريطانية قد أعلنت، في عام 2022، أنها ستجري التحقيق للتيقُّن من مزاعم جرائم حرب ارتكبتها القوات البريطانية في أفغانستان بين عامي 2010 و2013. وفي عام 2023، أكدت أن المزاعم تتعلق بوحدات القوات الخاصة، وفق تقرير لـ«نيويورك تايمز»، الأربعاء.

* ثقافة الإفلات من العقاب

جاءت مئات الصفحات من الأدلَّة التي نُشرت، والتي تضمّ رسائل بريد إلكتروني متبادَلة، ورسائل، وشهادات من ضباط كبار وجنود عاديين، لترسم صورة مزعجة لقوة قتالية نخبوية تتسم بثقافة الإفلات من العقاب؛ حيث كانت أعداد القتلى أهم من أي معايير أخرى.

* مستعصون على اللوم

قال أحد أعضاء وحدة بريطانية إن الجنود بدا عليهم أنهم «مستعصون على اللوم»، خلال سنوات القتال الطويلة في أفغانستان، وهو ما منَحَهم «تصريحاً ذهبياً يسمح لهم بالتملُّص من القتل».

وكما الحال مع جميع الشهود؛ فقد جرى إخفاء هوية هذا الجندي، وتم تعديل العديد من البيانات والوثائق الأخرى بشكل كبير لإخفاء الأسماء والوحدات وموقع العمليات. لكن حتى مع إخفاء هذه التفاصيل، كانت هناك أوصاف تكشف عن ضباط صغار شاركوا مخاوفهم مع رؤسائهم حول التكتيكات المستخدمة خلال المداهمات الليلية ضد المسلحين.

في رسائل بريد إلكتروني متبادلة من فبراير (شباط) 2011، أخبر جندي ضابطاً كبيراً عن مداهمة جرت خلالها إعادة أفغاني بمفرده إلى داخل مبنى، لكنه عاد بسلاحه رغم أن القوة المداهمة كانت تفوقه عدداً بكثير. تساءل الجندي ما إذا كانت وحدات «القوات الجوية الخاصة» تطلب من الأفغان إحضار أسلحتهم «مما يعطي المسوغ لإعدامهم»؟

* القتل العشوائي

رد الضابط الكبير قائلاً: «نقطة جيدة. يبدو أن هناك تجاهلاً عشوائياً للحياة ومبادئ مكافحة التمرد والتقارير الموثوقة».

تشير مبادئ مكافحة التمرد (COIN) إلى العقيدة التي استخدمها الجنود الأميركيون والبريطانيون وغيرهم من جنود حلف «الناتو»، خلال غالبية فترات الحرب في أفغانستان. من بين المخاوف الأخرى، كان القتل العشوائي للمقاتلين المدنيين والأفغان الذي يُعدّ بمثابة تدمير للثقة بين القوات الأجنبية والسكان المدنيين.

في مبادلة أخرى، وصف الضابط الكبير نفسه كيف بدا أن وحدات «القوة الجوية الخاصة (ساس)»، كانت تعود إلى «التكتيكات القديمة».

* «وحدات ساس»

عندما طُرِح سؤال في بريد إلكتروني حول ما إذا كانت «وحدات ساس» تخلق سيناريوهات تسمح لهم بقتل المقاتلين الأفغان، رد ضابط آخر قائلاً: «هؤلاء الأفغان أغبياء لدرجة أنهم يستحقون الموت». قال الضابط الأول إنه اعتبر الرد «تعليقاً سخيفاً من جانبه يعكس حقيقة أن الطريقة التي وصف بها مقتل الأفغان غير منطقية».

وقالت وزارة الدفاع إنه «من المناسب أن ننتظر نتيجة التحقيق قبل الإدلاء بالمزيد من التعليقات».

المزاعم المتعلقة بجرائم الحرب من قبل الجنود البريطانيين في أفغانستان ليست بالجديدة؛ فقد تم تسليط الضوء عليها في تقارير إعلامية، أبرزها لدى برنامج التحقيقات «بانوراما»، من «بي بي سي». كما اتهمت القوات الخاصة الأميركية بعدة حالات لسوء السلوك في أفغانستان، بما في ذلك قتل المدنيين أثناء المداهمات، ثم محاولة التعتيم على ذلك.

جندي من القوات الخاصة البريطانية خلال التدريبات (أرشيفية - متداولة)

جاء سلوك القوات الخاصة البريطانية ليثير نزاعاً سياسياً في الخريف الماضي عندما كان حزب المحافظين على وشك اختيار زعيم جديد. ادعى روبرت جينريك، أحد المرشحين، من دون دليل، أنهم «يُقدِمون على القتل بدلاً من القبض على الإرهابيين»، وقال إن ذلك كان لأن محكمة حقوق الإنسان الأوروبية كانت ستجبر بريطانيا على إطلاق سراحهم، حال تركوهم أحياء.

تعرض جينريك لانتقادات حادة من مرشحين آخرين، توم توغندهات وجيمس كليفرلي، وكلاهما من الجنود السابقين. وقال توغندهات إن تعليقاته أظهرت «سوء فهم جوهرياً للعمليات العسكرية وقانون النزاع غير المسلح».

ظهرت بعض هذه المكاشفات نتيجة للتنافس الشديد بين القوة الجوية الخاصة، ووحدة القوات الخاصة للجيش البريطاني، وقوة القوارب الخاصة، التي تُعد نظيرتها في البحرية الملكية.

وصلت القوة الجوية الخاصة إلى أفغانستان عام 2009. والعديد منهم جاءوا مباشرة من الحرب في العراق، وتولوا مهمة مطاردة مقاتلي «طالبان» من «قوة القوارب الخاصة»، وقد أُثير العديد من المخاوف بشأن أساليبهم من قبل جنود وقادة تلك القوة.

* ثقافة التعتيم

أعرب العديد من الشهود عن استيائهم من ثقافة التعتيم على الأعمال الوحشية بتزوير تقارير العمليات. في حالة الرجل الأفغاني الذي تمَّت تغطية رأسه، «تم ايهامه بأنه سيتم التقاط صور لجثة بجانب الأسلحة التي قد لا تكون بحوزته عندما تم قتله»، بحسب رواية أحد الجنود للجنة التحقيق.

قال جندي آخر في بريد إلكتروني في فبراير (شباط) 2011 إنه عندما أثار الناس مخاوفهم، جاء الرد عليهم: «ما الذي لا يفهمه الجميع بشأن مدى أهمية هذه العمليات؟ يبدو أن الجنود يتصرفون وكأنهم فوق النقد».

حذَّر البعض من أن القوات البريطانية قد تكون عرضة لنفس الحرج شأن حلفائها الأميركيين الذين واجهوا فضيحة في 2010 بتسريب سجلات عسكرية توثق 6 سنوات من الحرب في أفغانستان، بواسطة «ويكيليكس»، المجموعة التي أسسها جوليان أسانج.

قال أحد الضباط في بريد إلكتروني: «إذا لم نصدق هذا، فسيصدقه الآخرون، وعندما يحدث تسريب تالٍ لـ(ويكيليكس)، فسيجروننا معهم».