دراسة سعودية: نكات «الحشاشين» قد تؤثر سلبًا على نفسيات المراهقين

مقبولة اجتماعيًا بنحو 57 %.. وأصابع الاتهام تتجه نحو ضعف برامج التوعية والعاملين فيها

دراسة سعودية: نكات «الحشاشين» قد تؤثر سلبًا على نفسيات المراهقين
TT

دراسة سعودية: نكات «الحشاشين» قد تؤثر سلبًا على نفسيات المراهقين

دراسة سعودية: نكات «الحشاشين» قد تؤثر سلبًا على نفسيات المراهقين

يتبادل السعوديون عشرات النكات يوميا عبر هواتفهم الجوالة، ويبدو متعاطي الحشيش أو «المحشش» الشخصية الأبرز في هذه النكات التي تستفتح بعبارات مثل: «مرة واحد محشش..»، و«كان فيه محشش..»، ورغم هزلية هذه الظاهرة، فإن المتخصصين أبدوا قلقهم من آثارها على نفسية المراهقين، مما يعكس بعض الاستسهال في النظرة لمتعاطي المخدرات؛ حيث أظهرت دراسة حديثة أن 57 في المائة من شباب السعودية لديهم قبول تجاه نكات الحشاشين.
وكشفت الدراسة التي حملت عنوان: «قياس نوعية البرامج التثقيفية والتوعوية والتعليمية التي تلقاها الشباب لتحذيرهم من خطر تعاطي المؤثرات العقلية والوقاية منها»، وشملت 9064 شابا وفتاة من جميع مناطق السعودية، أن 57 في المائة لديهم قبول لنكات الحشيش، وجاءت نتائج الدراسة التي عرضتها الدكتورة مها المزروع، مديرة المركز الإقليمي لمراقبة السموم، ضمن جلسات الملتقى النسائي الثاني التعريفي بمشروع «نبراس»، الذي أقيم صباح أمس، بتنظيم أمانة اللجنة الوطنية لمكافحة المخدرات، ممثلة في إدارة البرامج النسائية، بالتعاون مع المديرية العامة لمكافحة المخدرات، في مقر الغرفة التجارية بمحافظة الخبر.
ودقت هذه الدراسة ناقوس الخطر حول محدودية دور التوعية والتثقيف بخطورة المخدرات، حيث بينت أن نسبة تلقي الشباب لبرامج التوعية شبه منعدمة بنحو 25.7 في المائة، وضعيفة بنحو 21 في المائة، ومنعدمة تماما بنحو 7.6 في المائة، بينما رأى 23.1 في المائة أنها متوسطة، واعتبر 21 في المائة أن برامج التوعية المقدمة مناسبة.
وشملت الدراسة كذلك نحو 150 فردا من العاملين في مجال التوعية؛ حيث أظهرت أن نحو 43 في المائة يعانون ضعفا في المستوى العام، وتتضمن أبرز الإشكاليات التي يواجهونها «غياب التخصص، وغياب برامج تطوير المهارات والدورات التدريبية، وغياب العمل المنهجي»، الأمر الذي يوجه أصابع الاتهام نحو دور برامج التوعية في الحد من هذه الظاهرة.
وخلصت الدراسة إلى عدة توصيات، تضمنت «وضع الخطط اللازمة، وتوحيد الجهود وتكاملها، وتصميم أدلة معيارية وفق رؤى تخطيطية عالية الجودة، والإعداد الجيد للمعنيين ببرامج التوعية، وتشجيع الملتقيات السنوية، وتخصيص ميزانية من قبل وزارة المالية، والاستفادة من التقنيات الحديثة في برامج التوعية، خاصة في مجال تعزيز عوامل الحماية».
من جهة ثانية، تحدثت حنان المعجل، رئيسة قسم التدقيق بجمارك جسر الملك فهد، عن جهود الجمارك في التصدي لتهريب المخدرات، مفيدة بأن آخر إحصائية لكمية المضبوطات والصادرة للعام الماضي 1436هـ، توضح أن الكمية وصلت إلى 40.9 مليون حبة، بانخفاض واضح عن العام الذي يسبقه 1435هـ الذي بلغت كمية المضبوطات خلاله 56.2 مليون حبة.
وتحدثت رفيدا المعجل، ممثلة الشركة السعودية للصناعات الأساسية (سابك) عن مشروع «نبراس»، قائلة: «اللجنة الوطنية لمكافحة المخدرات هي خير شريك يمكننا العمل معه في هذا المشروع، لذا فقد تأسست شراكة استراتيجية بيننا وبينهم، ولم تقتصر هذه الشراكة فقط على تكفلنا بتمويل هذا الجهد الوطني بمبلغ جرى اعتماده، بلغ 50 مليون ريال على مدى خمس سنوات، ولكنها تشمل أيضًا المتابعة الحثيثة، وتنفيذ كل البرامج والمراحل التي يمر بها (نبراس)».
وتضيف المعجل: «اهتمام (سابك) بمكافحة إدمان المخدرات، لا يقتصر فقط على مشروع (نبراس)، فالشركة أعلنت عن مبادرات ومشروعات أخرى تتعلق بالوقاية والتأهيل، وفي هذا الإطار تعمل الشركة حاليًا مع وزارة الصحة على إنشاء (مستشفى سابك التخصصي للصحة النفسية وعلاج الإدمان) بمدينة الرياض، بهدف تقديم خدمات صحية متخصصة في ما يتعلق بالصحة النفسية وعلاج الإدمان».
وبالعودة إلى ملتقى «نبراس»، فمن المنتظر أن تعقد صباح اليوم الأربعاء فعاليات اليوم الثاني للملتقى بمدينة الخبر، ويشتمل البرنامج التثقيفي التابع لبرنامج الأسرة في مشروع «نبراس»، على 4 ورقات علمية سيجري طرحها اليوم، تتضمن «كيفية التعامل مع المراهق، وظاهرة المخدرات والمؤثرات العقلية، وتغير السلوك وحل المشكلات، وأهمية الوقاية الأسرية في حياة صغار الشباب».



رحيل إيلي شويري عاشق لبنان و«أبو الأناشيد الوطنية»

عرف الراحل إيلي شويري بـ«أبو الأناشيد الوطنية»
عرف الراحل إيلي شويري بـ«أبو الأناشيد الوطنية»
TT

رحيل إيلي شويري عاشق لبنان و«أبو الأناشيد الوطنية»

عرف الراحل إيلي شويري بـ«أبو الأناشيد الوطنية»
عرف الراحل إيلي شويري بـ«أبو الأناشيد الوطنية»

إنه «فضلو» في «بياع الخواتم»، و«أبو الأناشيد الوطنية» في مشواره الفني، وأحد عباقرة لبنان الموسيقيين، الذي رحل أول من أمس (الأربعاء) عن عمر ناهز 84 عاماً.
فبعد تعرضه لأزمة صحية نقل على إثرها إلى المستشفى، ودّع الموسيقي إيلي شويري الحياة. وفي حديث لـ«الشرق الأوسط» أكدت ابنته كارول أنها تفاجأت بانتشار الخبر عبر وسائل التواصل الاجتماعي قبل أن تعلم به عائلته. وتتابع: «كنت في المستشفى معه عندما وافاه الأجل. وتوجهت إلى منزلي في ساعة متأخرة لأبدأ بالتدابير اللازمة ومراسم وداعه. وكان الخبر قد ذاع قبل أن أصدر بياناً رسمياً أعلن فيه وفاته».
آخر تكريم رسمي حظي به شويري كان في عام 2017، حين قلده رئيس الجمهورية يومها ميشال عون وسام الأرز الوطني. وكانت له كلمة بالمناسبة أكد فيها أن حياته وعطاءاته ومواهبه الفنية بأجمعها هي كرمى لهذا الوطن.
ولد إيلي شويري عام 1939 في بيروت، وبالتحديد في أحد أحياء منطقة الأشرفية. والده نقولا كان يحضنه وهو يدندن أغنية لمحمد عبد الوهاب. ووالدته تلبسه ثياب المدرسة على صوت الفونوغراف الذي تنساب منه أغاني أم كلثوم مع بزوغ الفجر. أما أقرباؤه وأبناء الجيران والحي الذي يعيش فيه، فكانوا من متذوقي الفن الأصيل، ولذلك اكتمل المشوار، حتى قبل أن تطأ خطواته أول طريق الفن.
- عاشق لبنان
غرق إيلي شويري منذ نعومة أظافره في حبه لوطنه وترجم عشقه لأرضه بأناشيد وطنية نثرها على جبين لبنان، ونبتت في نفوس مواطنيه الذين رددوها في كل زمان ومكان، فصارت لسان حالهم في أيام الحرب والسلم. «بكتب اسمك يا بلادي»، و«صف العسكر» و«تعلا وتتعمر يا دار» و«يا أهل الأرض»... جميعها أغنيات شكلت علامة فارقة في مسيرة شويري الفنية، فميزته عن سواه من أبناء جيله، وذاع صيته في لبنان والعالم العربي وصار مرجعاً معتمداً في قاموس الأغاني الوطنية. اختاره ملك المغرب وأمير قطر ورئيس جمهورية تونس وغيرهم من مختلف أقطار العالم العربي ليضع لهم أجمل معاني الوطن في قالب ملحن لا مثيل له. فإيلي شويري الذي عُرف بـ«أبي الأناشيد الوطنية» كان الفن بالنسبة إليه منذ صغره هَوَساً يعيشه وإحساساً يتلمسه في شكل غير مباشر.
عمل شويري مع الرحابنة لفترة من الزمن حصد منها صداقة وطيدة مع الراحل منصور الرحباني. فكان يسميه «أستاذي» ويستشيره في أي عمل يرغب في القيام به كي يدله على الصح من الخطأ.
حبه للوطن استحوذ على مجمل كتاباته الشعرية حتى لو تناول فيها العشق، «حتى لو رغبت في الكتابة عن أعز الناس عندي، أنطلق من وطني لبنان»، هكذا كان يقول. وإلى هذا الحد كان إيلي شويري عاشقاً للبنان، وهو الذي اعتبر حسه الوطني «قدري وجبلة التراب التي امتزج بها دمي منذ ولادتي».
تعاون مع إيلي شويري أهم نجوم الفن في لبنان، بدءاً بفيروز وسميرة توفيق والراحلين وديع الصافي وصباح، وصولاً إلى ماجدة الرومي. فكان يعدّها من الفنانين اللبنانيين القلائل الملتزمين بالفن الحقيقي. فكتب ولحن لها 9 أغنيات، من بينها «مين إلنا غيرك» و«قوم تحدى» و«كل يغني على ليلاه» و«سقط القناع» و«أنت وأنا» وغيرها. كما غنى له كل من نجوى كرم وراغب علامة وداليدا رحمة.
مشواره مع الأخوين الرحباني بدأ في عام 1962 في مهرجانات بعلبك. وكانت أول أدواره معهم صامتة بحيث يجلس على الدرج ولا ينطق إلا بكلمة واحدة. بعدها انتسب إلى كورس «إذاعة الشرق الأدنى» و«الإذاعة اللبنانية» وتعرّف إلى إلياس الرحباني الذي كان يعمل في الإذاعة، فعرّفه على أخوَيه عاصي ومنصور.

مع أفراد عائلته عند تقلده وسام الأرز الوطني عام 2017

ويروي عن هذه المرحلة: «الدخول على عاصي ومنصور الرحباني يختلف عن كلّ الاختبارات التي يمكن أن تعيشها في حياتك. أذكر أن منصور جلس خلف البيانو وسألني ماذا تحفظ. فغنيت موالاً بيزنطياً. قال لي عاصي حينها؛ من اليوم ممنوع عليك الخروج من هنا. وهكذا كان».
أسندا إليه دور «فضلو» في مسرحية «بياع الخواتم» عام 1964. وفي الشريط السينمائي الذي وقّعه يوسف شاهين في العام التالي. وكرّت السبحة، فعمل في كلّ المسرحيات التي وقعها الرحابنة، من «دواليب الهوا» إلى «أيام فخر الدين»، و«هالة والملك»، و«الشخص»، وصولاً إلى «ميس الريم».
أغنية «بكتب اسمك يا بلادي» التي ألفها ولحنها تعد أنشودة الأناشيد الوطنية. ويقول شويري إنه كتب هذه الأغنية عندما كان في رحلة سفر مع الراحل نصري شمس الدين. «كانت الساعة تقارب الخامسة والنصف بعد الظهر فلفتني منظر الشمس التي بقيت ساطعة في عز وقت الغروب. وعرفت أن الشمس لا تغيب في السماء ولكننا نعتقد ذلك نحن الذين نراها على الأرض. فولدت كلمات الأغنية (بكتب اسمك يا بلادي عالشمس الما بتغيب)».
- مع جوزيف عازار
غنى «بكتب اسمك يا بلادي» المطرب المخضرم جوزيف عازار. ويخبر «الشرق الأوسط» عنها: «ولدت هذه الأغنية في عام 1974 وعند انتهائنا من تسجيلها توجهت وإيلي إلى وزارة الدفاع، وسلمناها كأمانة لمكتب التوجيه والتعاون»، وتابع: «وفوراً اتصلوا بنا من قناة 11 في تلفزيون لبنان، وتولى هذا الاتصال الراحل رياض شرارة، وسلمناه شريط الأغنية فحضروا لها كليباً مصوراً عن الجيش ومعداته، وعرضت في مناسبة عيد الاستقلال من العام نفسه».
يؤكد عازار أنه لا يستطيع اختصار سيرة حياة إيلي شويري ومشواره الفني معه بكلمات قليلة. ويتابع لـ«الشرق الأوسط»: «لقد خسر لبنان برحيله مبدعاً من بلادي كان رفيق درب وعمر بالنسبة لي. أتذكره بشوشاً وطريفاً ومحباً للناس وشفافاً، صادقاً إلى أبعد حدود. آخر مرة التقيته كان في حفل تكريم عبد الحليم كركلا في الجامعة العربية، بعدها انقطعنا عن الاتصال، إذ تدهورت صحته، وأجرى عملية قلب مفتوح. كما فقد نعمة البصر في إحدى عينيه من جراء ضربة تلقاها بالغلط من أحد أحفاده. فضعف نظره وتراجعت صحته، وما عاد يمارس عمله بالشكل الديناميكي المعروف به».
ويتذكر عازار الشهرة الواسعة التي حققتها أغنية «بكتب اسمك يا بلادي»: «كنت أقفل معها أي حفل أنظّمه في لبنان وخارجه. ذاع صيت هذه الأغنية، في بقاع الأرض، وترجمها البرازيليون إلى البرتغالية تحت عنوان (أومينا تيرا)، وأحتفظ بنصّها هذا عندي في المنزل».
- مع غسان صليبا
مع الفنان غسان صليبا أبدع شويري مرة جديدة على الساحة الفنية العربية. وكانت «يا أهل الأرض» واحدة من الأغاني الوطنية التي لا تزال تردد حتى الساعة. ويروي صليبا لـ«الشرق الأوسط»: «كان يعد هذه الأغنية لتصبح شارة لمسلسل فأصررت عليه أن آخذها. وهكذا صار، وحققت نجاحاً منقطع النظير. تعاونت معه في أكثر من عمل. من بينها (كل شيء تغير) و(من يوم ما حبيتك)». ويختم صليبا: «العمالقة كإيلي شويري يغادرونا فقط بالجسد. ولكن بصمتهم الفنية تبقى أبداً ودائماً. لقد كانت تجتمع عنده مواهب مختلفة كملحن وكاتب ومغنٍ وممثل. نادراً ما نشاهدها تحضر عند شخص واحد. مع رحيله خسر لبنان واحداً من عمالقة الفن ومبدعيه. إننا نخسرهم على التوالي، ولكننا واثقون من وجودهم بيننا بأعمالهم الفذة».
لكل أغنية كتبها ولحنها إيلي شويري قصة، إذ كان يستمد موضوعاتها من مواقف ومشاهد حقيقية يعيشها كما كان يردد. لاقت أعماله الانتقادية التي برزت في مسرحية «قاووش الأفراح» و«سهرة شرعية» وغيرهما نجاحاً كبيراً. وفي المقابل، كان يعدها من الأعمال التي ينفذها بقلق. «كنت أخاف أن تخدش الذوق العام بشكل أو بآخر. فكنت ألجأ إلى أستاذي ومعلمي منصور الرحباني كي يرشدني إلى الصح والخطأ فيها».
أما حلم شويري فكان تمنيه أن تحمل له السنوات الباقية من عمره الفرح. فهو كما كان يقول أمضى القسم الأول منها مليئة بالأحزان والدموع. «وبالقليل الذي تبقى لي من سنوات عمري أتمنى أن تحمل لي الابتسامة».