عراقيات يستذكرن اليوم العالمي لوقف العنف ضد المرأة

وصفن أوضاع النساء بالأشد ضررًا بسبب الإرهاب

عراقيات يطالبن الحكومة بتوفير الحماية الكافية للنساء وإيجاد ملاذات آمنة بمناسبة اليوم العالمي للقضاء على العنف ضد المرأة
عراقيات يطالبن الحكومة بتوفير الحماية الكافية للنساء وإيجاد ملاذات آمنة بمناسبة اليوم العالمي للقضاء على العنف ضد المرأة
TT

عراقيات يستذكرن اليوم العالمي لوقف العنف ضد المرأة

عراقيات يطالبن الحكومة بتوفير الحماية الكافية للنساء وإيجاد ملاذات آمنة بمناسبة اليوم العالمي للقضاء على العنف ضد المرأة
عراقيات يطالبن الحكومة بتوفير الحماية الكافية للنساء وإيجاد ملاذات آمنة بمناسبة اليوم العالمي للقضاء على العنف ضد المرأة

«أوقفوا العنف ضد المرأة»، و«أنقذوا المرأة العراقية من الفقر والتهميش والسبي والتهجير».. شعارات رفعتها نساء عراقيات عصر الأربعاء في تجمع كبير وسط العاصمة بغداد، وأمام نصب كهرمانة الشهير، وذلك بمناسبة اليوم العالمي للقضاء على العنف ضد المرأة، مطالبات الحكومة العراقية بتوفير الحماية الكافية للنساء وإيجاد ملاذات آمنة للناجيات من عنف «داعش» والإسراع بإصدار قانون الحماية من العنف الأسري.
تقول شيمران مروكل، من رابطة المرأة العراقية، في حديثها لـ«الشرق الأوسط»: «نستذكر اليوم العالمي لمناهضة كل أشكال العنف الموجه ضد النساء ونحن نعيش مرحلة هي الأشد قسوة على العراقيين (نساء ورجالا)، إذ تشير التقارير إلى نزوح أكثر من 3 ملايين شخص وتدفقهم داخليا وإلى الدول المجاورة للحصول على الحماية والأمان من الحروب المتواصلة مع الإرهاب، بالإضافة إلى أكثر من 5 آلاف مختطف من النساء والأطفال الذين لا يُعرف مصيرهم حتى الآن، فضلا عن آلاف المفقودين والمفقودات، مع نقص كبير في الملاذات الآمنة والملائمة والخدمات الأساسية».
وأضافت: «النساء والأطفال هم الفئتان الأكثر تضررا في أوقات النزاعات المسلحة، نتيجة لفقدانهم الأمن والحماية، ومن هنا لا بد من متابعة تنفيذ الخطط والاستراتيجيات التي توفر الحماية للنساء في بلد شهد حروبا وصراعات داخلية بعد أحداث سقوط النظام الديكتاتوري في عام 2003، التي لم تجلب سوى الانقسامات العرقية والطائفية، فكانت المرأة هي الضحية، فهي نازحة، ومخطوفة، وسبية، ومغتصبة، ومعتقلة، ومهمشة، ومنكوبة، ومقتولة باسم الشرف، وهناك نساء أجبرن على البقاء في المناطق التي سيطر عليها (داعش) في الموصل والأنبار».
وطالبت النساء بسن وإنفاذ القوانين للحد من العنف الموجه ضدهن، ووضع البرامج التوعوية والإعلامية التي تعمل على تغيير النظرة الدونية للمرأة لإصلاح صورتها في المجتمع، وتقديم الدعم للنساء ليكنَّ عناصر فاعلة ومؤثرة للتغيير نحو الأفضل.
بدورها، ركزت الناشطة إيمان السهلاني، إحدى المشاركات في الوقفة الاستذكارية، على مطالبة السلطات الثلاث (التشريعية والتنفيذية والقضائية) بضرورة الالتزام بالاتفاقيات الدولية ومضاعفة الجهود للعمل مع منظمات المجتمع المدني لتنظيم ووضع برامج عمل ملموسة تعمل على تعزيز القدرة على مواجهة الأزمات والخروج منها لتحقيق الاستقرار الاجتماعي والأمني والاقتصادي والسياسي.
بدورها، أطلقت شبكة النساء العراقيات حملة الـ16 يوما لمناهضة العنف ضد المرأة، من 25 نوفمبر (تشرين الثاني) وحتى 10 ديسمبر (كانون الأول) 2015، من أجل حشد الجهود للعمل على الحد من كل مظاهر العنف ضد المرأة في سائر أنحاء ودول العالم ومن بينها العراق، بعدما أصبحت ممارسات العنف ضد النساء والفتيات تتخذ أبعادا خطيرة، وتشكل تهديدا للأمن والسلام العالمي، كما ورد ذلك في نص قرار مجلس الأمن 2242 الصادر في أكتوبر 2015.
وقالت الناشطة هناء أدور، رئيسة جمعية الأمل العراقية: «تعد ظاهرة العنف ضد المرأة أحد أهم التحديات التي تواجه المجتمع العراقي، نتيجة لتدهور الوضع الأمني خلال العقد الأخير، وتصاعد العنف القائم على النوع الاجتماعي إلى حد مخيف بعد سيطرة تنظيم داعش الإرهابي على مناطق واسعة من العراق في التاسع من يونيو (حزيران) 2014، بآيديولوجيته وممارساته الوحشية المنهجية ضد النساء والفتيات كأسلوب من أساليب الإرهاب، متمثلا في خطف العديد من النساء الإيزيديات والمسيحيات، وغيرهن من الأقليات، وإجبارهن على التخلي عن دياناتهن ومعتقداتهن واعتناق الإسلام، وتعرضهن للاغتصاب والاستعباد الجنسي والاتجار بهن، وقتل العديد من النساء من بينهن ناشطات وسياسيات وأكاديميات وإعلاميات».
ولفتت أدور إلى أن «الوضع في العراق ككل يسهم في زيادة معاناة النساء والفتيات بسبب العنف الطائفي الداخلي، وعسكرة الأحزاب السياسية، والتهجير والنزوح، وانعدام التماسك الاجتماعي، حيث تتفشى ممارسات الاعتداءات الجسدية والجنسية، والعنف المنزلي ضد المرأة، والزواج المبكر والقسري، وجرائم ما يسمى بغسل العار، وسلب حقوقها الأساسية في الصحة والتعليم».
ونوهت بأن «العقلية الذكورية السائدة لدى صناع القرار وبروز الأعراف والعادات القبلية والدينية، وضعف مؤسسات إنفاذ القانون والعدالة، وانعدام آليات الحماية، وإفلات مرتكبي الجرائم ضد النساء من العقاب، كل ذلك يعزز من بيئة العنف القائم على النوع والجنس في مجتمعنا».
ولخصت أدور نشاطات الحملات المدنية بالمناسبة في القيام بحملة المدافعة لإصدار مشروع قانون الحماية من العنف الأسري الذي هو قيد المناقشة في مجلس النواب، والتحشيد للإسراع في إقراره، بصيغة تحفظ كرامة المرأة الضحية وضمان حمايتها وصون حقوقها، والسعي لتنفيذ خطة الطوارئ للقرار 1325 والتي تبنتها الحكومة العراقية في مايو (أيار) الماضي، وركزت على ضرورة تلبية احتياجات النازحات الخاصة وحمايتهن وتمكينهن، وإشراك النساء في حل النزاعات والمفاوضات وفي بناء عملية السلام والأمن، إضافة إلى مقترح لتأسيس الآلية الوطنية المعنية بحقوق النساء بعد إلغاء وزارة الدولة لشؤون المرأة، في سبيل تنفيذ الاستراتيجية الوطنية للنهوض بالمرأة والاستراتيجية الوطنية لمناهضة العنف ضد المرأة.



ستيف بركات لـ«الشرق الأوسط»: أصولي اللبنانية تتردّد أبداً في صدى موسيقاي

عازف البيانو ستيف بركات ينسج موسيقاه من جذوره اللبنانية     -   ستيف بركات يؤمن بالموسيقى لغة عالمية توحّد الشعوب (الشرق الأوسط)
عازف البيانو ستيف بركات ينسج موسيقاه من جذوره اللبنانية - ستيف بركات يؤمن بالموسيقى لغة عالمية توحّد الشعوب (الشرق الأوسط)
TT

ستيف بركات لـ«الشرق الأوسط»: أصولي اللبنانية تتردّد أبداً في صدى موسيقاي

عازف البيانو ستيف بركات ينسج موسيقاه من جذوره اللبنانية     -   ستيف بركات يؤمن بالموسيقى لغة عالمية توحّد الشعوب (الشرق الأوسط)
عازف البيانو ستيف بركات ينسج موسيقاه من جذوره اللبنانية - ستيف بركات يؤمن بالموسيقى لغة عالمية توحّد الشعوب (الشرق الأوسط)

ستيف بركات عازف بيانو كندي من أصل لبناني، ينتج ويغنّي ويلحّن. لفحه حنين للجذور جرّه إلى إصدار مقطوعة «أرض الأجداد» (Motherland) أخيراً. فهو اكتشف لبنان في وقت لاحق من حياته، وينسب حبّه له إلى «خيارات مدروسة وواعية» متجذرة في رحلته. من اكتسابه فهماً متيناً لهويته وتعبيره عن الامتنان لما منحه إياه الإرث من عمق يتردّد صداه كل يوم، تحاوره «الشرق الأوسط» في أصله الإنساني المنساب على النوتة، وما أضفاه إحساسه الدفين بالصلة مع أسلافه من فرادة فنية.
غرست عائلته في داخله مجموعة قيم غنية استقتها من جذورها، رغم أنه مولود في كندا: «شكلت هذه القيم جزءاً من حياتي منذ الطفولة، ولو لم أدركها بوعي في سنّ مبكرة. خلال زيارتي الأولى إلى لبنان في عام 2008. شعرتُ بلهفة الانتماء وبمدى ارتباطي بجذوري. عندها أدركتُ تماماً أنّ جوانب عدة من شخصيتي تأثرت بأصولي اللبنانية».
بين كوبنهاغن وسيول وبلغراد، وصولاً إلى قاعة «كارنيغي» الشهيرة في نيويورك التي قدّم فيها حفلاً للمرة الأولى، يخوض ستيف بركات جولة عالمية طوال العام الحالي، تشمل أيضاً إسبانيا والصين والبرتغال وكوريا الجنوبية واليابان... يتحدث عن «طبيعة الأداء الفردي (Solo) التي تتيح حرية التكيّف مع كل حفل موسيقي وتشكيله بخصوصية. فالجولات تفسح المجال للتواصل مع أشخاص من ثقافات متنوعة والغوص في حضارة البلدان المضيفة وتعلّم إدراك جوهرها، مما يؤثر في المقاربة الموسيقية والفلسفية لكل أمسية».
يتوقف عند ما يمثله العزف على آلات البيانو المختلفة في قاعات العالم من تحدٍ مثير: «أكرّس اهتماماً كبيراً لأن تلائم طريقة عزفي ضمانَ أفضل تجربة فنية ممكنة للجمهور. للقدرة على التكيّف والاستجابة ضمن البيئات المتنوّعة دور حيوي في إنشاء تجربة موسيقية خاصة لا تُنسى. إنني ممتنّ لخيار الجمهور حضور حفلاتي، وهذا امتياز حقيقي لكل فنان. فهم يمنحونني بعضاً من وقتهم الثمين رغم تعدّد ملاهي الحياة».
كيف يستعد ستيف بركات لحفلاته؟ هل يقسو عليه القلق ويصيبه التوتر بإرباك؟ يجيب: «أولويتي هي أن يشعر الحاضر باحتضان دافئ ضمن العالم الموسيقي الذي أقدّمه. أسعى إلى خلق جو تفاعلي بحيث لا يكون مجرد متفرج بل ضيف عزيز. بالإضافة إلى الجانب الموسيقي، أعمل بحرص على تنمية الشعور بالصداقة الحميمة بين الفنان والمتلقي. يستحق الناس أن يلمسوا إحساساً حقيقياً بالضيافة والاستقبال». ويعلّق أهمية على إدارة مستويات التوتّر لديه وضمان الحصول على قسط كافٍ من الراحة: «أراعي ضرورة أن أكون مستعداً تماماً ولائقاً بدنياً من أجل المسرح. في النهاية، الحفلات الموسيقية هي تجارب تتطلب مجهوداً جسدياً وعاطفياً لا تكتمل من دونه».
عزف أناشيد نالت مكانة، منها نشيد «اليونيسف» الذي أُطلق من محطة الفضاء الدولية عام 2009 ونال جائزة. ولأنه ملحّن، يتمسّك بالقوة الهائلة للموسيقى لغة عالمية تنقل الرسائل والقيم. لذا حظيت مسيرته بفرص إنشاء مشروعات موسيقية لعلامات تجارية ومؤسسات ومدن؛ ومعاينة تأثير الموسيقى في محاكاة الجمهور على مستوى عاطفي عميق. يصف تأليف نشيد «اليونيسف» بـ«النقطة البارزة في رحلتي»، ويتابع: «التجربة عزّزت رغبتي في التفاني والاستفادة من الموسيقى وسيلة للتواصل ومتابعة الطريق».
تبلغ شراكته مع «يونيفرسال ميوزيك مينا» أوجها بنجاحات وأرقام مشاهدة عالية. هل يؤمن بركات بأن النجاح وليد تربة صالحة مكوّنة من جميع عناصرها، وأنّ الفنان لا يحلّق وحده؟ برأيه: «يمتد جوهر الموسيقى إلى ما وراء الألحان والتناغم، ليكمن في القدرة على تكوين روابط. فالنغمات تمتلك طاقة مذهلة تقرّب الثقافات وتوحّد البشر». ويدرك أيضاً أنّ تنفيذ المشاريع والمشاركة فيها قد يكونان بمثابة وسيلة قوية لتعزيز الروابط السلمية بين الأفراد والدول: «فالثقة والاهتمام الحقيقي بمصالح الآخرين يشكلان أسس العلاقات الدائمة، كما يوفر الانخراط في مشاريع تعاونية خطوات نحو عالم أفضل يسود فيه الانسجام والتفاهم».
بحماسة أطفال عشية الأعياد، يكشف عن حضوره إلى المنطقة العربية خلال نوفمبر (تشرين الثاني) المقبل: «يسعدني الوجود في منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا كجزء من جولة (Néoréalité) العالمية. إنني في مرحلة وضع اللمسات الأخيرة على التفاصيل والتواريخ لنعلن عنها قريباً. تملؤني غبطة تقديم موسيقاي في هذا الحيّز النابض بالحياة والغني ثقافياً، وأتحرّق شوقاً لمشاركة شغفي وفني مع ناسه وإقامة روابط قوامها لغة الموسيقى العالمية».
منذ إطلاق ألبومه «أرض الأجداد»، وهو يراقب جمهوراً متنوعاً من الشرق الأوسط يتفاعل مع فنه. ومن ملاحظته تزايُد الاهتمام العربي بالبيانو وتعلّق المواهب به في رحلاتهم الموسيقية، يُراكم بركات إلهاماً يقوده نحو الامتنان لـ«إتاحة الفرصة لي للمساهمة في المشهد الموسيقي المزدهر في الشرق الأوسط وخارجه».
تشغله هالة الثقافات والتجارب، وهو يجلس أمام 88 مفتاحاً بالأبيض والأسود على المسارح: «إنها تولّد إحساساً بالعودة إلى الوطن، مما يوفر ألفة مريحة تسمح لي بتكثيف مشاعري والتواصل بعمق مع الموسيقى التي أهديها إلى العالم».