صباح {تغني} لاستقلال لبنان في ذكرى رحيلها الأولى

مكرمة في «مركز الصفدي الثقافي» بصوت وليد توفيق وآمال رعد

رولا سعد تغني لصباح
رولا سعد تغني لصباح
TT

صباح {تغني} لاستقلال لبنان في ذكرى رحيلها الأولى

رولا سعد تغني لصباح
رولا سعد تغني لصباح

مرت سنة على رحيل الفنانة الكبيرة صباح: «شحرورة الوادي» و«شمس الشموس» كما لقبها عشاقها. بعد عيد الاستقلال اللبناني بأيام، من العام الماضي، ذهبت النجمة التي صدح موالها عقودًا، بجنازة لم يعرف لها مثيل. أرادت الفرح قائمًا حتى في مماتها. ومساء الجمعة الماضي كان أحبتها على الموعد، حيث أقام «مركز الصفدي الثقافي» في طرابلس حفلا تكريميًا للفنانة الكبيرة بعنوان دال هو: «الصبوحة في الذكرى الأولى تغني الاستقلال» ليعطي انطباعًا أن «الشحرورة» لا تزال تغني، وهي حاضرة في العيد الوطني الأغلى على قلبها. وهكذا كان، فبأصوات فنانين أحبوها وأحبتهم استمع الجمهور إلى أحلى أغنياتها التي أهدتها لوطنها، وعلى ألسن أقرب الناس إليها تعرفوا إلى صفحات من حياتها.
المايسترو المعروف ايلي العليا قاد الفرقة الموسيقية، وبدأ، وهو المحترف المتمكن، الحفل بزخم كبير، مرافقًا الفنانة ذات الصوت الرائع آمال رعد. موال «لبنان الحلو» تلته أغنية «تسلم يا عسكر لبنان يا حامي استقلالنا، عالي جبينك بالميدان وعالي أرز بلادنا» التي غنتها صباح للجيش. لوحت الأعلام اللبنانية في القاعة التي كانت قد وزعت على الكراسي قبل وصول المدعوين، وملأت الصالة في هذا الظرف الوطني الصعب بالذات، أحاسيس الرهبة، فيما كانت الشاشة الخلفية للمسرح هي الأخرى قد تحولت إلى علم لبناني ضخم يرفرف على هدهدة الموسيقى. «يا لبنان دخل ترابك، دخل الحجار إلى فوق بوابك، الله بيعلم شو تعذبنا، شو كنا نبكي بغيابك» أغنية وطنية أخرى، لصباح هزت أرجاء المسرح. لم تدخر صباح جهدًا لا في السلم ولا في الحرب إلا وغنت وطنها، واستنهضته بكلمات لا تزال ترن في الآذان إلى اليوم، ويحلو تردادها.
فيلم قصير عن صباح، تحدث فيه من أحاطوا بها، ومن رافقوها، وغالبيتهم، كانوا حاضرين في الصالة، وتناوبوا على المسرح للحديث عنها. الشاعر ميشال جحا، قال فيها قصيدة رائعة، مذكرًا أن قصيدة من كلماته بعنوان «انبسط بحياتك» كانت آخر ما غنته صباح. قال عنها جحا بأنها «أسطورة الإبداع، شلال النغم، فيها السحر انغرم، وروت بصوتها كل ألحان الأمم، وحنت الألوف لسحر مواويلها». أما الناقد والأديب جهاد أيوب فقال: «إنه دخل بيت صباح في السابعة من عمره، ولمّا ينسى أحيانًا أن يسأل عنها، لم تكن تنساه، بل لا تتوقف عن السؤال عنه، وهي كبيرة بتواضعها. متحدثًا عن خلقها الرفيع وكرمها الكبير، وعن طلاب كثر تخصصوا في الجامعات على نفقتها، وكان هو حين تخصص في أميركا أحدهم». أجمعت الكلمات على رفعة صباح، على قدرتها الفائقة على العطاء، نبلها، انصرافها عن الثرثرة إلى المحبة والاحتضان. الفنان وليد توفيق قال: «أنا تعلمت من صباح كثيرًا، وكان لي شرف أن غنت لي، وغنيت معها». وكانت مناسبة ليعرض وليد توفيق على الحضور، ولأول مرة فيديو كليب لأغنية عن مدينته طرابلس، يقول فيها: «طرابلس يا أرض النور، وملقى خير السبع بحور». وحيا توفيق الجيش اللبناني كما «علمتنا صباح ووديع الصافي وفيروز»، حسبما قال.
كلودا عقل ابنة أخت صباح التي رافقتها حتى آخر أيامها، وقفت تحية للوزير محمد الصفدي الذي كان حاضرًا لأنه تذكر صباح وكرمها، في حين لا يفعل الآخرون شيئا، ومثلها فعلت صديقة صباح بشرى ملك. وذكرت كلودا عقل أن خالتها صباح ولدت في العاشر من نوفمبر (تشرين الثاني)، شهر الاستقلال وأنها توفيت في نفس الشهر، وأطلق عليها لقب «الشحرورة» في سنة 1943 أي سنة الاستقلال أيضا.
صديقة صباح إيدا بكري روت أنها تعلمت من صباح الصبر والمحبة، محبة الناس جميعا. وختمت الحفل الفنانة الاستعراضية رولا سعد، التي كانت صباح قد منحتها حق إعادة توزيع أغنياتها وأنهت الاحتفالية التكريمية بأغنية، تعلا وتتعمر يا دار محمية براجك، والعسكر داير مندار توقف عاسياحك.
وكانت الإعلامية آمال إلياس، قد افتتحت الحفل، بكلمة موجزة، كما أدارت الحوارات مع أصدقاء صباح ومقربيها، فيما جاءت كلمة نادين العلي عمران لتؤكد أن عيد الاستقلال هذه السنة يأتي محاطًا بظروف خاصة ومقلقة. وقالت عمران: «يشعر الكثيرون بالخوف من الحاضر والغد والمستقبل المجهول ومفاجآته. لا شك أن لهذا الخوف والقلق ما يسوغه، إلا أننا في هذه السنة على وجه الخصوص نستحضر عيد الاستقلال الذي لم يتحقق ويصبح ناجزا إلا بعد معاناة وتضحيات كبيرة قدمها اللبنانيون الذين سبقونا، ولندرك من خلاله بأن أبناء الوطن قد اختمرت ذاكرتهم بالأزمات ونضجت تجربتهم بالقدرة على تجاوزها، وترسخت إرادتهم على العيش معا سواسية».



بارود «النار بالنار» موهبة صاعدة لفتت المشاهد

عابد فهد وتيم عزيز في مشهد من «النار بالنار» (خاص تيم)
عابد فهد وتيم عزيز في مشهد من «النار بالنار» (خاص تيم)
TT

بارود «النار بالنار» موهبة صاعدة لفتت المشاهد

عابد فهد وتيم عزيز في مشهد من «النار بالنار» (خاص تيم)
عابد فهد وتيم عزيز في مشهد من «النار بالنار» (خاص تيم)

منذ الحلقة الأولى لمسلسل «النار بالنار» لفت تيم عزيز المشاهد في دور (بارود). فهو عرف كيف يتقمص شخصية بائع اليانصيب (اللوتو) بكل أبعادها. فألّف لها قالباً خاصاً، بدأ مع قَصة شعره ولغة جسده وصولاً إلى أدائه المرفق بمصطلحات حفظها متابع العمل تلقائياً.
البعض قال إن دخول تيم عزيز معترك التمثيل هو نتيجة واسطة قوية تلقاها من مخرج العمل والده محمد عبد العزيز، إلا أن هذا الأخير رفض بداية مشاركة ابنه في العمل وحتى دخوله هذا المجال. ولكن المخرج المساعد له حسام النصر سلامة هو من يقف وراء ذلك بالفعل. ويقول تيم عزيز لـ«الشرق الأوسط»: «حتى أنا لم أحبذ الفكرة بداية. لم يخطر ببالي يوماً أن أصبح ممثلاً. توترت كثيراً في البداية وكان همي أن أثبت موهبتي. وفي اليوم الخامس من التصوير بدأت ألمس تطوري».
يحدثك باختصار ابن الـ15 سنة ويرد على السؤال بجواب أقصر منه. فهو يشعر أن الإبحار في الكلام قد يربكه ويدخله في مواقف هو بغنى عنها. على بروفايل حسابه الإلكتروني «واتساب» دوّن عبارة «اخسر الجميع واربح نفسك»، ويؤكد أن على كل شخص الاهتمام بما عنده، فلا يضيع وقته بما قد لا يعود ربحاً عليه معنوياً وفي علاقاته بالناس. لا ينكر أنه بداية، شعر بضعف في أدائه ولكن «مو مهم، لأني عرفت كيف أطور نفسي».
مما دفعه للقيام بهذه التجربة كما يذكر لـ«الشرق الأوسط» هو مشاركة نجوم في الدراما أمثال عابد فهد وكاريس بشار وجورج خباز. «كنت أعرفهم فقط عبر أعمالهم المعروضة على الشاشات. فغرّني الالتقاء بهم والتعاون معهم، وبقيت أفكر في الموضوع نحو أسبوع، وبعدها قلت نعم لأن الدور لم يكن سهلاً».
بنى تيم عزيز خطوط شخصيته (بارود) التي لعبها في «النار بالنار» بدقة، فتعرف إلى باعة اليناصيب بالشارع وراقب تصرفاتهم وطريقة لبسهم وأسلوب كلامهم الشوارعي. «بنيت الشخصية طبعاً وفق النص المكتوب ولونتها بمصطلحات كـ(خالو) و(حظي لوتو). حتى اخترت قصة الشعر، التي تناسب شخصيتي، ورسمتها على الورق وقلت للحلاق هكذا أريدها».
واثق من نفسه يقول تيم عزيز إنه يتمنى يوماً ما أن يصبح ممثلاً ونجماً بمستوى تيم حسن. ولكنه في الوقت نفسه لا يخفي إعجابه الكبير بالممثل المصري محمد رمضان. «لا أفوت مشاهدة أي عمل له فعنده أسلوبه الخاص بالتمثيل وبدأ في عمر صغير مثلي. لم أتابع عمله الرمضاني (جعفر العمدة)، ولكني من دون شك سأشاهد فيلمه السينمائي (هارلي)».
لم يتوقع تيم عزيز أن يحقق كل هذه الشهرة منذ إطلالته التمثيلية الأولى. «توقعت أن أطبع عين المشاهد في مكان ما، ولكن ليس إلى هذا الحد. فالناس باتت تناديني باسم بارود وتردد المصطلحات التي اخترعتها للمسلسل».
بالنسبة له التجربة كانت رائعة، ودفعته لاختيار تخصصه الجامعي المستقبلي في التمثيل والإخراج. «لقد غيرت حياتي وطبيعة تفكيري، صرت أعرف ماذا أريد وأركّز على هدف أضعه نصب عيني. هذه التجربة أغنتني ونظمت حياتي، كنت محتاراً وضائعاً أي اختصاص سأدرسه مستقبلاً».
يرى تيم في مشهد الولادة، الذي قام به مع شريكته في العمل فيكتوريا عون (رؤى) وكأنه يحصل في الواقع. «لقد نسيت كل ما يدور من حولي وعشت اللحظة كأنها حقيقية. تأثرت وبكيت فكانت من أصعب المشاهد التي أديتها. وقد قمنا به على مدى يومين فبعد نحو 14 مشهداً سابقاً مثلناه في الرابعة صباحاً صورنا المشهد هذا، في التاسعة من صباح اليوم التالي».
أما في المشهد الذي يقتل فيه عمران (عابد فهد) فترك أيضاً أثره عنده، ولكن هذه المرة من ناحية الملاحظات التي زوده بها فهد نفسه. «لقد ساعدني كثيراً في كيفية تلقف المشهد وتقديمه على أفضل ما يرام. وكذلك الأمر بالنسبة لكاريس بشار فهي طبعتني بحرفيتها. كانت تسهّل علي الموضوع وتقول لي (انظر إلى عيني). وفي المشهد الذي يلي مقتلها عندما أرمي الأوراق النقدية في الشارع كي يأخذها المارة تأثرت كثيراً، وكنت أشعر كأنها في مقام والدتي لاهتمامها بي لآخر حد»
ورغم الشهرة التي حصدها، فإن تيم يؤكد أن شيئاً لم يتبدل في حياته «ما زلت كما أنا وكما يعرفني الجميع، بعض أصدقائي اعتقد أني سأتغير في علاقتي بهم، لا أعرف لماذا؟ فالإنسان ومهما بلغ من نجاحات لن يتغير، إذا كان معدنه صلباً، ويملك الثبات الداخلي. فحالات الغرور قد تصيب الممثل هذا صحيح، ولكنها لن تحصل إلا في حال رغب فيها».
يشكر تيم والده المخرج محمد عبد العزيز لأنه وضع كل ثقته به، رغم أنه لم يكن راغباً في دخوله هذه التجربة. ويعلق: «استفدت كثيراً من ملاحظاته حتى أني لم ألجأ إلا نادراً لإعادة مشهد ما. لقد أحببت هذه المهنة ولم أجدها صعبة في حال عرفنا كيف نعيش الدور. والمطلوب أن نعطيها الجهد الكبير والبحث الجدّي، كي نحوّل ما كتب على الورق إلى حقيقة».
ويشير صاحب شخصية بارود إلى أنه لم ينتقد نفسه إلا في مشاهد قليلة شعر أنه بالغ في إبراز مشاعره. «كان ذلك في بداية المسلسل، ولكن الناس أثنت عليها وأعجبت بها. وبعدما عشت الدور حقيقة في سيارة (فولسفاكن) قديمة أبيع اليانصيب في الشارع، استمتعت بالدور أكثر فأكثر، وصار جزءاً مني».
تيم عزيز، الذي يمثل نبض الشباب في الدراما اليوم، يقول إن ما ينقصها هو تناول موضوعات تحاكي المراهقين بعمره. «قد نجدها في أفلام أجنبية، ولكنها تغيب تماماً عن أعمالنا الدرامية العربية».