نتنياهو يهدد حلفاءه في اليمين المتطرف بحل الحكومة

الجيش والمخابرات في إسرائيل يرفضان اتهامات الوزراء ويؤكدان أن أبو مازن يسعى للتهدئة

صورة أرشيفية لرئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو خلال اجتماع بالكنيست عام 2013
صورة أرشيفية لرئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو خلال اجتماع بالكنيست عام 2013
TT

نتنياهو يهدد حلفاءه في اليمين المتطرف بحل الحكومة

صورة أرشيفية لرئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو خلال اجتماع بالكنيست عام 2013
صورة أرشيفية لرئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو خلال اجتماع بالكنيست عام 2013

في أعقاب الانتقادات التي يتعرض لها من وزرائه وحلفائه في اليمين المتطرف، هدد رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو بحل حكومته. وقال نتنياهو، خلال اجتماع مطول له مع قادة المستوطنين في الضفة الغربية، إن «هناك وزراء يتعاملون في السياسة كما لو أنهم تلامذة في المدرسة الثانوية. إن الحكومة تتحمل مسؤولية ضخمة وكل عضو فيها ينبغي أن يتصرف بحكم هذه المسؤولية، وليس باستغلال الأحدث لخدمة المصالح الحزبية، فهناك يهود يقتلون وينزفون ونحن نحتاج إلى سياسة حكيمة لحمايتهم».
وكان نتنياهو يرد بذلك على ضغوط قادة حزب المستوطنين والنواب المتطرفين الذين يطالبونه بتوسيع الاستيطان ردا على كل عملية مقاومة، ويتهمونه بـ«التقاعس أمام الإرهابيين»، ويدعون أنه يكبل أيدي الجيش ولا يتيح له أن يطبق خططه لتصفية المقاومة. وقد اجتمع نتنياهو في ليلة الثلاثاء – الأربعاء مع نحو 30 شخصية من قادة المستوطنات، طيلة أربع ساعات، وقال لهم إنه لا يمكنه الإعلان عن البناء في المستوطنات بسبب الإنذار الذي طرحته الولايات المتحدة. ومع أن واشنطن نفت الادعاء حول تهديدها بعدم استخدام الفيتو فقد أوضح نتنياهو، وفقا لأكثر من مصدر اقتبسته وسائل الإعلام الإسرائيلية، أن «الأميركيين أوضحوا بشكل قاطع أنه إذا تمت المصادقة على أية خطة للبناء في المستوطنات أو إعلان خطة كهذه فإنهم لن يفرضوا الفيتو على مشروع الاقتراح الفرنسي في مجلس الأمن، الذي يعتبر المستوطنات غير مشروعة». وأضاف: «أريد منع خطوة كهذه، ولذلك لا يمكن دعم دفع البناء حاليا». وشدد على كلمة «حاليا».
وأضاف مصدر رفيع في القدس أن «نتنياهو أوضح بأنه لن يخاطر بفقدان الدعم الأميركي مقابل أي إعلان عن البناء أو توسيعه في ايتمار». وحسب أقواله فإن «المطلوب هنا مناورة سياسية حكيمة وليس عملية طلاب ثانوية. لا يتم بناء الخطوات السياسية من خلال تغريدة في «تويتر». وقال رئيس مجلس المستوطنات، آفي روئيه، في ختام الاجتماع إنه «في المجال الأمني نحن على ثقة بوجود جهود ضخمة، أما في موضوع الاستيطان فللأسف لم نتلق أجوبة مناسبة. تم الحديث عن مصاعب تجاه الخارج، تجاه أوروبا، في موضوع التصديق على البناء. هذا خطأ جسيم سيمس بالاستيطان. نحن ننوي عقد اجتماع غدا واتخاذ قرارات بشأن مواصلة طريقنا». وحسب روئيه فإنه لم يقل لهم إن هناك تجميدا للبناء، وإنما «عدم قدرة على المصادقة على البناء ودفعه في ظل الضغوط الحالية». وأضاف: «لا أريد استخدام كلمة (استسلام)، ولكن هذه الاستراتيجية تعتبر خطأ جسيما. يجب إظهار القيادة في هذا الوقت الذي نشهد خلاله هجوما إرهابيا جامحا يقتل النساء والأولاد. والقيادة يجب أن تتخذ قرارات. يجب أن نقول نحن الأسياد».
ورد نتنياهو أمس على انتقادات وزراء البيت اليهودي لسياسة الحكومة أمام التصعيد في القدس والضفة، والادعاء بأن «أيدي الجنود مقيدة» في مواجهة الإرهاب، وقال: «لا يوجد هنا أي سؤال حول الدعم للجيش. إنه يحصل عليه بسخاء والكل يعرف ذلك باستثناء من يقول العكس، رغم أنه يعرف ذلك. على قادة الجمهور، خصوصا في المستوطنات، التصرف بمسؤولية والتدقيق».
وتطرق إلى هذا الموضوع أيضًا وزير الدفاع موشيه يعلون، خلال جولة مع نتنياهو لقوات الجيش في المناطق المحتلة، فدعا الوزراء والنواب ورؤساء السلطات المحلية في المستوطنات إلى التوقف عن إطلاق شعارات. وقال: «نحن ندير سياسة هجومية منذ عملية السور الواقي (سنة 2002)، لمن لا يفهم ذلك. يوجد فرق بين الوضع آنذاك واليوم. لا توجد مشكلة في حرية العمل أو دعم الضباط. للأسف فإن مثل هذه التصريحات من قبل الوزراء تجعل المواطنين ينتزعون القانون إلى أيديهم. هذه ظاهرة مرفوضة وهي تصب الزيت على النار». وقال يعلون إن الجيش يضطر في الأيام الأخيرة إلى مواجهة العنف أيضًا من قبل اليهود.
وأوضح رئيس أركان الجيش، جادي آيزنكوت، خلال الجولة أن الجيش يتمتع بحرية العمل الكامل في الضفة الغربية، وللأسف ينشغل في الأيام الأخيرة كثيرا في خرق النظام من قبل حفنة من اليهود الذين يزعجونه ويمنعونه من التركيز على محاربة الإرهاب الفلسطيني. وقال ضابط رفيع من قيادة المنطقة الوسطى إن الجيش يشعر بأنه يملك حرية كاملة في العمل العسكري. وأوضح خلال حديث مع الصحافيين أنه «لا أحد يقيد أيدينا، وتم التصديق على كل عمل اقترحناه».
وحسب صحيفة «يديعوت أحرونوت» فإن الجيش الإسرائيلي يعارض حتى سياسة نتنياهو في المعارك الأخيرة في الضفة الغربية، ويرفض اعتبار الهبة الشعبية الفلسطينية انتفاضة ويرفض اتهام الرئيس الفلسطيني، محمود عباس، بالتحريض على العنف كما يقول نتنياهو ووزراؤه. وإن قيادة الجيش ترى أن عباس ليس معنيا بانفجار انتفاضة.
وكان عباس نفسه قال لصحيفة «هآرتس»، أمس، إنه يعمل من أجل تهدئة الأوضاع، وقال إن هذه هي التوجيهات التي طرحها أمام قادة أجهزة الأمن، والنداء الذي وجهه إلى الجمهور. وأضاف: «أنا أؤيد النضال الشعبي غير العنيف، وضد أي عنف واستخدام للسلاح، وقد أوضحت ذلك عدة مرات. نحن لا نريد العودة إلى دائرة العنف». مع ذلك أكد عباس أن الفلسطينيين لم يكونوا سبب التصعيد الحالي وإنما نجم ذلك عن استفزازات اليهود في الحرم القدسي. وقال: «لم نسع إلى العنف ولم نعمل على التصعيد، ولكن العدوان ضد المسجد الأقصى والمصلين قاد إلى ذلك. نحن نحاول العمل طوال الوقت كي لا تشتد الأوضاع».
وأضاف عباس: «إذا أصرت إسرائيل على مواصلة الاحتلال فأنا أقول لهم أهلا وسهلا. إنهم لا يحتاجون إلى قوة عسكرية، فليحضروا لتسلم المفاتيح». ويعرف عباس بوجود تساؤلات بشأن تهديده بتوقف السلطة عن احترام الاتفاقيات مع إسرائيل، لكنه ليس مستعدا لتفصيل كيف سيفعل ذلك. ويقول: «نحن ملتزمون بالاتفاقات لكن حكومة إسرائيل تخرقها طوال الوقت. حولت رسائل بواسطة سيلفان شالوم ومئير شطريت والأميركيين، ولم أتلق حتى الآن أي رد. إذا تواصل الأمر فسنتصرف حسب ما نراه مناسبا. هذا الوضع، وضع راهن دون اتفاق، ومع استمرار البناء في المستوطنات، لا يمكن استمراره إلى الأبد».



انخفاض شديد في مستويات دخل الأسر بمناطق الحوثيين

فتاة في مخيم مؤقت للنازحين اليمنيين جنوب الحُديدة في 4 يناير الحالي (أ.ف.ب)
فتاة في مخيم مؤقت للنازحين اليمنيين جنوب الحُديدة في 4 يناير الحالي (أ.ف.ب)
TT

انخفاض شديد في مستويات دخل الأسر بمناطق الحوثيين

فتاة في مخيم مؤقت للنازحين اليمنيين جنوب الحُديدة في 4 يناير الحالي (أ.ف.ب)
فتاة في مخيم مؤقت للنازحين اليمنيين جنوب الحُديدة في 4 يناير الحالي (أ.ف.ب)

بموازاة استمرار الجماعة الحوثية في تصعيد هجماتها على إسرائيل، واستهداف الملاحة في البحر الأحمر، وتراجع قدرات المواني؛ نتيجة الردِّ على تلك الهجمات، أظهرت بيانات حديثة وزَّعتها الأمم المتحدة تراجعَ مستوى الدخل الرئيسي لثُلثَي اليمنيين خلال الشهر الأخير من عام 2024 مقارنة بالشهر الذي سبقه، لكن هذا الانخفاض كان شديداً في مناطق سيطرة الجماعة المدعومة من إيران.

ووفق مكتب الأمم المتحدة لتنسيق الشؤون الإنسانية، فقد واجهت العمالة المؤقتة خارج المزارع تحديات؛ بسبب طقس الشتاء البارد، ونتيجة لذلك، أفاد 65 في المائة من الأسر التي شملها الاستطلاع بانخفاض في دخلها الرئيسي مقارنة بشهر نوفمبر (تشرين الثاني) الماضي والفترة نفسها من العام الماضي، وأكد أن هذا الانخفاض كان شديداً بشكل غير متناسب في مناطق الحوثيين.

وطبقاً لهذه البيانات، فإن انعدام الأمن الغذائي لم يتغيَّر في المناطق الخاضعة لسيطرة الحكومة اليمنية، بينما انخفض بشكل طفيف في المناطق الخاضعة لسيطرة الحوثيين؛ نتيجة استئناف توزيع المساعدات الغذائية هناك.

الوضع الإنساني في مناطق الحوثيين لا يزال مزرياً (الأمم المتحدة)

وأظهرت مؤشرات نتائج انعدام الأمن الغذائي هناك انخفاضاً طفيفاً في صنعاء مقارنة بالشهر السابق، وعلى وجه التحديد، انخفض الاستهلاك غير الكافي للغذاء من 46.9 في المائة في نوفمبر إلى 43 في المائة في ديسمبر (كانون الأول) الماضي.

وضع متدهور

على النقيض من ذلك، ظلَّ انعدام الأمن الغذائي في المناطق الخاضعة لسيطرة الحكومة اليمنية دون تغيير إلى حد كبير، حيث ظلَّ الاستهلاك غير الكافي للغذاء عند مستوى مرتفع بلغ 52 في المائة، مما يشير إلى أن نحو أسرة واحدة من كل أسرتين في تلك المناطق تعاني من انعدام الأمن الغذائي.

ونبّه المكتب الأممي إلى أنه وعلى الرغم من التحسُّن الطفيف في المناطق الخاضعة لسيطرة الحوثيين، فإن الوضع لا يزال مزرياً، على غرار المناطق الخاضعة لسيطرة الحكومة، حيث يعاني نحو نصف الأسر من انعدام الأمن الغذائي (20 في المائية من السكان) مع حرمان شديد من الغذاء، كما يتضح من درجة استهلاك الغذاء.

نصف الأسر اليمنية يعاني من انعدام الأمن الغذائي في مختلف المحافظات (إعلام محلي)

وبحسب هذه البيانات، لم يتمكَّن دخل الأسر من مواكبة ارتفاع تكاليف سلال الغذاء الدنيا، مما أدى إلى تآكل القدرة الشرائية، حيث أفاد نحو ربع الأسر التي شملها الاستطلاع في مناطق الحكومة بارتفاع أسعار المواد الغذائية كصدمة كبرى، مما يؤكد ارتفاع أسعار المواد الغذائية الاسمية بشكل مستمر في هذه المناطق.

وذكر المكتب الأممي أنه وبعد ذروة الدخول الزراعية خلال موسم الحصاد في أكتوبر (تشرين الأول) ونوفمبر، الماضيين، شهد شهر ديسمبر أنشطةً زراعيةً محدودةً، مما قلل من فرص العمل في المزارع.

ولا يتوقع المكتب المسؤول عن تنسيق العمليات الإنسانية في اليمن حدوث تحسُّن كبير في ملف انعدام الأمن الغذائي خلال الشهرين المقبلين، بل رجّح أن يزداد الوضع سوءاً مع التقدم في الموسم.

وقال إن هذا التوقع يستمر ما لم يتم توسيع نطاق المساعدات الإنسانية المستهدفة في المناطق الأكثر عرضة لانعدام الأمن الغذائي الشديد.

تحديات هائلة

بدوره، أكد المكتب الإنمائي للأمم المتحدة أن اليمن استمرَّ في مواجهة تحديات إنسانية هائلة خلال عام 2024؛ نتيجة للصراع المسلح والكوارث الطبيعية الناجمة عن تغير المناخ.

وذكر أن التقديرات تشير إلى نزوح 531 ألف شخص منذ بداية عام 2024، منهم 93 في المائة (492877 فرداً) نزحوا بسبب الأزمات المرتبطة بالمناخ، بينما نزح 7 في المائة (38129 فرداً) بسبب الصراع المسلح.

نحو مليون يمني تضرروا جراء الفيضانات منتصف العام الماضي (الأمم المتحدة)

ولعبت آلية الاستجابة السريعة متعددة القطاعات التابعة للأمم المتحدة، بقيادة صندوق الأمم المتحدة للسكان، وبالشراكة مع برنامج الأغذية العالمي و«اليونيسيف» وشركاء إنسانيين آخرين، دوراً محورياً في معالجة الاحتياجات الإنسانية العاجلة الناتجة عن هذه الأزمات، وتوفير المساعدة الفورية المنقذة للحياة للأشخاص المتضررين.

وطوال عام 2024، وصلت آلية الاستجابة السريعة إلى 463204 أفراد، يمثلون 87 في المائة من المسجلين للحصول على المساعدة في 21 محافظة يمنية، بمَن في ذلك الفئات الأكثر ضعفاً، الذين كان 22 في المائة منهم من الأسر التي تعولها نساء، و21 في المائة من كبار السن، و10 في المائة من ذوي الإعاقة.

وبالإضافة إلى ذلك، تقول البيانات الأممية إن آلية الاستجابة السريعة في اليمن تسهم في تعزيز التنسيق وكفاءة تقديم المساعدات من خلال المشاركة النشطة للبيانات التي تم جمعها من خلال عملية الآلية وتقييم الاحتياجات.